المساهمين
المؤلف
قسم القانون العام، کلية الشريعة والقانون بأسيوط، جامعة الأزهر، أسيوط، مصر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
{یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ} الحجرات آیة13
تقدیم وتقسیم
إذا کانت منظمة العمل الدولیة، قد أسهمت على مدى العقود الماضیة، فی إرساء وصیاغة القانون الدولی للعمل فی أصوله وفروعه وتفصیلات قواعده وأحکامه، من خلال العدد الهائل من الاتفاقیات الدولیة للعمل التی أبرمتها، إضافة إلى التوصیات العدیدة التی صدرت من خلال مؤتمر العمل الدولی، وأسهمت أیضًا فی تحسین أوضاع القوى العاملة. فإن المتابع لمسیرة منظمة العمل العربیة منذ إنشائها، یدرک بأنها کانت نقطة تحول فی مسیرة العمل العربی المشترک، حیث واصلت المنظمة جهودها فی سبیل تحقیق أهدافها القومیة، المرسومة لها فی الدستور والمیثاق العربی للعمل، من خلال إصدار العدید من اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، إضافة إلى اهتماماتها الدائمة والمستمرة بقضایا التشغیل ورفع مستوى القوى العاملة العربیة.
وعلى هذه الخلفیة یجیء هذا البحث، لبیان مدى الدور الذی تضطلع به منظمة العمل العربیة، فی إنشاء القانون الدولی العربی للعمل، والوقوف على مدى مساهمة المنظمة فی رفع مستوى القوى العاملة العربیة، من خلال دورها فی تحقیق التکامل العربی فی المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة، وتوفیر الحمایة لحقوق العمال العرب من خلال آلیات الرقابة المتاحة لها، والتعرف أیضا على موقف الدول العربیة، من تأثیر النشاط التشریعی للمنظمة على المنظومة التشریعیة لهذه الدول، من خلال تبنی هذه التشریعات لما تصدره المنظمة من معاییر عمل عربیة، والتعرف على حقیقة الدور الذی تلعبه المنظمة فی هذا المجال، سواء من خلال ما جاء فی المیثاق العربی للعمل، وما جاء فی دستورها، أو ما جاء فی الاتفاقیات والتوصیات التی أصدرتها، وأیضا من خلال آلیات الرقابة التی أوجدتها، فالدور الذی تلعبه منظمة العمل العربیة فی إیجاد قانون دولی عربی للعمل، یمکن من خلاله توفیر السند القانونی لحمایة جانب هام من حقوق الإنسان العربی، ألا وهو الحق فی العمل وما یرتبط به من حقوق، وأیضًا تسلیط الضوء على الدور الذی تلعبه منظمة العمل العربیة فی حمایة حقوق العامل العربی، وإن کان البحث فی هذا الموضوع تعترضه بعض الصعوبات الیسیرة، التی تتمثل فی قلة الدراسات الفقهیة السابقة، لذا حاولت تناول هذا الموضوع من خلال اللجوء الى المواثیق والتقاریر الصادرة عن المنظمة نفسها.
ولمعالجة الموضوع فقد تم تقسیمه إلى تمهید وأربعة مباحث :
خصصت التمهید، للحدیث عن نشأة منظمة العمل العربیة وعلاقاتها الخارجیة، من خلال تقسیمه إلى ثلاثة مطالب: تحدثت فی الأول منها، عن النشأة التاریخیة لمنظمة العمل العربیة. وتحدثت فی المطلب الثانی، عن الهیکل البنیوی والتنظیمی للمنظمة، من خلال تقسیمه إلى ثلاثة فروع، خصصت الفرع الأول منها، للأجهزة الرئیسیة للمنظمة، وخصصت الفرع الثانی للأجهزة واللجان الفرعیة، أما الفرع الثالث فتم تخصیصه للمعاهد والمراکز المنبثقـــة عن منظمة العمل العربیة. وفی المطلب الثالث تحدثت عن العلاقات الخارجیة لمنظمة العمل العربیة.
وخصصت المبحث الأول، للحدیث عن بوادر ظهور قانون دولی عربی للعمل، والأساس القانونی لسلطة المنظمة فی إنشاء قانون دولی عربی للعمل، وقد قسمته إلى مطلبین: تناولت فی المطلب الأول، بوادر ظهور قانون دولی عربی للعمل، وتناولت فی المطلب الثانی، الأساس القانونی لسلطة المنظمة فی إنشاء قانون دولی عربی للعمل.
وخصصت المبحث الثانی : للحدیث عن دور المنظمة فی صیاغة معاییر العمل العربیة، والرقابة على تنفیذها، وقد قسمته أیضًا إلى مطلبین: تناولت فی المطلب الأول، دور المنظمة فی صیاغة معاییر العمل العربیة، من خلال تقسیمه إلى ثلاثة فروع: فی الفرع الأول، تحدثت عن الطابع الإقلیمی لمعاییر العمل العربیة، وفی الفرع الثانی، تحدثت عن المشارکة الثلاثیة فی النشاط المعیاری للمنظمة، وفی الفرع الثالث، تحدثت عن أهمیة معاییر العمل العربیة. وتناولت فی المطلب الثانی: دور المنظمة فی الرقابة على تنفیذ معاییر العمل العربیة، وتم تقسیمه إلى فرعین: خُصص الفرع الأول، للحدیث عن الالتزامات العامة للدول الأعضاء، وخُصص الفرع الثانی، للحدیث عن الالتزامات الخاصة للدول الأعضاء.
وخصصت المبحث الثالث، للحدیث عن دور المنظمة فی رفع مستوى وتنمیة القوى العاملة العربیة: وقد قسمته کذلک إلى مطلبین: تناولت فی المطلب الأول، دور المنظمة فی تحقیق التکامل فی مجالات العمل بین الدول العربیة، وقد قسمته إلى فرعین: تناولت فی الفرع الأول، دور منظمة العمل العربیة فی تشغیل القوى العاملة والحد من البطالة فی الدول العربیة، وفی الفرع الثانی، تناولت دور المنظمة فی تیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة. وتناولت فی المطلب الثانی، دور المنظمة فی حمایة الحقوق الأساسیة للعمل: وقد قسمته إلى أربعة أفرع، فی الفرع الأول، تحدثت عن دور المنظمة فی حمایة الحریة النقابیة وحق المفاوضة الجماعیة، وفی الفرع الثانی، تحدثت عن دور المنظمة فی القضاء الفعلی على عمل الأطفال، وفی الفرع الثالث، تحدثت عن دور المنظمة فی حظر العمل الجبری، وفی الفرع الرابع، تحدثت عن دور المنظمة فی حظر التمییز فی الاستخدام ومباشرة المهن (مبدأ التکافؤ والمساواة فی المعاملة).
وخصصت المبحث الرابع : للحدیث عن الصعوبات والمعوقات التی واجهت مسیرة المنظمة، وقد قسمته إلى ثلاثة مطالب: تناولت فی المطلب الأول منها، الظروف السائدة فی المنطقة وضعف الحوار بین أطراف الإنتاج. وتناولت فی المطلب الثانی، عدم التزام الدول الأعضاء بسداد مساهماتها المالیة. وفی المطلب الثالث تناولت، صناعة القرار فی المنظمة.
ثم ختمت البحث بخاتمة : بینت من خلالها أثر هذا الجهد الذی قامت به منظمة العمل العربیة، من أجل إنشاء قانون دولی عربی للعمل، ورفع مستوى القوى العاملة العربیة، وتحقیق التکامل الاقتصادی والاستقرار الاجتماعی، فی ربوع الوطن العربی العزیز. ثم ذکرت مصادر البحث. ثم فهرس بموضوعات البحث.
مبحث تمهیدی
نشأة منظمة العمل العربیة وعلاقاتها الخارجیة
جاء قرار إنشاء منظمة العمل العربیة، استجابة للتوجه القومی المتطلع، لتحقیق الوحدة العربیة فی مختلف المجالات، وهی إحدى المنظمات العربیة المتخصصة العاملة فی نطاق جامعة الدول العربیة، وأول منظمة عربیة متخصصة تعنی بشؤون العمل والعمال على الصعید القومی، وتضم فی عضویتها الدول العربیة، وتنفرد دون سائر المنظمات العربیة المتخصصة، بتطبیق نظام التمثیل الثلاثی، الذی یقوم على أساس اشتراک الحکومات وأصحاب الأعمال والعمال، فی کل نشاطات المنظمة وأجهزتها الدستوریة والنظامیة، وقد حدد المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة طبیعة وأهداف المنظمة، ونوعیة الخدمات التی تقدمها والفئات المستهدفة منها.
وعلى هذا نتناول هذا المبحث التمهیدی من خلال ثلاثة مطالب، نتحدث فی المطلب الأول، عن النشأة التاریخیة للمنظمة، ونتحدث فی المطلب الثانی عن هیکل المنظمة، ونتحدث فی المطلب الثالث عن العلاقات الخارجیة لمنظمة العمل العربیة:
المطلب الأول
النشأة التاریخیة للمنظمة
ولدت منظمة العمل العربیة فی رحم الاجتماعات السنویة للمجموعة العربیة لدى مؤتمر العمل الدولی، ذلک أن منظمة العمل الدولیة من منطلق ادراکها، إلى الحاجة الموجبة إلى وجود أمانة فنیة دائمة تسهر على أعمال المجموعة وتتولى مهمات تنسیق مواقفها، ودعم متابعتها لأشغال منظمة العمل الدولیة، أوصت الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة بضرورة إنشاء منظمة العمل العربیة.
وکان للخبراء العرب الذین یشارکون فی وفود بلدانهم إلى مؤتمر العمل الدولی، فضل السبق فی تبنی مجموعة النظم الأساسیة لمنظمة العمل العربیة، «المیثاق العربی للعمل»، « دستور منظمة العمل العربیة»، والنظم الأساسیة لمؤتمر العمل العربی والأجهزة الأخرى للمنظمة.
فقد تجسدت فکرة تأسیس منظمة العمل العربیة بعد انضمام بعض الدول العربیة، إلى منظمة العمل الدولیة والمشارکة فی مؤتمراتها وأنشطتها المختلفة، وحققت اللقاءات التی کانت تعقد بین وزراء العمل والوفود العربیة المشارکة فی مؤتمر العمل الدولی اعتبارًا من الدورة (43) لمؤتمر العمل الدولی عام1959، من نتائج إیجابیة فی المجالین العربی والدولی، فی تثبیت کیان المجموعة العربیة فی نطاق منظمة العمل الدولیة، وبروز فکرة عقد دوری منتظم لوزراء العمل العرب للتشاور فی کل ما یهم الدول العربیة فی مجالات العمل والعمال، وقد أسفرت اللقاءات بین رؤساء الوفود العربیة المشارکة فی مؤتمرات العمل الدولی، إلى فکرة إنشاء منظمة العمل العربیة.
وقد أخذ العراق زمام المبادرة بتوجیه دعوة رسمیة للحکومات العربیة، لعقد المؤتمر الأول لوزراء العمل العرب خلال الفترة من 6-12/1/1965م, بهدف المداولة والتشاور لوضع القواعد والأسس لإنشاء منظمة العمل العربیة، وانعقد المؤتمر فی بغداد بحضور ممثلین عن (13) دولة عربیة (الأردن/ تونس/الجزائر/السعودیة/ السودان/ سوریة/ العراق/الکویت/ لبنان/ لیبیا/ مصر/المغرب/ الیمن) تمخضت عنه الموافقة على إنشاء منظمة العمل العربیة، وإقرار کل من میثاق العمل العربی، ومشروع دستور منظمة العمل العربیة، بقرار رقم (1) الدورة الأولى بتاریخ 12/1/1965.
وقد وافق مجلس الجامعة العربیة على إقرار کل من المیثاق والدستور بموجب القرار رقم 2102/ د 43 ج2 بتاریخ 21/3/1965، وقد صادقت (12) دولة عربیة على مدى خمس سنوات، حیث تم عرض الموضوع على المؤتمر الخامس لوزراء العمل العرب، الذی عقد بالقاهرة خلال الفترة من 5-8/1/1970، الذی وافق بالقرار رقم (97) على قیام منظمة العمل العربیة، بعد اکتمال العدد اللازم من تصدیقات الدول الأعضاء، على المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، وجاء قرار إعلان قیام المنظمة استجابة للتوجه القومی متطلعًا لتحقیق الوحدة فی مختلف المجالات، وتم عقد الدورة الأولى لمؤتمر العمل العربی فی القاهرة، خلال الفترة من 29/3-5/4/1971، سبقها اجتماع لجنة ثلاثیة التکوین ( حکومات/ أصحاب أعمال/ عمال ) خلال الفترة (23-25/3/1971م)، لدراسة مشروعات النظم واللوائح قبل إحالتها إلى المؤتمر، وأصبحت الآن جمیع الدول العربیة الآن أعضاء فی المنظمة([1]).
وعلى هذا فإن منظمة العمل العربیة هی إحدى المنظمات المتخصصة العاملة فی نطاق جامعة الدول العربیة، وأول منظمة عربیة متخصصة تعنى بشئون العمل والعمال على الصعید القومی، وتضم فی عضویتها جمیع الدول العربیة، وتنفرد – دون سائر المنظمات العربیة المتخصصة – بتطبیق نظام التمثیل الثلاثی، الذی یقوم على أساس اشتراک الحکومات وأصحاب الأعمال والعمال، فی کل نشاطات المنظمة وأجهزتها الدستوریة والنظامیة، إیمانًا بأهمیة تکاتف أطـراف الإنتاج فی الوطن العربی، کضرورة ودعامة أساسیة للوحدة العربیة، واعترافًا بأن التعاون فی میدان العمل هو أفضل ضمان لحقوق الإنسان العربی فی حیاة حرة کریمة، أساسها العدالة الاجتماعیة، وسبیلها التعاون الفعال لتطویر المجتمع العربی، وتنمیته على أسس متینة وسلیمة.
وجاء قیام منظمة العمل العربیة نتیجة حتمیة للجهود العربیة، التی تبذل فی مجال النهوض بالقوى العاملة العربیة باعتبار ذلک مدخلا طبیعیا، على طریق الوحـدة العربیـة الشاملـة، التی هی هدف الشعب العربی کله من المحیط إلى
الخلیج، وقد ساعدت على ذلک عدة عوامل منها ([2]):
- قیام الاتحاد الدولی لنقابات العمال العرب فی عام 1956 تجسیدا لوحدة الطبقة العاملة.
- ازدیاد حرکة تنقل الأیدی العاملة بین البلدان العربیة، وبروز الحاجة إلى إجراءات تنظیمیة لعملیة التنقل أو الهجرة بما یحفظ للعمال حقوقهم، وتیسیر عملیة الهجرة فی الوقت نفسه.
- تعاظم حرکة القومیة العربیة، وما ترتب على ذلک من مطالبة الکثیر من المؤتمرات العربیة- رسمیة وشعبیة- بالعمل لتوحید التشریعات العمالیة العربیة (الوصول إلى مستویات عمل عربیة متماثلة).
- بجانب ذلک شهدت المنطقة العربیة نهضة عمرانیة واسعة، لم تعهدها من قبل خاصة بعد تفجیر البترول فی عدد من البلدان العربیة، وظهور الحاجة إلى العمالة الفنیة المدربة، وإلى ضرورة قیام جهاز عربی مسؤول بتولی مهمة الإعداد والتدریب بجانب عملیة التثقیف، کما برزت أهمیة الأخذ بسیاسة التعاون بین البلاد العربیة.
المطلب الثانی
الهیکل البنیوی والتنظیمی للمنظمة
منظمة العمل العربیة مثلها فی ذلک مثل أیة منظمة دولیة، تتکون من أجهزة رئیسیة، وأجهزة ولجان فرعیة تساعد الأجهزة الرئیسیة للمنظمة، فی القیام باختصاصاتها المنصوص علیها فی المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، لتحقیق الأهداف التی أنشئت من أجلها، وعلیه نتناول الهیکل البنیوی لمنظمة العمل العربیة من خلال الفروع التالیة:
الفرع الأول
الأجهزة الرئیسیة لمنظمة العمل العربیة
تتکون منظمة العمل العربیة من ثلاث هیئات دستوریة تمثل الأجهزة الرئیسیة للمنظمة هی: - مؤتمر العمل العربی - مجلس الإدارة - مکتب العمل العربی.
أولًا: مؤتمر العمل العربی:
ـ هو السلطة العلیا فی المنظمة، ویتکون من مندوبی الدول الأعضاء فی المنظمة، ووفقًا لما نصت علیه المادة الخامسة من نظام العمل بالمؤتمر، تکون رئاسة المؤتمر دوریة بین الدول الأعضاء وفقًا للترتیب الهجائی، ویستثنى من ذلک حالة استضافة المؤتمر خارج دولة المقر، حیث تکون الرئاسة للدولة المضیفة، دون المساس بدور الدولة التی لها الرئاسة الدوریة، وفی حالة اعتذار الدولة صاحبة الدور فی الرئاسة، تحل مکانها الدولة التی تلیها فی الترتیب.
ویجتمع المؤتمر مرة کل عام فی الأسبوع الأول من شهر مارس/ آذار فی دولة المقر، ویجوز عقده فی أی دولة عضو بقرار من المؤتمر، کما یجوز أن یجتمع المؤتمر فی دورة غیر عادیة بناء على طلب دولة أو أکثر بموافقة ثلثی الدول الأعضاء، أو بناء على قرار من مجلس الإدارة، ویتکون وفد کل دولة من أربعة مندوبین: إثنین عن الحکومة، وواحد عن أصحاب الأعمال، وواحد عن العمال، کما یشترط أن یتم اختیار ممثلی أصحاب الأعمال والعمال، بالاتفاق مع المنظمات الأکثر تمثیلًا، ویساهم فی أعمال المؤتمر بصفة مراقب ممثلو المنظمات والاتحادات العربیة والإقلیمیة والدولیة التی تدعى لحضوره.
وتتکون هیئة رئاسة المؤتمر من رئیس وثلاثة نواب ینتخبهم المؤتمر بناء على ترشیح الفرقاء الثلاثة، شریطة ألا یکون الرئیس أو أحد نوابه من دولة واحدة، کما تنبثق فی بدایة کل دورة لجان ثلاثیة التکوین (حکومات، أصحاب أعمال، عمال) وذلک لتیسیر أعمال المؤتمر، وهی على نوعین:
لجان دائمة: وهی اللجان التی یتم تشکیلها فی کل دورة من دورات المؤتمر، وفقا لما نص علیه نظام العمل بمؤتمر العمل العربی، کاللجان التنظیمیة، واللجنة المالیة، ولجنة اعتماد العضویة، ولجنة الصیاغة، ولجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات ([3]).
لجان فنیة: إضافة إلى اللجان الدائمة، للمؤتمر أن یشکل لجانا خاصة لدراسة الموضوعات التی یحیلها إلیها، ویتم اقتراحها وتحدید عدد أعضائها من قبل اللجنة التنظیمیة الدائمة، وتختص هذه اللجان بمعالجة الموضوعات ذات الطابع الفنی، وتشکل حسب ما یتضمنه جدول أعمال کل دورة من موضوعات فنیة.
اختصاصات المؤتمر العام.
ـ ویختص مؤتمر العمل العربی بما یلی:
تحدید الخطوط الأساسیة لعمل المنظمة ورسم سیاستها لتحقیق أهدافها- تقدیم المشورة لجامعة الدول العربیة فی النواحی العمالیة- دراسة التقاریر السنویة التی ترسلها الدول الأعضاء بصفة دوریة- تعیین المدیر العام والمدیر المساعد لمکتب العمل العربی- تشکیل مجلس الإدارة واللجان الدستوریة والنظامیة- الدعوة إلى عقد لجان متخصصة ثلاثیة التکوین، واجتماعات الخبراء فی میادین العمل المختلفة- المصادقة على خطط عمل المنظمة وبرامجها وموازناتها.
ثانیًا: مجلس الإدارة.
هو صاحب الصلاحیة الأولى فی المنظمة بعد مؤتمر العمل العربی، وتم الأخذ بصیغة مجلس الإدارة فی الدورة السابعة لمؤتمر العمل العربی (مارس/آذار1979)، بدلًا عن لجنة المتابعة التی کانت قائمة منذ تأسیس المنظمة، ویشکل المجلس من بین أعضاء المؤتمر لمدة سنتین، ویتکون من ثمانیة أعضاء أصلیین:
أربعة أعضاء یمثلون فریق الحکومات، وعضوین یمثلان فریق أصحاب الأعمال، وعضوین یمثلان فریق العمال، إضافة إلى ثلاثة أعضاء احتیاطیین، بواقع عضو واحد عن کل فریق ([4]).
ویشارک فی اجتماعات المجلس بصفة مراقب، ممثل عن کل من: - الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة- الاتحاد الدولی لنقابات العمال العرب- الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربیة- مجلس وزراء العمل ومجلس وزراء والشئون الاجتماعیة، بدول مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة- منظمة العمل الدولیة.
ویختص مجلس الإدارة بما یلی:
متابعة تنفیذ قرارات وتوصیات مؤتمر العمل العربی، ومتابعة سیر العمل بالمنظمة، وتنفیذ خططها المعتمدة، وترتیب أولویات التنفیذ ووسائله وتقییم نتائجه، ومراقبة التصرفات المالیة للمنظمة، ومراقبة الالتزام بأنظمة ولوائح العمل النافذة فی المنظمة، ودعوة المؤتمر العام لعقد دورة غیر عادیة، إذا ما طرأ أمر لا یحتمل تأجیل النظر فیه إلى دورة عادیة وذلک بموافقة ثلثی أعضاء المجلس.
ویعقد المجلس دورتین عادیتین کل عام، " مرة الأولى فی شهر مارس/آذار، والثانیة فی شهر أکتوبر/ تشرین الأول، ویجوز له أن یعقد دورة غیر عادیة بطلب من ثلثی أعضائه، على أن یتم هذا الانعقاد فی غضون شهر من تاریخ طلب الانعقاد، وینتخب المجلس من بین أعضائه الأصلیین، فی أول دورة له بعد انعقاد مؤتمر العمل العربی، رئیسًا له ونائبین للرئیس من الفریقین الآخرین، وذلک لمدة سنة.
ثالثًا: مکتب العمل العربی:
ـ هو السکرتاریة الدائمة للمنظمة ویرأس المکتب مدیر عام یکون مسئولًا عن سیر العمل فیه، وعن تنفیذ قرارات مؤتمر العمل العربی ومجلس الإدارة، ویعاون المدیر العام، مدیر عام مساعد، ینتخب لمدة أربع سنوات، بالتناوب بین فریقی العمال وأصحاب الأعمال.
ـ ویتولى مکتب العمل العربی الاختصاصات الواردة فی المادة الثانیة عشر من دستور منظمة العمل العربیة، ویقوم بجمیع المهام التی توکل إلیه من قبل المؤتمر العام ومجلس الإدارة، وعلى وجه الخصوص، ما یلی ([5]):
جمع وتحلیل المعلومات الخاصة بقضایا العمل والعمال فی الوطن العربی، والقیام بالاستقصاءات حولها وتوزیعها على الدول الأعضاء، وإعداد جمیع الوثائق الخاصة بالبنود التی تدرج على جدول أعمال دورات مؤتمر العمل العربی ومجلس الإدارة، واللجان المتخصصة واجتماعات الخبراء، والقیام بأعمال السکرتاریة، وإعداد البحوث فی مجالات العمل المختلفة ونشرها، وتقدیم المعونة والمشورة لأطراف الإنتاج الثلاثة فی الدول العربیة الأعضاء، والعمل على تعزیز الحوار بین أطراف الإنتاج، ودعم حریة التنظیم والمفاوضة الجماعیة.
الفرع الثانی
الأجهزة واللجان الفرعیة لمنظمة العمل العربیة
تضم منظمة العمل العربیة إلى جانب هیئاتها وأجهزتها الأصلیة الثلاث السابقة، الهیئات واللجان الفرعیة التالیة([6]):
أولًا: لجنة الخبراء القانونیین:
تتکون اللجنة کما تنص المادة الثامنة عشرة من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، من خمسة أعضاء یختارهم المؤتمر العام بناء على اقتراح مجلس الإدارة، فی ضوء الترشیحات المقدمة من المدیر العام لمکتب العمل العربی، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجدید، وأن یراعى فی اختیارهم الخبرة القانونیة والمقدرة الحیادیة، وأن یکونوا من جنسیات عربیة مختلفة، وأن یکونوا من الکفاءات القانونیة فی قطاع العمل والعمال.
ویتضح من هذا النص أن أعضاء اللجنة یختارون بأشخاصهم ولیس باعتبارهم ممثلین لدولهم، وأنهم یقومون بمهمتهم کممثلین لجمیع الدول الأعضاء فی المنظمة.
اختصاصات اللجنة:
وفقًا لما نصت علیه کل من المادة الثامنة عشرة من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، والمادتین الثالثة والسادسة من نظام عمل لجنة الخبراء القانونیین، تتحدد اختصاصات لجنة الخبراء القانونیین بالمهام التالیة:
1- إجراء الدراسات القانونیة للتشریعات ذات العلاقة والتقاریر التی ترسلها الدول الأعضاء.
2- النظر فی الطلبات المقدمة إلى مکتب العمل العربی، إزاء أیة دولة عضو لا تقوم بالتزاماتها فی تنفیذ الاتفاقیة التی صدقت علیها، وعلى اللجنة النظر فی تلک الطلبات ورفع توصیاتها إلى المؤتمر العام، من خلال مجلس الإدارة لاتخاذ القرار اللازم بشأنها.
3- تعد اللجنة تقریرا بنتائج أعمالها یعرض على مجلس الإدارة، لدراسته ورفعه إلى المؤتمر العام مشفوعًا بملاحظاته وتوصیاته.
4- دراسة التقاریر التی تقدمها الدول الأعضاء عن الاتفاقیات العربیة، التی صدقت علیها تلک الدول فی ضوء التشریعات الساریة لدیها.
ووفقًا لنص المادة الرابعة من نظام عمل لجنة الخبراء، یعتمد عمل اللجنة على ثلاث مجموعات من الوثائق([7]):
الأولى: المجموعة التی تحدد التزامات الدول الأعضاء بشأن معاییر العمل، وتشمل المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، ونظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، ونصوص الاتفاقیات والتوصیات ذاتها، وأیة وثائق أخرى تتعلق بالاتفاقیات والتوصیات.
وتحدد هذه الوثائق الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء بحکم عضویتها فی المنظمة، وتلک الناشئة عن تصدیقها على اتفاقیات معینة.
الثانیة: مجموعة الوثائق التی تتقدم بها الدولة إلى مکتب العمل العربی، لبیان موقفها من تنفیذ التزاماتها، وتشمل هذه المجموعة التقاریر التی ترسلها الدولة إلى المکتب بناء على طلبه، وتشریعاتها الوطنیة ذات الصلة بالاتفاقیات والتوصیات محل المتابعة، وأیة معلومات أو بیانات تتعلق بذلک.
الثالثة: مجموعة الوثائق القانونیة التی تعد بمثابة المراجع المکملة للرأی أو الاجتهاد، الذی تبلوره اللجنة فی تفسیر نص معیاری، أو بیان مدى تنفیذ الدولة لأی من التزاماتها، وتشمل هذه المجموعة الوثائق المتمثلة فی المواثیق والاعلانات الدولیة والعربیة والاجتهادات الفقهیة والقضائیة.
ثانیًا: لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات.
بموجب الفقرة الثانیة من المادة الثامنة عشرة من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، تنبثق هذه اللجنة عن مؤتمر العمل العربی فی کل دورة وتتکون من ممثلی الدول المشترکة فیه، ویختلف تشکیلها عن تشکیل لجنة الخبراء القانونیین، فالأخیرة تتکون من أشخاص بذواتهم لا باعتبارهم ممثلین لدولهم، یتم اختیارهم بناء على اعتبارات تتعلق بخبراتهم ومؤهلاتهم العلمیة، بینما تتکون لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات من ممثلی الدول(حکومات، أصحاب أعمال، عمال).
اختصاصات اللجنة:
تتحدد اختصاصات اللجنة على النحو الوارد فی الفقرة الثانیة من المادة الثامنة عشرة، من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة فی المهام التالیة:
1- النظر فی تقریر لجنة الخبراء القانونیین وملاحظات وتوصیات مجلس الإدارة بشأنه، واتخاذ التوصیات التی تراها مناسبة بهذا الصدد.
2- النظر فی مدى قیام أیة دولة عضو بعرض الاتفاقیة أو التوصیة على السلطات المختصة.
وفی الحقیقة فإن لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات تنظر تحدیدًا فی تقریر لجنة الخبراء القانونیین وتوصیات مجلس الإدارة بشأنه، وهو یتضمن عادة تحلیل کل ما یتعلق بقیام الدول الأعضاء، بتنفیذ التزاماتها بشأن عرض الاتفاقیات على السلطة المختصة، وتتاح للجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات فرصة ذات فائدة کبیرة لا تحظى بها لجنة الخبراء، حیث تستطیع اللجنة الأولى أن تستوضح ممثلی الحکومات وتناقشهم فی تقریر دولهم، وفی ملاحظات لجنة الخبراء بشأنها، بینما لا یتاح للجنة الخبراء ذلک، حیث تقتصر مصادر معلومات اللجنة الأخیرة على ما تورده الدول فی تقاریرها کتابة.
ثالثًا: لجنة الحریات النقابیة.
اعتمد مؤتمر العمل العربی فی دورته الثانیة فی مارس 1973 نظام عمل لجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی ([8])، کما وافق المؤتمر فی دورته الخامسة مارس 1976، على اللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی ([9])، ثم أقر المؤتمر نظام عمل اللجنة فی دورته الخامسة والعشرین عام 1988([10])، ووفقًا للمادة الأولى من نظام عمل اللجنة فإنها تشکل على النحو التالی([11]):
1- ثلاثة أعضاء أصلیون من مجلس إدارة المنظمة یمثلون الفرق الثلاثة: الحکومة وأصحاب الأعمال والعمال.
2- ثلاثة أعضاء أصلیون یختارهم مؤتمر العمل العربی من الفرق الثلاثة.
3- ثلاثة أعضاء أصلیون یختارهم المدیر العام لمکتب العمل العربی، ویراعى المدیر العام فی اختیارهم أن یکونوا من الشخصیات البارزة فی المجالات العامة والقانونیة، ومن جنسیات تمثل معظم الدول العربیة، ومدة العضویة فی اللجنة سنتان، وتعمل اللجنة على تنمیة وصیانة الحقوق والحریات النقابیة فی الوطن العربی، وتختص على وجه الخصوص بما یلی: -
1- النظر فی الحالات الخاصة بالشکاوى التی یحیلها إلیها المدیر العام لمکتب العمل العربی، بناء على طلب الجهة الشاکیة بشأن المساس بالحقوق والحریات النقابیة.
2- الاجتماع بصفة لجنة خبراء بکامل هیئتها أو بعض أعضائها، بناء على طلب المدیر العام لمکتب العمل العربی، وذلک بشأن الاتفاقیات والتوصیات العربیة، التی تتعلق بالحقوق والحریات النقابیة، وفقًا لأحکام نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، وکذلک بشأن المقترحات المتعلقة بإنماء الحقوق والحریات النقابیة.
وقد نصت المادة الأولى من اللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة على أن، تجتمع اللجنة مرة فی کل عام فی دورة انعقاد عادیة، ویمکن أن تعقد عند الضرورة وفی الحالات الخاصة دورات استثنائیة ([12])، وتقدم الشکاوى من الجهات صاحبة الحق فی ذلک، وهی على وجه الحصر:
1- الحکومات العربیة.
2- منظمات أصحاب الأعمال فی الدول العربیة.
3- منظمات العمال فی الدول العربیة.
4- الاتحادات الإقلیمیة لمنظمات العمال العرب ومنظمات أصحاب الأعمال العرب.
وهذا یعنی أنه لا یحق للأفراد أو المنظمات والهیئات غیر الأعضاء، فی منظمة العمل العربیة تقدیم شکاوى أمام اللجنة، ولا تقبل الشکوى إذا لم تکن للجهة الشاکیة مصلحة فی تقدیمها، وأن تتعلق هذه المصلحة بالحقوق والحریات النقابیة، کما نصت على ذلک المادة الخامسة من نظام عمل اللجنة، ووفقًا للمادة السادسة تعتمد اللجنة فی الشکاوى التی تعرض علیها القواعد الآتیة:
أ- تقدم الشکوى إلى مکتب العمل العربی کتابة وفق النموذج المعد من قبل مکتب العمل العربی، مصدقًا علیها من الإدارة المسئولة فی الجهة الشاکیة، وترفق بالشکوى المستندات التی تدعمها قدر الإمکان.
ب- للجهة الشاکیة أن تقدم مع الشکوى مذکرة توضح فیها أسانید الطلب.
ج- للمدیر العام لمکتب العمل العربی أن یطلب من الجهة الشاکیة، استیفاء البیانات والمعلومات التی ترغب فی تقدیمها لتدعیم الشکوى، وذلک خلال فترة زمنیة یحددها.
د- للجنة سلطة تقدیر قبول البیانات والمعلومات التی ترد إلى مکتب العمل العربی بعد انتهاء الأجل المشار إلیه فی الفقرة السابقة([13]).
وعند نظر اللجنة للشکاوى التی تتلقاها تتخذ الإجراءات التالیة:
1- تقوم بفحص الشکوى وطلب ما تحتاج إلیه من بیانات، والاستماع إلى أقوال الجهة الشاکیة، والجهة المشکو منها، وسماع من تشاء من الشهود، وتلتزم الجهة المشکو منها بتسهیل أعمال اللجنة.
2- قیام اللجنة بمراجعة الدولة المشکو منها، عندما تقرر الانتقال إلى أراضیها لتحری الحقائق فی الموقع.
3- للجنة أن تطلب من المدیر العام لمکتب العمل العربی أو تقوم بنفسها، ببذل المساعی الحمیدة لتسویة موضوع الشکوى مع الأطراف المعنیة خلال أجل تحدده.
4- تعتمد اللجنة عند النظر فی الشکاوى على المبادئ والأسس، التی وردت فی الدساتیر والقوانین الوطنیة التی تتعلق بالحریات بوجه عام، وتلک التی وردت فی الاتفاقیات والمواثیق الدولیة والعربیة، بشأن الحقوق والحریات النقابیة، وکذلک المبادئ التی استقرت نتیجة التطور التاریخی للحرکة العمالیة الدولیة.
5- للجنة أن تصدر قرارات بحفظ الشکوى أو ثبوتها أو عدم ثبوتها أو إنهائها، بعد أن تقدم البواعث والأسباب التی تبرر ذلک.
6- تکون جلسات اللجنة ومداولاتها ومضابطها علنیة، فیما عدا جلسات المداولات والمضابط المتعلقة بالشکاوى، فلا یجوز إذاعة أو نشر ما دار بها أو إفشاء أسرارها.
