المساهمين
المؤلف
قسم أصول الفقه، کلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بقنا، جامعة الأزهر، قنا، مصر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الحمد لله وکفى ، وصلاةً وسلاماً على النبى المصطفى ، اللهم صلى على سیدنا محمدٍ النبى وأزواجه أمهات المؤمنین وذریته وآل بیته کما صلیت على آل إبراهیم إنک حمید مجید .
ثم أما بعد : فهذا بحث فى علم أصول الفقه بعنوان " أثر اختلاف الأصولیین فى حجیة الدوران "
فمما لاشک فیه أن للدوران - کمسلک من مسالک العلة – أهمیة کبرى، فهو من أقوى مسالک العلة التى یعول علیها فى استنباط الأحکام الشرعیة ، کما أن نفعه کثیر فى الأمور الدنیویة ، حیث إنه طریق آمن للمجربات ، واستکشاف النافع منها والضار ، من الأدویة والأغذیة وغیرها .
ولذلک أهتم به العلماء فى استدلالهم به على الأحکام فـى الأمـور القیاسیـة .
قال عنه إمام الحرمین : ([1]) فى البرهان " فذهب کل من یعزى إلیه الجدل : إلـى أنـه أقـوى ما یثبت به العلل ، وذکر القاضى أبو الطیب الطبرى([2]) أن هذا
المسلک من أعلى المسالک المظنونة ، وکاد یدعى إفضاءه إلى القطع" ([3])
وقال عنه صاحب نشر البنود : ([4]) " الدوران الوجودى والعدمى أصل کبیر فى أمور الأخرة ، وفى النافعات عاجلاً منها ، حتى جزم الأطباء بالأدویة المسهلة والغائصة وجمیع ما یعطونه بسبب وجود تلک الآثار عند وجو تلک العقاقیر وعدمها عند عدمها " ([5])
أسباب اختیار الموضوع :
تکمن أهمیة موضوع البحث فى الآتی :
1- الأهمیة الکبرى لمسلک الدوران ، حیث یعول علیه الفقهاء کثیراً فى استنباط الأحکام الشرعیة .
2- کثرة الفروع والشواهد والأمثلة المبنیة على مسلک الدوران ، والمتناثرة فى کتب الفقهاء والأصولیین.
3- اهتمام العلماء قدیماً وحدیثاً بمسلک الدوران ، فلا یکاد یوجد کتاب من کتب أصول الفقه إلا وقد تناول الدوران کمسلک من مسالک العلة.
4- یمکن الاستفادة من الدوران فى کثیر من الأمور الدنیویة المتعلقة بالأدویة وغیرها.
خطة البحث : اشتملت خطة البحث على : مقدمة ، وأربعة مباحث وخاتمة.
أما المقدمة فتشمل : افتتاحیة البحث ، وموضوعه ، وأسباب اختیاره ، وخطته ، ومنهجه.