7- یجوز لکل ذی مصلحة أن یتدخل فی الشکوى مؤیدًا طلبات أحد الأطراف.
8- للجهة الشاکیة أن تتنازل عن شکواها ما لم تعترض الجهة المشکو منها على التنازل، بشرط أن تکون لها مصلحة جدیة فی الاعتراض.
9- لا یجوز لأی شخص ینتمی إلى الجهة الشاکیة أو الجهة المشکو منها، أن یحضر جلسات مداولات اللجنة المتعلقة بالشکاوى، کما لا یجوز أن یشترک عضو اللجنة فی جلساتها عند النظر فی جلساتها فی حالة خاصة بشکوى مقدمة من أو ضد جهة فی دولة ینتمی إلیها بجنسیته، وینظر إلى أعضاء اللجنة اللذین تربطهم علاقة عمل أو إقامة فی دولة لا ینتمون إلیها بجنسیاتهم، کما لو کانوا یتمتعون بجنسیة هذه الدولة.
10- تقوم اللجنة فی نهایة دورتها السنویة العادیة بوضع تقریر وافٍ، یرفعه المدیر العام لمکتب العمل العربی إلى مؤتمر العمل العربی عبر مجلس الإدارة، ویتضمن هذا التقریر بیانًا موجزًا بالحالات، وعدد الشکاوى التی عرضت علیها، وعدد ما تم فحصه منها وما اتخذته من توصیات بشأنها، وأیة مقترحات استنادًا إلى الفقرة الثانیة من المادة الثالثة من هذا النظام([14]).
رابعًا: لجنة المرأة العاملة العربیة.
منذ أولى لحظات إنشائها أکدت منظمة العمل العربیة اهتمامها المبکر بقضایا المرأة العاملة العربیة، وهو ما یتضح بشکل بارز فی اتفاقیة العمل العربیة رقم(1) لعام 1966 بشأن مستویات العمل، والتی تعتبر بحق مشروع متکامل لقانون عمل عربی موحد، وتوالى اهتمام المنظمة بقضایا المرأة العربیة العاملة، فی کافة اتفاقیات العمل العربیة، وأفردت لها اتفاقیة خاصة شاملة لکل حقوق المرأة العاملة، وهی الاتفاقیة العربیة رقم(5) لسنة 1976 بشأن المرأة العاملة.
وتأکیدًا لاهتمام المنظمة بقضایا المرأة العاملة العربیة أصدر مؤتمر العمل العربی، فی دورته السابعة والعشرین (شرم الشیخ مارس/آذار2000) قراره رقم(1115)، بإعادة إحیاء لجنة المرأة العاملة العربیة، فی إطار منظمة العمل العربیة، والتی تم تشکیلها فی الدورة الثامنة والعشرین لمؤتمر العمل العربی(عمان الأردن أبریل/نیسان2001).
وبناء على ما نصت علیه المادة الثانیة من النظام الأساسی للجنة شئون المرأة العاملة العربیة([15])، تتشکل اللجنة من (21) عضوة على النحو التالی:
- (15) عضوة یختارهن المؤتمر العام بواقع (5) عضوات عن کل فریق (حکومات/أصحاب أعمال/عمال).
- (5) عضوات یختارهن المدیر العام.
- (1) مقررة یختارها المدیر العام.
وبناء على ما نصت علیه المادة الثالثة یراعى فی اختیار عضوات اللجنة:
- أن تکون عضوات اللجنة من ذوی الکفاءة والخبرة والدرایة الواسعة، بواقع عمل المرأة العربیة، ومن المشارکات فی رسم السیاسات واتخاذ القرار.
- مراعاة مبدأ الثلاثیة فی اختیار عضوات اللجنة، وکذلک تمثیل غالبیة الدول العربیة کلما أمکن ذلک.
وبموجب المادة السابعة من النظام الأساسی تهدف اللجنة إلى:
1- السعی لتعزیز مکانة المرأة العاملة العربیة وتمکینها من ممارسة دورها، لتحقیق التنمیة المستدامة والمشارکة فی صنع القرار.
2- متابعة أوضاع المرأة العاملة العربیة، ودعم إسهاماتها فی المجتمع فی مختلف المجالات.
3- العمل على تحسین شروط وظروف عمل المرأة.
4- التوعیة بقضایا عمل المرأة، وبحث السبل الکفیلة، بمواجهة التحدیات التی تعوق تقدمها.
5- حمایة حقوق المرأة العاملة والنهوض بأوضاعها، بإیجاد وتفعیل الآلیات المناسبة لذلک.
6- العمل على تحقیق المساواة فی التعلیم والتدریب المهنی، والتدریب المستمر وفرص العمل، دون تمییز بسبب النوع.
7- العمل على توفیر أسباب الحمایة الاجتماعیة للمرأة العاملة، بما یمکنها من القیام بدورها الاقتصادی والاجتماعی.
8- العمل على إرساء ثقافة المساواة، من خلال التنشئة الاجتماعیة، ومختلف البرامج الإعلامیة والتربویة.
وبموجب المادة الثامنة من النظام الأساسی تختص اللجنة بالآتی:
1- تعزیز التعاون والتنسیق مع الجهات المعنیة بشئون عمل المرأة، على مستوى أطراف الإنتاج الثلاثة (حکومات/أصحاب أعمال/عمال).
2- وضع السیاسات والبرامج والمساهمة فی تنفیذ الفعالیات، والأنشطة ذات الارتباط المباشر، بدعم شئون عمل المرأة وحمایتها.
3- فتح قنوات الاتصال المباشر مع المنظمات العربیة والإقلیمیة والدولیة، ذات الصلة بقضایا المرأة ، والعمل على التنسیق معها، بما یؤدی إلى دعم وزیادة مساهمة المرأة العربیة فی النشاط الاقتصادی فی ظل شروط وظروف عمل مناسبة.
4- دراسة التقاریر المقدمة من مکتب العمل العربی حول واقع عمل المرأة العربیة، وتشخیص المعوقات التی تحول دون تنمیتها، واقتراح البدائل المساعدة على النهوض بشئونها.
5- متابعة الجهود العربیة والإقلیمیة والدولیة، التی تهدف إلى النهوض بعمل المرأة.
الفرع الثالث
المعاهد والمراکز المنبثقـة عن منظمة العمل العربیة
من أجل تحقیق الأهداف التی نص علیها دستور منظمة العمل العربیة، وانطلاقًا من أهمیة التخصص فی أداء المهام وتحقیق الأهداف، فقد قرر مؤتمر العمل العربی إنشاء المعاهد والمراکز التالیة:
أولًا: المعهد العربی للثقافة العمالیة وبحوث العمل فی الجزائر([16]).
أصدر مؤتمر العمل العربی فی دورته الثالثة بالرباط عام 1974، قرارًا بإنشاء المعهد العربی للثقافة العمالیة وبحوث العمل، کما رحب بالعرض المقدم من طرف الحکومة الجزائریة باستضافة مقر المعهد، والذی باشر نشاطه اعتبارا من عام 1976.
ویهدف المعهد إلى خلق جیل مثقف من العمال العرب یؤمن بعروبته، ویسهم إسهامًا فاعلا فی تنفیذ برامج التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، ویختص بتنفیذ سیاسة وأهداف المنظمة، فی مجال الثقافة العمالیة وبحوث العمل، وتقویة أواصر الصداقة والتعاون مع أطراف الإنتاج فی القارة الأفریقیة، بما یعزز العلاقات العربیة الأفریقیة، ویدعم القضایا القومیة فی المؤتمرات الدولیة.
ثانیا: المعهد العربی للصحة والسلامة المهنیة فی دمشق([17]).
أنشئ المعهد عام 1982 بناءً على القرار الذی أصدره مؤتمر العمل العربی فی دورته التاسعة بمدینة بنغازی عام 1981، بهدف تطویر القدرات الفنیة للعاملین فی أجهزة الصحة والسلامة المهنیة فی الدول العربیة، ونشر الوعی الصحی والوقائی فی هذا المجال لدى أطراف الإنتاج الثلاثة.
ویعد هذا المعهد أول مؤسسة قومیة متخصصة فی مجال السلامة والصحة المهنیة فی الوطن العربی، تسعى لتحقیق أهداف منظمة العمل العربیة فی مجال حمایة بیئة العمل، وتعزیز علاقات التعاون الفنی والتنسیق مع مختلف الجهات المعنیة بمسائل الصحة والسلامة المهنیة، على المستویین العربی والدولی.
وتقدیرًا للجهود الطیبة التی یبذلها المعهد فی مجال النهوض بخدمات الصحة والسلامة المهنیة على المستوى العربی، فقد جرى اعتماده کمرکز إقلیمی لمعلومات الصحة والسلامة المهنیة من قبل المرکز الدولی لمعلومات الصحة والسلامة المهنیة التابع لمنظمة العمل الدولیة.
ثالثا: المرکز العربی لتنمیة الموارد البشریة فی طرابلس بالجماهیریة العربیة اللیبیة: ([18])
وافق مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة (طرابلس عام1975) على إنشاء المرکز العربی للتدریب المهنی وإعداد المدربین لتحقیق أهداف المنظمة فی هذا المجال، وذلک تنفیذًا لما جاء بالمادة السابعة من المیثاق العربی للعمل والتی تنص على: (أن الدول العربیة توافق على وضع خطة للتدریب المهنی تتفق واحتیاجاتها وتتماشى مع أهداف التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فیها). ثم أصدر مؤتمر العمل العربی فی دورته التاسعة والعشرین (القاهرة، 2002) قراره رقم (1195) والذی تنص فقرته الثانیة على تعدیل وضعیة المرکز العربی للتدریب المهنی وإعداد المدربین، ومضمون نشاطاته، وتنفیذًا لهذا القرار أصدر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة القرار رقم (1430) بتغییر تسمیة المرکز إلى (المرکز العربی لتنمیة الموارد البشریة)، کما طلب من إدارة المرکز إعداد تقریر بالمقترحات والتوصیات اللازمة، بشأن تحدید أهداف ومهام واختصاصات المرکز وفقا للتسمیة الجدیدة أسوة بالمراکز المماثلة.
ویعمل المرکز على تحقیق أهداف منظمة العمل العربیة فی مجال تنمیة الموارد البشریة فی الوطن العربی عن طریق دعم وتعزیز السیاسات المنبثقة، عن أهداف ومهام منظمة العمل العربیة فیما یتعلق بتنمیة الموارد البشریة، وتنفیذ الخدمات والأنشطة ذات العلاقة، وقد حقق المرکز الکثیر من الإنجازات، ونفذ العدید من الأنشطة والبرامج لصالح أطراف الإنتاج تحقیقًا لأهدافه فی المنطقة العربیة.
رابعًا: المرکز العربی للتأمینات الاجتماعیة فی الخرطوم([19]).
تعود نشأة المرکز العربی للتأمینات الاجتماعیة إلى الندوة العربیة الأولى للتأمینات الاجتماعیة، التی عقدت بمدینة الإسکندریة عام 1975، حیث أوصت بضرورة إنشاء معهد عربی للتأمینات الاجتماعیة، وجاءت توصیات الندوة العربیة الثانیة للتأمینات الاجتماعیة والتی عقدت ببغداد عام 1976 مؤکدة ومعززة لتوصیة الندوة الأولى فی هذا الصدد، حیث أوصت بالإسراع فی إنشاء المعهد العربی للتأمینات الاجتماعیة، لیأخذ دورًا طلیعیًا فی مجال إعداد وتدریب العاملین فی هذا المجال، وقد أکد مؤتمر العمل العربی فی دورته السابعة بالخرطوم عام 1979 على إنشاء المرکز، وتم افتتاحه بالخرطوم عام 1981.
ویهدف المرکز إلى تطویر المعارف والقدرات للعاملین فی مجال الضمان الاجتماعی، والتأمینات الاجتماعیة فی الوطن العربی، ونشر الوعی التأمینی لدى أطراف الإنتاج الثلاثة، والتعاون مع المراکز الإقلیمیة والدولیة التی تختص بنظم التأمینات الاجتماعیة.
خامسا: المرکز العربی لإدارة العمل والتشغیل/ تونس 1986.
بدأت فکرة إنشاء مرکز إقلیمی عربی لإدارات العمل من خلال المناقشات التی دارت والنتائج التی توصل إلیها المشارکون فی ندوة "إدارة العمل" التی عقدت فی الجزائر فی شهر نوفمبر/تشرین الثانی عام 1976 برعایة منظمة العمل العربیة حیث عبّر المشارکون عن الحاجة الماسة لتقویة إدارات العمل فی الدول العربیة، وتدریب موظفیها، وتسهیل تبادل الخبرات فیما بینهم.
وعقب توقیع اتفاق التعاون بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة، فی یونیو/حزیران 1976 کانت إحدى الأولویات الرئیسیة للدول العربیة، هی إنشاء مشروع عربی إقلیمی لتطویر إدارات العمل فی إطار التعاون بین المنظمتین، وبمشارکة وتمویل البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة.
وبعد مفاوضات واتصالات على مستوی عال بین الأطراف المعنیة، تمّ الاتفاق على إنشاء المرکز العربی لتطویر إدارات العمل، وتمّ صیاغة مشروع الوثیقة الأساسیة لهذا المرکز، وبعرضها على مؤتمر العمل العربی فی مارس/ آذار1982 وافقت وفود الحکومات والعمال وأصحاب الأعمال بالإجماع من حیث المبدأ على تنفیذ هذا المشروع الإقلیمی.
وفی مؤتمر العمل العربی الذی عقد فی مارس/آذار1985 تمت الموافقة النهائیة على المشروع، وأقرت مساهمة منظمة العمل العربیة فی المرحلة الأولی للمشروع، ووافق المؤتمر على أن یکون مقره بتونس، وتمّ توقیع الوثیقة الأساسیة للمشروع من قبل الأطراف المشارکة فیه وهی:
وقد بدأ المشروع نشاطاته فی منتصف عام 1986 بعد توقیع الوثیقة الأساسیة للمشروع بین منظمة العمل العربیة ممثلة لحکومات الدول العربیة، وبین البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة (UNDP)، ونصت الوثیقة الأساسیة للمشروع على أن تتکفل منظمة العمل العربیة بإدارة المشروع بعد انتهاء مدته.
وبعد انسحاب البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة، کطرف مساهم فی نشاطات المشروع، اقتصرت المساهمة على کل من منظمة العمل العربیة، التی آلت إلیها مسئولیة الإشراف على نشاط البرنامج، ومنظمة العمل الدولیة، والحکومة التونسیة.
وقد حرصت منظمة العمل العربیة على استمراریة البرنامج، باعتباره کسبا لإدارات العمل فی الدول العربیة یجب الحفاظ علیه وضمان استمراریته وتطویره، تنفیذا لقرار مجلس إدارة منظمة العمل العربیة فی دورته (42) لسنة1994.
ویهدف المرکز إلى تمکین إدارات العمل فی الدول العربیة من المشارکة بفاعلیة فی تطویر وتنفیذ خطط التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، وتحسین شروط وظروف العمل، والنهوض بالتشغیل والحد من البطالة، وتطویر علاقات عمل جیدة بین الشرکاء الاجتماعیین، والاستخدام الأمثل للموارد البشریة، والتطبیق السلیم لقوانین وأنظمة العمل، وتمکین المسئولین عن مستویات العمل من تنفیذ التزامات الحکومات، فیما یتعلق باتفاقیات وتوصیات منظمة العمل الدولیة ومنظمة العمل العربیة، بدقة وفی الوقت المناسب.
المطلب الثالث
العلاقات الخارجیة لمنظمة العمل العربیة
تشکل الأنشطة الدولیة والخارجیة لمنظمة العمل العربیة (العلاقات مع المنظمات الدولیة والإقلیمیة، الحکومیة وغیر الحکومیة، وکذلک التعاون مع منظمة العمل الدولیة) نشاطًا دستوریًا للمنظمة، وجزءًا لا یتجزأ من مهامها واختصاصاتها بحکم النصوص الدستوریة من ناحیة واستجابة لطبیعة مهام وفعالیات ومقتضیات حسن سیر العمل فی المنظمة من ناحیة أخری.
فمنظمة العمل العربیة ترتبط بعلاقات تعاون وتنسیق مع عدد من المنظمات الدولیة والإقلیمیة ذات العلاقة بقضایا العمل والعمال، والتی تتماثل فی تکوینها وأنشطة عملها واختصاصاتها، وتشارک المنظمة فی العدید من نشاطاتها، بهدف تعزیز التعاون معها وتبادل الخبرة، وتحقیق التفاعل الواعی مع الحضارة الإنسانیة والاستفادة من تجاربها وخبرتها، فی مجالات التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة ([20]).
وتستند المنظمة فی إقامة هذه العلاقات تنفیذًا للمادة الرابعة عشرة من دستورها التی تنص على أن:
- لمنظمة العمل العربیة أن تتعاون مع الهیئات الأجنبیة والدولیة التی تعمل فی میدان العمل، أو التی تکون مهامها وأعمالها متصلة بأغراضها.
- لمنظمة العمل العربیة أن تتبادل التمثیل فی الاجتماعات مع الهیئات المنصوص علیها فی الفقرة(1) من هذه المادة([21]).
ویمکن حصر هذه العلاقة مع المنظمات الدولیة والإقلیمیة على النحو التالی:
أولًا: العلاقة مع منظمة العمل الدولیة:
تعد منظمة العمل الدولیة القدوة بالنسبة لمنظمة العمل العربیة أهدافًا ونشاطًا، وتستلهم المنظمة العربیة من هذه المنظمة أسالیب ومناهج العمل وخطط برامجها لتطبیقها على الصعید القومی العربی، مع الأخذ بعین الاعتبار القیم والعادات والتقالید العربیة، وبما لا یتعارض مع أحکام الشریعة الإسلامیة.
فمنظمة العمل العربیة تلتقی مع منظمة العمل الدولیة بأکثر من قاسم مشترک، لذا کان من الطبیعی قیام التعاون والتنسیق بینهما لزیادة فاعلیة نشاطهما، وتجنبا للازدواجیة والتکرار فی عملهما فی المنطقة العربیة، وتأکیدًا لهذا التوجه، وإدراکًا لهذه المعطیات الأساسیة قرر مؤتمر العمل العربی فی دورته الثالثة عام1974م إنشاء مکتب دائم لمنظمة العمل العربیة فی جنیف مقر منظمة العمل الدولیة (قرار رقم 49/1974). لیکون بمثابة جسر لتعمیق التعاون واستشراف آفاقه، من خلال المشارکة المنتظمة فی الاجتماعات الفصلیة لمجلس إدارة مکتب العمل الدولی، والاجتماعات المتواصلة للجان الصناعیة والمماثلة واجتماعات الخبراء، فی مختلف مجالات عمل المنظمة التی تتعلق بتنمیة وحمایة القوى العاملة.
وأعقب ذلک توقیع اتفاق للتعاون والتنسیق بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة فی جنیف بتاریخ 15/6/1976 تضمن مجالات وأوجه التعاون المشترک بین المنظمتین، وشکل هذا الاتفاق علامة ممیزة فی تقنین علاقات التعاون بینهما، وقد استتبع هذا الاتفاق اکتساب منظمة العمل العربیة صفة " المراقب الدائم " لدى سائر أجهزة منظمة العمل الدولیة، وبهذه الصفة أیضا اکتسب مکتب المنظمة فی جنیف وضعًا دبلوماسیًا موازیًا للبعثات الدبلوماسیة لدى المنظمات الدولیة فی جنیف، مما فتح آفاقًا رحبة للتعاون مع منظمة العمل الدولیة، وکذلک مع الهیئات والمنظمات الدولیة ذات الاهتمام المتبادل مع منظمة العمل العربیة.
وعلاوة على العلاقات الثنائیة والجماعیة بین الدول العربیة ومنظمة العمل الدولیة، فقد حرصت منظمة العمل العربیة على ترجمة علاقاتها مع منظمة العمل الدولیة بتنفیذ مشاریع وبرامج مشترکة تحقق مصالح أطراف الإنتاج العرب، من خلال عقد اجتماعات اللجنة المشترکة بین المنظمتین تم خلالها تنفیذ عدد من المشروعات فی مختلف مجالات العمل، کالثقافة العمالیة وحمایة وتنمیة القوى العاملة...
الاهتمامات والأنشطة التی یقوم بها مکتب المنظمة فی جنیف:
لا یمکن الادعاء بأن مکتب البعثة الدائمة لمنظمة العمل العربیة بکادره وموارده المحدودة، قادر على تغطیة سائر الفعالیات والأنشطة والاجتماعات، التی تنظمها الاتحادات والمنظمات المشار إلیها. ومع ذلک فإن اهتمامات مکتب المنظمة یترکز بصفة أساسیة حول الأمور التالیة:
- متابعة قضایا العمل والعمال والشئون الاجتماعیة والاقتصادیة الدولیة والإقلیمیة والتطورات والمستجدات بشأنها.
- متابعة أوضاع القوی العاملة الفلسطینیة فی الأراضی الفلسطینیة والعربیة المحتلة، حیث یتلقى مکتب المنظمة التقاریر والدراسات والنشرات والمطبوعات، من عدة مصادر فلسطینیة وعربیة من الداخل والخارج، ویقوم بإعداد تقریر سنوی حول أوضاع العمال وأصحاب الأعمال العرب فی فلسطین والأراضی العربیة المحتلة الأخرى، والتوسع فی بناء المستوطنات الإسرائیلیة وآثارها المدمرة على العمال وأصحاب الأعمال العربیة.
وتتخذ أنشطة مکتب المنظمة المظاهر التالیة([22]):
- الحضور المنتظم للاجتماعات الرسمیة التی تعقدها أجهزة هذه الاتحادات والمنظمات، وإجراء الاتصالات مع الوفود العربیة والأجنبیة.
- تزوید الإدارة العامة للمنظمة بتقاریر مفصلة حول التطورات فی مسائل العمل والعمال، والقضایا الاجتماعیة دولیا وإقلیمیا قدر الإمکان، کی تکون الإدارات المتخصصة فی المنظمة على درایة وبینة بما یجری على الصعید الدولی والإقلیمی، وأوضاع نشاطات المجموعة الأوربیة، وأوضاع العمال العرب المهاجرین، ویعتبر مکتب المنظمة بمثابة النافذة الدولیة التی تطل منها الإدارة العامة للمنظمة، على مختلف الاتجاهات والتطورات للمسائل التی تدخل فی اهتماماتها.
- القیام بواجباته تجاه المجموعة العربیة فی مؤتمر العمل الدولی، ومجلس إدارة مکتب العمل الدولی واجتماعات اللجان الفنیة المختصة، وذلک من خلال إعداد التقاریر المفصلة کی تحاط الوفود العربیة، بأهم النتائج التی أسفرت عنها فعالیات أجهزة منظمة العمل الدولیة، والتهیئة لأعمال المجموعة العربیة فیها، کما یقوم بتنفیذ تعلیمات الإدارة العامة للمنظمة حول وضع مقررات مؤتمر العمل العربی ومجلس الإدارة، حیز النفاذ قدر تعلق الأمر باختصاصه.
- تزوید الباحثین الأجانب الذین یترددون على مکتب المنظمة بالمعلومات والبیانات، حول المسائل التی تعنی بها منظمة العمل العربیة.
وعلى امتداد أکثر من أربعین عاما من العمل المتصل والجهد الدؤوب، قام مکتب المنظمة فی جنیف بتحقیق العدید من المکاسب. ولعل من أبرزها على سبیل المثال لا الحصر ما یلی([23]):
1- تقدیم العون والمشورة للمجموعة العربیة التی استطاعت بکفاءة ودرایة، استصدار قرار من مؤتمر العمل الدولی عام 1980، بإدانة سیاسة الاستیطان الصهیونی فی فلسطین والأراضی العربیة المحتلة الأخرى، رغم المعارضة القویة المسیطرة على سلطة إصدار القرارات فی منظمة العمل الدولیة.
2- متابعة أعمال بعثة تقصی الحقائق التی یوفدها مکتب العمل الدولی سنویا إلى فلسطین والأراضی العربیة المحتلة الأخرى، وتزیدها بالمعلومات والبیانات والإحصاءات، وإجراء تقییم دوری لنتائج أعمال البعثة، والحث على استمرار ایفادها، وإحباط کل المحاولات لوضع حد لنشاطاتها، والمطالبة المستمرة بزیادة الدعم التقنی لعمال هذه المناطق، لمواجهة آثار سیاسة الاحتلال والاستیطان الصهیونی.
3- إعداد تقریر سنوی عن آثار سیاسة الاستیطان الصهیونی على أوضاع العمال وأصحاب الأعمال العرب فی فلسطین والأراضی العربیة المحتلة الأخرى.
4- التحضیر فنیا وتنظیمیا لأعمال المجموعة العربیة فی مجلس إدارة مکتب العمل الدولی ومؤتمر العمل الدولی فی إطار ما حرصت الوفود العربیة على تسمیته ب "المجموعة العربیة" بأطرافها الثلاثة، وهی حالة فریدة من نوعها إذ أن مختلف المجموعات إما حکومیة إقلیمیة أو فریق أصحاب الأعمال أو فریق العمال فی منظمة العمل الدولیة.
5- العمل الدؤوب من خلال الاتصالات على مختلف المستویات الرسمیة، لتحقیق انضمام سائر الدول العربیة الواقعة فی غربی آسیا، إلى المجموعة الحکومیة الأسیویة والمؤتمر الإقلیمی الآسیوی، والحیلولة دون ضم إسرائیل فی النشاط الإقلیمی لمنظمة العمل الدولیة فی القارة الأسیویة، رغم صدور قرار من مجلس إدارة مکتب العمل الدولی بالموافقة على هذا الضم.
6- العمل على إبرام بروتوکول لتوزیع المقاعد المخصصة للمجموعة الأسیویة فی عضویة مجلس إدارة مکتب العمل الدولی (بعد نفاذ التعدیلات الدستوریة). وبموجب هذا البروتوکول أمکن زیادة حصة الدول العربیة من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد، بعد مفاوضات مضنیة قدمت فیها البیانات والإحصاءات، التی تؤکد على حق هذه الدول فی زیادة حصتها.
7- العمل على زیادة حصة البلدان العربیة من برامج التعاون التقنی لمنظمة العمل الدولیة، والمطالبة بإلحاح على توسیع هذه الحصة، وتفنید الدعاوی بعدم حاجة البلدان العربیة الغنیة لمثل هذه البرامج، والعمل کذلک على زیادة حصة البلدان العربیة فی إطار التوزیع الجغرافی العادل من المناصب فی الجهاز الوظیفی فی مکتب العمل الدولی.
8- تعزیز التعاون والتنسیق مع المکتب الإقلیمی لمنظمة العمل الدولیة للمنطقة العربیة فی بیروت من خلال التشاور، والاجتماعات المستمرة، واللقاءات الدوریة، وبحث صیاغة وتنفیذ مشروعات مشترکة، برز منها مشروع إدارة العمل فی تونس الذی آلت إلى منظمة العمل العربیة مسئولیة الإشراف علیه.
9- تنسیق موقف المجموعة العربیة فی أعمال الدورات السنویة لمؤتمر العمل الدولی، وخاصة فی اللجان ذات الطابع المتمیز مثل لجنة القرارات ولجنة الفصل العنصری، وتجلت أهمیة وتأثیر هذا الموقف الموحد فی أعمال لجنة القرارات منذ عام 1980، وخاصة فی دورتی عامی 1988 و1989، وأصبح یؤخذ موقف المجموعة العربیة فی الحسبان.
10- العمل بانتظام، بالتنسیق والتشاور مع الأعضاء العرب فی مجلس إدارة مکتب العمل الدولی، على تجاوز التعقیدات من أجل استصدار القرارات المناسبة من المجلس، لتنظیم یوم فلسطین فی مؤتمر العمل الدولی فی الأعوام السابقة.
11- تزوید البعثات العربیة فی جنیف والإدارة العامة للمنظمة بالتقاریر التفصیلیة، عن فعالیات وأنشطة منظمة العمل الدولیة وأجهزتها ومؤسساتها، وقد ساعدت هذه التقاریر على الوقوف عن التطورات الدولیة فی مجال العمل، ومسائل تنمیة القوی العاملة والتدریب وغیرها من المسائل ذات الصلة باهتمام منظمة العمل العربیة.
12- المشارکة فی أعمال مجلس السفراء العرب عندما یطلب منه ذلک، لتوضیح أمور ومسائل ذات صلة بأعمال منظمة العمل الدولیة.
13- العمل الدؤوب من خلال المجموعة الآسیویة الحکومیة، وبالتنسیق مع المجموعات الإقلیمیة الأخرى کی تحصل الدول العربیة فی غربی آسیا، على منصب رئیسی من مناصب مؤتمر العمل الدولی فی کل دورة من دوراته.
ثانیًا: علاقة المنظمة بمنظمات وهیئات أخرى:
إدراکا من مکتب العمل العربی للصلات العضویة والتاریخیة والروابط والأهداف المشترکة، بین الوطن العربی والمجموعات الدولیة والإقلیمیة المختلفة،(کمنظمة العمل الدولیة والمجموعة الحکومیة الآسیویة، والمجموعة الحکومیة الأفریقیة، ومجموعة وزراء عمل دول عدم الإنحیاز، والبلدان النامیة الأخرى، واللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لغربی آسیا(الاسکوا) والبرنامج الإنمائی للأمم المتحدة،) کونها تشکل المحور الرئیسی لاهتمامات ومتابعة منظمة العمل العربیة، فقد بادر إلى توثیق عرى التعاون والتنسیق مع هذه المجموعات فی مجالات العمل والعمال.
إضافة إلى ذلک فإن منظمة العمل العربیة أقامت أیضا علاقات تعاون وتشاور مع منظمات دولیة حکومیة وغیر حکومیة، بحکم طبیعة أنشطتها وأهدافها، من بینها " منظمة أصحاب العمل الدولیة "(التی تضم فی عضویتها معظم اتحادات أصحاب الأعمال العرب)، وتعد مرتکز فریق أصحاب العمل فی منظمة العمل الدولیة، و" منظمة الهجرة الدولیة "،(وتشارک المنظمة فی معظم الندوات الدولیة التی تعقد فی إطار هذه المنظمة ذات الاهتمام بقضایا الهجرة على الصعیدین الدولی والإقلیمی ومن المنظور الإنسانی)، و" الحلف التعاونی الدولی " (وهو أعرق الاتحادات الدولیة غیر الحکومیة والذی تشارک فی عضویته عدة اتحادات تعاونیة عربیة) ([24]).
فضلاً عما تقدم فإن منظمة العمل العربیة تشارک أیضا فی اجتماعات أجهزة ومؤسسات لمنظومة الأمم المتحدة تعنی بمسائل ذات صلة باهتماماتها. ونشیر بوجه خاص إلی:
* اجتماعات المجلس الاقتصادی والاجتماعی التابع للأمم المتحدة الذی یضطلع بمسئولیة الأمم المتحدة فی المجالین الاقتصادی والاجتماعی.
* اللجنة الفرعیة لمنع التمییز وحمایة الأقلیات.
* دورات لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة.
* اکتساب صفة "مراقب دائم" فی سائر فعالیات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمیة (أونکتاد) ([25])، وتعمل فی إطار هذه المنظمة عدة لجان متخصصة دائمة، تضم خبراء دولیین فی مجالات التجارة والخدمات والاستثمارات والتکنولوجیا وغیرها، وتتابع المنظمة اجتماعات فرق الخبراء طوال السنة، وقد اکتسبت اجتماعات الأونکتاد أهمیة خاصة باعتبارها منبرًا دولیًا للبلدان النامیة، سیما بعد إنشاء منظمة التجارة العالمیة.
ومع ذلک تظل أفاق عمل منظمة العمل العربیة، رحبة ومتسعة للمزید من العطاء والعمل، لتحقیق الاستفادة المثلی من الأنشطة الدولیة، بما یدعم ویعزز فعالیات أطراف الإنتاج فی الوطن العربی، من حیث توافر المعلومات والبیانات والإحصاءات والدراسات، حول کل ما یتصل بأنشطة ومجالات عمل المنظمات والهیئات الدولیة الحکومیة وغیر الحکومیة، العاملة فی مجالات العمل والعمال والتنمیة البشریة وحمایتها، وغیرها من مجالات عمل المنظمة.
أخیرا : فلیس القصد من إیراد هذا الشق من فعالیات المنظمة، مجرد تلمس الإنجازات من أجل التغنی بها، أو التباهی بما تحقق..، فهذا العطاء یعد من أهم التزاماتها ومسئولیاتها، إذ أنه دون الانفتاح على العالم الخارجی فکرا ومشارکة وتفاعلا، فإن منظمة العمل العربیة، تحکم على نفسها بالانغلاق والتهمیش، فالوطن العربی جزء من عالم یزداد تداخلا وتشابکا.
المبحث الأول
بوادر ظهور قانون دولی عربی للعمل والأساس القانونی لسلطة المنظمة فی إنشاء القانون الدولی العربی للعمل
تشکل کل من اتفاقیات وتوصیات منظمة العمل العربیة المصادر الأساسیة للتشریع العربی للعمل، ویعود السبب فی ذلک إلى أن المادة (38) ([26]) من النظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة، اعتبرت الاتفاقیات الدولیة - العامة والخاصة - مصدرًا أصلیًا من مصادر القانون الدولی، وإذ کان یجری التمییز عادة بین القانون الدولی العام بوصفه مجموعة القواعد القانونیة العامة، التی تطبق على المجتمع الدولی وأشخاصه القانونیة بوجه عام، وبین ما یطلق علیه القانون الدولی الإقلیمی، أی تلک القواعد القانونیة التی تختص بمجموعة من الدول التی ترتبط فیما بینها بروابط خاصة، وفی مقدمة تلک الروابط الرابطة الناجمة عن الانتماء إلى منطقة جغرافیة واحدة، وعلیه تعتبر الاتفاقیات والتوصیات الصادرة عن منظمة العمل العربیة – إذا ما صادقت علیها الدول الأعضاء - نواة القانون الدولی العربی للعمل، والتی قامت المنظمة بإصدارها بناء على السلطة المخولة لها بموجب المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة.
وعلى هذا نتناول بوادر ظهور القانون الدولی العربی للعمل، فی المطلب الأول، وفی المطلب الثانی، نتناول الأساس القانونی لسلطة المنظمة، فی إنشاء القانون الدولی العربی للعمل:
المطلب الأول
بوادر ظهور قانون دولی عربی للعمل
العمل کما هو معلوم هو أساس الحیاة ورکیزة استقرارها، وهو أحد أهم العناصر الحاکمة بالنسبة إلى تقدم یرجى بلوغه فی مجتمع من المجتمعات، إذ بدونه تصیر هذه الحیاة هی والعدم سواء، لذا فقد أضحى العمل لیس مجرد وسیلة من وسائل البقاء وحفظ النوع الإنسانی فحسب، وإنما هو وسیلة أیضًا لإحداث التطویر المستمر لحیاتنا وفی مختلف مناحیها، وحتى یکون العمل مثمرًا وذا عائد إیجابی سواء بالنسبة إلى طرفی علاقات العمل المباشرین – أی العمال وأصحاب العمل – أو بالنسبة إلى أعضاء الجماعة المعنیة ککل، وکثیرًا ما کان یحدث التعارض بین طرفی علاقة العمل المشار إلیها آنفا، أو بین أی منهما من جهة وبین السلطة العامة فی المجتمع من جهة أخرى، وکثیرًا أیضًا ما کانت تعجز النظم الاقتصادیة السائدة فی بعض الدول وبالذات الرأسمالیة منها، - التی عولت کثیرا على مبدأ حریة التعاقد وسلطان الإرادة کضمانة أساسیة لحمایة حقوق العمال - عن تحقیق المواءمة اللازمة بین مصالح العمال ومصالح أصحاب العمل، وقد ترتب على هذا العجز أن تعرضت طوائف من العمال کالنساء والأطفال لأوضاع غیر إنسانیة وللاستغلال دون رحمة، سواء من حیث ظروف التشغیل غیر المواتیة أو من حیث الافتقاد إلى الشروط الصحیة وطول ساعات العمل، أو من حیث عدم وجود جهة معینة تستطیع الدفاع عنهم([27])..
لذلک فقد تطلب تصحیح مثل هذه الأوضاع غیر المواتیة، وبالذات وضع ضوابط معینة تحول دون قیام أصحاب العمل بفرض شروطهم على العمال بزعم حریة التعاقد،، تطلب ضرورة المبادرة إلى إنشاء القواعد القانونیة التی تنظم ظروف العمل لتحقیق الاستقرار والعدالة الاجتماعیین من جهة، وللحیلولة دون اضطرار بعض الطوائف العمالیة إلى اللجوء إلى العنف أو الثورة من جهة أخرى.
وعلى هذا کان أول دافع إلى ظهور قانون دولی للعمل دافعًا إنسانیًا، مفاده تحسین الوضع النفسی والمادی للعمال، حیث إن الحرمان الاقتصادی یؤدی حتما إلى الإحباط الروحی للشخص. أما الدافع الثانی فهو متعلق بالمجال السیاسی، حیث کان التشریع الدولی للعمل یقدم کإجراء یحول دون حصول مشاکل اجتماعیة، تنفجر یوم ترفض فیه الکتل العاملة تحمل الظروف القاسیة للعمل. والدافع الثالث کان اقتصادیًا([28]).
وغنی عن البیان أن الفضل الأکبر فی إنشاء وتقنین قواعد القانون الدولی للعمل وتطویرها علـى نحـو مستمر، إنما یعود إلى الدور التشریعی الذی اضطلعت به منظمـة العمـل الدولیة فـی هذا الخصوص، فمنذ إنشائها فی عام
1919م([29])، وعلى امتداد أکثر من عشرة عقود من الزمان تمیز نشاط هذه المنظمة فی مجال صیاغة قواعد القانون الدولی للعمل ومعاییر العمل الدولیة
على وجه العموم بالضخامة والشمولیة([30]).
وقد تجسد هذا الإسهام من جانب منظمة العمل الدولیة فی ذلک العدد الهائل من الاتفاقیات الدولیة للعمل التی أبرمتها، إضافة إلى التوصیات العدیدة التی صدرت من خلال مؤتمر العمل الدولی الذی یعد أحد أجهزتها الرئیسیة، والتی تناولت مختلف الجوانب ذات الصلة بعلاقات العمل: الحقوق المتبادلة للأطراف المعنیة، ظروف العمل وبیئته، دور الدولة، وقد تم ذلک کله وفقا لمفاهیم إنسانیة واجتماعیة وأخلاقیة لیست منبتة الصلة بالطبیعة المثالیة للقانون الدولی للعمل فی عمومه.
وفی سعیها الدؤوب لإرساء دعائم القانون الدولی للعمل، قد انطلقت من مجموعة من المبادئ الأساسیة، التی جاء إعلان فیلادلفیا الصادر فی عام 1944، معبرًا عنها على وجه الخصوص والتی تتمثل فی([31]):
- العمل لیس سلعة تباع وتشترى.
- حریة الرأی وحریة الاجتماع أمران ضروریان بالنسبة إلى أی تقدم مجتمعی یرجى تحقیقه.
- الفقر أینما وجد یشکل خطرًا على الرفاهیة فی کل مکان.
- الحرب ضد العوز والحاجة یجب شنها فی کل مجتمع دولی، ومن خلال جهد دولی متواصل ومن جانب فئات المجتمع کله.
- الحق فی العمل یجب أن یُکفل لجمیع البشر بدون أی تمییز.
- التعاون بین الدول کافة ضروری للسلم والاستقرار الدولیین.
هذا وقد تمثلت الغایة من قیام منظمة العمل الدولیة فی:
1- تخفیف حدة الصراع الطبقی داخل کل دولة، وذلک من خلال السعی الى تحقیق العدالة الاجتماعیة، وتحسین ظروف عمل العمال، کل ذلک تجنبًا للسخط الذی (یبلغ من جسامته أن یعرض السلام والوئام العالمین للخطر).
2- تحقیق مستویات عمل دولیة متماثلة، وذلک لکی تلتزم بها الدول الأعضاء جمیعا، إذ بهذا الأسلوب سوف یتحمل أصحاب العمل، فی کل هذه الدول أعباء مالیة متکافئة، مقابل ظروف العمل التی یتم تحسینها، ویمکنهم ذلک من التنافس فی الأسواق العالمیة على قدم المساواة([32]).
من هنا یمکن أن نفهم ما أشارت إلیه دیباجة دستور المنظمة بقولها([33]) (لما کان فی تخلف أی أمة عن توفیر ظروف عمل إنسانیة، عقبة تعطل جهود غیرها من الأمم الراغبة، فی تحسین أحوال العمال داخل بلدانها)، فتحسین ظروف العمل فی دولة ما سوف یحمل أصحاب العمل فیها تکالیف مالیة إضافیة، وهذا سوف یضعهم فی حالة یصعب علیهم فیها منافسة منتجات مماثلة، ینتجها منتجون من دول أخرى، لا یتحملون تکالیف مماثلة، فیکون بمقدورهم بیع منتجات بأسعار أقل، وعلیه یمکن القول أن الحفاظ على فرص متکافئة لأصحاب العمل فی المنافسة، کان أحد الأهداف التی أرید تحقیقها من خلال وضع مستویات عمل دولیة، سعیًا إلى تقلیل دور هذا العامل فی إشعال نار الحرب بین الدول، طمعًا فی الحصول على أسواق لتصریف منتجاتها.
أما منظمة العمل العربیة: فقد نشأت فی ظروف مختلفة تمامًا، فهی ثمرة تنامی العمل العربی المشترک، والصحوة القومیة التی شهدتها خمسینیات وستینیات القرن العشرین، صحیح أن الدعوة إلى قیامها بالشکل الذی اتخذته عند قیامها، لم یکن مطروحًا مع الدعوات الأولى إلى توحید قوانین العمل العربیة، إلا أنه جاء فی فترة کانت الخطوات التی قطعها العمل العربی المشترک، قد سارت الى الأمام حثیثًا، وفی هذا الصدد یشیر البعض إلى أن منظمة العمل العربیة تعتبر بموجب المادة الأولى من دستورها، وکالة متخصصة فی نطاق جامعة الدول العربیة، وهی بذلک تجتمع وإیاها فی أهداف واحدة کمنظمة إقلیمیة قومیة، تضم فی عضویتها دول إقلیم جغرافی واحد هو الوطن العربی، تعمل مشترکة لتحقیق أهداف قومیة واحدة.
وأن صدور المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة جاء کما تقول دیباجة المیثاق من بین أسباب کثیرة، (اعتزازًا بما حققه مؤتمر القمة لملوک العرب ورؤسائهم- من وحدة الهدف ووحدة الصف فی مجالات واسعة من حیاة الأمة العربیة)، وهذا یعنی أن قیام المنظمة جاء مکملاً لما تحقق فی هذا المیدان.
من ذلک یتضح أن هدف قیام المنظمة کان هدفًا قومیًا، وذلک بجعلها وکالة متخصصة تعمل فی حقل ذی أهمیة بالغة فی حیاة الأمة وهو حقل العمل والعمال.
من ناحیة أخرى فإن قراءة متأنیة لدیباجة المیثاق، تکشف لنا عن الأهداف التی أرید تحقیقها من إصدار المیثاق العربی للعمل، ودستور منظمة العمل العربیة وقیام المنظمة بالذات، وفی هذا یقول المیثاق (إیمانًا بأن تکاتف القوى العاملة فی الوطن العربی، یمثل إحدى الدعامات الأساسیة للوحدة العربیة). (وإیمانًا بما یحققه التعاون فی میدان العمل من ضمان حقوق الإنسان العربی، فی حیاة کریمة أساسها العدالة الاجتماعیة). (وإیمانًا بما یؤدى إلیه التعاون فی میدان العمل، من تطور المجتمع العربی، وتقدمه على أسس متینة سلیمة).
إن هذا یمکن بلورته بأن أهداف منظمة العمل العربیة هی:
1-أهداف وحدویة، من خلال ما یحققه التعاون العربی، فی مجال العمل الذی وجدت من أجل خدمته، من تکاتف القوى العاملة فی الوطن العربی، ومن تطور المجتمع العربی وتقدمه على أسس متینة وسلیمة.
2- أهداف اجتماعیة، وذلک أن مضمون الأهداف القومیة والوحدویة للمنظمة، کما رسمها المیثاق، هی ذات مضمون اجتماعی، یتمثل فی ضمان حقوق الإنسان العربی، فی حیاة کریمة أساسها العدالة الاجتماعیة ([34]).
وعلى هذا تهدف منظمة العمل العربیة – کما جاء فی مقدمة دستورها- إلى تحسین ظروف العمل وشروطه للقوى العاملة العربیة، بما یتفق مع کرامة الانسان العربی، والسعی إلى تحقیق رفاهیته المادیة والروحیة، وتحقیق تکافؤ الفرص والعدالة الاجتماعیة، إیمانا بأن القوى العاملة فی الوطن العربی، تمثل إحدى الدعامات الأساسیة للوحدة العربیة.
وقد عنى میثاق العمل العربی بإبراز أهداف المنظمة، مشیرًا إلى أن هدف الدول العربیة هو رفع مستوى القوى العاملة، لتطویر المجتمع العربی وتقدمه على أسس متینة وسلیمة، مؤکدًا إیمان الدول العربیة بأن السلم العالمی أساسه العدالة الاجتماعیة، کما تهدف إلى توسیع قاعدة التأمینات الاجتماعیة لتشمل الفئات العمالیة فی مختلف الأنشطة الاقتصادیة، وتوفیر الخدمات الاجتماعیة للعمال وتحسین مستواها، وتقنین الحد الأدنى للأجور، وضمان أجر للعامل بما یتناسب مع المتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة، وتنمیة علاقات العمل، وتوفیر الحمایة اللازمة للمرأة العاملة والأحداث، وتسعى المنظمة إلى تطویر تشریعات العمل فی الدول الأعضاء، والعمل على توحیدها، والعمل على تحسین ظروف وشروط العمل فی الدول الأعضاء، بما یحقق تأمین وسائل السلامة والصحة المهنیة وضمان بیئة عمل ملائمة.
وبالإضافة إلى هذه الأهداف التی وردت فی دیباجة دستور المنظمة والمادة الثالثة منه، توجد بعض الأهداف التی تتعلق بالنشاط المعیاری للمنظمة، والتی یمکن استخلاصها من الوثائق الأساسیة للمنظمة (المیثاق والدستور) وذلک على النحو التالی:
الهدف الأول: تحقیق التکامل فی مجالات العمل بین الدول العربیة
وقد عبر المیثاق العربی للعمل عن هذا الهدف فی المادة الرابعة التی نصت على أن: » توافق الدول العربیة على أن تعمل على بلوغ مستویات متماثلة فی التشریعات العمالیة والتأمینات الاجتماعیة « کما نصت المادة العاشرة على أن: »توافق الدول العربیة على توحید شروط وظروف العمل بالنسبة لعمالها کلما أمکن ذلک«.
وکذلک جاء نص المادة الثالثة من دستور المنظمة الذی حدد أهداف المنظمة، منسجمًا مع ما نصت علیه نصوص المیثاق، فالفقرة الثالثة من هذه المادة نصت على أن من بین أهداف المنظمة » توحید التشریعات العمالیة وظروف وشروط العمل فی الدول العربیة کلما أمکن ذلک«.
والمدقق فی النشاط المعیاری للمنظمة فی مرحلته الأولى یجده قد سعى على نحو مباشر إلى بلوغ الغایات المحددة فی تلک المواد.
الهدف الثانی: تحقیق العدالة الاجتماعیة
تزخر نصوص المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة بعبارة »العدالة الاجتماعیة« فی أکثر من موضع، والکل یجمع على أنه من بین أهداف المنظمة أولًا، وأهداف النشاط المعیاری ثانیًا، السعی إلى تحقیق »العدالة الاجتماعیة«، ولیس بمستغرب لأن المنظمة هی الولید الشرعی لمرحلة من تاریخ الأمة العربیة المعاصر، کانت السمة الأساسیة للعمل المشترک فیها تتمثل فی أنه »عمل قومی ذو مضمون اجتماعی«.
إلا أنه لتحقیق هذا الهدف وحین یراد للنشاط المعیاری أن یحقق »العدالة الاجتماعیة«، فإنه لا یمکن إغفال حقیقة أن هذه العدالة، تختلف فی رؤى الدول الإحدى والعشرین الأعضاء فی المنظمة، ویمتد هذا الاختلاف إلى تحدید المقصود بها وآلیات تحقیقها، ولکی یمکن للنشاط المعیاری للمنظمة، أن یحقق هذه الغایة فی ضوء الحقیقة المذکورة، فإنه لا یمکن أن تفلح فی ذلک إلا إذا اقتصرت أو رکزت على:
1- رسم سیاسات مشترکة لتحقیق هذه الغایة.
2- الابتعاد قدر الإمکان عن الجزئیات، سعیًا إلى إعطاء المرونة المطلوبة للدول الأعضاء، لتحقیق الأهداف المشترکة بالآلیات الوطنیة المتاحة.
الهدف الثالث: تطویر التشریعات الاجتماعیة فی الدول العربیة
الغرض أو الهدف من النشاط المعیاری للمنظمة، هو أن تسعى الدول الأعضاء فی منظمة العمل العربیة إلى التصدیق علیه، ومن ثم تنفیذه عملیًا بالصیغ الوطنیة الملائمة، وحین تصدق أیة دولة على معیار عربی، فإن ما یقرره هذا المعیار، إما أن یکون متفقًا مع ما یقرره قانونها الوطنی، أو أن یتضمن الأخیر حکمًا أفضل من الذی یقرره المعیار أو العکس، وفی الحالة الأخیرة یقتضی الأمر من الدولة المعنیة، أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتعدیل أحکام قانونها الوطنی بما یتفق مع المعیار المصدق علیه.
وبهذه العملیة یحقق التصدیق على المعیار نتیجتین إیجابیتین هما:
1- إنه یطور حکم التشریع الوطنی إلى الأفضل.
2- إنه یقرب حکم التشریع الوطنی إلى تشریعات الدول العربیة التی تصدق على المعیار، وتتخذ هی الأخرى إجراءات لموائمة تشریعها الوطنی معه.
وبهذا الأسلوب تتحقق عملیة تقریب التشریعات العربیة من بعضها، کما یتحقق الانسجام فیما بینها، وبغیر ذلک یفقد النشاط المعیاری فعالیته.
المطلب الثانی
الأساس القانونی لسلطة المنظمة فی إنشاء قانون دولی عربی للعمل
إن أیة هیئة أو منظمة دولیة تستمد أساس سلطتها القانونیة لممارسة وظائفها، من نظامها الأساسی أو ما یعبر عنه بدستورها، وأیضًا ما یصدر عنها من أعمال، وبالأخص ما تبرمه من اتفاقیات وتوصیات، تکون لها آثار قانونیة من خلال الالتزامات التی تترتب علیها، وهذا ما نجده بشکل واضح فی النشاط المعیاری لمنظمة العمل العربیة، وهی من أنشط الوکالات المتخصصة المرتبطة بجامعة الدول العربیة فی مجال حمایة العامل العربی.
وعلى هذا، فإن الأساس القانونی الذی تستمد منه منظمة العمل العربیة، دورها فی إنشاء قانون دولی عربی للعمل، دستور المنظمة والمیثاق العربی للعمل، الذی أقره مؤتمر وزراء العمل العرب فی دورته الأولى المنعقدة ببغداد بتاریخ 12/1/1965،([35]) والذی أقام واضعوه فلسفتهم - کما عبروا عن ذلک فی دیباجة هذا المیثاق – على حقیقة أن إقامة سلام عالمی دائم لا یمکن تحقیقها، إلا إذا أقیم هذا السلام على أساس من العدالة الاجتماعیة.
ومن هذه الحقیقة استنتجوا أن تکاتف القوى العاملة فی الوطن العربی، یمثل إحدى الدعامات الأساسیة للوحدة العربیة، وأن التعاون فی میدان العمل یمثل ضمانة أساسیة لحقوق الإنسان العربی، فی حیاة کریمة أساسها العدالة الاجتماعیة.
لذا أقروا المیثاق العربی للعمل الذی کسر احتکار الحکومات لعملیة التمثیل فی المنظمات الدولیة، بنصه فی المادة الخامسة عشرة على أن:» توافق الدول العربیة على إنشاء منظمة عمل عربیة، تطبق نظام التمثیل الثلاثی الذی یقوم على أساس اشتراک أصحاب الأعمال والعمال مع الحکومات فی کل نشاط المنظمة، وذلک وفقا للدستور الملحق بهذا المیثاق .
ولا شک أن حرص المیثاق على إیراد هذا النص لم یکن مجرد تقلید لما هو متبع فی منظمة العمل الدولیة، بقدر ما کان یعبر عن قناعة من أسهموا فی وضع المیثاق على مشارکة جمیع الأطراف الاجتماعیة، حتى یتاح لممثلی العمال وأصحاب الأعمال الفرصة للتعبیر عن مصالحهم، بما یکفل إسهامهم فی اتخاذ القرارات، التی من شأنها دعم مسیرة التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فی الدول العربیة([36])، وتطبیقًا لذلک نصت المادة الخامسة من دستور المنظمة على أن:».. یتکون وفد کل دولة إلى المؤتمر من أربعة مندوبین: اثنان منهم عن الحکومة، وواحد عن أصحاب الأعمال، وواحد عن العمال.. «فالطابع الممیز لمنظمة العمل العربیة من حیث تکوینها ذو الطابع الثلاثی، یمیزها عن باقی الهیئات والوکالات التابعة لجامعة الدول العربیة.
وجاء فی المادة الرابعة من المیثاق (توافق الدول العربیة على أن تعمل على بلوغ مستویات متماثلة فی التشریعات العمالیة والتأمینات الاجتماعیة)، وقضت المادة السادسة منه بأن (توافق الدول العربیة على إعطاء الأولویة فی التشغیل لعمال البلاد العربیة من غیر مواطنیها بما یتفق وحاجاتها)، وأکدت المادة العاشرة من المیثاق ما قررته مادته الرابعة بنصها على أن (توافق الدول العربیة على توحید شروط وظروف العمل بالنسبة لعمالها کلما أمکن ذلک)، وجعل دستور المنظمة فی مادته الثالثة من بین أهدافها (توحید التشریعات العمالیة وظروف وشروط العمل فی الدول العربیة کلما أمکن ذلک).
وتنفیذًا لهذه النصوص أقر مؤتمر وزراء العمل العرب فی دورته الثانیة المنعقدة فی القاهرة فی العام1966، الاتفاقیة العربیة رقم (1) بشأن مستویات العمل، بینما أقر فی دورته الثالثة المنعقدة فی الکویت عام 1967، الاتفاقیة العربیة رقم (2) بشأن تنقل الأیدی العاملة العربیة، وجاء إقرار هاتین الاتفاقیتین قبل قیام منظمة العمل العربیة التی کانت قد نصت على قیامها المادة الخامسة عشرة من المیثاق العربی للعمل, وبذلک دلل وزراء العمل العربی على الجدیة فی تنفیذ ما اتفقوا علیه فی مؤتمرهم الأول، حیث جاءت الاتفاقیة رقم (1) لتکون فی واقع الحال أساسًا لمشروع قانون عمل عربی موحد، بینما جاءت الاتفاقیة رقم (2) لتنظم ما قضت به المادة السادسة من المیثاق، بشأن إعطاء أولویة فی التشغیل للعمال العرب.
وبعد قیام منظمة العمل العربیة دخل النشاط التشریعی الإقلیمی العربی، فی میدان تشریع العمل والتأمین الاجتماعی مرحلة جدیدة، حیث اعتمدت المنظمة نهجًا مماثلًا – من الناحیة الإجرائیة – للنهج الذی سبقت الى اعتماده منظمة العمل الدولیة، ولهذا الغرض ومع انعقاد أول دورات مؤتمر العمل العربی فی عام 1971، تم إقرار نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، الذی نص فی مادته الأولى على أن (یدخل فی اختصاص مؤتمر العمل العربی، إصدار اتفاقیات وتوصیات عمل عربیة، حول قضایا العمل والعمال)، وتعد معاییر العمل التی تصدرها منظمة العمل العربیة الأداة المثلى، للوصول إلى توحید التشریعات العربیة، وتحقیق التماثل أو التقارب فیما بینها.
وقد أوضح نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة([37])، الذی وضعته المنظمة وأقره المؤتمر العام، اختصاص منظمة العمل العربیة فی إصدار اتفاقیات وتوصیات عمل عربیة، حول قضایا العمل والعمال فی الدول العربیة، والتی أصبحت تشکل مصدرًا قانونیًا عربیًا، فی قضایا العمل والعمال والضمان الاجتماعی، یراعى الأوضاع الخاصة للمنطقة العربیة ویعمل على تطویر وتوحید الأحکام القانونیة فی هذا المجال، وصدرت عن المؤتمر خلال الفترة من 1971 حتى تاریخه، العدید من الاتفاقیات والتوصیات والتی تشکل بمجموعها – مضافًا إلیها الاتفاقیتان اللتان أقرهما مؤتمر وزراء العمل العرب – ما یماثل مستویات أو معاییر العمل العربیة، أو لنقل مجازا القانون الإقلیمی العربی للعمل([38]).
وعلى هذا فإن کل من المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، کرس حقیقة الإدراک الکامل بوجوب قیام منظمة عربیة ذات توجه اجتماعی/إنسانی/عمالی..، کأداة للتقدم الاجتماعی واعتمادها الحوار والثلاثیة أساسا فی التشاور والتعاون الفنی سبیلا للتنسیق، ودعم من هم أکثر احتیاجا، ومعاییر العمل منهجا فی التکامل، وصولا إلى توحید التشریعات العمالیة.
المبحث الثانی
دور المنظمة فی صیاغة معاییر العمل العربیة والرقابة على تنفیذها
تتمثل مصادر القانون الدولی العربی للعمل، فی تلک القواعد المتبناة فی إطار منظمة العمل العربیة، والمتمثلة أساسا فی اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، بالإضافة إلى المبادئ العامة التی جاء بها المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، والتی کثیرا ما اعتبرت بمثابة تعلیمات موجهة إلى أجهزة المنظمة، من أجل إعداد الاتفاقیات والتوصیات، وأکثر من ذلک فهی تشکل مصدرا مباشرا للقانون الدولی العربی للعمل، وإن کانت تلک المصادر لا تشکل فی حد ذاتها القانون الدولی العربی للعمل، إلا إذا أصبحت ذات أثر قانونی والذی لا یتحقق، إلا بعد التصدیق علیها والالتزام بها من قبل الدول الأعضاء فی المنظمة، کما أن عدم التصدیق لا یعنی عدم ترتیب أیة التزامات على الدول الأعضاء، ففاعلیة المواثیق تتوقف دائما فی نهایة المطاف، على التدابیر التی تتخذها الحکومات للوفاء بالتزاماتها القانونیة المترتبة على هذه المواثیق.
وعلى هذا نتناول دور المنظمة فی صیاغة معاییر العمل العربیة فی المطلب الأول، وفی المطلب الثانی نتناول دور المنظمة فی الرقابة على تنفیذ معاییر العمل العربیة من خلال الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء:
المطلب الأول
دور المنظمة فی صیاغة معاییر العمل العربیة
نتناول دور منظمة العمل العربیة فی صیاغة معاییر العمل العربیة، من خلال الحدیث عن الطابع الإقلیمی لمعاییر العمل العربیة، والمشارکة الثلاثیة فی النشاط المعیاری للمنظمة، وأهمیة معاییر العمل العربیة، وذلک فی الفروع التالیة:
الفرع الأول
الطابع الإقلیمی لمعاییر العمل العربیة
معاییر العمل الدولیة والطابع العالمی لها:
من المعلوم أن منظمة العمل الدولیة قد أُنشئت فی عام 1919، لتحقیق مقاصد رئیسیة تتمثل فی وضع واعتماد معاییر دولیة، تواکب التطورات والمشکلات المرتبطة بظروف العمل، والتی قد تنطوی على ظلم للعمال أو إجحاف بحقوقهم، ومع إدراج إعلان فیلادلفیا فی دستور المنظمة فی عام 1944، اتسع نطاق مهمتها فی وضع المعاییر لتشمل السیاسة الاجتماعیة المرتبطة بالعمل، وقضایا الحقوق المدنیة وغیرها من حقوق الإنسان بصفة عامة([39]).
وتتخذ معاییر العمل الدولیة، التی یتم وضعها واعتمادها فی إطار منظمة العمل الدولیة، عدة أشکال وصور رئیسیة فقد تأخذ شکل اتفاقیات دولیة، وقد تظهر فی صورة توصیات دولیة، والاتفاقیات عبارة عن معاهدات دولیة تخضع لتصدیق الدول الأعضاء المنضمة إلیها، أما التوصیات فهی فی الأساس أدوات أو مطالب غیر ملزمة تعالج بصفة خاصة نفس موضوعات الاتفاقیات، وهی عادة ما تتضمن خطوطًا عامة أو توجیهات إرشادیة للسیاسة الداخلیة فی مجال العمل، وإلى جانب هذین الشکلین توجد صور أخرى أقل شکلیة أو رسمیة، کمدونات السلوک والمقررات والإعلانات الدولیة.
وقد تم تصنیف اتفاقیات العمل الدولیة فی إطار المکتب الدولی للعمل، إلى اتفاقیات أساسیة تدور حول حقوق الکائنات البشریة فی العمل، وهذه یصادق علیها من قبل جمیع الدول الأعضاء فی المنظمة ویتوجب تنفیذها، وثمة اتفاقیات أخرى تعنی بشئون وأمور ذات أهمیة جوهریة، لسیاسات العمل والمؤسسات القائمة علیه، وهذه تحظى بأولویة فی التطبیق، وبغض النظر عن الصور والأشکال التی تتخذها القواعد والمعاییر الدولیة للعمل، فالملاحظ أن عملیة إنشاء ووضع هذه المعاییر تمثل عملیة تشریعیة فریدة ومتمیزة، تضم ممثلی حکومات الدول بالإضافة إلى ممثلی أرباب العمل وممثلی العمال من کل أنحاء العالم.
بعبارة أخرى، فإنه بالنظر إلى أن الغالبیة العظمى من معاییر العمل الدولیة یتم وضعها وإنشاؤها فی إطار مؤتمر العمل الدولی ذی التکوین الثلاثی، فإن هذه المعاییر تعد صادرة من المؤتمر ککل ولا تعتبر الدول أطرافًا متعاقدة، مما یعنی أنه بمجرد إقرار النصوص فی شکل اتفاقیات دولیة یتحقق لها وجودها القانونی، أی تکون لها فی ذاتها قیمتها القانونیة، وتصبح مصدرًا مباشرًا لقواعد القانون الدولی، والتصرف الذی یصدر من الدول هو فی الحقیقة لیس تصدیقًا بقدر ما هو انضمام لعمل تشریعی قائم، وأن من شأن انضمام الدولة إلى هذا العمل التشریعی وإقرارها له، أن تلتزم بتطبیقه ومراعاة مقتضاه، بغض النظر عن صدور تصرفات مماثلة للدول الأخرى.
وتکمن الفکرة الرئیسیة وراء الطبیعة العالمیة لمعاییر العمل الدولیة فیما یقصده واضعو هذه المعاییر، من أن تکون الدول جمیعها مصدقة على هذه المعاییر وقادرة وراغبة فی تنفیذها، بغض النظر عن تفاوت أوضاعها وتباین نظمها الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة، وتتضح سمة العالمیة لمعاییر العمل الدولیة فی أکثر من مظهر أو جانب، إذ یتم مناقشة هذه المعاییر واعتمادها من جمیع دول العالم.
ومن جهة أخرى فإن هذه المعاییر تحدد أهدافًا وتنطوی على قواعد تکون مقبولة بدرجة واسعة، کأساس أو کمرشد للعمل الوطنی یمکن للدول السیر على هدی منه، ثم یأتی تحویل القواعد والمعاییر المقبولة عالمیا إلى التزام قانونی واجب النفاذ والاحترام من خلال تصدیقات الدول، وحتى قبل أن یتم هذا فی أیة دولة تظل المعاییر مع ذلک، تشکل إطارا مرجعیًا لتطویر سیاسات العمل بالنسبة للمسألة أو المشکلة محل المناقشة، ولهذا کان من الطبیعی أن تعارض أجهزة المنظمة باستمرار فکرة وضع معاییر مختلفة لنظم مختلفة أو لمجموعات العمل المتباینة، أی رفض فکرة أن تکون هناک معاییر فرعیة أو جزئیة للعمل([40]).
معاییر العمل العربیة وطابعها الإقلیمی:
یقصد بمعاییر العمل العربیة تلک الصکوک التی تحتوی على أحکام قانونیة تتعلق بالعمل والعمال، وتصاغ هذه الصکوک فی شکل اتفاقیة أو توصیة، وتتضمن حقوق العمال وتنظم العلاقة بین العامل وصاحب العمل، وتعتبر حد أدنى لما ینبغی أن تضمنه التشریعات الوطنیة.
والمعاییر مصطلح تردد کثیرًا فی محیط منظمتی العمل الدولیة والعربیة والوثائق الدولیة، ویقصد بها الأدوات القانونیة التی تصدرها المنظمة (الاتفاقیات والتوصیات)، ویستخدم المصطلح لیدلل على الأداة القانونیة فی حد ذاتها، وکذلک على ما تحتویه من مبادئ وأحکام، باعتبارها النموذج الذی یحتذى به ویقاس علیه، وکذلک الحدود الدنیا التی ینبغی ألا ینزل المشرع الوطنی عنها، فیما یسنه من الأحکام فی التشریعات الداخلیة بالدولة المعنیة، بمعنى أم معاییر العمل (الاتفاقیات والتوصیات) التی تصدرها منظمة العمل العربیة، تعد الأداة المثلى للوصول الى توحید التشریعات العربیة، وتحقیق التماثل أو التقارب فیما بینها.
التفرقة بین اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة:
تتمثل التفرقة بین الاتفاقیات والتوصیات التی تصدر من منظمة العمل العربیة فی الآتی:
- فالاتفاقیة هی صک ینشئ – بعد التصدیق علیه من الدولة العضو فی منظمة العمل العربیة – التزامات قانونیة تلتزم بها الدولة التی صدقت علیه، وهی الأداة المثلى والأساسیة للتشریع العربی للعمل، فهی الإطار القانونی الملزم والذی یخضع للتصدیق والمراقبة على التطبیق.
- أما التوصیة: هی صک یتضمن أحکامًا تسترشد به الدول الأعضاء وتهتدی به، عند تطویر سیاساتها الاجتماعیة والتشریعیة، وتلتزم بها أدبیًا دون أن تلتزم بها قانونیًا ولا تکون محلًا للتصدیق، أی أنها لا تعدو أن تکون بمثابة إرشادات وتوجیهات للدول الأعضاء بوجه عام.
ورغم ما قد یبدو من الأهمیة الهامشیة الظاهریة للتوصیات، إلا أنها قد تلعب أحیانًا دورًا لا یقل أهمیة عن دور الاتفاقیات، خاصة إذا کانت هذه الاتفاقیات غیر ملزمة، نتیجة عدم توافر التصدیقات اللازمة لدخولها حیز التنفیذ، فالتوصیة هی الأداة النموذجیة بالنسبة لموضوع أو مسألة معینة، لم تنضج بالدرجة الکافیة التی تستأهل إصدار اتفاقیة ملزمة بشأنها، ففی هذه الحالة فإن التوصیة تلعب دورًا هامًا فی خلق التوجهات غیر الملزمة قانونًا، ولکنها ملزمة أدبیًا ومعنویًا، نظرًا لصدورها عن منظمة تضم أطراف الإنتاج الثلاثة، وبذلک فإن التوصیة تعید الطریق أمام الاتفاقیة لإقرارها فی الوقت المناسب.
ومن جهة أخرى فإن التوصیة یمکن أن تکون مکملة أو متممة للاتفاقیة عندما تصدر مواکبة لها، وفی هذه الحالة تتخذ الاتفاقیة الأحکام الأساسیة والمبادئ العامة، تارکة للتوصیة المهمة الأساسیة فی تفصیل الأحکام، وبیان سبل ووسائل التنفیذ، وهذا یفسر لنا سبب اقتران العدید من الاتفاقیات بتوصیات تعالج الموضوع ذاته([41]).
غیر أن ما تقدم لیس مطلقًا فغالبًا ما تأخذ المعاییر (على المستوى الدولی بالذات) شکل التدرج من التوصیة إلى الاتفاقیة، وهذا ما یفسر لنا لماذا صدرت الکثیر من المستویات ابتداءً بصیغة توصیة، ثم تحولت فی مرحلة لاحقة إلى اتفاقیة.
وفیما یتعلق بالفارق القانونی بین کل من الاتفاقیات والتوصیات، فیمکن القول بأن اتفاقیات العمل العربیة هی الوثائق التی تهدف إلى خلق التزامات دولیة، بالنسبة للدول التی تصدق علیها، فی حین أن التوصیات لا یقصد بها إنشاء التزامات على الدول الأعضاء.
وأخیرًا فإن الصفة الالزامیة للمعاییر تتوقف بحسب نوع الأداة (لاتفاقیة أو توصیة)، وبحسب ما إذا کانت هذه الاتفاقیة محلًا للتصدیق من قبل الدول المعنیة، فالمعاییر تعتبر فی بعض الحالات قواعد قانونیة آمرة، وفی البعض الآخر مجرد نماذج للمواءمة، أو مصدر إلهام واسترشاد للمشرع الوطنی فی المجال الاجتماعی والعمالی، وقد تمکنت منظمة العمل العربیة لغایة الآن من إصدار عدد (19) اتفاقیة وعدد (8) توصیات عمل عربیة.