المبحث الأول : تعریف العلة وشروطها وأقسامها
وفیه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تعریف العلة
المطلب الثانى : شروط العلة
المطلب الثالث : أقسام العلة
المبحث الثانى : مسالک العلة
المبحث الثالث : الدوران وحجیته
وفیه خمسة مطالب :
المطلب الأول : تعریف الدوران
المطلب الثانى : أرکان الدوران
المطلب الثالث : الفرق بین الدوران والطرد
المطلب الرابع : صور الدوران
المطلب الخامس :حجیة الدوران
المبحث الرابع : الآثار المترتبة على اختلاف الأصولیین فى حجیة الدوران
وفیه اثنان وعشرون فرعاً :
الفرع الأول : حکم انقلاب العصیر خمراً ، وانقلاب الخمر خلاً
الفرع الثانى : الوضوء بالمغصوب
الفرع الثالث : حکم غسل الجنب فى الماء الراکد بعد إزالة الأذى عنه
الفرع الرابع : حکم استعمال الماء المشمس فى الطهارة
الفرع الخامس : حکم مس المصحف وحمله للمحدث ، والکافر
الفرع السادس : حکم خروج خرزة أو حصاة من إنسان دون أن تنجس المحل0
الفرع السابع : حکم وقوع نجاسة فى الماء القلیل ثم بلغ قلتین
الفرع الثامن : حکم زوال نجاسة الماء بإضافة التراب إلیه
الفرع التاسع : حکم الاستنجاء بعظم أو روس
الفرع العاشر : جواز إسقاط الأذان الأول الذى أحدثه سیدنا عثمان – رضى الله عنه – یوم الجمعة إذا لم تدعو الحاجة لذلک0
الفرع الحادى عشر : النهى عن دخول المسجد لمن أکل ثوماً أو بصلاً
الفرع الثانى عشر : النهى عن الکلام أثناء الخطبة فإذا دعت الحاجة جاز
الفرع الثالث عشر : حکم الصلاة مع حضور الطعام
الفرع الرابع عشر : حکم فطر المسافر فى رمضان
الفرع الخامس عشر : إباحة ادخار لحوم الأضاحى بعد النهى عن ادخارها
الفرع السادس عشر: حکم تکلیف الصبى والمجنون والنائم
الفرع السابع عشر : حکم زوال العیب من المبیع قبل الرد
الفرع الثامن عشر : حکم تضمین الصناع
الفرع التاسع عشر : حکم تزوج الأم الحاضنة ثم زوال زواجها
الفرع العشرون : حکم من حلف ألا یکلم هذه المرأة ولا یطأها لکونها لا تحل له ثم تزوجها .
الفرع الواحد والعشرون :إذا دعى شخص لشراب مسکر ، فحلف ألا یشربه ، ثم انقلب خلاً .
الفرع الثانى والعشرون : حلف شخص على زوجته ألا تخرج من بیته إلا بإذنه ، ثم طلق زوجته وخرجت بغیر إذنه0
منهج البحث :
اتبعت فى کتابة البحث المنهج التالى :
1 – قمت باستقراء وتتبع المسائل المتعلقة بموضوع البحث فى شتى کتب الأصول - قدیمها وحدیثها - حسبما تیسر لى.
2- قمت ببیان أقوال العلماء فى کل مسألة من مسائل البحث ، وأدلة کل قول ، مع بیان القول الراجح.
3 – اعتمدت فى کتابة مادة البحث على المصادر الأصیلة.
4 – اتبعت فى منهج التعلیق والتهمیش ما یلى :
- قمت ببیان أرقام الآیات القرآنیة وضبطها وعزوها إلى سورها.
- قمت بتخریج الأحادیث النبویة الشریفة التى وردت فى البحث ، مع الحکم علیها إن کانت مخرجة من غیر الصحیحین0
- قمت بتوثیق المعانى الاصطلاحیة الواردة فى البحث من المصطلحات الخاصة بها.
- قمت بعمل ترجمة مختصرة للأعلام الوارد ذکرهم فى البحث ، بحیث تتضمن الترجمة : اسم العلم ، ونسبه ، وتاریخ مولده ووفاته ، وأهم مؤلفاته ، ومصادر ترجمته.
- ثبت بأهم المصادر والمراجع .
وبهذا أکون أشرت فى عجالة سریعة إلى ما یحتویه البحث من موضوعات وما سوف أقوم به من عمل ، سائلاً المولى - جل فى علاه - التوفیق والسداد ، إنه على ما یشاء قدیر، وبالإجابة جدیر ، وهو حسبنا ونعم الوکیل ، وصلى اللهم وسلم وبارک على سیدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعین ، والتابعین لهم بإحسان إلى یوم الدین.
المبحث الأول
تعریف العلة وشروطها وأقسامها
وفیه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تعریف العلة .
المطلب الثانى : شروط العلة .
المطلب الثالث : أقسام العلة .
المطلب الأول
تعریف العلة
أ- تعربف العلة لغةً : قال ابن فارس : ([6]) " عل : العین واللام أصول ثلاثة صحیحة : أحدها :تکررٌ أو تکریر ، والأخر : عائق یعوق ، والثالث : ضعف الشئ " ([7])
من خلال النص السابق یتضح : أن العلة فى اللغة تطلق على ثلاثة معاـن :
المعنى الأول : تکرار الشئ ودوامه ، تقول : عل : یعل ، إذا شرب بعد الرى وعللتُه عللاً ،أى سقیته مرة ثانیة ، ویقال : أعلَ القومُ : إذا شربت إبلهم عللاً.