ومن خلال متابعة المراحل التاریخیة لصدور اتفاقیات العمل العربیة منذ عام 1966، یبدو واضحًا تأثر اتفاقیات العمل العربیة بالظروف السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة السائدة، وأن هذه الاتفاقیات هی ولیدة هذه الظروف وتأتى تعبیرًا صادقًا عن مدى الحاجة إلیها.
کما تدل المراحل الزمنیة لصدور هذه الاتفاقیات على أن صدورها بدایة کان تعبیرًا عن رغبة الحکومة العربیة، حیث صدرت الاتفاقیتان (1) بشأن مستویات العمل و(2) بشأن تنقل الأیدی العاملة، عن مجلس وزراء العمل العرب بعد صدور المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، وقبل إنشاء منظمة العمل العربیة فعلیا بتمثیلها وتکوینها الثلاثی (حکومات/ أصحاب أعمال/ عمال)، وتوافق إرادة تنظیمات أصحاب الأعمال وتنظیمات العمال فی الاستمرار بإصدار اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، وتفعیل دور النشاط المعیاری لمنظمة العمل العربیة، لیس بهدف محاکاة منظمة العمل الدولیة ونشاطها المعیاری، بل تلبیة لحاجة حقیقیة للدول العربیة، إیمانًا منها بوحدة مصالحها الاقتصادیة والاجتماعیة لتحقیق التکامل المنشود، وتزداد هذه الحاجة الیوم فی ظل التکتلات الاقتصادیة والحقوق والمزایا التی توفرها هذه التکتلات لأعضائها خاصة فی زمن العولمة.
مراحل صدور اتفاقیات العمل العربیة.
ویلاحظ أیضًا أن صدور اتفاقیات العمل العربیة قد مر بأربع مراحل لکل منها میزاتها ([42]):
المرحلة الأولى: من عام 1965- 1970 مرحلة ما بین صدور المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة وقیام منظمة العمل العربیة فعلیا. أی المرحلة التی کانت مقصورة على اجتماعات وزراء العمل العرب بشکل دوری سنویًا.
المرحلة الثانیة: من عام 1971- 1983 وشهدت هذه المرحلة إقرار (14) اتفاقیة عمل عربیة. وتتمیز هذه المرحلة بنشاط اقتصادی واسع شمل أغلب الدول العربیة نتیجة تنفیذ خطط تنمویة طموحة.
المرحلة الثالثة: من عام 1984- 1992 وقد توقف مؤتمر العمل العربی خلال هذه المرحلة عن إصدار أی اتفاقیة أو توصیة عمل عربیة، وساد خلالها تقییم جدوى النشاط المعیاری العربی، نتیجة وجود اختلاف فی الاجتهادات والآراء حسم فی النهایة لصالح ضرورة وجود النشاط المعیاری العربی وأهمیة تفعیله.
المرحلة الرابعة: من عام 1993- 2003. شهدت هذه المرحلة عودة صدور اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة. حیث صدرت ثلاث اتفاقیات تعالج موضوعات وحقوق فئات أولى بالرعایة والحمایة، وتفعیل دور إدارات العمل وآلیة الرقابة التشریعیة فی علاقات العمل، للتأکد من حسن تطبیق قوانین العمل واتفاقیات العمل العربیة والدولیة المصادق علیها.
وتتمیز اتفاقیات العمل العربیة بتأثرها بالمیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، حیث حدد دور النشاط المعیاری کوسیلة لتحقیق أهداف المنظمة، بشأن توحید تشریعات العمل العربیة، والنهوض بشروط وظروف العمل کلما أمکن ذلک، لذلک جاءت نصوصها تفصیلیة فی الموضوعات التی تعالجها، وکأن کل اتفاقیة تشکل فصلًا متکاملًا من قانون عمل عربی موحد، باستثناء الاتفاقیة رقم (1) بشأن مستویات العمل والمعدلة بالاتفاقیة رقم (6)، فقد جاءت شاملة لکل الأبواب والفصول التی یشملها قانون العمل، لکن على شکل مبادئ عامة ولیست أحکامًا تفصیلیة.
کما أن اتفاقیات العمل العربیة تختلف اختلافًا جوهریًا عن اتفاقیات العمل الدولیة، التی تنتهج سیاسة المبادئ العامة بعیدًا عن الأحکام التفصیلیة، ولعل مرد ذلک یعود للاختلاف الکبیر الذى تمثله شروط وظروف وعلاقات العمل، فی أکثر من (182) دولة مع تمایز فی الثقافات والقیم والتقالید والظروف الاقتصادیة والاجتماعیة، بحیث یصعب أن یحکمها قانون عمل موحد، على خلاف الحال بین الدول العربیة، التی تتماثل فیها الثقافات والقیم والتقالید وتتقارب الظروف الاقتصادیة والاجتماعیة وتذوب فیها الفوارق، لو تحقق لها التکامل الاقتصادی واستثمار مواردها الاقتصادیة وقواها العاملة.
الفرع الثانی
المشارکة الثلاثیة فی النشاط المعیاری للمنظمة
یشارک ممثلو منظمات أصحاب الأعمال والعمال مع الحکومات فی النشاط المعیاری للمنظمة، وأن مشارکتهم هذه تمتد لتشمل جمیع المراحل التی یمر بها هذا النشاط، بدءا بالمشارکة فی إقرار المعاییر، وانتهاءً بالمشارکة فی متابعة تنفیذ المعاییر.
1- المشارکة الثلاثیة فی إقرار المعاییر([43]):
تشارک منظمات أصحاب الأعمال ومنظمات العمال مشارکة فعالة فی مناقشة وإقرار المعاییر العربیة، وذلک من خلال:
أ ) مشارکة ممثلین عن هذه المنظمات فی اللجان الفنیة، التی یقرر المؤتمر العام تشکیلها لمناقشة مشروع الاتفاقیة أو التوصیة الجدیدة، حیث یتاح لهؤلاء الممثلین أن یبدوا وجهات نظرهم فی نصوص المشروع، ویقترحوا ما یرونه من تعدیلات لإدخالها علیها، ومن ثم إعادة صیاغتها مجددًا وفقًا لما تنتهی إلیه مناقشات اللجنة.
ب) التصویت على الاتفاقیة أو التوصیة فی الجلسة العامة للمؤتمر، حیث إن الفقرة (1) من المادة التاسعة من نظام الاتفاقیات والتوصیات، تشترط لإقرار أیة اتفاقیة أو توصیة حصولها على موافقة (ثلثی المندوبین الأعضاء المشترکین فی دورة المؤتمر)، حیث یتکون وفد کل دولة إلى المؤتمر وفقًا للمادة (5/3) من دستور المنظمة (من أربعة مندوبین: اثنان منهم عن الحکومة وواحد عن أصحاب الأعمال وواحد عن العمال)، ویعنی هذا النص أن نصف عدد المندوبین هم مندوبو حکومات، والنصف الآخر هم مندوبو منظمات أصحاب الأعمال والعمال.
وبهذا التنظیم لعملیة التصویت، یکون لمندوبی منظمات أصحاب الأعمال، ومندوبی منظمات العمال، دور کبیر فی إقرار أی اتفاقیة أو توصیة، حیث إن تصویت عدد مناسب منهم لصالحها، ضروری لحصولها على الأغلبیة المطلوبة، وهی أغلبیة ثلثی المندوبین المشترکین فی المؤتمر.
2- المشارکة الثلاثیة فی متابعة تنفیذ المعاییر:
تشارک منظمات أصحاب الأعمال ومنظمات العمال فی متابعة تنفیذ المعاییر بأکثر من صیغة:
أ) أن الحکومات وفقًا للنظام ملزمة بأن تراعی التنسیق مع هذه التنظیمات، فی إعداد الردود والتقاریر التی ترسلها إلى المکتب، ومنها تلک المتعلقة بمتابعة تنفیذ المعاییر.
ب) أن هذه المنظمات هی بالضرورة من بین الجهات، التی لها أن تتقدم بطلبات إلى مکتب العمل العربی، استنادًا إلى المادة (18/1/ب) من النظام، ( إزاء أیة دولة عضو لا تقوم بالتزاماتها فی تنفیذ الاتفاقیة التی صدقت علیها).
ج) أن مندوبی هذه المنظمات إلى المؤتمر، یشترکون فی أعمال لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات، ویبدون آراءهم فی تقریر لجنة الخبراء القانونیین، ویناقشون مندوبی الحکومات فی ردودهم وإیضاحاتهم، وأخیرًا یساهمون فی صیاغة توصیات لجنة تطبیق الاتفاقیات التی تتقدم بها إلى المؤتمر.
د) أن مندوبی هذه المنظمات إلى المؤتمر، یصوتون على تقریر لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات عند مناقشته فی جلسة المؤتمر العامة.
إن هذه الأوجه المختلفة للمشارکة فی المتابعة، تضمن لهذه المنظمات إسهامًا فاعلًا فی تنشیط عملیة المتابعة، وحفز الدول على الوفاء بالتزاماتها بالتصدیق على اتفاقیات العمل، والتأکد من وضعها موضع التطبیق الفعلی.
الفرع الثالث
أهمیة معاییر العمل العربیة
لما کان التکامل العربی فی میدان العمل والعمال، هو المدخل الرئیسی لتحقیق التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة الشاملة والقاعدة الصلبة للأمن القومی العربی، لذا تعتبر معاییر العمل العربیة بمثابة العمود الفقری لنشاط منظمة العمل العربیة، وأحد أهم مرتکزاتها ووسائل عملها لبلوغ أهدافها ونشر رسالتها، ولعل هذا النشاط هو الإنجاز المتمیز الذی تنفرد به أنشطة المنظمة، عن فعالیات معظم المنظمات العربیة المتخصصة فی أسرة العمل العربی المشترک، ویرجع ذلک إلى الدور الذی تلعبه معاییر العمل، فی تحقیق هدف بلوغ مستویات متماثلة، فی التشریعات العمالیة والضمان الاجتماعی، والذی یعد من أبرز وأهم العوامل التی کانت وراء تأسیس المنظمة، وکذلک أیضًا هدف توحید التشریعات العمالیة، وشروط وظروف العمل فی الأقطار العربیة، والذی یعتبر أحد الأهداف المرکزیة للمنظمة.
وتعتبر هذه المعاییر أداة هامة تساهم بقدر کبیر فی تحقیق التقارب التدریجی لتشریعات العمل العربیة، وتعمیق هذا التقارب وتوسیع دائرته سعیًا الى توحید التشریعات فی الدول العربیة، وبدون هذه المعاییر فإن التشریعات المحلیة للدول العربیة تتطور وفق أوضاعها الخاصة کل على حده، وقد یؤدی ذلک الى التباعد أحیانًا أو التناقض أحیانًا أخرى، الأمر الذی یتنافى مع الهدف الذی أجمعت علیه الدول العربیة فی مواثیق المنظمة.
وفی هذا السیاق تأتی أهمیة معاییر العمل العربیة (اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة) والتی یطلق علیها أیضًا مستویات العمل العربیة، باعتبارها من أکثر الوسائل للوصول إلى هذه المستویات وذلک من أجل ([44]):
- تأمین المستلزمات الموضوعیة لتحقیق التکامل العربی، ذلک أنه بالقدر الذی یتم فیه توحید التشریعات یتحقق فیه بالمقابل مزید من التکاتف للقوى العاملة فی الوطن العربی، والذی هو أحد الدعامات الأساسیة للوحدة العربیة.
- توفیر الضمانات لحقوق الانسان العربی فی حیاة کریمة، وذلک بحکم ما توفره هذه المعاییر للعامل العربی من ضمانات وحمایة اجتماعیة عند انتقاله للعمل فی قطر عربی غیر الذی یحمل جنسیته.
- ترسیخ قواعد العدالة الاجتماعیة، وذلک لأن هذه المعاییر تهدف قبل کل شیء إلى تأمین أجواء قوامها تکافؤ الفرص والمساواة.
- تعزیز خطط التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فی الوطن العربی، وذلک لأن التکامل العربی فی میدان العمل والعمال واعتماد أدوات قانونیة لهذا التکامل، یعتبر المدخل الرئیسی لخطط التنمیة.
- تطویر الأجهزة المعنیة بقضایا العمل والعمال فی الوطن العربی، إضافة الى ما تسهم به من ارتقاء فی التشریعات الوطنیة لکل قطر عربی، الأمر الذی یؤدی الى تحقیق مزید من الاستقرار فی علاقات العمل، وتدعیم السلام الاجتماعی الذی تنعکس آثاره الإیجابیة على الإنتاج کمًا ونوعًا.
وعلى هذا فإن النشاط المعیاری لمنظمة العمل العربیة سیبقى أهم المعالم المتمیزة فی مسیرة عمل المنظمة، فضلًا عن احتفاظ هذا النشاط بدوره کرافد حقیقی لحمایة وصیانة حقوق الإنسان العربی فی العمل، بما یتضمنه من معاییر دنیا لا یجوز لتشریع عربی أن یتجاهلها، وخاصة عند إجراء المراجعات والتطویر والمواءمة للتشریعات الاجتماعیة، والتی تتطلبها مقتضیات العولمة، أو السعی لإیجاد المناخ الاقتصادی الوطنی الملائم، لجذب الاستثمارات الأجنبیة وبرامج الإصلاح الاقتصادی، وما یفرزه کل ذلک من آثار اجتماعیة واقتصادیة تتطلب حلولًا واقعیة وذاتیة، ولا شک أن معاییر العمل العربیة تتلاءم مع خصوصیات المجتمع العربی التی أوجدها تاریخه المشترک وما یحمله من عادات وتقالید، بمعنى أنها معاییر ذاتیة المضمون تنبع من واقع إقلیمی متمیز وله خصوصیته.
وعلیه فإن التمسک بأحکام معاییر العمل العربیة وإکسابها المزید من المصداقیة، یجب أن یظل هدفًا للأقطار العربیة بأطرافها الثلاثة، بما فی ذلک ضرورة العمل على استکمال هذه الأحکام بتضمینها موضوعات حیویة جدیدة، حتى تکون هذه الحصیلة بمثابة صمام أمان دائم لحمایة حقوق ومکتسبات القوى العاملة العربیة.
بعبارة أخرى فإن کل تراجع أو تباطؤ عن تعزیز هذا النشاط والاستکمال التدریجی لأحکام هذه المعاییر – بحیث تصبح شبه مدونة عربیة للعمل – سوف ینعکس سلبًا على مجمل حقوق ومکتسبات القوى العاملة العربیة.
وستبقى معاییر العمل العربیة بأی صیغة وبأی شکل کانت، إحدى أهم مرتکزات منظمة العمل العربیة فی الانطلاق لتحقیق أهدافها فی التنسیق والتکامل العربی، سعیًا لإرساء قانون دولی عربی للعمل، ووصولًا لتجسید مبادئ العدالة الاجتماعیة، ورفع مستوى القوى العاملة العربیة.
المطلب الثانی
دور المنظمة فی الرقابة على تنفیذ معاییر العمل العربیة
تحدثنا فی المطلب الأول عن دور منظمة العمل العربیة فی صیاغة معاییر العمل العربیة، والتی تعتبر بمثابة العمود الفقری للنشاط التشریعی للمنظمة، وهی تأخذ شکل اتفاقیات دولیة تخضع لتصدیق الدول الأعضاء فی المنظمة، وقد تظهر فی صورة توصیات دولیة غیر ملزمة، تتضمن عادة خطوطا عامة أو توجیهات إرشادیة، للسیاسة الداخلیة فی میدان العمل.
ولکن لا یکفی قیام المنظمة بهذا النشاط التشریعی، من خلال الاتفاقیات والتوصیات التی تصدرها، فکل ذلک یمکن أن یظل حبرًا على ورق ما لم توضع التزامات على الدول الأعضاء فی المنظمة، تکفل ممارسة النشاط التشریعی للمنظمة على أرض الواقع، بعبارة أخرى، لابد أن یقترن هذا المسعى من قبل المنظمة وأعضائها بمجموعة من الالتزامات تکفل احترام وسریان وفاعلیة معاییر العمل العربیة، بمعنى أن إصدار تلک المعاییر لن یحقق لها المصداقیة والفاعلیة المطلوبة، ما لم تکن ثمة التزامات قانونیة تعمل على تعزیزها ووضعها موضع التنفیذ.
وعلى هذا سوف نبین فی هذا المطلب دور المنظمة فی الرقابة على تنفیذ هذه المعاییر، من خلال بیان الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء فی المنظمة، باعتبار أن هذه المعاییر تمثل رکیزة وعمق القانون الدولی العربی للعمل.
ومن هذا المنطلق یأتی حدیثنا عن الالتزامات المترتبة على الدول الأعضاء ومتابعتها، فی مجال اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، کما هو مقنن فی نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة الصادر عن المنظمة، فی مؤتمرها الذی انعقد عام 1971، والذی نظمت بموجبه کافة الجوانب المتعلقة بالأدوات القانونیة المتعلقة بالعمل، الإقرار، التصدیق، المتابعة، الانسحاب، التعدیل، وقد تخلل هذه الجوانب أحکام تتعلق بالتزامات الدول الأعضاء، وبذلک تکون الدول هی التی شرعت المعاییر وارتضت بنفسها ترتیب الالتزامات علیها([45]).
وحین ننظر إلى التزامات الدول نجد منها ما یترتب على جمیع الدول الأعضاء فی المنظمة، ومنها ما یترتب على بعضها دون البعض الآخر، ولذا نجد من المناسب تناول الالتزامات فی الفرعین التالیین:
الفرع الأول
الالتزامات العامة للدول الأعضاء
یقصد بالالتزامات العامة تلک التی تترتب على جمیع الدول الأعضاء، أی بمجرد اکتساب دولة ما صفة العضویة فی منظمة العمل العربیة، تکون قد وافقت على أن تقوم بالتزامات محددة فی نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، تتمثل فی الآتی:
- الالتزامات خلال مرحلة إصدار الاتفاقیة أو التوصیة.
- الالتزامات ما بین مرحلتی الإصدار والتصدیق على الاتفاقیة.
- الالتزامات المتعلقة بالتوصیات.
1- الالتزامات خلال مرحلة الإصدار:
یعتبر مؤتمر العمل العربی السلطة التشریعیة العلیا فی منظمة العمل العربیة، ومنه یصدر التوجیه بإصدار اتفاقیة أو توصیة، وفی هذه الحالة تبدأ الجهات الأخرى بالخطوات التنفیذیة اللازمة، لإصدار الاتفاقیة أو التوصیة أو الأداتین معا، وخلال مرحلة الإصدار هذه فقد رتب نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، التزامات محددة على جمیع الدول الأعضاء تتمثل فی التالی([46]):
- کما نصت على ذلک المادة الثالثة من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، تقوم الدول الأعضاء بالمنظمة بإرسال التشریعات الساریة لدیها والمتعلقة بموضوع الاتفاقیة أو التوصیة، التی یجری العمل على إصدارها، ویتم الإرسال إلى مکتب العمل العربی.
- موافاة مکتب العمل العربی أیضًا بتقریر عن التطبیق العملی للتشریعات الساریة فی کل دولة، ولها علاقة بموضوع الاتفاقیة أو التوصیة.
- أن یکون إرسال التشریعات والتقریر المشار إلیهما، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاریخ انتهاء دور المؤتمر، الذی وجه بإصدار الاتفاقیة أو التوصیة محل الإصدار.
- وکما نصت على ذلک المادة الرابعة من النظام، تقوم الدول الأعضاء وفی خلال ثلاثة أشهر، بموافاة مکتب العمل العربی بالرد على استبیان وتقریر سبق وأن أرسلهما المکتب للدول الأعضاء، ویتعلقان بالاتفاقیة أو التوصیة المقترحة.
ویتضح من الالتزامات المبینة والمطلوبة خلال هذه المرحلة، أن تعرض الدول الأعضاء الواقع التشریعی لدیها المتعلق بموضوع الأداة القانونیة المقترحة، من أجل أن تنطلق منها الجهات المکلفة بصیاغة تلک الأداة، لتصاغ ملتصقة بالواقع التشریعی العربی ونابعة منه، وهو شرط ملازم لتحقیق الأداة القانونیة لأغراضها.
ومن جهة أخرى، فإن إرسال الدول الأعضاء برأیها حول الاستبیان والتقریر المرسلین من قبل مکتب العمل العربی، یحقق أیضًا مساهمة جمیع الدول بمضمون الأداة القانونیة المقترحة، وهو ما سیکون أمام الجهة المکلفة بالصیاغة والجهة التی لها الحق بالإقرار، الأمر الذی یحقق المساهمة العربیة الواسعة حین إعداد الاتفاقیة أو التوصیة، وهو ما یعطیها البعد القومی والواقعیة والمرونة والصیاغة والخبرات الأفضل ([47]).
2- الالتزامات ما بین مرحلتی الإصدار والتصدیق:
بعد أن یصدر مؤتمر العمل العربی اتفاقیة ما، یوجب نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، على جمیع الدول الأعضاء التزامات تتعلق بهذه المرحلة، وهی:
- عرض الاتفاقیة التی صدرت على السلطة المختصة بالتصدیق فی کل دولة على حدة، وهنا یعود للأنظمة الداخلیة للدولة تحدید السلطة المختصة لدیها، وتحدید القنوات التی تمر عبرها الاتفاقیة للدراسة والتمحیص قبل أن تصل إلى تلک السلطة.
- موافاة مکتب العمل العربی بنتیجة عرض الاتفاقیة على السلطة المختصة بالتصدیق، سواء کانت النتیجة تصدیق الدولة على الاتفاقیة أو عدم التصدیق.
- أن تتقید الدولة بمدة زمنیة لموافاة المکتب برأی السلطة المختصة بالتصدیق من عدمه، وقد حددها النظام بسنتین من إصدار الاتفاقیة.
ویهدف المؤتمر العام – المشرع لنظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة – من تحدیده للالتزامات خلال هذه المرحلة، أی ما بعد إصدار الاتفاقیة وقبل التصدیق علیها، أن تأخذ الدول الأعضاء الاتفاقیة التی صدرت بطابع الجدیة والاهتمام، إذ ألزمها بالدراسة والتمحیص لمعرفة مدى إمکانیة الالتزام بأحکامها، وألزمها أیضًا بإرسال نتیجة هذه الدراسة إلى مکتب العمل العربی، باعتباره الجهة الفنیة المنظمة والمنسقة لهذه الموضوعات.
وهکذا حینما أوجب النظام على الدول دراسة الاتفاقیة حدد فترة زمنیة تتم فیها وهی سنتان، راعى من خلالها أن الموضوع المطروح للدراسة، عبارة عن تشریعات قد تخلق انعکاسا على التشریعات المحلیة، الأمر الذی یحتاج إلى وقت کاف للانتهاء من الإجراءات المطلوبة، وفی الوقت نفسه راعى المؤتمر عدم ترک الموضوع اللازم بدون تحدید لإعطائه طابع الجدیة.
3 – الالتزامات المتعلقة بالتوصیات:
من الأهمیة بمکان قبل تناول التزامات الدول الأعضاء نحو التوصیات بعد صدورها، أن نشیر إلى الاختلاف بین التوصیة والاتفاقیة، فالتوصیة کأداة قانونیة تتضمن أحکاما حول موضوع معین، شرعت بهدف الاسترشاد بها والاستفادة منها فی تطویر تشریعات العمل، فحین إصدار التوصیة لا یتطلب الأمر من الدول الأعضاء دراسة إمکانیة التصدیق علیها، أما الاتفاقیة فهی أداة قانونیة تتطلب دراستها والنظر فی إمکانیة التصدیق علیها، وفی هذه الحالة تترتب التزامات متبادلة بین الدول الأطراف.
وعلى أرضیة هذا الاختلاف بین التوصیة والاتفاقیة، حدد نظام اتفاقیات العمل العربیة، التزامات معینة على جمیع الدول الأعضاء، تقوم بها نحو أیة توصیة تصدر عن المنظمة، تتمثل فی الآتی ([48]):
- عرض التوصیة التی صدرت على السلطات التشریعیة المحلیة فی کل دولة، بهدف دراستها والنظر فی مدى الأخذ بکل أو بعض الأحکام الواردة فیها، للنهوض بتشریعاتها النافذة.
- موافاة مکتب العمل العربی بنتیجة الدراسة التی قامت بها الجهات المعنیة للتوصیة محل المتابعة، وما أمکن أخذه أو الاسترشاد به من أحکام قانونیة.
- أن تتقید الدولة بمدة زمنیة حُددت بسنتین لموافاة المکتب بالنتائج المشار إلیها.
- موافاة مکتب العمل العربی سنویا بتقریر عن التوصیة محل المتابعة، والتدابیر التی تقوم بها الدولة باستمرار لعملیة الاستفادة من الأحکام الواردة فیها.
- أن یکون التقریر الذی ترسله الدول الأعضاء والمشار إلیه فی الفقرة السابقة، وفق نموذج یحدده مکتب العمل العربی.
والغرض من الالتزامات المبینة نحو التوصیة، أن تحقق هذه الأداة القانونیة الهدف من إصدارها، بأخذها بشکل جدی من الدول الأعضاء، حتى لا تذهب المجهودات المضنیة التی بذلت فی صیاغتها وإصدارها سدى، وفی الوقت نفسه اعتبارها مصدرًا تشریعیًا یصلح الاسترشاد به، ولکن یبدو من هذه الالتزامات، أنها لا تتصاعد إلى درجة التصدیق على التوصیة، وهو ما أوضحناه فی الحدیث عن اختلافها عن الاتفاقیة.
الفرع الثانی
الالتزامات الخاصة للدول الأعضاء
یقصد بالالتزامات الخاصة، تلک التی تترتب على بعض الدول الأعضاء فی منظمة العمل العربیة دون البعض الآخر، وذلک حسب موقفها نحو الاتفاقیة الصادرة عن المنظمة سواء کان التصدیق علیها أو عدمه، فهناک التزامات تترتب فقط على الدولة المصدقة، وأخرى تترتب على الدولة غیر المصدقة:
أولًا: الالتزامات الخاصة بالدول المصدقة على الاتفاقیات.
إن إصدار مکتب العمل العربی لاتفاقیة ما، لا یعنی التزام الدول الأعضاء بالأحکام الواردة فیها، بل إن الإصدار عبارة عن مرحلة تشرع خلالها الاتفاقیة، وتصبح بالتالی تشریعًا دولیًا من المفروض أن یدرس من الدول الأعضاء.
والالتزام بالأحکام الواردة فی الاتفاقیة مرتبط بشکل مباشر وفوری، بإقدام دولة على التصدیق على الاتفاقیة محل البحث، وهنا فقط تکون الدولة قد قامت بالدراسة والتمحیص للاتفاقیة، وانعکاساتها التشریعیة على أوضاعها الداخلیة، وفی ضوء ذلک ارتضت بمحض اختیارها، الارتباط بالأحکام القانونیة التی تحتویها الاتفاقیة، خاصة وإن کان النظام ألزم الدول الأعضاء بدراسة الاتفاقیة، إلا أنه لم یلزمها التصدیق علیها، لما للتصدیق من تأثیرات على التشریعات المحلیة، والأقدر على وزن هذه التأثیرات ومدى استیعابها، هی الدولة صاحبة السیادة.
وعملیة التصدیق التی أسلفنا ترتب التزامات خاصة على الدولة المصدقة تتمثل فی الآتی ([49]):
- أن تقوم الدولة بالإجراءات اللازمة وفق نظمها المحلیة، لضمان تطبیق الاتفاقیة التی صادقت علیها عملیا، ولتصبح الأحکام الواردة فیها جزءًا من تشریعاتها المحلیة، وإن وجدت مستوى بعض تشریعاتها دون مستوى ما ورد فی الاتفاقیة أو یتناقض معها، علیها تعدیلها لتتم عملیة التطابق.
أما فی حالة کون التشریعات المحلیة تفوق مستوى الأحکام الواردة فی الاتفاقیة، فالواجب التطبیق هنا الأحکام الأکثر سخاء على العمال، وهو ما أشارت إلیه الأحکام العامة الواردة فی اتفاقیات العمل العربیة، وکذلک نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، والمبادئ والقواعد القانونیة المتعارف علیها، وتصبح الاتفاقیة العربیة ملزمة للدولة العربیة العضو بمجرد تصدیقها، وتدخل حیز التنفیذ والمتابعة متى صدق علیها العدد المطلوب من الدول وفقا لما نصت علیه الاتفاقیة، ومعظم اتفاقیات العمل العربیة حددت هذا العدد بتصدیق ثلاث دول، وهذا ما نصت علیه المادة الخامسة عشر من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة.
- توافی الدولة مکتب العمل العربی بتقریر عن الاتفاقیة التی صدقت علیها، إذا کانت جمیع أحکامها ملزمة، وعن الأجزاء الملزمة إذا نصت الاتفاقیة على ذلک.
- أن یرسل التقریر لمکتب العمل العربی بشکل دوری، وفق ما حدده نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، بهدف أن یأخذ طریقه عبر الأجهزة المعنیة، ومن ثم یعرض على المؤتمر العربی العام.
- أن یشیر تقریر الدولة إلى التشریعات النافذة لدیها والمتعلقة بالأحکام الواردة فی الاتفاقیة.
- أن تتناول الدولة فی تقریرها مدى التطبیق العملی لأحکام الاتفاقیة التی صدقت علیها.
- أن یکون التقریر الذی ترسله الدولة وفق نموذج معد من قبل مکتب العمل العربی.
- أن تعمل الدولة على تسهیل إجراءات التحقیق الذی قرره المؤتمر العام حول تنفیذ اتفاقیة سبق وأن صدقت علیها.
ولا شک فی أن قیام الدولة بالتصدیق على اتفاقیة ما، یسمح بملائمة التشریع الوطنی مع معاییر العمل العربیة وتطویره، وهو ما یؤدی إلى تحقیق أحد الأهداف التی قامت منظمة العمل العربیة من أجلها، وهو توحید وتقارب تشریعات العمل العربیة ([50]).
ثانیا: الالتزامات الخاصة بالدول غیر المصدقة على الاتفاقیات.
جدیر بالإشارة، أنه إذا کانت الدول الأعضاء فی منظمة العمل العربیة، غیر ملتزمة قانونًا إلا بتطبیق الاتفاقیات التی قامت بالتصدیق علیها، فإن اعتماد المنظمة لاتفاقیات وتوصیات ینشئ فی نفس الوقت التزامًا، على جمیع الدول حتى ولو لم تقم بالتصدیق، بأن تتقدم بتقاریر عن الاتفاقیات غیر المصدق علیها.
بعبارة أخرى أن عدم تصدیق دولة ما على اتفاقیة ما، لا یعنی أن تُهمل الاتفاقیة ولا یجری بحثها من قبل الجهات المختصة، فنظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، حرص على إلزام الدولة غیر المصدقة بالتالی([51]):
- أن ترسل الدولة تقریرًا إلى مکتب العمل العربی یتضمن الخطوات والإجراءات التی قامت بها، بهدف تسهیل التصدیق على الاتفاقیة، کما یجب أن یتضمن التقریر بیانًا بالصعوبات التی تمنع أو تؤخر التصدیق على مثل هذه الاتفاقیة.
- أن یتم إرسال التقریر سنویًا، وفق النموذج الذی حدده مکتب العمل العربی، کما نصت على ذلک المادة السادسة عشر من نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة.
ومن خلال الحدیث عن هذه الالتزامات، یتبین مدى الحرص على جعل الاتفاقیة التی تصدر عن منظمة العمل العربیة، محل بحث ودراسة مستمرة من قبل الدول غیر المصدقة، بهدف السیر خطوات نحو التصدیق، وإن کان التصدیق لیس إلزامیا، لکن إبقاء الاتفاقیة على طاولة البحث والدراسة إلزامی، مما یعطیها قیمة تشریعیة یصلح الاسترشاد بها، کمصدر من المصادر التی تعتمد علیها الدولة، حین النظر فی تعدیل تشریعاتها المحلیة.
إن توضیح الالتزامات المترتبة على اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، والحوار المستمر حولها ما بین مکتب العمل العربی والدول الأعضاء، سیوصل بالضرورة إلى الفهم المشترک، حول مضمونها والأسلوب الأفضل لتنفیذها، مما یساعد على النهوض بالنشاط التشریعی من جهة، وعلى عدم إحراج الدول الأعضاء من جهة أخرى. فالحدیث عن الالتزامات لا یعنی الوقوف أمام نصوص جامدة، تؤدی إلى التدخل أو الإحراج أو تسجیل القصور والثغرات، بل یعنی خلق التعاون ما بین أجهزة المنظمة والدول الأعضاء، لتحقیق ما یمکن تحقیقه من أهداف منظمة العمل العربیة.
وفی هذا الصدد یمکن القول، إن الهدف من عرض موضوع الالتزامات، هو الحوار التشریعی الواسع حول الواقع وإمکانیة تطویره قطریًا وقومیًا بشکل رضائی مقبول، ویجری هذا الحوار بین المؤتمر العام، ولجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات، ولجنة الخبراء القانونیین، ومکتب العمل العربی، والوصول إلى الفهم المشترک لهذا المعنى یجعل من النشاط التشریعی للمنظمة أکثر فاعلیة وتأثیرا ([52]).
وظاهر أن الحکمة الکامنة وراء التزامات الدول الأعضاء حیال معاییر العمل العربیة، والتی أسلفنا الحدیث عنها تعود إلى أمرین: أولهما، حث الإدارات المعنیة فی الدول الأعضاء على مراجعة تشریعاتها وممارساتها، وإمکانیة التفکیر فی اتخاذ إجراءات جدیدة فی المجالات المعنیة.
والأمر الثانی، إتاحة الفرصة للجنة الخبراء المعنیة بتطبیق الاتفاقیات والتوصیات، للتعرف على الأوضاع والاتجاهات السائدة فی جمیع الدول الأعضاء فی منظمة العمل العربیة، بما فی ذلک الدول التی لم تصدق على اتفاقیات بعینها، وهو الأمر الذی یعتبر لازمًا لتمکین هذه اللجنة من إجراء الدراسات المتعمقة، حول تنفیذ الوثائق محل الدراسة فی سائر الدول الأعضاء، ما صُدق منها وما لم یُصدق، وتنصرف هذه الدراسات عادة إلى استجلاء والتعرف على الأسباب والمبررات، التی یمکن أن تعرقل أو تعطل تنفیذ معاییر العمل العربیة محل الدراسة، حیث تکون هذه الدراسات محلاً لمناقشات عامة، من جانب لجنة تطبیق الاتفاقیات والتوصیات المنبثقة عن المؤتمر، وهو الأمر الذی یمکن المؤتمر من تقییم الآثار العملیة لمعاییر العمل العربیة التی أقرها المؤتمر، بما یتیح للمؤتمر تقدیر الحاجة الى القیام بعمل جدید من قبل المنظمة لمراجعة وتعدیل هذه المعاییر.
المبحث الثالث
دور المنظمة فی رفع مستوى وتنمیة القوى العاملة العربیة
إیمانًا من منظمة العمل العربیة بأن الإنسان العربی هو هدف التنمیة وأداتها فی الوقت نفسه، فقد أولت مجال تنمیة القوى العاملة اهتمامًا کبیرًا، بدءًا من سعیها لتحقیق التکامل فی مجالات العمل، عن طریق تشغیل القوى العاملة ومکافحة البطالة بجمیع أشکالها، ومرورًا بتیسیر تنقل القوى العاملة العربیة، داخل الوطن العربی ومساواتها بالعمال الوطنیین، والعمل على إحلالها محل الأیدی العاملة الأجنبیة، وانتهاء بحمایة الحقوق الأساسیة فی العمل.
وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى مطلبین: نخصص الأول للحدیث عن دور المنظمة فی تحقیق التکامل فی مجالات العمل بین الدول العربیة، ونخصص المطلب الثانی للحدیث عن دور المنظمة فی حمایة الحقوق الأساسیة للعمل.
المطلب الأول
دور المنظمة فی تحقیق التکامل فی مجالات العمل بین الدول العربیة
إنطلاقًا من إیمان منظمة العمل العربیة، بما یحققه التعاون والتکامل فی میدان العمل، من ضمان حقوق الإنسان العربی، فی حیاة کریمة أساسها العدالة الاجتماعیة، فقد بادرت المنظمة منذ نشأتها، وهی مستمرة فی العطاء والعمل على الارتقاء بالتعاون والتکامل المنشود، فی مختلف القضایا العمالیة إلى أعلى مستوى، لضمان تحقیق أهدافها القومیة، حیث لم تدخر أی جهد فی سبیل ذلک، باستغلال کافة الهیاکل التابعة لها، والأسالیب والوسائل المتاحة أمامها لتفعیل أنشطتها وبرامجها، على المستویات القطریة والإقلیمیة والعربیة والدولیة.
ولعل أهم إسهامات منظمة العمل العربیة فی النهوض بقضایا التشغیل فی الوطن العربی، تجسدت فی إنجازاتها وخططها وبرامجها المتعلقة بتنمیة القوى العاملة العربیة، للاستفادة من طاقاتها الکاملة مع تطویر الاستخدام ومکافحة البطالة بجمیع أشکالها، وتیسیر تنقل القوى العاملة العربیة داخل الوطن العربی، والاهتمام بأوضاع العمال العرب المهاجرین ... الخ، وذلک من خلال ما یتوفر لدیها من آلیات تساعد فی تحقیق هذه الأهداف القومیة، ولعل أبرز هذه الآلیات هی معاییر العمل([53]).
وسیکون حدیثنا فی هذا المطلب عن دور منظمة العمل العربیة، فی تشغیل القوى العاملة والحد من البطالة فی الدول العربیة، وذلک فی الفرع الأول، وفی الفرع الثانی سینصب حدیثنا عن دور المنظمة فی تیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة:
الفرع الأول
دور منظمة العمل العربیة فی تشغیل القوى العاملة
والحد من البطالة فی البلدان العربیة
على الصعید العربی، احتل الحق فی العمل – نظریًا - موقعه اللائق فی دستور منظمة العمل العربیة، ومعاییر العمل التی أصدرتها والمیثاق العربی للعمل، حیث یؤکد دستور المنظمة، أن الدول العربیة قد أقرت هذا الدستور إیمانًا منها بأن «العمل لیس سلعة، وأن من حق القوى العاملة فی الوطن العربی، أن تعمل فی ظروف وشروط ملائمة تتفق مع کرامة الإنسان العربی».
وتعکس معاییر العمل العربیة التی اعتمدها مؤتمر العمل العربی المبادئ والحقوق المتقدمة، فالاتفاقیة رقم (1) لسنة 1966 بشأن مستویات العمل أکدت فی دیباجتها، أن العمل یعتبر عاملًا أساسیًا فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة. وتقرر هذه الاتفاقیة وکذا الاتفاقیة رقم (6) لسنة 1976 بشأن مستویات العمل (المعدلة) فی مادتها الرابعة حق المواطن العربی، فی عمل یکفل له معیشة کریمة، وذلک بنصها على أن « لکل مواطن قادر الحق فی العمل المنتج الذی یمکنه، من أن یکسب عیشه وأن یحیا حیاة کریمة، وعلى الدولة تهیئة فرص العمل، عن طریق توجیه خطة التنمیة نحو تحقیق ذلک الهدف، بحیث تکون زیادة الإنتاج مقترنة بزیادة فرص العمل، بالقدر الذی یکفل حق العمل لجمیع المواطنین فی سن العمل».
وانطلاقًا من مسؤولیاتها القومیة بادرت منظمة العمل العربیة منذ نشأتها، بوضع إستراتیجیات وخطط وبرامج عربیة توسعت تدریجیا للاستئناس بها قطریا من ناحیة، ولمزید من التکامل الاقتصادی والاجتماعی عربیًا من ناحیة ثانیة.
وسوف نتناول ثلاث إستراتیجیات ذات أهمیة خاصة فی مجال الارتقاء بالتشغیل بالدول العربیة، وفی حال توفر الظروف لتحقیق أهدافها، ستحدث نقلة نوعیة فی مستوى التشغیل بالدول العربیة وهی:
■ الأولى: الإستراتیجیة العربیة للتدریب والتعلیم التقنی والمهنی (الریاض 2010) ([54]).
فنظرًا لأن المیثاق العربی للعمل نص فی مادته السابعة على أن: »توافق الدول العربیة على وضع خطط للتدریب المهنی، تتفق مع احتیاجاتها، وتتماشى مع أهداف التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فیها«، ونظرًا لأن دستور المنظمة نص فی الفقرة السادسة من المادة الثالثة منه على أن: » تهدف منظمة العمل العربیة إلى وضع خطة للتدریب المهنی وتنظیم حلقات تدریبیة للعمال«.
فبناءً على ذلک یعتبر إعداد القوى البشریة إعدادًا فنیًا، یتواءم مع ما یشهده العالم من تقدم تقنی، یعتبر من مهام منظمة العمل العربیة، وعلى هذا قامت المنظمة بإنشاء المرکز العربی للتدریب المهنی وإعداد المدربین، وإقرار الاتفاقیة العربیة رقم(9) لعام 1977 بشأن التوجیه والتدریب المهنی، لیس هذا فحسب، بل قامت المنظمة بإقرار الإستراتیجیة العربیة للتدریب والتعلیم التقنی والمهنی، فی مؤتمر العمل العربی فی دورته (37) – مارس 2010 -.
وهذه الإستراتیجیة تمثل قواسم ومواصفات مشترکة متفق علیها، لرفع أداء منظومات التدریب والتعلیم التقنی والمهنی بما یخدم التنمیة والتشغیل والحد من البطالة، وتسهیل تنقل العمالة الماهرة بین الدول العربیة، وقد تضمنت الاستراتیجیة جزأین: تناول الجزء الأول، منظومة التعلیم والتدریب المهنی والتقنی فی الأقطار العربیة.
أما الجزء الثانی، فتناول عناصر الإستراتیجیة ومکوناتها المختلفة، مع تحدید الأهداف المرتبطة بکل عنصر والسیاسات والإجراءات العامة اللازمة لدعمه، على المستوى القطری الذی تتولاه الدول العربیة نفسها، وعلى المستوى العربی الذی تتولاه منظمة العمل العربیة، بالتعاون مع الدول والمؤسسات والمنظمات العربیة والدولیة.
وتنبع أهمیة تلک الإستراتیجیة من کونها أعطت للتدریب أهمیة کبیرة، خاصة فی ظل المرحلة التی نعیش فیها، فالتطور التکنولوجی والعلمی بات سریعا، بحیث أننا باستمرار بحاجة لتعلم مهارات وعلوم جدیدة، لذا على المنظمة أن تسعى لاعتماد الإستراتیجیة من الدول التی لم تعتمدها حتى الآن، فهذه الإستراتیجیة مهمة بالنسبة لجمیع الدول العربیة، من حیث تطویر إستراتیجیاتها الوطنیة وملاءمتها مع الإستراتیجیة العربیة، تسهیلا للتعاون العربی فی هذا المجال ومجالات التشغیل الأخرى المشترکة، مثل تسهیل تنقل العمال العربیة، کما یکتسب تفعیل هذه الإستراتیجیة أهمیة أخرى فی ظل التطورات والتغیرات التی تمر بها الدول العربیة، فمع تراجع الاستثمارات وخسارة فرص عمل قائمة فی تلک الدول، باتت الحاجة ملحة لتطویر منظومة التدریب والتعلیم المهنی والتقنی، لتأهیل قوى عمل ماهرة تتلاءم مع احتیاجات سوق العمل التنمویة.
■ الثانیة: العقد العربی للتشغیل([55]).
أقرت القمة العربیة التنمویة الاقتصادیة والاجتماعیة التی عقدت بالکویت (2009) العقد العربی للتشغیل، ولقد تضمن العقد فی توجهاته العامة أهدافا نوعیة وکمیة، یتم التخطیط لها والتعاون لتحقیقها قبل عام 2020، والتی أصبحت تعهدًا عربیًا تضامنیًا، تعمل الحکومات العربیة بالتعاون مع منظمة العمل العربیة على تحقیقه، ومن تلک الأهداف:
0 اعتماد الفترة 2010 – 2020 عقدًا لخفض معدل البطالة إلى النصف.
0 تخفیض نسبة المشتغلین ممن یقل دخلهم عن خط الفقر المعتمد إلى النصف.
0 رفع معدل النمو فی الإنتاجیة بنسبة 10% خلال هذه الفترة فی کل البلاد العربیة.
کما تضمنت الوثیقة برنامجًا تنفیذیًا للعقد العربی للتشغیل لتحقیق أهداف هذا العقد، وفی واقع الأمر فإن تحقیق أهداف هذا العقد تصب مباشرة فی الارتقاء بالتنافسیة والتشغیل بالدول العربیة، ومن شأن تحقیق تلک الأهداف الارتقاء بمستوى التشغیل والحد من البطالة.
ومنذ ذلک الحین تقوم المنظمة بإعداد تقریر متابعة سنوی، عن مدى التقدم المحرز فی تحقیق متطلبات العقد العربی للتشغیل فی البلدان العربیة، وعرض التقریر على مؤتمر العمل العربی، لاتخاذ ما یراه مناسبًا فی هذا الشأن.
■ الثالثة: الإستراتیجیة العربیة لتنمیة القوى العاملة والتشغیل([56]).
أقرت هذه الإستراتیجیة عام 2003، وقد تضمنت نحو (18) هدفا وتفرع کل هدف لمجالات وأنشطة تسمح بتحقیقه، ورغم أن جل هذه الأهداف تصب فی مجال التشغیل، إلا أن هناک ثلاثة أهداف ترتبط ارتباط موضوعی بالتشغیل وهی:
0 تنمیة القوى العاملة العربیة فی إطار التنمیة البشریة المستدیمة والتکامل العربی.
0 العمل بکل الوسائل لزیادة الإنتاجیة بصورة مستدیمة.
0 السعی الجاد المتواصل لتحقیق التشغیل الکامل.
فالاستراتیجیة هدفت إلى التأکید على أن العمل قیمة لإنسانیة وحضاریة، ذات أبعاد اقتصادیة واجتماعیة ونفسیة ودینیة یتزاید دورها فی التنمیة، وتنمیة القوى العاملة البشریة، والعمل بکل الوسائل لزیادة الإنتاجیة بصورة مستدامة، والسعی المتواصل لتحقیق التشغیل الکامل، وخفض معدلات البطالة فی الدول العربیة.
وهذه الجهود من جانب منظمة العمل العربیة، تهدف إلى تنمیة التشغیل والتعلیم التقنی والمهنی والتدریب على المستوى العربی، إدراکًا منها بأن القوى العاملة هی إحدى مقومات التطور الاقتصادی فی کل دولة، بصرف النظر عن نظامها السیاسی والاقتصادی والاجتماعی، وقد وسعت المنظمة مفهوم القوى العاملة لیشمل – إضافة إلى إعدادها وتأهیلها – التأمینات الاجتماعیة، والصحة والسلامة المهنیة، والرعایة الاجتماعیة، والتثقیف العمالی، والحوار بین أطراف الإنتاج، وقد احتلت تلک الأمور أولویة متقدمة فی اهتمامات ونشاطات المنظمة، للمساهمة فی الحد من تفاقم مشکلة البطالة.
وعلى الرغم من هذا الدور الهام الذی قامت به منظمة العمل العربیة، فی مجال تشغیل القوى العاملة العربیة والحد من البطالة، لکن تشیر البیانات وواقع الحال إلى انتشار ظاهرة البطالة فی الدول العربیة، حیث ترتفع بشکل کبیر معدلات البطالة فی أوساط الشباب فی هذه الدول، مقارنة بباقی المجموعات الجغرافیة، حیث بلغ مجموع المتعطلین ما یزید عن (22) ملیون متعطل.
وهناک أسباب رئیسیة أدت إلى تفاقم مشکلة البطالة فی المنطقة العربیة منها ([57]):
السبب الأول: یتعلق بتراجع قدرة القطاع العام على تشغیل الأیدی العاملة العربیة کافة، مع الارتفاع المستمر فی أعداد الداخلین الجدد لأسواق العمل، فالقطاع العام یشغل حالیا ما یقرب من ثلث العاملین فی المنطقة، ویعانی هذا القطاع من کبر الحجم وانخفاض الإنتاجیة، ومن المتوقع أن تقل مساهمة هذا القطاع فی المستقبل، فی ظل برامج الخصخصة التی تنفذها دول عربیة کثیرة.
السبب الثانی: یتمثل فی محدودیة حجم القطاع الخاص، وعدم قدرته على توفیر فرص عمل کافیة للباحثین عن العمل فی المنطقة، إذ تشکل القیود المباشرة وغیر المباشرة المفروضة على الاستثمار، وعدم توافر البیئة الاقتصادیة والسیاسیة المناسبة، وسیطرة الدول على الاقتصاد مشکلة أساسیة أمام توسع هذا القطاع وقیامه بدور فاعل فی دفع عجلة التنمیة، وتوفیر فرص عمل للأعداد المتزایدة من الداخلین الجدد فی أسواق العمل العربیة.
السبب الثالث: ویتعلق بجودة التعلیم ونوعیته فی الدول العربیة، إذ تعانی هذه الدول من توجه غالبیة الشباب إلى التعلیم فی المجالات الأکادیمیة، سعیًا للحصول على فرص عمل فی القطاع العام الذی یقدم الحوافز الوظیفیة، کالاستقرار الوظیفی والتأمین الصحی والمخصصات التعاقدیة، ویفتقر النظام التعلیمی فی الکثیر من الدول العربیة، إلى الترکیز على المناهج التعلیمیة المتعلقة بالجوانب الفنیة والمهنیة، التی تعد من التخصصات التی تحتاجها أنشطة اقتصادیة متعددة فی أسواق العمل، وعلیه فإن المخرجات التعلیمیة فی کثیر من الدول العربیة، لا تتوافق مع احتیاجات أسواق العمل وأولویاتها، بالإضافة إلى أن الکثیر من الشباب یواجهون صعوبات فی استکمال دراستهم، خصوصا الدراسة الجامعیة بسبب محدودیة الموارد المالیة لأسرهم، وارتفاع تکلفة التعلیم الجامعی سواء فی الجامعات الحکومیة أم الخاصة.
السبب الرابع: ناتج عن المشاکل السیاسیة فی السنوات الأخیرة ،التی أثرت فی عدد من الدول العربیة على قطاعات العمل المختلفة، ولعل أبرزها السیاحة وسوق العقارات والبناء والتشیید، بل أثرت هذه الأحداث على مختلف الأنشطة فی بعض الدول العربیة مثل سوریا ولیبیا والیمن، بالإضافة إلى معاناة العامل الفلسطینی، سواء فی الأراضی المحتلة أو فی بعض الدول العربیة، مما کان دافعًا لکثیر من الشباب فی الاتجاه إلى الهجرات غیر الشرعیة، عبر قوارب إلى دول شمال البحر المتوسط، والتی بدأ اتساعها عام 2007 فی ظل وجود مافیا للاتجار بالبشر من الجنوب إلى الشمال([58]).
ومما یزید مشکلة البطالة تعقیدًا، افتقار غالبیة الدول العربیة إلى المؤسسات والسیاسات الفاعلة، لتنظیم أسواق العمل وغیاب شبکات الضمان الاجتماعی، وقد ساعدت الهجرة إلى دول الخلیج، فی الحد من مشکلة البطالة فی بعض الدول، کالأردن وفلسطین ومصر وسوریا ولبنان والمغرب ولو بشکل طفیف، إلا أن حجم الهجرة إلى هذه الدول بدأ بالتضاؤل نتیجة لتطبیق برامج توطین الوظائف، والمنافسة الشدیدة التی یواجهها المهاجرون من العمالة الأسیویة وغیر الأسیویة، على فرص العمل المتاحة فی أسواق العمل الخلیجیة.
ومن الجدیر بالذکر أن إمکانیة الهجرة هی فی الغالب مقصورة على حملة الشهادات العلیا والمهارات الممیزة، وتقل هذه الإمکانیة بشکل کبیر أمام الأیدی العاملة ذات المهارة المتدنیة، التی تسعى للعمل فی أنشطة اقتصادیة معینة کالإنشاءات والخدمات، نتیجة للمنافسة الحادة من قبل العمالة الأسیویة التی تقبل العمل مقابل أجور متدنیة فی غالب الأحیان.
الفرع الثانی
دور المنظمة فی تیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة
کانت أجواء الخمسینات والستینات من القرن المنصرم، قد رسخت فی ذهن کل عربی فکرة {الوطن الواحد} أو{الوطن الکبیر}، الذی یمتد ما بین المحیط والخلیج، وهکذا أضحى یتعامل معها باعتبارها هدفًا قریب المنال، أصبح تحقیقه قاب قوسین أو أدنى، وفی إطار هذه الفکرة نما شعور الانتماء إلى الأمة، وترسخت القناعة بحق المواطن العربی فی أن ینتقل بین أقطار وطنه الکبیر بلا قیود.
وفی إطار ظروف تاریخیة امتزجت فیها معطیات(العاطفة) بنتاج (العقل)، تبنت بعض المواثیق العربیة الرسمیة هذا الشعور القومی، وأضفت علیه طابعًا قانونیًا، وتأتی اتفاقیة الوحدة الاقتصادیة العربیة، التی وافق علیه المجلس الاقتصادی فی جامعة الدول العربیة بتاریخ 3/6/1964، ودخلت حیز التنفیذ فی العام 1964 فی مقدمة هذه المواثیق، حیث نصت المادة (1/3) منها، على الإقرار لرعایا الدول العربیة على قدم المساواة بالحق فی حریة الإقامة، والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادی، وهکذا أسس هذا النص لقیام فضاء اقتصادی عربی، ینتقل فیه مواطنو الدول العربیة فیما بینها، ویقیمون فیها لأغراض العمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادی([59]).
واستجابة للشعور القومی ذاته الذی سبقت الإشارة إلیه، جاءت نصوص قوانین العمل فی بعض الدول العربیة التی صدرت فی تلک المرحلة([60])، لتقرر مبدأ إعطاء (الأولویة فی التشغیل لعمال الدول العربیة)، حیث أقامت بذلک ترتیبًا فی الأولویات یقوم على وضع المواطن فی المرتبة الأولى، یلیه العربی، ثم غیره من العمال الأجانب، ثم خطت بعض الدول خطوات أکثر تقدما فی هذا الاتجاه، حیث ساوت بین مواطنیها والعمال العرب فی العمل فیها دون قیود([61]).
ومع توجه الدول العربیة إلى العمل المشترک فی مجال العمل والعمال، کانت قضیة تنقل العمالة العربیة أولى القضایا المطروحة على طاولة الحوار والمباحثات فی هذا الشأن، حیث حظیت بأهمیة بالغة للغایة.
وتشیر الوثائق التی تؤرخ لتلک الفترة ،إلى أن الغایة من الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الأول لوزراء العمل العرب، فی بغداد فی العام 1965، کانت تنحصر فی إطار هذه القضیة، حیث أرید لهذا المؤتمر أن یبحث فی إنشاء (مکتب عربی لتنظیم انتقال القوى العاملة بین الأقطار العربیة)، غیر أن أجواء العمل القومی الذی تمیز وقتها بقدر کبیر من السعی، إلى ما هو أکبر من حصر العمل المشترک فی هذا الإطار الضیق، هیأت الفرصة للوزراء المجتمعین حینذاک لکی یقرروا المیثاق العربی للعمل الذی تضمن اتفاقًا على تأسیس (منظمة العمل العربیة) - ثلاثیة التکوین- ولکی یضمنوا هذا المیثاق نصًا فی مادته السادسة یقض بأن (توافق الدول العربیة على إعطاء الأولویة فی التشغیل لعمال البلاد العربیة من غیر مواطنیها بما یتفق وحاجاتها).
والتقطت منظمة العمل العربیة هذا الهدف، الذی وافقت الدول العربیة على السعی إلى تحقیقه، لتنفذ مقتضیات تحویله إلى واقع ملموس، سندًا إلى الدور الذی أنیط بها بمقتضى المادة الأولى من دستورها التی جاء فیها أن (تنشأ بمقتضى هذا الدستور منظمة ذات شخصیة اعتباریة، تسمى منظمة العمل العربیة، مهمتها تحقیق الأهداف المنصوص علیها فی هذا الدستور وفی المیثاق العربی للعمل)، ومنها طبعًا تحقیق التزام الدول العربیة بإعطاء الأولویة فی التشغیل لعمال البلاد العربیة من غیر مواطنیها([62]).
وعلى هذا المبدأ الذی أقره المیثاق العربی للعمل أقامت المنظمة نشاطها المعیاری بشأن تنقل الأیدی العاملة العربیة والتی تمثلت فی:
■ الاتفاقیة العربیة رقم (2) بشأن تنقل الأیدی العاملة التی أقرها مؤتمر وزراء العمل العرب فی عام 1967([63])
جاءت هذه الاتفاقیة سهلة فی مضمون المعاییر التی تضمنتها من ناحیة، وفی الإجراءات التنفیذیة التی اعتمدتها من نامیة أخرى، معبرة فی ذلک عن الأجواء العربیة التی کانت سائدة وقت إقرارها، من قبل وزراء العمل العرب، قبل بدء منظمة العمل العربیة بممارسة أنشطتها، تلک الأجواء التی کانت تعتبر فیها المعاییر التی أقرتها الاتفاقیة من المسلمات المشترکة عربیًا – رسمیا وشعبیًا-.
وتتوزع المعاییر التی تضمنتها الاتفاقیة فی مجموعتین([64]):
الأولى: تضم المعاییر المعبرة عن التزامات مشترکة تلتزم بها الدول العربیة المصادقة على الاتفاقیة، لتحقیق الغایات التی وردت فی دیباجة الاتفاقیة، وتمثلت هذه الالتزامات فیما یأتی:
00 تعهد الأطراف المتعاقدة بموجب المادة الأولى من الاتفاقیة، بتسهیل تنقل الأیدی العاملة العربیة فیما بینها، والعمل على تیسیر الإجراءات الرسمیة الخاصة بذلک.
00 نصت المادة الرابعة من الاتفاقیة على تعهد الأطراف المتعاقدة بأن » تجعل الأولویة فی التشغیل للعمال العرب وذلک بما یتفق وحاجات کل طرف ،« وهذا النص المعیاری یکرس ما نصت علیه المادة السادسة من المیثاق العربی للعمل التی سبقت الإشارة إلیه.
00 الإقرار بمبدأ المساواة بین العمال العرب وعمال دولة العمل، کما نصت على ذلک المادة السادسة من الاتفاقیة.
والثانیة: تضم المعاییر التنفیذیة لغرض تحقیق الالتزامات التی تقدم بیانها، تتمثل فی التزام کل طرف من الأطراف المتعاقدة، بأن یحدد السلطة المختصة لدیه بتنفیذ أحکام الاتفاقیة، على أن تقوم هذه السلطة بتنظیم تنقل الأیدی العاملة والإشراف علیه، على ألا تتقاضى رسومًا أو أجورًا عن الخدمات التی تقدمها، وتتمثل أیضا فی التزام هذه السلطة بالتعاون مع السلطات المختصة فی البلاد العربیة الأخرى.
■ الاتفاقیة العربیة رقم (4) بشأن تنقل الأیدی العاملة(معدلة) التی أقرها مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة التی عقدت فی عام 1975. ([65])
حملت سبعینیات القرن العشرین معالم تحول کبیر فی الواقع العربی، انعکس على نحو مباشر على أوضاع سوق العمل فی الدول العربیة، نتیجة الزیادة الکبیرة فی أسعار النفط، وما نتج عنها من ارتفاع فی دخول الدول العربیة النفطیة وتحول طلبها من القوى العاملة باتجاه دول غیر عربیة، مما اقتضى مراجعة الاتفاقیة رقم (2) وإقرار اتفاقیة جدیدة بشأن تنقل الأیدی العاملة العربیة تراعی متغیرات هذا الواقع الجدید.
وفعلا ً أقر مؤتمر العمل العربی فی دورة انعقاده الرابعة فی عام 1975، الاتفاقیة العربیة رقم (4) بشأن الموضوع المشار إلیه، وقد أبقت هذه الاتفاقیة على المعاییر الأساسیة الواردة فی الاتفاقیة رقم (2) وأعادت النص علیها، وهی:
00 الإقرار بأولویة التشغیل للعمال العرب الوافدین مع الإشارة إلى إعطاء هذه الأولویة للعمال الفلسطینیین بوجه خاص.
00 الإلزام بتبسیط الإجراءات الخاصة بتنقل الأیدی العاملة العربیة.
00 إقرار مبدأ المساواة بین العمال العرب الوافدین والعمال الوطنیین.
■ الاتفاقیة العربیة رقم (14) بشأن حق العامل العربی فی التأمینات الاجتماعیة عند تنقله للعمل فی أحد الأقطار العربیة، التی أقرها مؤتمر العمل العربی فی دورته التاسعة التی عقدت فی عام 1981. ([66])
وقد کان الهدف من إقرار هذه الاتفاقیة، السعی إلى تحقیق أهداف عدة أوردت دیباجتها النص علیها من بینها، تشجیع حریة الانتقال التی تنعکس بآثار إیجابیة، على کافة الأقطار العربیة المصدرة والمستقبلة للعمالة، ومع أن المعاییر العربیة التی سبقت إقرار هذه الاتفاقیة، قضت کلها بمساواة العمال العرب الوافدین مع العمال الوطنیین فی دول الاستقبال فی التأمینات الاجتماعیة، إلا أن الاتفاقیة أوردت معاییر أکثر تفصیلًا فی هذا الشأن – وإن کانت الثمار العملیة لهذه الاتفاقیة محدودة للغایة، نظرًا للصعوبات الحقیقیة التی واجهت الدول التی صدقت علیها، فی الالتزام ببعض المعاییر الواردة فیها - .
■ الإستراتیجیة العربیة لتنمیة القوى العاملة والتشغیل(تونس2003) ([67]).
تواصلت جهود منظمة العمل العربیة لتحقیق أقصى قدر من التنسیق والتکامل العربی، فی مجال تنقل الأیدی العاملة وتشغیلها فی الوطن العربی، حیث أصدر مؤتمر العمل العربی فی دورته الثلاثین (تونس2003) قرارًا باعتماد الإستراتیجیة العربیة لتنمیة القوى العاملة والتشغیل، وذلک کبدیل متطور عن استراتیجیتین: الأولى بعنوان (استراتیجیة تنمیة القوى العاملة العربیة 1985)، والثانیة بعنوان (الاستراتیجیة العربیة للتشغیل 1993)، وکان من الطبیعی أن ترتبط تنمیة القوى العاملة بالتشغیل([68]).
وقد نصت فی الفقرة (8) من الهدف (4) على: السعی الجاد المتواصل لتحقیق التشغیل الکامل من خلال:
* إعادة تنظیم استقدام الوافدین من غیر العرب بهدف تقلیله تدریجیًا، والسعی لإیجاد فرص عمل للعمالة العربیة فی البلدان العربیة، التی تلوح فیها فرص لذلک. ونصت فی الفقرة (2) من الهدف (9) على:
* تحقیق المساواة فی شروط وظروف العمل بین الوافدین جمیعًا بما فی ذلک الأجور والتأمینات الاجتماعیة. ونصت فی الهدف (12) على:
* تعزیز فرص التشغیل للمنتقلین العرب بین البلدان العربیة وذلک من خلال:
1- العمل على تحقیق التوازن الدیمغرافی الآمن لبلدان الاستقبال، بما یضمن الهویة الثقافیة العربیة الإسلامیة لها.
12- حث أصحاب الأعمال فی بلدان الاستقبال، على التقلیل التدریجی من استخدام العمالة غیر العربیة، واعتماد إجراءات تحفز على ذلک.
14- العمل فی الأمد المتوسط على إیجاد مکتب تشغیل عربی، یرتبط بجمیع مکاتب التشغیل بأنواعها المختلفة فی البلدان العربیة، وذلک لتیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة، وتوفیر بیانات حول فرص هذا التنقل.
■ إعلان مبادئ بشأن تیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة (الجزائر2005)([69]).
تأکیدًا للسیاسات والتوجهات التی أقرتها اتفاقیات العمل العربیة، فی مجالات تنقل الأیدی العاملة العربیة بین دول الوطن العربی، أصدر مؤتمر العمل العربی فی دورته الثانیة والثلاثین ( الجزائر فبرایر / شباط 2005)، إعلان مبادئ بشأن تیسیر تنقل الأیدی العاملة العربیة، وشدد الإعلان الواقع فی ثمانیة عشر مبدأ، على تمتع العمال العرب وأفراد أسرهم المتنقلین بصورة شرعیة، بالحقوق والمزایا المترتبة عن العمل، والتی یتمتع بها عمال الدولة المستقبلة لهم، وأن تعمل الدول العربیة على التقریب بین تشریعاتها المنظمة لتنقل الأیدی العاملة، من أجل العمل ما أمکن وبما یکفل تنقل الأیدی العاملة العربیة وحمایتها، وتذلیل العقبات أمام تنقلها وتیسیر إقامتها وعملها فی الدول المستقبلة لها وفق احتیاجات هذه الدول، وشدد الإعلان على الاهتمام بالعمالة العربیة المستقرة خارج الوطن العربی ورعایتها، وتوفیر المقومات اللازمة لتشجیع الکفاءات المهاجرة على العودة للوطن، وأن تتعاون الدول العربیة فی إعداد ونشر تقاریر دوریة حول فرص العمل فی دول الاستقبال، وفائض القوى العاملة فی دول الإرسال، وأکد الاعلان على أهمیة الإشراف والمتابعة لتفعیل مبادئه من خلال:
(أ) دعوة الدول العربیة للتصدیق على الاتفاقیات العربیة ذات الشأن، باعتبار ذلک دلیل توفر الإرادة والرغبة فی تنفیذ مبادئ الإعلان، والطریق لتطویر التشریعات لتتلاءم مع أحکام هذه الاتفاقیات.
(ب) تشجیع عقد اتفاقیات ثنائیة بین دول الاستقبال ودول الإرسال، لتسهیل حرکة تنقل الأیدی العاملة العربیة.
(جـ) تکلیف مکتب العمل العربی بإیجاد قاعدة معلومات، للقوى العاملة وحرکة تنقلاتها واحتیاجات أسواق العمل فی الدول العربیة، وتحقیق التنسیق والتعاون بین دول الإرسال ودول الاستقبال.
(د) یتولى مکتب العمل العربی الترویج لهذا الإعلان، ومتابعة وتقدیم تقریر کل سنتین لمؤتمر العمل العربی عن التقدم المحرز لتفعیل مبادئ الإعلان.
ولا تزال منظمة العمل العربیة تسعى جاهدة – فی أجواء بحر متلاطم من الخلافات والتناقضات العربیة – إلى أن توظف دورها فی تیسیر تنقل العمالة العربیة، من أجل حل إشکالیتین خطیرتین للغایة:
* الحفاظ على الهویة العربیة لدول الاستقبال وعلى أمنها الوطنی.
* معالجة إشکالیة البطالة المتنامیة فی الدول العربیة، التی أصبحت بسبب معدلاتها المتزایدة خطرًا جدیًا یهدد السلم الاجتماعی فی هذه الدول، وذلک بتیسیر تنقل العمالة العربیة إلى الأقطار العربیة، التی تستطیع استیعاب أعداد من العاطلین، الذین لا یجدون فرص عمل مناسبة لهم فی أقطارهم.
والمنظمة تسعى إلى ذلک عبر تنفیذ البرامج والمشروعات التی تقدمت بها، إلى مؤتمر القمة العربیة الاقتصادیة فی الکویت عام 2009، وأهمها برنامج العقد العربی للتشغیل (2010 – 2020)، والمرصد العربی لمعلومات سوق العمل.
وعلى هذا یعد تسهیل تنقل الید العاملة بین الدول العربیة، من أولى القضایا التی عالجها مبکرًا التعاون العربی فی مجال التشغیل والحد من البطالة، وبذلت من أجلها منظمة العمل العربیة جهودًا کبیرة منذ تأسیسها، وأثمرت تلک الجهود العدید من الاتفاقیات العربیة، والاستراتیجیات المشترکة فی هذا المجال، ولا تزال هذه الجهود تبذل من قبل المنظمة لتحقیق نتائج عملیة.
ومع الأخذ فی الاعتبار، أن ظاهرة انتقال العمالة العربیة بین الدول العربیة، لیست بالظاهرة الحدیثة فی الوطن العربی، إذ یرجع تاریخها إلى تاریخ المنطقة العربیة ذاتها، وعلى مدى عصور طویلة، وما یؤکد هذا ذلک الامتزاج الحضاری والبیولوجی بین الکثیر من السکان، فی أجزاء عدیدة من هذه المنطقة، وأهمیة هذه الظاهرة تکمن فی أنها ساعدت على الإسهام فی تنمیة أقطار المنطقة خاصة فی الحقبة المعاصرة.