المعنى الثانى : تطلق العلة بمعنى المرض : - أى عبارة عن معنى یحل بالمحل فیتغیر به المحل بلا اختیار ، ومنه یسمى المرض علة ، لأنه بحلوله یتحول حال الشخص من القوة إلى الضعف.
المعنى الثالث : تطلق العلة - أیضاً- على العائق ، قال الخلیل:([8]) " العلة : حدث یشغل صاحبه عن وجهه ، ویقال : اعتله ، إذا اعتاقه عن أمر" ([9])
ب – تعریف العلة اصطلاحاً :
عرف الأصولیون العلة اصطلاحاً بتعریفات کثیرة منها :
التعریف الأول : هى" الوصف المؤثر فى الأحکام بجعـل الشـارع لا لذاتــه ".
وقد نسب الإمام الإسنوى ([10]) التعریف السابق للإمام الغزالى ([11]) ([12])
شرح التعریف :
قوله :" الوصف " جنس فى التعریف یشمل کل وصف سواء أکان معرفاً أم مؤثراً.
قوله :"المؤثر " قید فى التعریف أخرج به العلامة ،فلا تسمى علة لأنها لیست مؤثرة.
قوله :" بجعل الشارع لا بذاته " أى أن تأثیر الوصف فى الحکم لیس بنفسه بل معناه : أن الشارع ربط بین العلة وبین معلولها ربطاً عادیاً بحیث یترتب على وجودها وجود معلولها ، فلیس معنى جعل الله عند الإمام الغزالى ، أن التأثیر یکون بواسطة قدرة خلقها الله - تعالى - فى الوصف ، لأن الذى یقول بذلک هم المعتزلة ، ولیس الأشاعرة ، والغزالى واحد من الأشاعرة.
الاعتراضات الواردة على التعریف السابق :
اعترض على التعریف السابق للعلة باعتراضین :
الاعتراض الأول : أن الوصف المذکور فى التعریف فعل من أفعال المکلفین وأفعال المکلفین حادثة ، والحکم قدیم ، لأنه خطاب الله – تعالى – وخطابه قدیم ، ومن المعروف بداهة أن الحادث لا یؤثر فى القدیم، لأن المؤثر فى شئ لابد أن یکون سابقاً علیه أو مقارناً له ، فکیف یکون الوصف علة للحکم هنا مع أنه متأخر عنه .
وأجیب عن الاعتراض السابق :
بأنا لا نسلم أن تأثیر الوصف فى ذات الحکم ، بل التأثیر فى تعلق الحکم بفعل المکلف ، ولا شک أن تعلق الحکم بفعل المکلف حادث ، ومن ثم یکون الوصف قد أثر فى الحادث لا فى القدیم.([13])
الاعتراض الثانى : أن هذا التعریف مناقض لمذهب الأشاعرة فى مسألة التحسین والتقبیح العقلیین ، والغزالى واحد من الأشاعرة ، لأن تأثیر الوصف فى الحکم مبنى على أن الوصف مشتمل على مصلحة أو مفسدة ، وأن العقل یدرک تلک المصلحة أو المفسدة ، فالأشاعرة لا یقولون بذلک ، وإنما الذى یقول بذلک هم المعتزلة.
وأجیب عن هذا الاعتراض :
بأن الإمام الغزالى وإن کان من الأشاعرة إلا أنه یخالف الأشاعرة فى مسألة التحسین والتقبیح العقلیین ، حیث یرى أن العقل یدرک فى الأفعال حسناً وقبحاً ، ولکن لا تأثیر لما أدرکه العقل فى الفعل من حسن أو قبح ، ومن ثم فلا وجه لهذا الاعتراض.