ومع الأخذ فی الاعتبار أیضا، أن حرکة القوى العاملة العربیة کانت عنصرًا أساسیًا فی الترابط بین أجزاء الوطن العربی، ولم تجد هذه القوى مشکلة فی التأقلم فی أی بلد عربی، نتیجة وحدة اللغة والاتصال الجغرافی والتقارب الاجتماعی والوشائج الحضاریة، وکانت هذه الحرکة تتم بصورة عفویة، ودوافعها الأساسیة الرغبة فی تحسین مستوى المعیشة، أو العیش فی جو مستقر، ولم یکن لیحد من ذلک إلا ما قد تتخذه السلطات الحاکمة، من إجراءات الدخول والخروج والإقامة، لظروف سیاسیة أو أسباب اقتصادیة أو صحیة خاصة، وکان اتجاه الحرکة من الدول التی یفیض فیها عرض العمالة عن الطلب علیها، إلى تلک التی یزید فیها الطلب ویشح المعروض من العمالة المطلوبة للوفاء بمطالب التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، وکانت قوى جذب العمالة فی المشرق العربی تترکز فی منطقة الخلیج العربی والعراق، لتغطیة حاجة التعمیر والتنمیة فی مختلف المجالات، وفی المغرب العربی کانت تترکز فی لیبیا([70]).
ولقد أخذت أعداد العمالة العربیة المهاجرة إلى الدول العربیة النفطیة تتزاید بشکل مضطرد منذ السبعینات والسنوات الأولى للثمانیات، لا سیما بعد تصحیح أسعار النفط فی أعقاب حرب أکتوبر 1973، وارتفاع وتراکم عائدات الدول المنتجة، فاتجهت لاستغلالها فی بناء اقتصادها على أساس عصری، مما أدى لتزاید الطلب على القوى العاملة العربیة بمختلف أشکالها، لیس من الدول العربیة فحسب، وإنما من الدول الأجنبیة، لا سیما الآسیویة منها لاعتبارات تاریخیة.
المطلب الثانی
دور المنظمة فی حمایة الحقوق الأساسیة للعمل
تقع حمایة الحقوق والحریات الأساسیة فی العمل فی بؤرة اهتمام منظمة العمل الدولیة، بل هی المبرر الحقیقی لقیامها، وغایة أنشطتها ومبادئها الأساسیة، وقد انعکس هذا الاهتمام فی دیباجة دستور المنظمة ونصوصه، وإعلان فیلادلفیا واتفاقیات العمل الدولیة، حیث ربطت دیباجة الدستور بین إقامة السلم العالمی والدائم والعدالة الاجتماعیة، وذلک بقولها بأنه » لما کان لا سبیل إلى إقامة سلام عالمی ودائم، إلا إذا بنی على أساس من العدالة الاجتماعیة «، لذلک فقد کانت حمایة الحقوق والحریات الأساسیة فی العمل، فی صدارة اهتمامات المنظمة منذ نشأتها، بل کانت أکثر وعیًا وإدراکًا لحمایتها من خلال التأکید علیها فی دستور المنظمة وإعلان فیلادلفیا.
وکذلک تعتبر حمایة الحقوق والحریات الأساسیة فی العمل، من الأهداف الأساسیة التی تسعى إلیها منظمة العمل العربیة، وجسدها دستورها بعد تعدیله فی عام 1975، بإضافة تنمیة الحقوق والحریات النقابیة إلى أهداف المنظمة.
وقد تضمنت اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة بیانًا لهذه الحقوق الأساسیة، وکیفیة ممارستها وتحدیدًا لضمانات حمایتها، ومن الضروری أن نشیر إلى أنه لیس القصد من هذا المطلب، هو دراسة الحقوق الأساسیة فی العمل على نحو تفصیلی، وإنما الوقوف على مظاهر اهتمام منظمة العمل العربیة بتنمیة ورفع مستوى القوى العاملة العربیة. ونتناول فیما یلی بیان بالحقوق الأساسیة فی العمل وفقًا لمعاییر العمل العربیة وذلک من خلال أربعة فروع:
الفرع الأول
الحریة النقابیة وحق المفاوضة الجماعیة
لما کانت الحریة النقابیة حریة عزیزة على نفس کل معامل، کونها تجسد حریة التعبیر التی یعبر من خلالها العمال، عن آرائهم ویطرحون آلامهم ومصاعبهم، ویتناولون بالحوار الموضوعی البنَّاء وفى نطاق تنظیمهم النقابی ما یؤرقهم، ویعبرون من خلاله عما یعتمر فی نفوسهم، فقد احتل مبدأ الحریة النقابیة مکانة جوهریة ومتمیزة ضمن القواعد والمعاییر الدولیة للعمل، ومرد ذلک إلى حقیقة کون الحریة النقابیة من الحقوق الأساسیة للإنسان، ولکونها شرطًا أساسیًا وإطارًا تنظیمیًا لازمًا لکفالة تمتع العمال بما عداه من الحقوق والحریات الأساسیة للإنسان العامل، فمن المعلوم أن الثورة الصناعیة وما صاحبها من تبدلات وتحولات فی علاقات العمل، قد جعلت العامل فی مرکز ضعیف فی مواجهة صاحب المشروع الذی یعمل فیه، حیث تحولت هذه العلاقة من کونها علاقة ملکیة لوسائل الإنتاج إلى علاقة استخدام، ولم یعد أمام العمال والحال کذلک سوى أحد أمرین: إما المساومة مع المسئولین عن المشروع للحصول على أفضل الشروط والأوضاع، وإما العمل على تملک المشروع، وسواء اتجه العمال إلى هذا الخیار أو ذاک، فلابد لهم فی الحالتین من التجمع والتنظیم، ومن هنا کان لمبدأ الحریة النقابیة صورتان أو مظهران رئیسیان على أرض الواقع، هما التنظیم النقابی والمفاوضة الجماعیة، ولهذا کانت الحریة النقابیة بمظهریها هذین محل اهتمام ومتابعة منظمة العمل الدولیة منذ البدایات الأولى لنشأتها ومباشرتها لأنشطتها([71]).
وقد أکد دستور منظمة العمل الدولیة على مبدأ الحریة النقابیة وأعتبرها أحد المبادئ الرئیسیة التی نشأت من أجلها، وأحد الأهداف التی حددها الدستور لغایات بلوغها وتحقیقها، کما أکد على ذلک إعلان المنظمة بشأن المبادئ والحقوق الأساسیة فی العمل.
وفی هذا الإطار أقرت مؤتمرات العمل الدولیة عدة صکوک نظمت شؤون الحریة النقابیة وحق التنظیم، بدأت بالاتفاقیة رقم (11) لسنة 1921 بشأن الحق النقابی للعمال الزراعیین، ثم الاتفاقیة رقم (84) لسنة 1947 بشأن حق التجمع وتسویة المنازعات العمالیة فی الأقالیم غیر المتمتعة بالسیادة، ثم توجتها بأهم اتفاقیتین فی هذا المجال وهما الاتفاقیة رقم (87) لسنة 1948 بشأن الحریة النقابیة وحمایة حق التنظیم، والاتفاقیة رقم (98) لسنة 1949 بشأن تطبیق مبادئ حق التنظیم والمفاوضة الجماعیة.
کما أکد هذا الحق الإعلان العالمی لحقوق الانسان الصادر عام 1948، وعزز هذا الاعتراف الدولی المیثاق الدولی للحقوق المدنیة والسیاسیة الصادر عام 1966، وکذلک المیثاق الدولی للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة الصادر عام 1966 أیضًا([72]).
ولهذا وانطلاقًا من إیمان راسخ بأهمیة الحقوق والحریات النقابیة للعمال، وما تحظى به من اهتمام دولی متزاید جسدته الإعلانات والاتفاقیات والمواثیق الدولیة، المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق العامل وحریاته وکرامته وتعزیزها وحمایتها.
فقد احتلت الحریة النقابیة بمظاهرها المختلفة أهمیة خاصة فی حمایة مصالح العمال، وأصبحت تمثل رکنًا جوهریًا من أرکان الحقوق الأساسیة للإنسان، واکتسبت أهمیة متمیزة فی أنشطة منظمة العمل العربیة.
وعلى غرار ما جرى فی منظمة العمل الدولیة من اهتمام خاص بالحریات النقابیة،أولت منظمة العمل العربیة نفس الاهتمام بالحریة النقابیة([73])،حیث تعد الحریة النقابیة من أولى القضایا التی تصدت لها المنظمة،للأهمیة الموضوعیة لهذه القضیة من ناحیة؛ولأنها من ناحیة أخرى، تتعرض لعدد من الضغوط والقیود على مستوى الوطن العربی، مما یجعلها فی أمس الحاجة إلى حمایة عربیة.
وکانت الحریة النقابیة أول قضیة أشار إلیها المدیر العام للمنظمة، فی خطابه الذی ألقاه عقب تعیینه مدیرًا عامًا عام 1973، إذا أوضح أهمیة دور منظمة العمل العربیة، فی الحفاظ على الحریة النقابیة والانطلاق بها إلى أکمل صورها، وضرورة توفیر جوًا صالحًا للحرکة العمالیة، تحوطه الحریة فی التعبیر والقدرة على التحرک والنمو، حتى تستطیع المنظمات العمالیة أن تقوم بدورها الأساسی الفعال فی مجالات التنمیة والإنتاج.
وعلى الرغم من أن المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، جاءا خالیین من أی إشارة صریحة للحقوق والحریات النقابیة([74])، فإن أهداف المنظمة فی مجموعها وبما تستهدفه من رفع المستوى المادی والأدبی والاجتماعی والاقتصادی للعمال، وبما أظهرته أیضًا من عنایة بالمنظمات العمالیة واعتراف بها، یؤدی بالتبعیة وبالوسائل المباشرة إلى أنها تعضد الحریة النقابیة وترسخ قدمها([75])، وعلى أیة حال فقد أقر مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة بطرابلس عام 1975 تعدیلًا على دستور المنظمة، أدخل بموجبه فقرة جدیدة للمادة الثالثة من الفصل الثانی تضیف إلى أهداف المنظمة (تنمیة وصیانة الحقوق والحریات النقابیة)([76]). وفی سبیل تحقیق هذا الهدف صدر عن المؤتمر العام للمنظمة عدة اتفاقیات بخصوص الحریة النقابیة:
فی عام 1965 وافق المؤتمر الأول لوزراء العمل العربی على مشروع الاتفاقیة العربیة رقم(1) بشأن مستویات العمل، والتی أُقرت خلال مؤتمر العمل العربی الثانی عام 1966([77])، وتضمنت فی جانب منها أحکامًا تتعلق بالحریة النقابیة تحت عنوان (نقابات العمال ومنظمات أصحاب العمل) المواد من 76-84 حیث عالجت هذه الاتفاقیة موضوع الحقوق والحریات النقابیة، فتناولت حق العمال فی تکوین نقابات ترعى مصالحهم وتدافع عن حقوقهم، وتعمل على تحسین حالتهم المادیة والاجتماعیة، وتناولت الاتفاقیة أیضًا، وجوب کفالة التشریع فی کل دولة حمایة العمال، مما یمکن أن یمس حریتهم فی تکوین نقابات لهم، وحریة هذه النقابات فی ممارسة أنشطتها المختلفة.
وفی عام 1976 أقر مؤتمر العمل العربی فی دورته الخامسة بمدینة الإسکندریة الاتفاقیة العربیة رقم(6) بشأن مستویات العمل العربیة – معدلة - وقد احتفظت بنفس الأحکام الخاصة بالنقابات، کما وردت فی الاتفاقیة رقم(1) بدون تغییر([78]).
وفی الدورة السادسة التی عقدت بمدینة الإسکندریة أیضًا عام 1977، أقر مؤتمر العمل العربی الاتفاقیة العربیة رقم(8) بشأن الحقوق والحریات النقابیة، وهی الاتفاقیة التی تناولت الحریة النقابیة بشکل مباشر، فجاءت أشمل مما سبقها من اتفاقیات، وقد أکدت دیباجة الاتفاقیة أهمیة الحریات النقابیة بقولها([79]):
» إن مؤتمر العمل العربی المنعقد فی دورته السادسة فی مدینة الإسکندریة مارس 1977م، إیمانًا منه بأن الحریة النقابیة هی من الحریات العامة التی نصت علیها المواثیق الدولیة والدساتیر الوطنیة، ولما کان حق النقابات فی حمایة العمال والتفاوض الجماعی باسمهم لتحدید شروط وظروف العمل، هو من الحقوق المقررة التی اکتسبتها الحرکة النقابیة بکفاحها الطویل، ولما کان للنقابات العربیة دور أساسی فی تحرر وتنمیة وتقدم الوطن العربی، فإن صیانة الحریات والحقوق النقابیة تعتبر شرطًا جوهریًا لتمکین النقابات من ممارسة هذا الدور، ولما کانت النقابات العمالیة على حداثة عهدها فی الوطن العربی، قد خطت خطوات واسعة فی بعض الدول العربیة، إلا أنها ما زالت فی بدایة مراحلها بالنسبة لدول عربیة أخرى، وحیث إنه من بین أهداف منظمة العمل العربیة العمل على تنمیة وصیانة الحقوق والحریات النقابیة، فإن المؤتمر یقرر الموافقة على الاتفاقیة الآتی نصها «.
وقد کرست الاتفاقیة مبدأ حق العمال فی تکوین نقاباتهم والانضمام إلى النقابات التی یختارونها، دون إذن مسبق أیا کان القطاع الذی یعملون فیه، من أجل الدفاع عن مصالحهم وحمایة حقوقهم، والعمل على تحسین حالتهم المادیة والاجتماعیة.
وخلال الدورة السابعة عام 1979 أقر مؤتمر العمل العربی الاتفاقیة العربیة رقم(11) بشأن المفاوضة الجماعیة، والتی جاءت مکملة للاتفاقیة رقم(8) السابق الإشارة إلیها.
وقد جاء فی دیباجة هذه الاتفاقیة »أن المفاوضة الجماعیة هی الوسیلة الفعالة لتنظیم علاقات العمل، على أسس عادلة بما یتمشى مع التطور الاقتصادی والاجتماعی، وأن المفاوضة الجماعیة قد أصبحت وسیلة أساسیة لتحسین مستویات العمل، ورفع مستوى معیشة الأیدی العاملة«، وأکدت الاتفاقیة أن المفاوضة الجماعیة هی حق من حقوق النقابات العمالیة، فی أی قطاع من قطاعات النشاط الاقتصادی([80]).
وإضافة إلى هذه المعاییر الرئیسیة فی النشاط المعیاری لمنظمة العمل العربیة، أقر مؤتمر العمل العربی عبر دوراته التالیة معاییر أخرى ذات صلة بالحریة النقابیة:
فالاتفاقیة رقم (10) التی أقرها المؤتمر فی دورته السابعة عام 1979 بشأن الإجازة الدراسیة مدفوعة الأجر، تقرر أن من بین المجالات التی یجوز للعامل الحصول فیها على إجازة دراسیة مدفوعة الأجر(التثقیف العمالی)، وقررت أیضًا أن یکون اختیار العمال للقیام بالإجازة الدراسیة مدفوعة الأجر، فیما یختص بالتدریب النقابی من حق منظمات العمال([81]).
والاتفاقیة رقم (12) التی أقرها المؤتمر فی دورته الثامنة عام 1980، بشأن العمال الزراعیین، أکدت حق عمال الزراعة فی تکوین منظمات نقابیة خاصة بهم والانضمام إلیها، وأجازت تطبیق نظام المفاوضة الجماعیة وعقود العمل المشترکة فی قطاع الزراعة([82])، بالإضافة إلى الاتفاقیة رقم (16) لسنة 1983م بشأن الخدمات الاجتماعیة العمالیة، التی نظمت الخدمات الاجتماعیة التی تقدمها منظمات العمال([83]).
الفرع الثانی
القضاء الفعلی على عمل الأطفال
لما کان عمل الأطفال یمثل ظاهرة للمعاناة الإنسانیة، قدیمة فی الزمان ومنتشرة فی المکان، فهی جزء لا یتجزأ من تاریخ الحضارات الزراعیة القدیمة، والتی انطلقت من الشرق، لکنها أیضا جزء من تاریخ الحضارة الصناعیة الأحدث والتی انطلقت من الغرب، حیث ساهم أطفال الشرق فی حفر القنوات وری الأراضی وحرثها حتى جمع محاصیلها، هذا بجانب رعایة الماشیة والعمل المنزلی الریفی(خصوصا بالنسبة للبنات) کذلک ساهم أطفال الغرب فی التراکم الذی أحدثته الثورة الصناعیة([84]).
فإن القضاء الفعلی على عمل الأطفال، وتحدیدًا القضاء على أسوأ أشکال عمل الأطفال، کان محل اهتمام منظمة العمل الدولیة منذ البدایات الأولى لنشأتها، فاعتمد مؤتمر العمل الدولی فی دورته الأولى، الاتفاقیة رقم (5) لعام1919 والخاصة بالحد الأدنى لسن العمل، ثم الاتفاقیة رقم(138) لعام1973. ([85])
وفی عام 1998 تضمن الإعلان الصادر عن منظمة العمل الدولیة، بشأن المبادئ والحقوق الأساسیة فی العمل، القضاء على عمل الأطفال بوصفه واحدًا من المبادئ والحقوق الأساسیة فی العمل، وتجلت قوة الإرادة السیاسیة للدول الأعضاء فی المنظمة، بالتعاون مع منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال، وشرکائها فی المجتمع المدنی ، حین تم بالإجماع اعتماد الاتفاقیة الدولیة رقم(182) لعام1999، بشأن أسوأ أشکال عمل الأطفال.
أما فیما یتعلق بالجهود التی بذلتها منظمة العمل العربیة، من أجل القضاء الفعلی على عمل الأطفال، فإنه على الرغم من أن الاهتمام بظاهرة عمل الأطفال، فی أبعادها المختلفة فی الوطن العربی أمرًا حدیث العهد، إذ یغطی عقد التسعینیات من القرن العشرین، أو على الأکثر قبل ذلک بسنوات قلائل.
فإن المنظمة نشطت فی مجال حمایة الطفل من العمل، من خلال الاهتمام بالأسرة الحاضنة الطبیعیة للطفل، والأمومة باعتبارها المعلم والمربى الأول فی حیاة الطفل، ومن ثم حمایة الطفل فی العمل، والتی یجب أن ینظر إلیها کحالة استثنائیة، وإحاطتها بالتنظیم الشدید المقید لها، إلى أن یتم معالجة الأسباب والدوافع المؤدیة لها، حیث صدر عن منظمة العمل العربیة خمس اتفاقیات تنظم عمل الأحداث منها: الاتفاقیة العربیة رقم (1) لسنة 1966م بشأن مستویات العمل، وتناولت هذه الاتفاقیة موضوع الأحداث فی المواد من 52-64، والاتفاقیة العربیة رقم (6) لسنة 1976م بشأن مستویات العمل ( معدله)، وقد احتوت هذه الاتفاقیة نفس القواعد الخاصة بالأحداث والسابق الإشارة إلیها فی الاتفاقیة رقم (1) لسنة 1966، والاتفاقیة العربیة رقم (7) لسنة 1977م بشأن السلامة والصحة البدنیة، والاتفاقیة العربیة رقم (12) لسنة 1980 بشأن العمال الزراعیین، والتی نصت فی المادة الخامسة منها على أن، یحدد تشریع کل دولة القواعد المتعلقة بتشغیل الأحداث فی الزراعة، ویحدد کذلک الأحکام الخاصة بمجالات وساعات عملهم وأجازاتهم([86]).
ولقد اهتمت اتفاقیات العمل العربیة – سالفة الذکر- بتنظیم تشغیل صغار السن وتحدید المراحل العمریة التی یجوز فیها تشغیلهم، وقد نصت تلک الاتفاقیات على الارتفاع بهذه السن مع زیادة الحمایة من المخاطر ومشقة العمل، وتوفیر ضمانات الرعایة الطبیة الدوریة، وتحدید ساعات العمل التی یجب عدم تجاوزها عند تشغلیهم.
وعلى الرغم من هذه الحمایة التی قنتها منظمة العمل العربیة، إلا أنه لوحظ تزایدًا مضطردًا لأعداد الأطفال المندرجین فی العمل، فی الدول العربیة فی مرحلة عمریة لا یسمح بها القانون، برغم ما یحمله ذلک من أخطار صحیة واجتماعیة وتربویة ونفسیة، على النشء الذى یندرج فی حقل العمل منذ مرحلة عمریة مبکرة، مما استدعى إیجاد تصور عربی شامل لحل المشکلة وعلاجها والتقلیل من حجمها وآثارها الضارة، لیس فقط على النشء الذى یتعرض بشکل مباشر للاستغلال، ولکن على المجتمع الذى یعد فیه هذا النشء، بمثابة البنیة الأساسیة والدعامة الضروریة اللازمة لبناء مستقبل المجتمع العربی.
ولخطورة هذه المشکلة وإدراکًا لمسئولیات واختصاصات منظمة العمل العربیة، فقد شارکت المنظمة فی مختلف مراحل التهیئة والإعداد للاجتماع العربی رفیع المستوى لرعایة الطفولة وحمایتها (تونس 17-18/11/1992م)، بدءًا من الاجتماع المشترک بین منظمة الأمم المتحدة ووکالاتها المتخصصة، وجامعة الدول العربیة ومنظماتها المتخصصة [جنیف 25-26/11/1991] ([87])، ومرورًا باجتماع الخبراء فی شئون الطفل [القاهرة 25-26/11/1992]، والاجتماع رفیع المستوى الذى عقد فی تونس وأقر الخطة العربیة للطفولة وحمایتها([88]).
ومن خلال إسهامات المنظمة فی هذه الاجتماعات، أکدت المنظمة على خطورة مشکلة عمالة الأطفال وتزایدها على مستوى الوطن العربی، کونها قضیة تمثل انتهاکًا لحق من أبسط الحقوق، وقضیة ذات أبعاد متعددة اجتماعیًا ونفسیًا وتربویًا وصحیًا وقانونیًا، وأوصت المنظمة کافة الأقطار العربیة القضاء على هذه الظاهرة، وأن یکون الارتفاع بالحد الأدنى لسن القبول فی العمل هدفًا یتوجب بلوغه.
ولم یتوقف دور منظمة العمل العربیة على ذلک، بل تعدى ذلک إلى الحرکة النشطة، من خلال عقد العدید من الدورات التدریبیة، والحلقات النقاشیة التی تنظمها بشکل مباشر، سواء على الصعید القومی أو القطری، ومن خلال المشروع الإقلیمی لتطویر إدارات العمل بالبلدان العربیة، والذی یجری تنفیذه بالتعاون مع منظمة العمل الدولیة، والبرنامج الإنمائی للأمم المتحدة.
وأخیرًا، وإیمانًا من منظمة العمل العربیة بضرورة توفیر الرعایة اللازمة، للأحداث الذین أجبرتهم ظروفهم على العمل وحمایتهم من الأضرار المحتملة، التی تؤثر على نموهم الجسمی أو النفسی أو الاجتماعی أو المعرفی، وتمشیًا مع ما تسعى إلیه الدول العربیة، نحو تحقیق التنمیة الشاملة ببعدیها الاقتصادی والاجتماعی وصولًا إلى الاستغناء عن عمالة الأحداث.
فقد أصدرت منظمة العمل العربیة فی الدورة الثالثة والعشرین لمؤتمر العمل العربی مارس 1996، الاتفاقیة العربیة رقم (18) لعام 1996 بشأن عمل الأحداث، وقد عالجت هذه الاتفاقیة وبشکل تفصیلی وکامل تنظیم عمل الأحداث، فحددت فی مادتها الأولى المقصود بالحدث فی مجال تطبیق أحکامها، وهو من أتم الثالثة عشرة ولم یکمل الثامنة عشرة من عمره سواء کان ذکر أم أنثى، وحظرت المادة الأولى فی فقرتها الثانیة تشغیل من تقل سنه عن الثالثة عشرة.
وحرصًا على تمکین الحدث من اجتیاز مرحلة التعلیم الإلزامی، فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقیة على ألا تقل سن الالتحاق بالعمل عن الحد الأدنى لسن إکمال مرحلة التعلیم الإلزامی ([89]).
وسعیًا إلى الحد من ظاهرة عمل الأحداث أو على الأقل توفیر ظروف وشروط عمل مناسبة لهم، فقد نصت المواد من 4-6 من الاتفاقیة، على ضرورة إجراء البحوث والدراسات لأسباب عمل الأحداث، وذلک للوصول إلى أفضل السیاسات للحد من ظاهرة عملهم، وکذلک تحسین ظروف وشروط عمل الأحداث.
وفیما یتعلق بالسن الأدنى لعمل الأحداث نصت الاتفاقیة فی المادة السابعة منها على أنه:
1- لا یجوز تشغیل الحدث فی الأعمال الصناعیة قبل إتمامه سن الخامسة عشرة.
2- تحدد السلطة المختصة فی کل دولة المقصود بالأعمال الصناعیة، والخط الذی یفصلها عن غیرها من الأعمال".
ونصت فی المادة الثامنة بأنه:
1- یجوز للحدث الذی یبلغ سن الرابعة عشرة، العمل فی الأعمال الصناعیة الخفیفة التی تتولاها أسرته، على أن یکون أحد أفرادها مسئولًا عنه فی العمل، وبشکل لا یؤثر على دراسته أو صحته أو أخلاقه.
2- تحدد السلطة المختصة فی کل دولة المقصود بالأعمال الصناعیة الخفیفة.
وقد استهدف المشرع العربی من السماح بمنح هذا الاستثناء، والذی یقضى بالنزول عن الحد الأدنى المسموح به لتشغیل الأحداث فی قطاع الصناعة، الاستجابة العملیة لبعض الظروف الاجتماعیة والاقتصادیة، التی قد تضطر الحدث للعمل لتلبیة احتیاجاته واحتیاجات أسرته، وقد نص المشرع على ضرورة أن یکون ذلک فی الأعمال الصناعیة الخفیفة التی تتولاها أسرة الحدث، واشترط أن یکون أحد أفرادها مسئولًا عنه کنوع من الضمان للحدث، حتى لا یؤثر هذا العمل على حصول الحدث على الحد الأدنى من التعلیم أو على صحته أو أخلاقه ([90]).
ونصت المادة التاسعة من الاتفاقیة على أنه:
1- استثناء من أحکام المادتین السابعة والثامنة من هذه الاتفاقیة، ولأغراض التدریب یجوز عمل الأحداث الذین أتموا سن الثالثة عشرة، فی الأماکن المعتمدة لذلک من السلطة المختصة فی کل دولة.
2- یجوز للسلطة المختصة فی کل دولة تخفیض هذه السن، بالنسبة للتلمذة فی المدارس الصناعیة، والمعاهد ومراکز التعلیم المهنی الخاضعة لإشراف الدولة. وفى جمیع الأحوال یجب أن تتوافر الضمانات الکافیة لمراقبة الأحداث وحمایتهم صحیًا وأخلاقیًا، وأن تثبت قدرتهم ولیاقتهم الصحیة المناسبة للحرفة المختارة، وألا یؤثر ذلک على تعلیمهم الإلزامی.
ونصت المادة العاشرة من الاتفاقیة بأنه» یحظر تشغیل الحدث قبل إتمام سن الثامنة عشرة فی الصناعات الخطرة أو الضارة بالصحة أو الأخلاق، والتی تحددها التشریعات أو اللوائح أو القرارات الخاصة فی کل دولة«.
فقد ارتأى المشرع العربی ضرورة النص على حظر تشغیل الأحداث، فی الصناعات الخطرة أو الضارة بالصحة أو الأخلاق، بسبب ما تعکسه تلک الأعمال من مخاطر صحیة ونفسیة، لها آثار شدیدة السلبیة على حیاة الحدث وصحته وأخلاقه، وذلک حرصًا منه على توفیر الحمایة لهذه الفئات الأولى بالرعایة.
ونصت المادة التاسعة عشرة من الاتفاقیة على أنه: »لا یجوز تکلیف الحدث بأی عمل إضافی أو تشغیله أیام الراحة الأسبوعیة أو العطلات الرسمیة«.
ونصت المادة العشرون على: »حق العامل الحدث فی راحة أسبوعیة إلزامیة مدفوعة الأجر مدتها 24 ساعة متصلة على الأقل« ([91]).
ولو نظرنا إلى هذه النصوص من معاییر العمل العربیة، نجد أنها تأتى ضمانًا لحق الحدث فی الحصول على راحته الأسبوعیة، وفى الراحة فی أیام العطلات الرسمیة، مراعاة لاحتیاجاته الجسدیة والنفسیة اللازمة لنموه السلیم فی هذه المرحلة العمریة، وهى وإن کانت توفر الحمایة المطلوبة للعامل الحدث، إلا أنها أیضًا تمنح له الراحة اللازمة لاستعادة نشاطه الذهنی والبدنی، مما یعود بالنفع على معدلات الإنتاج لصالح صاحب العمل أیضًا ([92]).
فالمشرع العربی من خلال هذه المعاییر، أقر حق العامل الحدث فی راحة أسبوعیة، تمکنه من راحة متصلة من عناء العمل المضنى والشاق طیلة فترة الأسبوع، وذلک لغرض تجدید نشاطه وحیویته، والمحافظة على صحته وقدرته على الإنتاج ([93]).
وأخیرًا، وإضافة إلى الراحة الأسبوعیة أقر معاییر العمل العربیة، حق العامل الحدث فی أجازه سنویة، تمکنه من راحة طویلة نسبیًا تساعده على الاستجمام والترویح عن النفس، وذلک بقصد تجدید نشاطه وطاقته مما یؤدى إلى الزیادة فی قدرة العامل على الإنتاج، فضلًا عن فوائدها الاجتماعیة لما فیه مصلحة طرفی الإنتاج والمجتمع، حیث نصت المادة الحادیة والعشرون من الاتفاقیة العربیة رقم 18 لسنة 1996م بشأن عمل الأحداث على أنه:
1- یستحق الحدث أجازة سنویة مدفوعة الأجر تزید مدتها على المدة المستحقة لغیره من العاملین، على ألا تقل فی جمیع الأحوال عن 21 یومًا.
2- یجب أن یتمتع الحدث بثلثی مدة الأجازة دفعة واحدة على الأقل ویتمتع بباقی المدة خلال العام نفسه.
الفرع الثالث
حظر العمل الجبری
یعتبر حق الإنسان فی العمل من أکثر الحقوق التصاقًا بالحق فی الحیاة، ذلک أن حق الانسان فی الحیاة الکریمة لا یکتمل، ما لم تتوافر له القدرة على کسب عیشه بإرادة حرة مختارة، فحریة العمل تعنی تمتع العامل بحریة اختیار العمل الذی یتلاءم واستعداده، وأن یسعى للوظیفة أو الحرفة القادر علیها، والأصل فی العمل أن یکون إرادیًا قائمًا على الاختیار الحر، ذلک أن علائق العمل قوامها شراء الجهة التی تقوم باستخدام العامل لقوة العمل بعد عرضه علیها.
ومن ثم فلا یجوز بالتالی أن یحمل العامل إلى العمل حملاً بأن یدفع إلیه قسرًا، أو یفرض علیه عنوة، إلا أن یکون ذلک وفق القانون – وبوصفه تدبیرًا استثنائیًا لإشباع غرض عام – وبمقابل عادل، وهی شروط تستوجبها المواثیق والمعاییر الدولیة، کی لا تتخذ شکلاً من أشکال السخرة المنافیة فی جوهرها للحق فی العمل ([94]).
ولا شک أن العمل الجبری یعتبر ظاهرة عالمیة متعددة الأبعاد ومتطورة الأشکال، وهی ظاهرة مهینة لإهدارها حریة الإنسان وکرامته، وتعارضها مع حریة أساسیة لصیقة بذاتیة الإنسان هی حریة العمل کما أوضحنا ، وهذه الظاهرة تؤثر على عدد کبیر من الأشخاص على مستوى العالم، فلا توجد دولة بمنأى عن مثل هذه الظاهرة، فانتشارها یمتد إلى الدول المتقدمة والدول النامیة على السواء، إلا أن الأرقام المعلنة بموجب تقاریر منظمة العمل الدولیة، تفصح وبوضوح أن الحجم الأکبر للعمل القسری أو الجبری یرتکب فی قارة أسیا والمحیط الهادی، کما تعددت الأسباب التی ساهمت فی انتشار ظاهرة العمل القسری، وإن کان العامل الاقتصادی هو السبب الرئیس، فزیادة الطلب العالمی بدول المقصد على العمالة غیر القانونیة والمستضعفة، لضعف أجورهم، وعدم تحمل رب العمل لتکالیف التأمین علیهم، وتأفف أصحاب البلاد الأصلیین عن أداء هذه الأعمال، وکذلک تزاید حالات الفقر والبطالة وتدنی مستوى الدخل، فی کثیر من بلدان العالم خاصة فی أفریقیا وآسیا وأمریکا الجنوبیة، قد ساهم بشکل مباشر فی انتشار ظاهرة العمل الجبری کأحد صور الاستغلال فی جرائم الاتجار بالبشر([95]).
وقد بدأ الاهتمام بشکل جدی بظاهرة العمل بالسخرة أو العمل القسری، والعمل على مکافحتها کنشاط ضد آدمیة الإنسان وکرامته بعد الحرب العالمیة الأولى، وما رافقها من استغلال للأفراد فی العمل القسری فی المصانع خلال تلک الفترة، مما أثار موجة من الاهتمام العالمی بهذه الظاهرة، ومهد إلى ظهور عدد من الاتفاقات الدولیة، التی عالجت بشکل أو بآخر العمل القسری، ومن أهمها:
1- الاتفاقیة الخاصة بالرق لسنة 1926 والتی عدت أن العمل بالسخرة أو العمل القسری مماثلة للرق، لما فیها من إهانة للکرامة الإنسانیة، ویسجل لهذه الاتفاقیة السبق فی لفت نظر العالم إلى ظاهرة العمل القسری ومحاولة محاربته، والتی مهدت لظهور اتفاقیة العمل الدولیة الخاصة بالسخرة أو العمل القسری لسنة 1930.
2- اتفاقیة العمل الدولیة الخاصة بالسخرة أو العمل القسری رقم (29) لسنة 1930، والتی تعد أول اتفاقیة خاصة بالعمل بالسخرة أو العمل القسری، والتی عدّت أن العمل القسری أو بالسخرة جریمة.
3- الاتفاقیة الدولیة رقم (105) الخاصة بتحریم السخرة لسنة 1957، والتی أشارت إلى التحریم الکلی لإسار الدین، وکذلک الإشارة إلى ما تضمنته الاتفاقیة الخاصة بحمایة الأجور لسنة 1949، التی تنص على وجوب دفع الأجور فی مواعید منتظمة، وتحظر أسالیب الدفع التی تحرم العامل من أیة قدرة صادقة على ترک العمل.
4- المواثیق الدولیة الناظمة لحقوق الإنسان، مثل الإعلان العالمی لحقوق الإنسان لسنة 1948، الذی نص فی المادة (4) على عدم جواز الاسترقاق والاستعباد لأی شخص، ثم أکد فی المادة (23/1) على حق الفرد فی العمل، وحریته فی اختیار العمل. کذلک ما ورد فی المادة (8/3/أ) من العهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة لسنة 1966، على عدم جواز إکراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامی.