التعریف الثانى للعلة : أنها " المعرف للحکم "([14]) وقد اختار هذا التعریف الإمام الرازى ([15]) والقاضى البیضاوى ([16])
ومعنى التعریف : أن الشارع جعل هذا الوصف الذى هو علة ، علامة یهتدى بها المجتهدون لمعرفة الحکم- فمثلاً- معنى کون الإسکار علة أى علامة على حرمة المسکر کالخمر والنبیذ.
الاعتراضات الواردة على التعریف :
اعترض على التعریف السابق باعتراضین :
الاعتراض الأول : أنه غیر مانع لدخول العلامة فیه ، لأن التعریف یصدق علیها ، وهذ یقتضى : أنه لا فرق بین العلامة وبین العلة الشرعیة ، مع أن الفرق بینهما قائم وثابت ، فالأحکام الشرعیة بالنسبة إلینا مضافة إلى العلل ، فالقتل – مثلاً- علة للقصاص ، ولیست العلل مضافة إلى العلامات – فمثلاً – الرجم : لا یصح أن یضاف إلى الإحصان ، لأنه مجرد علامة ، ولیس بعلة ، وإنما العلة الزنا ، لأنه یصح إضافة الرجم إلیه .
- وأیضاً- فإن الحکم فى العلة یتعلق بها وجوداً وعدماً ، فکلما وجدت العلة وجد الحکم المترتب علیها ، وکلما انعدمت العلة انعدم الحکم.
ولیس کذلک العلامة ، فإن العلامة یعرف بها وجود الحکم من غیر أن یتعلق بها وجوده ولا وجوبه ، وذلک کالأذان فإنه علامة على دخول وقت الصلاة.
وأجیب عن الاعتراض السابق :
بأن العلل الشرعیة لیست هى الموجبة للأحکام ، وإنما الموجب للأحکام هو الله – عز وجل – وقد وضعت تیسیراً على العباد فهى فى حق الشارع الحکیم أعلام خالصة.([17])
الاعتراض الثانى : أن هذا التعریف یستلزم الدور ، والدور باطل ،فیکون التعریف باطلاً .
بیان استلزام الدور :-
حیث إنه: قد عرف العلة من حیث هی ، فیکون التعریف شاملاً العلة المنصوصة والعلة المستنبطة ، ومن ثم فإن التعریف یقتضی أن العلة بنوعیها معرفة للحکم ، فیکون التعریف متوقفاَ علیها ضرورة أن المعرف - بفتح الراء - متوقف على المعرف - یکسر الراء - وهذا یؤدى إلى کون العلم بها سابقاَ على معرفة الحکم ، وهذا هو الدور بعینه والدور باطل .
وأجیب عن الاعتراض السابق :-
بأن لا نسلم وجود الدور ، لأن تعریف الحکم للعلة المستنبطة إنما یکون فی الأصل المقیس علیه ، أما تعریف العلة المستنبطة للحکم : فهو إنما یکون فی الفرع فلا دور. ([18])
التعریف الثالث للعلة :أنها " الباعث على الحکم " ([19])
وقد اختار هذا التعریف الآمدى ([20]) وابن الحاجب ([21]) وفسروا الباعث على الحکـم بـأن الوصـف مشتمل على حکمة تصلح أن تکون مقصودة للشارع من
شرعیة الحکم ، فتبعث المکلف على الامتثال.([22])
- فمثلاً- حفظ النفس علة باعثة على القصاص ، وهو الحکم المترتب على الوصف - وهو القتل العمد العدوان - فهذه المصلحة - وهى حفظ النفس- تحث المکلف على امتثال حکم القصاص.