5- اتفاقیة جنیف الرابعة لسنة 1949 والخاصة بحمایة المدنیین وقت الحرب، والتی أکدت فی المادة 40 على حظر إجبار المدنیین على العمل لدى قوات الاحتلال، إلا فیما یتعلق بحاجات الاحتلال أو الخدمات ذات النفع العام. واشترطت کذلک فی المادة (51) على عدم تشغیل من هم دون الثامنة عشرة، إضافة إلى إعطاء العامل أجرًا عادلًا یتناسب مع إمکانیاته الجسدیة وقدراته البدنیة.
6- اتفاقیة قمع الفصل العنصری وعقابه لسنة 1973، التی عدّت فی المادة (2/أ) أن السخرة فصلًا عنصریًا إذا ما وجهت ضد أعضاء مجموعة عرقیة معینة، بل وعدّتها جریمة ضد الإنسانیة.
ولعل من أحدث اتفاقیات العمل الدولیة التی أضافت زخمًا قویًا للجهود المبذولة من أجل القضاء على العمل الجبری، الاتفاقیة رقم(182) لسنة 1999 وتوصیتها رقم(190) بشأن حظر أسوأ أشکال عمل الأطفال، والتی تعد واحدة من الاتفاقیات الأساسیة لمنظمة العمل الدولیة، التی تضاف إلى المبادئ الأساسیة التی تضمنها الإعلان الصادر عام 1998، بشأن المبادئ والحقوق الأساسیة فی العمل الذی اعتمده مؤتمر العمل الدولی فی دورته السادسة والثمانین فی 18/6/1998 خطوة إیجابیة مثیرة للاهتمام، بحیث ألزم جمیع الدول الأعضاء، حتى ولو لم تصادق على أی من الاتفاقیات الدولیة ذات الصلة، بالحقوق الأساسیة والمتمثلة فی: حریة تکوین الجمعیات والاعتراف الفعلی بحق المفاوضة الجماعیة، والقضاء على السخرة أو العمل القسری، وإلغاء عمالة الأطفال، والقضاء على التمییز فی الاستخدام والمهن.
وفضلا عما تقدم فإن مجموعة صکوک منظمة العمل الدولیة التی تستهدف تدعیم قدرة العمال وأصحاب العمل على تکوین منظمات تدافع عن مصالحهم وتشارک فی الحوار الاجتماعی، تعمل أیضا على تقویة المشارکة وبالتالی القدرة على مقاومة السقوط فی شراک العمل الجبری ([96]).
وإذا کانت منظمة العمل الدولیة منذ نشأتها أدرجت القضاء على العمل الجبری على جدول أعمالها، فإنه تماشیًا مع هذه التوجهات العالمیة فی مقاومة الرق وأعمال السخرة والتی جسدها العدید من الاتفاقیات الدولیة، وذلک لتعارضها مع الکرامة الإنسانیة، لذلک فقد تضمنت معاییر العمل العربیة النص على حظر العمل الجبری، وهو ما قررته المادة السابعة من الاتفاقیتین رقمی (1) لسنة 1966، (6) لسنة 1976 بشأن مستویات العمل من أنه » یجب أن تتضمن تشریعات العمل حریة العمل وتحریم السخرة بما یکفل حق الأفراد فی الاختیار الحر للعمل«.
الفرع الرابع
حظر التمییز فی الاستخدام ومباشرة المهن
(مبدأ التکافؤ والمساواة فی المعاملة)
فی واقع الأمر فإن المبدأ القاضی بحظر التمییز فی الاستخدام والمهن، یعتبر مکملاً للمبدأ الخاص بحظر العمل الجبری؛ لأن حریة الإنسان فی اختیار عمله تظل أمرًا وهمیًا عندما یکون الإنسان محلًا للتمییز على أرض الواقع، وقد تمخضت الجهود التشریعیة لمنظمة العمل الدولیة فی هذا المجال عن التأکید على جانبین رئیسیین لمبدأ حظر التمییز فی مجال الاستخدام والمهن: أما الجانب الأول فخاص باستبعاد المساواة فی المعاملة فی العمل، وأما الآخر فیتعلق بتشجیع المساواة فی إیجاد أو الحصول على فرص العمل, وفی بدایة الأمر انحسر مضمون المبدأ سالف الذکر وتحدد نطاق تطبیقه بحمایة فئات خاصة من العمال(المرأة والأجانب والعمال المهاجرین وعمال الأقالیم التابعة وعمال الزراعة) ضد صور وأشکال من التمییز أو التفرقة فی مجالات الاستخدام وحریة العمل والتدریب المهنی والأجر والضمان الاجتماعی والتسریح، فضلاً عن ضمان المساواة فی الحریة النقابیة بین العمال وأصحاب الأعمال([97]).
وعلى هذا یعتبر هذا المبدأ خصیصة سامیة ومرتکزًا فلسفیًا فی مجمل عمل منظمة العمل الدولیة، وعنصرًا جوهریًا للکرامة الإنسانیة والعدالة الاجتماعیة، ورغم عدم النص علیه صراحة فی الصیاغة الأولى لدستور منظمة العمل الدولیة، فقد أُدرج هذا المبدأ بعد مرور 25 عاما فی الدستور عبر إعلان فلاد لیفیا عام 1944، الذی یعتبر جزء لا یتجزأ من هذا الدستور([98])، والذی بموجبه تم تحدید أهداف منظمة العمل الدولیة، والمبادئ التی ینبغی أن تستوحیها الدول الأعضاء فی سیاستها الوطنیة، عندما أکد هذا الإعلان فی مادته الأولى، على المبادئ الأساسیة التی أقیمت علیها منظمة العمل الدولیة، وهى تحریر العمل من حیث کونه سلعة، واعتبار حریة الرأی وحریة الاجتماع أمرین لا غنى عنهما لاضطراد التقدم، وقررت المادة الثانیة من الإعلان على أن لجمیع البشر، أیًا کان عرقهم أو عقیدتهم أو جنسهم، الحق فی العمل من أجل رفاهیتهم المادیة وتقدمهم الروحی، فی ظروف توفر لهم الحریة والکرامة والأمن الاقتصادی وتکافؤ الفرص.
ونصت المادة الثالثة من الإعلان على التزام المنظمة بأن تنشر هذه المبادئ بین مختلف دول العالم، على شکل برامج من شأنها أن تحقق العمالة الکاملة ورفع مستویات المعیشة، وتوفیر وسائل التدریب والخبرة من أجل العمل وسیاسات الأجور وساعات العمل، حتى تمکن الجمیع من الحصول على قسط عادل من ثمار التقدم، وتوفیر رعایة طبیة شاملة، ورعایـة الأمومة والطفولـة، وکفالة تکافؤ الفرص فی التعلیم والتدریب المهنی والمساواة فی الأجر للعمل المتساوی القیمة([99]).
أما المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، فقد جاء خالیًا من الإشارة إلى مبدأ المساواة بین الرجل والمرأة، اکتفاء بما ورد فی المادة الثالثة من دستور المنظمة، من قیام منظمة العمل العربیة بعمل البحوث والدراسات المتعلقة بظروف وشروط العمل للمـرأة، ومما یؤسف له أنه عندما تم تعدیل دستور منظمة العمل العربیة لم یتم تدارک هذا النقص، حیث اکتفى بالنص على أن مـن أهداف منظمة العمل العربیة، توفیر الحمایـة اللازمة فی التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة، وذلک من خلال تهیئة فرص العمل للمرأة، بما یتناسب وقدراتها والتقالید المرعیة([100]).
وعلى الرغم من أن مبدأ المساواة - کما لاحظنا آنفا- لم یرد فی دستور منظمة العمل العربیة بشکل صریح، ولم یعالج باتفاقیة عربیة عامة تکرس المبدأ وتحدد نطاقه، إلا أننا نجد أن مبدأ المساواة بین الرجل والمرأة، مقررًا بموجب عدة أحکام متفرقة، أوردتها الاتفاقیات والتوصیات العربیة.
ویمکن القول أن الإطار العام لمبدأ المساواة، یجد أصله فی الاتفاقیة العربیة رقم (1) لسنة 1966، بشأن مستویات العمل المعدلة بالاتفاقیة رقم (6) لسنة 1976، والاتفاقیة رقم (5) لسنة 1976 بشأن المرأة العاملة، فالمادة الثامنة من الاتفاقیة العربیة رقم (1) لسنة 1966، وهى نفس المادة الواردة بالاتفاقیة بعد تعدیلها عام 1976، تقرر أنه یجب أن تکون الحمایة التی تقررها مستویات العمل واحـدة، وألا تنطوی على التفریق بیـن العمال، کالتفریق بسبب الجنس أو الأصل أو الدین أو الرأی السیاسی .. الخ.
وقد فصلت الاتفاقیة العربیة رقم (5) لسنة 1976 المبدأ العام وحددت نطاقه، فالمادة الثالثة منها تؤکد على ضرورة العمل على مساواة المرأة والرجل، فی کافة شروط وظروف العمل، کما تقرر المادة الأولى، على أنه یجب العمل على مساواة المرأة والرجل فی کافة تشریعات العمل، کما یجب أن تشمل هذه التشریعات على الأحکام المنظمة لعمل المرأة، وذلک فی کافة القطاعات بصفة عامة، وعلى الأخص فی قطاع الزراعة.
وفیما یتعلق بالاستخدام أکدت المادة الثانیة من الاتفاقیة (5) لسنة 1976، أنه یجب العمل على ضمان تکافؤ الفرص فی الاستخدام بین الرجل والمرأة فی کافة مجالات العمل، عند تساوى المؤهلات والصلاحیة، کما یجب مراعاة عدم التفرقة بینهما فی الترقی الوظیفـی.
وعلى هذا فیما یتعلق بمبدأ حظر التمییز فی مجال الاستخدام ومباشرة المهن، یتضح لنا أن معاییر العمل العربیة وإن لم تورد اتفاقیة إطاریة تحدد بها نطاق المبدأ وأحکامه التفصیلیة، فإنها أوردت عدة أحکام متفرقة، بالإضافة إلى أحکام أخرى تتعلق بالمساواة فی الأجور، بحیث تکاد تشمل کافة الموضوعات، ولکن یبقى أن تلک المعاییر لم تبین الالتزامات الواقعة على عاتق الدول الأعضاء، لوضع هذا المبدأ موضع التنفیذ، ولا هی بینت الإجراءات والأسالیب واجبة الاتباع من لدن الدول الأعضاء، والأحکام التی لا تعد خروجًا على هذا المبدأ.
تطبیق مبدأ المساواة فی مجال الأجور:
وإذا انتقلنا إلى تطبیق مبدأ المساواة فی مجال الأجور، نجد أنه لما کان الأجر أهم عنصر من عناصر عقد العمل، أو بالأحرى أهم رکن من أرکان انعقاد العقد، وهو یمثل أحد الالتزامین الرئیسیین فی عقود العمل عامة، ذلک أن أهم التزام یرتبه عقد العمل على صاحب العمل هو دفع الأجر، وأن أهم التزام یرتبه عقد العمل على العامل هو القیام بالعمل، وبسبب أن العامل یعول أساسًا على ما یتقاضاه من أجر فی معیشته وأسرته وتلبیة احتیاجاتهم، فإن ذلک کان مدعاة لقیام التشریع الدولی - فی التشریعات التی تحکم الأجر- بإرساء مبدأ المساواة فی الأجور بین الرجل والمرأة.
ولما کان مبدأ المساواة فی الأجر بین الجنسین هدف عزیز المنال، فقد تصدر سلم أولویات مطالب العمال، وهو مبدأ من أسمى المبادئ التی یرتکز علیها التشریع العمالی، فی سائر دول العالم دون استثناء.
وفى عام1991 کان من الطبیعی أن یتبوأ هذا المبدأ، الموقع المناسب فی دستور منظمة العمل الدولیة، بعد أن ناضل العمال طویلًا من أجل ترسیخه عالمیًا، وصیرورته من أهم تطبیقات مبدأ المساواة، نظرًا لارتباط مستوى معیشة العامل بالأجر الذی یحصل علیه ([101]).
وإیمانًا من دور المجتمع الدولی بأن المساواة فی الحقوق ومن بینه المساواة فی الأجر، لیس عملا من أعمال البر من جانب من هم فی السلطة، وإنما عمل لازم من أجل تقدم المجتمعات، أصدرت منظمة العمل الدولیة معاییر دولیة لتحقیق المساواة فی الأجر عن العمل ذی القیمة المتساویة بین العمال والعاملات، وکذلک معاییر دولیة لإزالة التمییز فی مجال الاستخدام والتوظیف، وأخرى لتحقیق تکافؤ الفرص والمساواة فی المعاملة للعمال من الجنسین ذوی المسئولیات العائلیة، وذلک لترجمة أهداف المساواة والتنمیة والسلام إلى واقع، لذلک کان من الطبیعی أن تخصص منظمة العمل الدولیة الاتفاقیة رقم 100 لسنة1951، بشأن مساواة العاملات والعمال فی الأجر عن العمل ذی القیمة المتساویة، وأن تلحق بها التوصیة رقم 90 لسنة 1951، بوسائل تتلاءم مع الأسالیب السائدة لتحدید معدلات الأجور فی البلدان المعنیة([102]).
وفیما یتعلق بموقف معاییر العمل العربیة من مبدأ المساواة وعدم التمییز فی مجال الأجور، فإنه یجب التنبیه إلى أن مبدأ المساواة فی الأجر بین الرجل والمرأةـ، یأتی ضمنًا من الاتفاقیة رقم (1) لسنة 1966 بشأن مستویات العمل المعدلة بالاتفاقیة رقم (6) لسنة 1976، والتی تؤکد على أن الحمایة التی تقررها مستویات العمل العربیة واحدة، ولا تنطوی على أیة تفرقة بین المرأة العاملة والرجل العامل ([103]).
على أن الاتفاقیة رقم (5) لسنة 1976 بشأن المرأة العاملة کانت أکثر وضوحًا حین قررت فی مادتها الثالثة، أنه یجب العمل على ضمان مساواة المرأة والرجل فی کافة شروط وظروف العمل، وضمان منح المرأة العاملة الأجر المماثل لأجر الرجل، وذلک عن العمل المماثل ([104]).
ولکن مما تجدر ملاحظته هنا أیضًا أن مستویات العمل([105]) العربیة، وأن أقرت مبدأ المساواة بین الرجل والمرأة فی الأجر متى تماثلت الأعمال، إلا أنها مازالت بعیده عن مستویات العمل الدولیة، التی لا تکتفی بإقرار المبدأ بل تحرص على تفصیل أحکامه ونطاقه، ووسائل وضعه موضع التطبیق.
المبحث الرابع
الصعوبات والمعوقات التی واجهت مسیرة المنظمة
رغم الإنجازات التی حققتها منظمة العمل العربیة خلال مسیرة عملها منذ إنشائها فی عام 1965، من حیث قیامها بدور رائد فی إنشاء القانون الدولی العربی للعمل، ورفع مستوى القوى العاملة العربیة، فإن المنظمة واجهت العدید من الصعوبات والمعوقات التی أسهمت فی أن تبطیء من مسیرتها الفنیة دون أن تتمکن من إیقافها فی أداء رسالتها، والتی تتمثل فی الآتی:
المطلب الأول
الظروف السائدة فی المنطقة وضعف الحوار بین أطراف الإنتاج
درجت منظمة العمل العربیة منذ إنشائها على السعی للوفاء بالتزاماتها، نحو أهدافها المعلنة المنصوص علیها فی دستورها وفی المیثاق العربی للعمل، والتی جاءت أمینة للمرحلة التی وضعت فیها هذه الأهداف وللمراحل اللاحقة، طالما هی باقیة فی إطار التعبیر عن تطلعات وطموحات الأمة العربیة، غیر أن التغیرات التی شهدتها المنطقة العربیة وما رافقها من تحولات أساسیة، کانت من الأسباب التی ساهمت فی خلق صعوبات أمام المنظمة للقیام بدورها.
فمنظمة العمل العربیة أسوة بباقی مؤسسات العمل العربی المشترک، هی انعکاس لمجمل الظروف السائدة فی المنطقة، فهی تتأثر سلبًا ، کما تتأثر إیجابًا، بالتوجهات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة للدول الأعضاء، وبشکل خاص فی ضوء العلاقات القائمة بین هذه الدول وبعضها البعض، فکلما زادت مساحة العلاقات الطبیعیة بینها فی إطار من التفاهم الأخوی، کلما زادت الفرصة المتاحة للمنظمة فی هذا المناخ الإیجابی للقیام بدورها الطبیعی.
وبعکس هذه الحالة، تظهر الصعوبات والمعوقات التی تواجه مسیرة المنظمة وتعقد عملها الفنی، وتجعل منها مجالًا للتعبیر عن التناقض فی مواقف هذه الدول، وما یتفرع عن هذه المواقف من جزئیات تؤدی عند تراکمها، لحدوث تحول نسبی بالضرورة فی نمط عمل المنظمة.
فالصعوبات التی تواجه مسیرة المنظمة تولدت عن الظروف المحیطة بها، والتی لا یمکن فصلها عن طبیعة المرحلة التی تمر بها المنطقة، کما لا یمکن فصل هذه الصعوبات عن الإرث الذی حملته المنطقة على کاهلها، وترافق مع المتغیرات الحادة التی شهدتها المنطقة خلال ثمانینیات وتسعینیات القرن الماضی، وکان انعکاسها واضحا على مستوى أداء العمل العربی المشترک ومن ضمنه منظمة العمل العربیة([106]).
وربما کان تأثر المنظمة بهذه المتغیرات أکثر من غیرها من مؤسسات العمل العربی المشترک، نظرًا لطبیعة تکوینها الفریدة من بین هذه المؤسسات، فهی المنظمة الوحیدة فی نطاق جامعة الدول العربیة، التی تضم فی إطارها قوى الإنتاج العربیة کافة، من حکومات وأصحاب أعمال وعمال، الأمر الذی جعلها الأکثر تأثرًا بانفعالات الساحة العربیة عن غیرها من مؤسسات العمل العربی المشترک.
وإذا کان من ضمن مبررات وجود منظمة العمل العربیة فی ضوء ما نص علیه المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، أن تکون إطارا یضم فی جنباته أطراف الإنتاج الثلاثة فی الدول الأعضاء، للتحاور والتشاور فیما بینهم لمعالجة المواضیع التی تنشأ عن مصالح کل طرف تجاه الطرفین الآخرین، ضمن مناخ دیمقراطی مفتوح یؤمن التواصل بین هذه الأطراف لإرساء قواعد السلام الاجتماعی فی الدول العربیة، غیر أن الواقع کان یشیر إلى اتجاه آخر.
فمع ازدیاد أزمات المنطقة واشتداد القبضة المرکزیة التی صاحبت هذه الأزمات أو ربما أدت إلیها، وکما جاء فی تقریر المدیر العام للمنظمة فی سنة 1980، أصبح أطراف الإنتاج مع التباین بین الدول الأعضاء، من ضمن مؤسسات الدول ویعبرون عن سیاساتها وتوجهاتها، بغض النظر عن دورهم الطبیعی النابع من الصفة التمثیلیة لکل منهم، وتحول الحوار بین أطراف الإنتاج من أسلوب دیمقراطی منهجی لإرساء قواعد السلام الاجتماعی، إلى محفل لتسجیل المواقف المعبرة عن الخلافات العربیة ، بعیدا عن الأهداف والمواضیع الفنیة التی تتعلق بقضایا العمل والعمال، وکان لهذه الحالة أثرها السلبی الذی انعکس على مستوى الأداء الفنی للمنظمة.
المطلب الثانی
عدم التزام الدول الأعضاء بسداد مساهماتها المالیة
هناک مجموعة أخرى من الأسباب تعود فی معظمها إلى الدول الأعضاء، لعبت دورًا مهمًا فی إقامة بعض العوائق أمام قیام منظمة العمل العربیة بالدور المطلوب منها، وقد یأتی فی مقدمة هذه الأسباب تسارع الأزمات الاقتصادیة الحادة التی شهدتها الساحة العربیة، والتی أدت إلى وصول معدلات البطالة فی الدول العربیة إلى حد غیر مسبوق بلغ (22%) من مجموع القوى العاملة العربیة، أی إلى ما یزید عن (24) ملیون عاطل عن العمل مما جعل المؤشر البیانی لخط الفقر یتجه صعودا بشکل ملحوظ.
إن تسارع هذه الأزمات جعل المنظمة فی ضوء إمکانیاتها المحدودة فی حالة سباق مع الزمن،حتى تستطیع مجاراة هذه الأحداث فنیا، بحیث تعمل على تحدید إطارها والتعرف على الأسباب المؤدیة لها،ومن ثم اقتراح وتقدیم البدائل والحلول المناسبة للتقلیل من آثارها السلبیة على مستوى المجتمع العربی، ورغم الجهود الکبیرة التی بذلتها المنظمة فی هذا المجال،إلا أن رد الفعل من قبل الدول الأعضاء تجاه هذه القضیة کانت أقل مما یسمح للمنظمة بأن تقوم بدورها وأن تستمر به.
بالإضافة إلى ذلک فإن مجمل الأوضاع السائدة على الساحة العربیة انعکس سلبا على الموقف المالی للمنظمة، حتى أصبحت کما لو کانت فی حالة حصار مالی، فبعض الدول حالت ظروفها السیاسیة والاقتصادیة دون تأمین دفع مساهماتها فی موازنة المنظمة، ودول أخرى اعترضت على النسبة المقررة لمساهماتها فأحجمت عن الدفع، والبعض کان یدفع جزءًا من مساهمته ویؤجل الباقی لمرحلة لاحقة، لدرجة أن الدول التی کانت تدفع مساهماتها کاملة وفی الربع الأول من السنة کانت محصورة بعدد قلیل جدا من الدول، وقد أسفرت هذه الوضعیة عبر السنین عن تراکم حجم المبالغ الناجمة عن المساهمات المتأخرة إلى رقم کبیر جدًا بالنسبة لحرکة عمل المنظمة، زاد عن (28) ملیون دولار منها ما یزید عن (8) ملایین دولار عن السنوات العشر الأخیرة، ومن الطبیعی أن مثل هذه المبالغ لها أهمیة قصوى بالقیاس للموازنة السنویة للمنظمة البالغة حالیا (3) ملایین و250 ألف دولار، فلو کانت قد سددت فی حینها لکانت المنظمة قد استطاعت أن تنفذ الکثیر من مشاریعها الاستراتیجیة، وفی مقدمتها ما یتعلق بتشغیل الشباب لمواجهة البطالة المتنامیة فی الدول العربیة.
وبالجملة فإن ثمة معوقات عدیدة تعترض مسیرة المنظمة، فی إطار سعیها لتحقیق أهدافها القومیة، تتعلق بعدم وفاء الدول الأعضاء بمساهماتها المالیة تتمثل فی المعوقات التالیة ([107]):
1- عدم سداد بعض الدول العربیة لمساهماتها فی موازنة المنظمة، مما یفقد المنظمة جزءا لا بأس به من موازنتها المقررة، وبالتالی یفقدها القدرة على الوفاء بالتزاماتها کاملة فی تنفیذ برامجها وأنشطتها، لخدمة أطراف الإنتاج الثلاثة فی الوطن العربی.
2- تحفظ بعض الدول العربیة على نسب مساهماتها فی موازنة الجامعة العربیة، وبالتالی فی موازنة منظمة العمل العربیة، مما یفقد المنظمة جزءًا آخر مهمًا من الأموال المعتمدة فی الموازنة السنویة.
3- عزوف بعض الدول عن المشارکة فی البرامج والنشاطات التی تعقدها المنظمة، إلا إذا تم توفیر بطاقات السفر والإقامة لممثلیها.
4- عدم موافاة المنظمة بالبیانات والإحصاءات الدقیقة، التی تکفل إعداد البحوث والدراسات والإحصاءات الدقیقة عن مسائل العمل والعمال، وخاصة البطالة والعمالة الوطنیة والوافدة والمهاجرة.
5- التراخی من قبل بعض الدول، فی الایفاء بالتزاماتها تجاه تنفیذ القرارات والتوصیات، الصادرة عن مؤتمر العمل العربی ومجلس الإدارة، مما یحول دون تحقیق المنظمة لأهدافها علی أکمل وجه.
6- عدم اعتماد الموازنة المعدة من قبل المنظمة- والمعتمدة من مؤتمرها العام- من قبل المجلس الاقتصادی والاجتماعی، مما ینعکس سلبا على برامج الخطة المعتمدة والمقترحة، من تنظیمات أصحاب الأعمال والاتحادات العمالیة، ووزارات العمل فی الدول العربیة.
7- عدم تسدید بعض الدول لمساهماتها فی موازنة المنظمة لعدة سنوات بسبب ظروفها الاقتصادیة أو تلک التی کانت تمر بحالة حرب وحصار کالعراق (2004-1980) والصومال وجیبوتی، وقرار إعفاء دولة فلسطین مع عدم توزیع نسبتها على بقیة الحصص، وتشکل نسبة هذه الدول مع نسب التحفظ حوالی 30% من موازنة المنظمة، وکأن المنظمة تعمل بنسبة 70% من موازنتها.
المطلب الثالث
صناعة القرار فی المنظمة
نص دستور منظمة العمل العربیة على أن مؤتمر العمل العربی، هو أعلی سلطة فی المنظمة، ویختص إلى جانب مسئولیات أخری، بتحدید الخطوط الأساسیة لعمل المنظمة ورسم سیاستها وتحقیق أهدافها. ویلی المؤتمر فی الولایة الإشرافیة على المنظمة، مجلس الإدارة الذی یختص بمتابعة سیر العمل فی مکتب العمل العربی، ومتابعة تنفیذ قرارات وتوصیات المؤتمر واللجان المختصة واجتماعات الخبراء.
أما مکتب العمل العربی، فإنه الجهاز التنفیذی للمنظمة، یرأسه مدیر عام ویعاونه مدیر مساعد ومستشار ویعمل به عدد من الموظفین یتم تعیینهم طبقا للأنظمة النافذة فی المنظمة. وطبقا لما نص علیه نظام العمل بمکتب العمل العربی، فإن المدیر العام هو المسئول عن سیر العمل فی المکتب، وتکون مسئولیاته وکذلک موظفو المکتب ذات طابع دولی، وعلیهم فی آدائهم لواجباتهم أن لا یطلبوا أو یقبلوا تعلیمات من أیة حکومة أو سلطة أخری غیر المنظمة.
ویفهم من هذا، بأن مدیر عام مکتب العمل العربی هو المسئول الأول عن سیر العمل فیه، ینفذ ما یرسمه المؤتمر للمنظمة من سیاسات وتوجهات، ویتابع مجلس الإدارة سیر العمل فی المکتب فی إطار تنفیذ قرارات وتوصیات المؤتمر، وبتعبیر آخر فإن نصوص الدستور، جعلت من المؤتمر سلطة تشریعیة، ومن المکتب سلطة تنفیذیة، وبینهما سلطة رقابیة ممثلة بمجلس الإدارة.
وقد حرص المشرع على تحدید دور وصلاحیات کل من هذه السلطات، بحیث لا یحدث بینها أی تداخل حتى لا تضعف أی منها الأخرى، وخاصة ما یتعلق بمکتب العمل العربی، حیث جاء النص واضحا بشأن مرجعیته حین أکدت النصوص، بأنها بید مدیره العام وأن استقلالیته الإداریة مکفولة، عندما نصت بوضوح على عدم قبول جهازه الفنی أیة تعلیمات من أیة حکومة أو سلطة غیر المنظمة.
غیر أن الظروف التی أحاطت بالمنظمة، کانت أقوی من النصوص التی وضعت کی تکفل لها استقلالیتها وتحمیها من تأثیر أی تدخل فی شئونها الداخلیة، فقد نجحت بعض الأطراف فی التوصل إلى إقامة رؤوس کباری لها داخل المنظمة، لا نکون مبالغین إذا قلنا بأنها استطاعت أن تصل إلى حد مشارکة الإدارة العلیا باتخاذ القرار، مستندة إلى شبکة من العلاقات التی نجحت فی إقامتها، داخل وخارج الجهاز الفنی للمکتب.
ومما لا شک فیه، أن وجود مثل هذه الوضعیة أدی لتنامی عدد من الظواهر التی انعکست سلبا على مستوی الأداء الفنی للمنظمة وکان من نتائجها:
- الضغوط الکبیرة والمتعددة من بعض الدول والتنظیمات الأعضاء، لمحاولة توجیه إدارة المنظمة فی الأمور المتعلقة بالتعیین والترقیة للموظفین، دون النظر للاعتبارات الفنیة ومدی صلاحیة هؤلاء الأفراد للترقیة والتوظیف، والقیام بمعارضة أی توجه تقوم به المنظمة من أجل ترقیة المجدین من العاملین فیها، وخلق بلبلة تشترک فیها هذه الجهات عن طریق معلومات خاطئة تصلهم من بعض الأفراد، وهذا یعنی إیجاد إدارة موازیة لإدارة المنظمة، والتدخل فی سیر العمل الیومی، وکذلک عدم اعتبار المصدر الأساسی والمهم للمعلومات، هو إدارة المنظمة المختارة من المؤتمر.
- التوجه الشمولی من قبل اللجان المختصة بالجامعة العربیة، والمجلس الاقتصادی والاجتماعی، ومحاولاتها المتکررة لإلباس جمیع المنظمات قالبًا واحدًا فی لوائحها وتنظیمها، متناسین أن لکل منظمة من هذه المنظمات خصوصیة فنیة، وشکل، یجب أن یکون مختلفًا عن الأخرى، بحکم تکوینها وطبیعة عملها ([108]).
وإذا کانت هذه الظواهر فی النهایة تدخل فی إطار الظروف الذاتیة للمنظمة، فمما لا شک فیه أن الظروف الموضوعیة التی أحاطت بها، کان لها أثر فی إعاقة مسیرتها، ولعل من أبرز هذه الآثار، مواجهة المنظمة للمتغیرات السریعة التی شهدتها المنطقة العربیة وما نتج عنها من آثار، دون أن تکون مستعدة فنیًا لمواجهتها بالقدر الکافی أو بالمستوی المطلوب، کما أثرت التحولات السیاسیة التی شهدتها المنطقة العربیة، إلى حد کبیر على العلاقة المباشرة بین الدول الأعضاء، ومؤسسات العمل العربی المشترک، بمعنی آخر بین الأجهزة النظامیة فی إطار الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة، والتی تمثل الأجهزة الرقابیة للدول الأعضاء من جهة، والمنظمات المتخصصة العاملة فی نطاق جامعة الدول العربیة من جهة أخری، الأمر الذی أدی إلى ظهور عدد من الإشکالیات التی ساهمت إلى حد کبیر، فی إعاقة عمل المنظمات المتخصصة، وبشکل خاص منظمة العمل العربیة.
خاتمة البحث
فی ختام الحدیث {عن دور منظمة العمل العربیة فی إنشاء قانون دولی عربی للعمل ورفع مستوى القوى العاملة العربیة}.
وضح لنا، من خلال تناول الموضوع، أن إنشاء منظمة العمل العربیة فی عام 1965، شکل استجابة للتوجه القومی وتعاظمه الذی ساد فترة الستینیات فی الوطن العربی، متطلعًا نحو تحقیق الوحدة العربیة، فی مختلف مناحی الحیاة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، وقد تجسدت هذه التطلعات الوحدویة فی المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، الذی کرس حقیقة الإدراک الکامل بوجوب قیام منظمة عربیة ذات توجه اجتماعی/إنسانی/عمالی..، کأداة للتقدم الاجتماعی واعتمادها الحوار والثلاثیة أساسًا فی التشاور، والتعاون الفنی سبیلاً للتنسیق، ودعم من هم أکثر احتیاجًا، ومعاییر العمل منهجًا فی التکامل، وصولاً إلى توحید التشریعات العمالیة، هذا فضلًا عن تزاید الاقتناع بأن تکاتف القوى العاملة فی الوطن العربی، یمثل إحدى الدعامات الأساسیة للوحدة العربیة، إضافة – إلى ما تقدم – فإن انضمام الدول العربیة لمنظمة العمل الدولیة والمشارکة فی مؤتمراتها وأنشطتها المختلفة، ساهم إلى حد کبیر فی بروز فکرة تأسیس منظمة عمل عربیة، على غرار منظمة العمل الدولیة، تتولى التنسیق والتعاون فیما بین الدول العربیة، فی الموضوعات ذات الاهتمام المشترک، ولتبادل الخبرات والتجارب بما ینسجم والأوضاع السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، وبما یتلاءم والقیم العربیة العریقة، بعیدًا عن المحاکاة والتقلید.
ووضح لنا، أنه بعد مرور أکثر من نصف قرن على إنشاء المنظمة، یبدو أن الأهداف التی أنشئت من أجلها - على الخصوص مساهمتها فی إنشاء القانون الدولی العربی للعمل - قد تحققت، من خلال النشاط التشریعی العربی للعمل متمثلًا فی الاتفاقیات والتوصیات التی أصدرتها، لکی یتم تکریسها من قبل الدول الأعضاء فی تشریعاتها الوطنیة بعد التصدیق علیها، والتی تشهد على التقدم الذی حققته المنظمة فی إرساء العدالة الاجتماعیة، مع ضرورة مواصلة واستمرار نشاطها التشریعی فی المجال الاجتماعی، والمحافظة على هذا التراث التشریعی الثری، فی سبیل تعزیز مبادئ العدالة الاجتماعیة التی کرستها فی دیباجة دستورها، ودیباجة المیثاق العربی للعمل، بنصها على أنه، لا یمکن أن یؤسس سلم عالمی ودائم سوى على أساس العدالة الاجتماعیة، وأن العمل لیس سلعة، وأن من حق القوى العاملة فی الوطن العربی أن تعمل فی ظروف وشروط ملائمة تتفق مع کرامة الإنسان العربی.
ووضح لنا، أنه نظرًا لما یحققه التعاون والتکامل فی میدان العمل، من ضمان حقوق الإنسان العربی فی حیاة کریمة، أساسها العدالة الاجتماعیة، فقد بادرت المنظمة منذ نشأتها، وهی مستمرة فی العطاء والعمل على الارتقاء بالتعاون والتکامل المنشود، فی مختلف القضایا العمالیة إلى أعلى مستوى، لضمان تحقیق أهدافها القومیة، حیث لم تدخر أی جهد فی سبیل ذلک، باستغلال کافة الهیاکل التابعة لها، والأسالیب والوسائل المتاحة أمامها، لتفعیل أنشطتها وبرامجها، على المستویات القطریة والإقلیمیة والعربیة والدولیة.