التعریف الرابع للعلة : هى " الوصف المؤثر بذاته فى الحکم " ([23]) وإلیه ذهب المعتزلة ، وقد بنو تعریفهم على قاعدة مشهورة عندهم : وهى قاعدة " التحسین والتقبیح العقلیین "- وهى قاعدة باطلة – لم یقل بها سوى المعتزلة ، ومقتضاها :أن العقل یدرک ما فى الأفعال من حسن أو قبح ، وأن الأحکام تکون تابعة لما أدرکه العقل فى الفعل من حسن أو قبح ، فإن أدرک العقل فى الفعل حسناً ، کان واجباً أو مندوباً، وإن أدرک فیه قبحاً کان محرماً أو مکروهاً ، وإن لم یدرک فى الفعل لا حسناً ولا قبحاً کان مباحاً.([24])
المطلب الثانى
شروط العلة
ذکر الأصولیون شروطاً کثیرة للعلة أهمها ما یلى :
الشرط الأول : أن تکون بمعنى الباعث لا أمارة مجردة - بمعنى أن تکون العلة مشتملة على حکمة مقصودة للشارع من مشروعیة الحکم ، وذلک بتحصیل مصلحة أو تکمیلها ، أو دفع مفسدة أو تقلیلها - لأنها لو کانت مجرد أمارة ، لم تکن لها فائدة إلا تعریف الحکم ، وإنما یعرف بها الحکم إذا لم تکن منصوصة أو مجمعاً علیها ، وإلا عرف الحکم - أیضاً- بالنص أو الإجماع لا بها ، فمن المعروف أن العلة إما ان تکون منصوصة - أى ورد بشأنها نص من الشارع - وإما أن تکون مستنبطة من حکم الأصل : فإذا کانت العلة منصوصة أو مستنبطة من حکم الأصل فلا إشکال.
واما إذا کان الوصف طردیاً :- أى لا مناسبة بینه وبین الحکم - فلا فائدة فى العلة إلا أنها تعرف الحکم.
مثال ذلک : قولهم الخل لا یصح الوضوء به لأنه لا تبنى علیه القنطرة ، فهنا لا توجد مناسبة فى هذا المثال بین الخل وبین الحکم ، فهذا یسمى بالوصف الطردى.([25])
الاعتراض الوارد على الشرط السابق :
اعترض على الشرط السابق : بأن علة الأصل إذا کانت مجرد أمارة وهى مستنبطة من حکم الأصل کان دوراً.
بیان ذلک : أن العلة إذا استنبطت من الحکم تکون متوقفة علیه ، وعندما تکون معرفة للحکم یکون متوقفاً علیها ، فیلزم من ذلک الدور ، ولذلک قالوا : إن العلة إذا کانت وصفاً طردیاً فلا مناسبة بینها وبین الحکم ، وإنما الغرض منها التعریف فقط.([26])
وأجیب عن الاعتراض السابق من وجهین :
الوجه الأول : لا نسلم أن هذا القول یستلزم الدور ، لأنه لا توقف ، لأن العلة متوقفة على حکم الأصل ، والمتوقف على العلة هو حکم الفرع فلا دور.([27])
الوجه الثانى : أن الحکم لا بد له من دلیل سواء من الکتاب ، أو السنة ، أو الإجماع ، والعلة لیست متوقفة على الحکم ، وإنما متوقفة على الحکم بشرعیة الحکم ، والمتوقف على العلة معرفة الحکم فى الجزئیات – فمثلاً – الخمر : معلل بالإسکار ، فالحکم تحریم الخمر علل فى الکتاب أو السنة ، وفائدة العلة هنا معرفة جزئیات هذه المادة 0
الشرط الثانى : أن تکون وصفاً ظاهراً منضبطاً فى نفسه ، حتى تکون ضابطاً للحکمة لا مجرد أمارة ، وذلک لخفائها أو اضطرابها.
ومعنى ذلک : ألا تکون العلة حکمة مجردة عن الوصف ، فإذا کانت العلة مجرد الحکمة لا تصلح أن تکون علة ، لأن الحکمة المجردة : إما أن تکون خفیة ، وإما أن تکون غیر منضبطة فلا یجوز التعلیل بها.
وذلک : کالرضا فى التجارة ، فالرضا أمر خفى لا یمکن الاطلاع علیه فلا یعلل به ،لأن الحکمة خفیة ، فالتعلیل یکون بالصیغة لأنها وصف ظاهر منضبط ، وأما غیر المنضبطة : فکالتعلیل بالمشقة ، فإنها غیر منضبطة فلا یصح التعلیل بها. ([28])
الشرط الثالث :أن تکون مطردة : - أى کلما وجدت العلة وجد الحکم ، وکلما انتفت العلة انتفى الحکم - فمثلاً - الإسکار علة مطردة لتحریم الخمر ، فکلما وجد الإسکار وجد الحکم ، وهو التحریم والجلد.([29])
الشرط الرابع : أن تکون العلة وصفاً مناسباً للحکم – بمعنى أن یترتب على مشروعیة الحکم بناءً علیها جلب منفعة للعباد أو دفع مفسدة عنهم.
مثال ذلک : القتل العمد العدوان فإنه وصف مناسب للحکم - وهو القصاص- لأنه یترتب على تشریع الحکم عنده جلب منفعة للعباد ، وهى حفظ النفس - وأیضاً- درء مفسدة ، وهى إهدار الأنفس ، وانتشار العداوات بین الناس.
الشرط الخامـس : ألا تکون العلة محل الحکم ولا جزءاً منه لامتناع الالحـاق. ([30])
والمراد بالمحل : ما وضع اللفظ له ، مثل : تعلیل حرمة الخمر بکونه خمراً.
والمراد بجزء المحل : ما ترکب محل الحکم منه ومن غیره ، بحیث یکون کل منهما متقدماً علیه فى الوجود.([31])
الشرط السادس : ألا یکون الدلیل الدال علیها متناولاً لحکم الفرع لا بعمومه ولا بخصوصه ، لآنه لو کان کذلک لأدى إلى کون التعلیل بالوصف تطویلاً بلا فائدة ، لأنه من الممکن إثبات حکم الفرع بذلک الدلیل من نص ، أو غیره ، دون حاجة إلى القیاس.
مثال ما تناوله الدلیل بعمومه :
قیاس الذرة على البر فى الربویة بعلة الطعم ، فیمنع المعترض کون هذا الوصف هو العلة لقوله – صلى الله علیه وسلم – " الطعام بالطعام مثلاً بمثل"([32]) فالشارع الحکیم هنا رتب الحکم - وهو الحرمة -على الوصف - وهو الطعم - وترتیب الحکم على الوصف یفید علیته له ، ومثل هذا التعلیل لیس الغرض منه تعدیة الحکم إلى الفرع ، لأن الربا فیه لیس ثابتاً بالقیاس ، وإنما هو ثابت بعموم النص ، وهو قوله – صلى الله علیه وسلم – " الطعام بالطعام مثلاً بمثل " فهذا النص شامل للذرة وغیرها من المطعومات.
وأما مثال ما تناوله النص بخصوصه : قیاس الخارج بالقئ أو الرعاف فى نقضه للوضوء على الخارج من السبیلین ، بعلة أن الکل خارج نجس.
فیمنع المعترض: کون العلة فیهما الخارج النجس ، بل ثبت الحکم فیهما بخصوصهما بالنص ، وهو قوله – صلى الله علیه وسلم – " من قاء أو رعف أو أمذى فلیتوضأ وضوئه للصلاة " ([33])
فهذا النص بخصوصه یتناول القئ والرعاف ، فلا یصح أن یقال إن الحکم فیهما ثبت بالقیاس.
المطلب الثالث
أقسام العلة
قسم الأصولیون العلة إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة :
أولاً : تقسیم العلة باعتبار کونها محلاً للحکم أو خارجة عنه : فکل حکم ثبت فى محل فعلة ذلک الحکم على ثلاثة أقسام :([34])
القسم الأول : أن تکون العلة محلاً لذلک الحکم : کتعلیل حرمة الربا فى النقدین بکونهما جوهرى الأثمان ، فإن الجوهریة الثمنیة التى هى علة التحریم، محل الحکم الذى هو التحریم.
القسم الثانى : أن تکون العلة جزءاً لذلک المحل : کتعلیل خیار الرؤیة فى بیع الغائب بکونه عقد معاوضة ، فعقد المعاوضة جزء لمحل الحکم وهو البیع .
القسم الثالث : أن تکون العلة خارجة عن المحل ، وهى على ثلاثة أقسام :
أحدها : علة عقلیة ، ویندرج تحتها ثلاثة أنواع :
أ – علة عقلیة حقیقیة : وهى التى یمکن تعقلها باعتبار نفسها ، کتعلیل حرمة الخمر بالإسکار.