ووضح لنا، أنه فی إطار سعی المنظمة، لإبراز قضیة التشغیل، وإعطائها ما تستحق من الاهتمام، وإدراکًا منها بأن التصدی لمشکلة البطالة، یمثل الهاجس الأکبر لجمیع الدول العربیة، طرحت المنظمة على القادة العرب اعتماد المدة (2010-2020)، عقدًا عربیًا للتشغیل یتم الترکیز فیه على هذه القضیة الحیویة، کون البطالة هم مشترک یهدد کل البدان العربیة، وهی بحاجة ماسة لتعاون عربی فعال، لتجنب آثاره المدمرة على الشباب وعلى التنمیة، والاصلاحات الاقتصادیة، وعلى السلم الاجتماعی وعلى الأمن العربی، وأن الحد من البطالة یتجاوز أطراف الإنتاج الثلاثة، ومن الواجب التعاون الکامل بین الشرکاء الاجتماعیین والفاعلین الاقتصادیین، وإیجاد حلول یکون فیها دور للتعلیم والتدریب والاستثمار والتخطیط الاقتصادی، وقد أصدرت المنظمة خلال مسیرة عملها على مدى العقود الماضیة، العدید من التقاریر حول التشغیل والبطالة، وکان هدفها من هذه التقاریر، فهم أعمق لقضایا البطالة والتشغیل، للمساعدة فی بلورة واختیار الحلول المناسبة، لمواجهة هذا التحدی فی البلدان العربیة، ومستهدفة من هذه التقاریر المتنوعة عن التشغیل والبطالة فی البلدان العربیة، تکوین قاعدة معرفیة موثقة معلوماتیًا وإحصائیًا، تصلح لأن تکون مرجعًا لواضعی السیاسات، وصانعی القرارات التنمویة، ومصدرًا معلوماتیًا مفیدًا للباحثین والقراء.
ووضح لنا، أن تسهیل تنقل الید العاملة بین الدول العربیة، والعمل على إحلال الأیدی العاملة العربیة محل الأیدی العاملة الأجنبیة، عند تساوى المؤهلات والمهارات المطلوبة فی سوق العمل، کانت من أولى القضایا التی عالجها مبکرًا التعاون العربی، فی مجال التشغیل والحد من البطالة، وبذلت من أجلها منظمة العمل العربیة جهودًا کبیرة منذ تأسیسها، وأثمرت تلک الجهود العدید من الاتفاقیات العربیة، والاستراتیجیات المشترکة فی هذا المجال، ولا تزال هذه الجهود تبذل من قبل المنظمة لتحقیق نتائج عملیة، وإن کان الواقع یشیر إلى صعوبات کبیرة تقف فی وجه تحقیق هذه الغایة بشکل مُرضٍ.
ووضح لنا أیضًا، أن المنظمة کانت أکثر وعیًا وإدراکًا، لحمایة الحقوق والحریات الأساسیة فی العمل، حیث کانت فی صدارة اهتمامات المنظمة منذ نشأتها، بل هی المبرر الحقیقی لقیامها وغایة أنشطتها ومبادئها الأساسیة، من خلال ما تم التأکید علیه فی المیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، وکانت مجالًا رحبًا للعدید من الجهود المتواصلة للمنظمة، من خلال اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، بهدف تحسین ظروف العمل، وحمایة حقوق الإنسان العامل العربی وصون حریاته الأساسیة، وعلى هذا فإن الدول العربیة الأعضاء فی المنظمة، حتى وإن لم تصدق على معاییر العمل العربیة الصادرة عن المنظمة، تلتزم بموجب عضویتها فی المنظمة وبحسن نیة، وفقًا للمیثاق العربی للعمل ودستور المنظمة، بأن تحترم المبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسیة الواردة فی هذه المعاییر، وهی الحریة النقابیة والاعتراف الفعلی بالحق فی المفاوضة الجماعیة، والقضاء الفعلی على عمل الأطفال، والقضاء على التمییز فی الاستخدام والمهنة، والقضاء على کافة أشکال العمل الجبری.
ووضح لنا أیضًا، أن معاییر العمل العربیة تهدف إلى توحید تشریعات العمل العربیة، والنهوض بشروط وظروف العمل کلما أمکن ذلک، لحاجة الأمة العربیة إلى العمل المشترک فی میدان العمل والعمال، لتحقیق الأهداف المنصوص علیها فی المیثاق العربی للعمل، ودستور منظمة العمل العربیة، وهی تحقیق التماثل فی أحکام التشریعات الاجتماعیة العربیة، للوصول بها إلى مستویات متماثلة، سعیًا إلى تحقیق العدالة الاجتماعیة.
ولکن مما یجدر ملاحظته ضآلة التصدیقات على معاییر العمل العربیة من قبل الدول العربیة، بالإضافة إلى الصعوبات الدستوریة والتشریعیة التی تواجهها الدول المصدقة، فی تحقیق التوافق بین أحکام تشریعاتها الوطنیة والمعاییر الواردة فی الاتفاقیات التی صدقت علیها، وإن کان اعتماد التصدیق الجزئی على الاتفاقیات قد ییسر على هذه الدول التصدیق على الأحکام الأساسیة فیها کمرحلة أولى، ثم یأتی الالتزام ببقیة الأحکام على نحو تدریجی، حیث وقف التصدیق الکلی حائلًا دون التوسع فی تصدیقات الدول العربیة، على اتفاقیات العمل العربیة.
وختامًا، فإنی أعلم علم الیقین بأن الکمال لله وحده، وأن کل عمل مهما ظن صاحبه به الکمال، فلا شک بأنه یعتریه النقص والقصور، ولکن حسبی من ذلک بأننی حاولت ولم آل جهدًا فی البحث والتقصی، عن کل ما هو صحیح ومفید، فی مجال دور منظمة العمل العربیة فی تنمیة ورفع مستوى القوى العاملة العربیة.
فإن أصبت فبتوفیق من الله وهدیه، وإن أخطأت فذلک منی، ونزغ من الشیطان، استغفر الله فیه وأتوب إلیه، وأسأله إن لم یعطنی الأجرین، فلا ینزع منی الأجر الواحد.
وأسأل الله أن ینفع بما کتبت کل من یقرأه، وأن یضع سبحانه کل صحیح – تطرقنا إلیه – یخدم دور منظمة العمل العربیة فی تنمیة ورفع مستوى القوى العاملة العربیة، فی میزان حسناتنا، وأن نبرأ من کل خطأ ؛ لأنه غیر مقصود، فیعفوا بهذا القصد عن زلاتنا، وفقهنا الله فی دیننا، ویفتح علینا فواتح الخیر، ویبعد عنا کل شر، اللهم آمین، وهدانا جمیعًا سواء السبیل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین ،،،
([2]) نبذة عن منظمة العمل العربیة: مطبوعات المعهد العربی للثقافة العمالیة وبحوث العمل بالجزائر التابع لمنظمة العمل العربیة.
([6]) منظمة العمل العربیة: آفاق مستقبلیة فی ظل المتغیرات والتحدیات، تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی البند الأول القسم الأول، مؤتمر العمل العربی الدورة السادسة والعشرون القاهرة مارس/آذار 1999، ص 27- 31.
([7]) ینظر الدراسة التی أعدها المدیر العام لمکتب العمل العربی بعنوان: محدودیة التصدیق على اتفاقیات العمل العربیة. الأسباب والحلول مطبوعات منظمة العمل العربیة 2003 ص14
([8]) انظر قرار مؤتمر العمل العربی رقم21 فی دورته الثانیة فی13/3/1973 بشأن تکوین لجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی.
([9]) أقر مؤتمر العمل العربی فی دورته الخامسة بالإسکندریة مارس 1976 اللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی بموجب قراره رقم104.
([10]) أقر مؤتمر العمل العربی فی دورته الخامسة والعشرین- الأقصر مارس 1998 نظام عمل لجنة الحریات النقابیة بموجب قراره رقم1076.
([11]) انظر: نظام عمل لجنة الحریات النقابیة واللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی, منشورات مکتب العمل العربی بمنظمة العمل العربیة, مطابع جامعة الدول العربیة 1998 ص5 وما بعدها.
([13]) انظر نظام عمل لجنة الحریات النقابیة واللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی, مرجع سابق ص9-10.
([14]) انظر نظام عمل لجنة الحریات النقابیة واللائحة الداخلیة للجنة الحریات النقابیة بمکتب العمل العربی- مرجع سابق ص10-13.
([15]) تم إقرار هذا النظام بموجب القرار رقم(1192) الصادر عن مؤتمر العمل العربی فی دورته التاسعة والعشرین(القاهرة/مارس2002.
([16]) أصدر مؤتمر العمل العربی فی دورته الثالثة (الرباط/مارس 1974) قرارا بإنشاء المعهد العربی للثقافة العمالیة وبحوث العمل بالجزائر، کما رحّب بالعرض المقدم من طرف الحکومة الجزائریة باستضافة مقر المعهد.
([17]) أنشئ بناء على قرار مؤتمر العمل العربی فی دورته التاسعة(بنغازی1981) وجرت استضافته فی مدینة دمشق بناء على البروتوکول الموقع بین حکومة الجمهوریة العربیة السوریة ومنظمة العمل العربیة عام1983، وبوشر العمل فی المعهد مع بدایة عام 1985 حیث یضطلع بدور فاعل ومؤثر على المستوى العربی فی حمایة وحفظ صحة العمال وبیئة العمل.
([18]) تنفیذًا لقرار مؤتمر العمل العربی رقم(1195) فی دورته رقم(29) القاهرة 2002، أصدر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة القرار رقم(1430) بتغییر مسمى المرکز إلى(المرکز العربی لتنمیة الموارد البشریة).
([19]) یعد المرکز العربی للتأمینات الاجتماعیة أحد الأجهزة الفنیة المتخصصة فی مجالات نظم التأمینات الاجتماعیة والضمان الاجتماعی ویعتبر کإحدى الأذرع الفنیة التی تعمل على تحقیق أهداف منظمة العمل العربیة ومیثاق العمل العربی ودستور المنظمة.
([20]) منظمة العمل العربیة: آفاق مستقبلیة فی ظل المتغیرات والتحدیات، تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی، مؤتمر العمل العربی الدورة السادسة والعشرون القاهرة مارس/ آذار1999 ص 70 وما بعدها.
([22]) منظمة العمل العربیة: المسیرة والإنجازات-الصعوبات-رؤیة مستقبلیة. تقریر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة، مؤتمر العمل العربی الدورة الرابعة والثلاثون (شرم الشیخ 10-17 مارس/آذار2007) ص 53 وما بعدها. مطابع منظمة العمل العربیة.
([23]) منظمة العمل العربیة: المسیرة والإنجازات-الصعوبات-رؤیة مستقبلیة. تقریر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة، مؤتمر العمل العربی الدورة الرابعة والثلاثون (شرم الشیخ 10-17 مارس/آذار2007م) ص 53 وما بعدها. مطابع منظمة العمل العربیة.
([24]) منظمة العمل العربیة: آفاق مستقبلیة فی ظل المتغیرات والتحدیات، تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی، مؤتمر العمل العربی الدورة السادسة والعشرون القاهرة مارس/ آذار1999 ص 76 – 78.
([25]) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمیة أو ما یعرف بالأونکتاد (بالإنجلیزیة: UNCTAD) وهی اختصارا لـ United Nations Conference on Trade and Development هو منظمة دولیة تساعد على إیجاد بیئة ملائمة تسمح باندماج الدول النامیة فی الاقتصاد العالمی. United Nations Conference on Trade and Development. Palais des Nations, 8-14, Av. de la Paix, 1211 Geneva 10. Switzerland
([26]) میثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة، إدارة شؤون الأعلام، الأمم المتحدة، نیویورک، 1999. جامعة منیسوتا
the Statute of the International Court of Justice. Prompsit Language Engineering for Softissimo
([27]) د/ أحمد الرشیدی: إنشاء قواعد القانون الدولی للعمل وآلیات تطبیقها، منشور ضمن أبحاث القانون الدولی للعمل من النشأة إلى زمن العولمة، مکتب العمل الدولی، منظمة العمل الدولیة الطبعة الأولى 2005 ص27- 28.
([28]) ینظر د/ هبة خدیجة دراقی: دور منظمة العمل الدولیة فی تطویر القانون الدولی الاجتماعی. رسالة ماجستیر، کلیة الحقوق جامعة الجزائر 2001 ص9
([29]) أنشئت منظمة العمل الدولیة ilo بموجب معاهدة فرسای فی الحادی عشر من أبریل 1919 بصفتها مؤسسة مستقلة بذاتها مرتبطة بعصبة الأمم ، غیر أنها عاشت بعد عصبة الأمم لکی تصبح فی عام 1946 أول وکالة متخصصة مرتبطة بالأمم المتحدة، بموجب اتفاق الوصل الذی یربط بینهما والذی أبرم فى الثانی من أکتوبر 1949 ، وتعنی المنظمة ووفقا لدستورها بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة ، مثل الحق فى العمل والحق فى التمتع بظروف عمل عادلة وملاءمة والحق فى تشکیل النقابات والحق فى الضمان الاجتماعی ، والحق فى مستوى ملائم للمعیشة. وفى عام 1959 أنشئ مکتب منظمة العمل الدولیة فى القاهرة، وقد رفع مستوى هذا المکتب فی عام 1996 من مکتب فرعى إلى مکتب منطقة یغطى مصر والسودان. وفى عام 1994 أنشئ فى القاهرة فریق استشاری متعدد التخصصات، وأصبح یحمل مختصر NAMAT الذی یرمز إلى الفریق الاستشاری المتعدد التخصصات لشمال أفریقیا، وذلک کجزء من الاستراتیجیة الجدیدة التى اعتمدتها منظمة العمل الدولیة من أجل تقدیم خدمات فوریة وسریعة إلى الجهات المستهدفة ( الحکومة وأصحاب الأعمال والمنظمات العمالیة ) العاملة فى المیدان. وفى عام 1998 تم توسیع منطقة عمل الفریق الاستشارى المتعدد التخصصات لشمال أفریقیا لکى یشمل، الجزائر وتونس والمغرب ولیبیا ـ بالإضافة إلى مصر والسودان ـ ویوفر البرنامج الحالی لمکتب المنطقة التابع لمنظمة العمل الدولیة فی مصر، المساعدات التقنیة والمشورة المتعلقة بالسیاسات للجهات وتعلیم العمال وعمالة الأطفال وبناء القدرة وإصلاح الخدمة المنیة وحمایة العمال.
ـ ینظر الأمم المتحدة، مرکز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة. أوراق تصدر من مرکز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة للتعریف بفروع الأمم المتحدة وکالاتها المتخصصة فی مصر. وانظر أیضًا:
- Ilo . the Ilo. what it is. what it does international labour organization . ilo . GenevaSwitzerland p 2 -4
([30]) ینظر د/ عدنان التلاوی: القانون الدولی للعمل، دراسة فی منظمة العمل الدولیة ونشاطها فی مجال التشریع الدولی للعمل، جنیف، المکتبة العربیة 1990 ص96.
([31]) ینظر/ جون إس جیبسون: معجم مصطلحات حقوق الإنسان العالمی، ترجمة/ سمیر عزت نصار، طبعة مرکز الکتاب الأکادیمی، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2014.
([32]) د/ یوسف إلیاس: تجربة المعاییر الدولیة والعربیة وتقویمها وتطویرها، ورقة مقدمة للندوة المشترکة حول معاییر العمل الدولیة والعربیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة دمشق من 15 – 19 ینایر/کانون الثانی 1995، مکتب العمل العربی/ مکتب العمل الدولی، مطابع جامعة الدول العربیة، ص123 – 124.
([33]) منظمة العمل الدولیة: مشروع تعزیز حقوق العمال والقدرة التنافسیة فی الصناعات التصدیریة المصریة، دلیل معاییر العمل الدولیة(دلیل المتدرب) منشورات منظمة العمل الدولیة المکتب الإقلیمی بالقاهرة الطبعة الأولى 2017 ص 20 وما بعدها.
International Labour Office Switzerland ILO, Publications (Rights and Permissions)
([34]) د/ یوسف إلیاس: تجربة المعاییر الدولیة والعربیة وتقویمها وتطویرها، ورقة مقدمة للندوة المشترکة حول معاییر العمل الدولیة والعربیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة دمشق من 15 – 19 ینایر/کانون الثانی 1995، مکتب العمل العربی/ مکتب العمل الدولی، مطابع جامعة الدول العربیة، ص123 – 124. المرجع السابق
([35]) أقر المؤتمر الأول لوزراء العمل العرب الذی انعقد فی بغداد فی الفترة من 6 - 12 ینایر سنة 1965 بالإجماع، المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة، وقد أقرهما مجلس الجامعة العربیة بالقرار رقم 2102/ د 43/ ج 2 المؤرخ فی 21/ 3/ 1965.
([36]) منظمة العمل العربیة: تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی، البند الأول، القسم الأول(آفاق مستقبلیة فی ظل المتغیرات والتحدیات) مؤتمر العمل العربی الدورة السادسة والعشرون القاهرة مارس/آذار 1999 ص61.
([37]) أقر مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة والعشرین(القاهرة مارس/ آذار1997) نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة بموجب قراره رقم(1040).
([38]) د/ یوسف إلیاس: تجربة المعاییر الدولیة والعربیة وتقویمها وتطویرها، ورقة مقدمة للندوة المشترکة حول معاییر العمل الدولیة والعربیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة دمشق من 15 – 19 ینایر/کانون الثانی 1995، مکتب العمل العربی/ مکتب العمل الدولی، مطابع جامعة الدول العربیة، ص106 – 107.
([39]) International lapour office Geneva – woman workers rights. international lapour standards and woman workers , first published 1993 .P. 9.
([40]) د/ أحمد عبدالونیس شتا: القواعد والمعاییر الأساسیة للقانون الدولی للعمل، منشور ضمن بحوث القانون الدولی للعمل من النشأة إلى زمن العولمة، منظمة العمل الدولیة، مطبوعات مکتب العمل الدولی بالقاهرة الطبعة الأولى 2005 ص 46- 47.
([42]) خلیل أبو خرمة: النشاط المعیاری العربی وآثاره على تشریعات العمل والتنظیمات النقابیة العمالیة والتکامل الاقتصادی العربی، ورقة مقدمة إلى الندوة التی عقدت بالتعاون بین منظمة العمل العربیة ووزارة العمل بالمملکة الأردنیة الهاشمیة بعنوان {ولایة تشریعات العمل الوطنیة فی ظل العولمة والآثار التی تترتب علیها خلال الفترة من 21 – 23 مایو/آیار 2007}. منشورات منظمة العمل العربیة، مکتب العمل العربی القاهرة 2008 ص 126 وما بعدها.
([43]) خلیل أبو خرمة: النشاط المعیاری العربی وآثاره على تشریعات العمل والتنظیمات النقابیة العمالیة والتکامل الاقتصادی العربی، المرجع السابق ص129 وما بعدها.
([44]) منظمة العمل العربیة: تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی، البند الأول، القسم الأول(آفاق مستقبلیة فی ظل المتغیرات والتحدیات) مؤتمر العمل العربی الدورة السادسة والعشرون القاهرة مارس/آذار 1999 ص106
([45]) زکریا أبو سنة: الالتزامات المترتبة على اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة والدولیة، الندوة المشترکة عن معاییر العمل العربیة والدولیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة، دمشق فی الفترة من 15 – 19 ینایر/ کانون الثانی 1995 ص39 وما بعدها، منشورات منظمة العمل العربیة القاهرة 1995.
([46]) ینظر نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة الذی أقره مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة والعشرین(القاهرة مارس/آذار 1997) بموجب قراره رقم(1040) مطبوعات منظمة العمل العربیة، مکتب العمل العربی القاهرة 1997.
([47]) زکریا أبو سنة: الالتزامات المترتبة على اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة والدولیة، الندوة المشترکة عن معاییر العمل العربیة والدولیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة، المرجع السابق ص 43.
([48]) أنظر نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة الذی أقره مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة والعشرین (القاهرة مارس/آذار 1997) بموجب قراره رقم(1040) مرجع سابق..
([49]) أنظر نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة الذی أقره مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة والعشرین(القاهرة مارس/آذار 1997) بموجب قراره رقم(1040) مرجع سابق.
([50]) أنظر تقریر مؤتمر العمل العربی فی دورته السادسة والأربعون القاهرة 14 – 21 أبریل/نیسان 2019، البند الخامس: تطبیق اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة، مطبوعات منظمة العمل العربیة، مکتب العمل العربی القاهرة 2019 ص 6.
([51]) أنظر نظام اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة الذی أقره مؤتمر العمل العربی فی دورته الرابعة والعشرین( القاهرة مارس/آذار 1997) بموجب قراره رقم(1040) مرجع سابق.
([52]) زکریا أبو سنة: الالتزامات المترتبة على اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة والدولیة، الندوة المشترکة عن معاییر العمل العربیة والدولیة بین منظمة العمل العربیة ومنظمة العمل الدولیة، مرجع سابق ص52.
([53]) رضا قیسومة: جهود منظمة العمل العربیة لتحقیق التکامل العربی فی مجال القوى العاملة، ورقة عمل مقدمة إلى الندوة القومیة حول توطین الوظائف وتنقل الأیدی العاملة فی الوطن العربی، بالتعاون بین وزارة القوى العاملة بجمهوریة مصر العربیة ومنظمة العمل العربیة(القاهرة 3 – 5 یولیو2007) مطبوعات منظمة العمل العربیة 2007، ص158 – 159.
([54]) صدر عن المنتدى العربی الأول حول التدریب التقنی والمهنی واحتیاجات سوق العمل بالتعاون بین المؤسسة العامة للتدریب التقنی والمهنی بالمملکة العربیة السعودیة ومنظمة العمل العربیة ( الریاض 16 - 18 / ینایر/ کانون الثانی 2010) وأقره مؤتمر العمل العربی فی الدورة (37) المنامة من 6 – 13/3/2010، بالقرار (1424) إصدارات منظمة العمل العربیة 2010 ص 16 – 17.
([55]) صدر عن المنتدى العربی الأول حول التدریب التقنی والمهنی واحتیاجات سوق العمل بالتعاون بین المؤسسة العامة للتدریب التقنی والمهنی بالمملکة العربیة السعودیة ومنظمة العمل العربیة ( الریاض 16 - 18 / ینایر/ کانون الثانی 2010) وأقره مؤتمر العمل العربی فی الدورة (37) المنامة من 6 – 13/3/2010، بالقرار (1417) إصدارات منظمة العمل العربیة 2010 ص 8 - 9.
([56]) اعتمدها مؤتمر العمل العربی فی دورته(30) بتونس بتاریخ(24/2- 1/3/2003) بالقرار رقم(1243) یراجع قرارات الدورة(30) لمؤتمر العمل العربی بتونس، منشورات منظمة العمل العربیة القاهرة 2003 ص41.
([57]) د/ غازی الشبیکات: التشغیل والبطالة فی الوطن العربی، المحور الحادی عشر من محاور(التقریر العربی الأول حول التشغیل والبطالة فی الدول العربیة 2008 (نحو سیاسات وآلیات فاعلة) إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2013 ص464.
([58]) قضایا العمالة العربیة المهاجرة فی الإعلام العربی. دراسة تحلیلیة. إصدارات منظمة العمل العربیة 2014 ص 18.
([59]) یراجع (التقریر العربی الثانی حول التشغیل والبطالة فی الدول العربیة 2010) (قضایا ملحة) المحور الثانی (تنقل العمالة العربیة التشریعات والاجراءات) مکتب العمل العربی، إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2013 ص91 وما بعدها
([60]) وردت هکذا نصوص فی قوانین العمل فی الدول العربیة الخلیجیة، ومنها قانون العمل القطری الملغی رقم(3) لسنة 1962، وقانون العمل فی القطاع الأهلی فی الکویت رقم(38) لسنة 1964، والذی ما زال نافذا.
([62]) یراجع (التقریر العربی الثانی حول التشغیل والبطالة فی الدول العربیة 2010) (قضایا ملحة) المحور الثانی(تنقل العمالة العربیة التشریعات والاجراءات) مکتب العمل العربی، إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2013 ص91 وما بعدها
([64]) د/ یوسف إلیاس: تشریعات العمل والتشغیل المحور التاسع من محاور التقریر العربی الأول حول التشغیل والبطالة فی الدول العربیة 2008 (نحو سیاسات وآلیات فاعلة) مکتب العمل العربی، إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2013 ص 404 – 405.
([67]) أُقرت الاستراتیجیة العربیة لتنمیة القوى العاملة والتشغیل فی الدورة الثلاثین لمؤتمر العمل العربی ( تونس 24/2 – 1/3/2003 )
بموجب القرار رقم (1243) مکتب العمل العربی، إصدارات منظمة العمل العربیة 2010
([68]) یراجع التقریر العربی الثالث حول التشغیل والبطالة فی الدول العربیة 2012(انعکاسات الاحتجاجات الشعبیة العربیة على أوضاع التشغیل والبطالة.. حاضرًا ومستقبلًا) المحور الثامن(التعاون العربی لدعم التشغیل والحد من البطالة) مکتب العمل العربی، إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2012 ص213.
([69]) أصدر مؤتمر العمل العربی هذا الإعلان فی دورته الثانیة والثلاثین (الجزائر، من 12 -19 فبرایر/شباط 2005) برقم (1290) مکتب العمل العربی إصدارات منظمة العمل العربیة القاهرة 2005.
([70]) د/ مصطفى عبد العزیز مرسی: ورقة عمل حول تنقل الأیدی العاملة العربیة بین الواقع والمأمول، مقدمة للورشة التی عقدت بالتعاون بین منظمة العمل العربیة ووزارة القوى العاملة والهجرة بجمهوریة مصر العربیة فی الفترة من 16 -18 یولیو/تموز 2006 بعنوان(تنشیط الاستخدام الخارجی) ص 1- 2.
([71]) د/ أحمد عبدالونیس شتا: القواعد والمعاییر الأساسیة للقانون الدولی للعمل، بحث منشور ضمن أبحاث ندوة(القانون الدولی للعمل من النشأة إلى زمن العولمة) مطبوعات مکتب العمل الدولی القاهرة الطبعة الأولى 2005 ص38.
([72]) United Nations "rights of girls" Evaluation policy and planning U.n children`s Fund unicef.pp.7-13
United Nations " Final ACT of the International conference on Human rights "Tehran.22.April to 13 may 1988.UN Doc. A\conf.32/19. Sales. E.68.XIV.2
UNESCO “Human rights of women" Acollection of internatconal And regional normative instruments.unesco.341-231 14:396
([73]) د/ أحمد حسن البرعی: الحریات النقابیة ومدى تأثرها بإعلان المبادئ والحقوق الأساسیة فی العمل، منشورات منظمة العمل العربیة مکتب العمل العربی القاهرة ص21.
([74]) تأکیدًا لذلک انظر: المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة, مکتب العمل العربی منظمة العمل العربیة مطابع جامعة الدول العربیة, القاهرة 2000م.
([75]) إبراهیم حلمی: الدیمقراطیة النقابیة. دراسة مقارنة للدیمقراطیة النقابیة فی التشریعات العمالیة الدولیة والعربیة والمصریة بمناسبة الاحتفال بالعید المئوی للحرکة النقابیة المصریة القاهرة دیسمبر 1998م ص198.
([76]) د/ یوسف إلیاس: المعاییر الدولیة والعربیة فی مجال الحریات النقابیة وموقف الدول العربیة منها منشور بمجلة العمل العربیة العدد 72 إبریل 1998م التی تصدر عن مکتب العمل العربی بمنظمة العمل العربیة بالقاهرة ص100. وانظر أیضًا: المیثاق العربی للعمل ودستور منظمة العمل العربیة مکتب العمل العربی مرجع سابق ص16.
([77]) انظر نصوص تلک الاتفاقیة فی اتفاقیات وتوصیات العمل العربیة. منظمة العمل العربیة. مکتب العمل العربی الطبعة الرابعة مطابع جامعة الدول العربیة القاهرة 2003 ص11-39.
([84]) د/ أحمد عبدالله: عمل الأطفال. الأبعاد الدولیة والإقلیمیة، مجلة العمل العربی، العدد(74) ینایر/کانون الثانی2001، ص93، مطبوعات مکتب الإعلام بمنظمة العمل العربیة القاهرة.
([85]) ABC of women workers rights – practical guide- Equality for women in employment in inter departmental project inter notional labour office gnevea 1993
([87]) د/ محمود عبد الله نصار: عمالة الأطفال فی قطاع الزراعة، مجلة العمل العربی العدد الخامس والسبعون مارس/ مایو 2002م مکتب العمل العربی –منشورات مکتب الأعلام بمنظمة العمل العربیة القاهرة ص149-150
([88]) انظر: مکتب العمل العربی، منظمة العمل العربیة، التعاون العربی الدولی بین جامعة الدول العربیة ومنظماتها المتخصصة ومنظمة الأمم المتحدة ووکالاتها المتخصصة. ملف توثیقی للاجتماعات المشترکة الموسعة والقطاعیة 1983م- 1993م، مطابع جامعة الدول العربیة، القاهرة ص141 وما بعدها.
([90]) منظمة العمل العربیة –دراسة مقارنة حول اتفاقیة العمل العربیة رقم 18 لسنة 1996م بشأن عمل الأحداث مطبوعات منظمة العمل العربیة مکتب العمل العربی القاهرة 2004.ص 36 و 45.
([92]) انظر: الدراسة المقارنة حول اتفاقیة العمل العربیة رقم 18 لسنة 1996 بشأن عمل الأحداث مرجع سابق ص96.
([93]) انظر: الاجازات فی تشریعات العمل العربیة والأجنبیة –دراسة مقارنة، سلسلة البحوث والدراسات رقم 8 لسنة 1985م، منظمة العمل العربیة، إدارة مستویات العمل، مؤسسة الخلیج للطباعة والنشر الکویت 1985 ص5.
([94]) د/ محمود سلامة جبر: الحمایة الدستوریة والقضائیة للحقوق الأساسیة فی العمل، منشورات مکتب الإعلام بمنظمة العمل العربیة ص 30
([95]) د/ محمد نواف فواعرة: العمل القسریّ ما بین التحریم الدولیّ والتجریم الوطنیّ. مجلة المنارة للبحوث والدراسات مجلد (20) العدد (3) لسنة 2014 ص 377 عمادة البحث العلمی جامعة آل البیت. المفرق. الأردن.
([96]) د/ محمود سلامة جبر: الحمایة الدستوریة والقضائیة لحریة العمل والقضاء على العمل الجبری، منشورات منظمة العمل العربیة، مطابع جامعة الدول العربیة القاهرة 2004 ص 33.
([98]) د/ یوسف الیأس: مستقبل الحمایة الاجتماعیة للعالمین، سلسلة البحوث والدراسات، العدد الحادی عشر 1995، مکتب العمل العربی، منظمة العمل العربیة ص 8 - 19 مطابع جامعة الدول العربیة، القاهرة.
وانظر تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی (المرأة العاملة العربیة والتنمیة)، البند الأول، القسم الأول، المقدم إلى مؤتمر العمل العربی فی الدورة العشرون، عمان، الأردن من 5 - 12 أبریل 1993، مکتب العمل العربی، مطابع منظمة العمل العربیة، القاهرة 1993 ص 39
([99]) د/ بدریة عبد الله العوضی: المرأة العاملة فی اتفاقیات العمل الدولیة، مجلة العل العربیة، العدد 72 أبریل 1998، مکتب العمل العربی، منظمة العمل العربیة القاهرة 1998 ص 5
د. بدریة عبد الله العوضی: التشریعات الدولیة لحمایة المرأة العاملة وأثرها عل تشریعات العمل الخلیجیة، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولی الأول للمرأة العربیة والأفریقیة، القاهرة ، من 25ـ 28 فبرایر 1985، منشور بمجلة الحق التی تصدر عن اتحاد المحامین العرب ، السنة 16 العددان 2 ، 3، ص 180 ـ 181 .
([100]) د/ أحمد حسن البرعی: تنظیم عمل المرأة وفقا لمستویات العمل الدولیة والعربیة، بحث منشور بمجلة اتحاد الجامعات العربیة للدراسات والبحوث القانونیة، العدد الرابع، القاهرة 1996 ص55
([101]) انظر تقریر المدیر العام لمکتب العمل العربی (المرأة العاملة العربیة والتنمیة)، البند الأول، القسم الأول، المقدم إلى مؤتمر العمل العربی فی الدورة العشرون، مرجع سابق 49
([102]) أعمال الأمم المتحدة فی مجال حقوق الإنسان: الأمم المتحدة، نیویورک 1983 ص124، رقم المبیع: A. 83. XIV. 2 0
أعمال الأمم المتحدة فی میدان حقوق الإنسان: الأمم المتحدة، نیویورک 1990 ص330، رقم المبیع:A. 88. XIV. 2 0
- Ilo .woman workers rights international lapour standards and women workers . international lapour office Geneva first published 1993.p. 9.
- Ilo. Provisions of the Ilo conventions and recommendations concerning women workers. Equality for women in employment on interdepartmental project -pocket Guide –international lapour office Geneva 1993,P.P25- 27, PP.77-81.
- U. N. General recommendations made by the committee on the elimination of discrimination against women , general recommendation No 13 (eight th session, 1989 . equal remuneration for work of equal value. P. 8 – 9.
http;/ www. un. org / women watch / dow / cedaw / recomm htm 09/07/27
- ABC of women workers rights – practical guide- Equality for women in employment in inter departmental project inter notional labour.
([103]) یراجع مجموعة المعاهدات والاتفاقیات المعقودة فی نطاق جامعة الدول العربیة ومع الهیئات الدولیة، مطابع جامعة الدول العربیة القاهرة یولیو 1978 ص 479 – 484.
([104]) د/ أحمد زکی بدوی: الأحکام المنظمة لتشغیل المرأة فی تشریعات العمل العربیة، دراسة مقارنة، مطبوعات مکتب العمل العربی، منظمة العمل العربیة 1983، ص122
([105]) مستویات العمل Labour standards ، مصطلح ینصرف إلى الحدود الدنیا من الشروط التی یتساوى فیها العمال والعاملات والمقررة فی الاتفاقیات الدولیة والعربیة.
- Alo – Guide to Arab legal terminology in the field labour Arabic / English / French – Arab lobour office Arab lobour organization. P. 41
([106]) ینظر تقریر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة البند الأول القسم الأول. بعنوان (منظمة العمل العربیة المسیرة والانجازات –الصعوبات – رؤیة مستقبلیة) والمقدم إلى مؤتمر العمل العربی فی دورته رقم(34) والمنعقدة بمدینة شرم الشیخ فی الفترة من 10 – 17 مارس/آذار 2007 ص9 مطابع جامعة الدول العربیة.
([107]) ینظر تقریر التنمیة الإنسانی العربیة لعام 2002 (خلق الفرص للأجیال القادمة) ص119 - 120. الصندوق العربی للإنماء الاقتصادی والاجتماعی. برنامج الأمم المتحدة الإنمائی. منشورات المکتب الإقلیمی للدول العربیة عمان الأردن. وکذلک تقریر المدیر العام لمنظمة العمل العربیة البند الأول القسم الأول. بعنوان(منظمة العمل العربیة المسیرة والانجازات –الصعوبات – رؤیة مستقبلیة) المرجع السابق ص 97 - 98