ب – علة عقلیة إضافیة : وهى التى یمکن تعقلها باعتبار غیرها کتعلیل ولایة الاجبار فى النکاح بالأبوة ، لأن تعقل الأبوة متوقف على وجود البنوة.
ج – علة عقلیة سلبیة – أى عدمیة – کتعلیل عدم وقوع طلاق المکره بعدم الرضا.
ثانیها : - أى من أقسام العلة الخارجة عن المحل- : علة شرعیة ، وذلک کتعلیل جواز رهن المشاع بجواز بیعه.
ثالثها : علة لغویة : وذلک کقولنا فى النبیذ : أنه یسمى خمراً ، فیحرم کالمعتصر من العنب ، والتعلیل بالعلة اللغویة جائز عند القائلین بجواز جریان القیاس فى اللغات. ([35])
التقسیم الثانى للعلة : باعتبار تعدیتها وقصورها
تنقسم العلة باعتبار تعدیتها وقصورها إلى قسمین :
القسم الأول : العلة المتعدیة : وهى التى تتعدى الأصل إلى غیره - أى جاوزت المحل إلى غیره - ([36])
ویشترط فى العلة المتعدیة : ألا تکون محل الحکم ولا جزءاً منه. ([37]) والمقصود بالمحل :محل الحکـم ،کالبر والشعیر ، والخمر ، وهو الذى وضع اللفظ له.
- فمثلاً – عندما نعلل تحریم الخمر بالإسکار ، فیشترط ألا تکون العلة هى نفس المحل الذى هو الخمر، ولا جزءاً منه.
فإذا کانت العلة هى المحل أو جزءاً منه امتنع الالحاق لأن المحل الذى فى الأصل هو نفسه فى الفرع فیمتنع الالحاق هنا ، فیستحیل أن یکون المحل الواحد قائماً بذاته بمحلین فى وقت واحد.
وأما المقصود بجزء المحل هو : کون المحل مکوناً من جزأین ، وهى جزء منه ، لأنها إن کانت المحل استحال أن تنتقل منه إلى محل أخر بذاته ، وإذا کانت جزء المحل استحال کذلک لأن الجزء الأصلى یستحیل أن ینتقل إلى مکان أخر بشخصه.
والمراد بالجزء هنا : الجزء الحقیقى ، أما الجزء المحمول الأعم فلا یسمیه المتکلم جزءاً ، بل وصفاً نفسیاً.([38])
القسم الثانى : العلة القاصرة : وهى التى لا تتعدى ولا تتجاوز المحل إلى غیره([39]) کتعلیل حرمة الربا فى النقدین بالجوهریة الثمنیة ، فإن الجوهریة الثمنیة علة قاصرة لا تتعدى إلى غیر النقدین.([40])
جواز التعلیل بالعلة القاصرة :
اختلف العلماء حول جواز التعلیل بالعلة القاصرة :
أولاً : ذهب القاضى عبد الوهاب المالکى ([41]) إلى إنکار التعلیل بالعلة القاصرة ، فهو لا یقول بها.
ثانیاً : العلة القاصرة : إذا ثبتت بنص أو اجماع جاز التعلیل بها بدون خلاف.([42])
أما محل الخلاف ففى قولنا ثالثاً :
ثالثاً : إذا ثبتت العلة القاصرة بغیر نص أو اجماع ، بأن ثبتت بالمناسبة أو بالسبر والتقسیم ، أو غیر ذلک من الطرق المفیدة للعلیة ، فهذا محل الخلاف بین العلماء ، حیث اختلف العلماء حول جواز التعلیل بالعلة القاصرة ، أو عدم جواز التعلیل بها على قولین :
القول الأول : وإلیه ذهب الحنفیة : منع التعلیل بالعلة القاصرة.
القول الثانى : وإلیه ذهب جمهور الأصولیین : جواز التعلیل بالعلة القاصرة.([43])
الأدلــة:
أولاً : أدلة أصحاب القول الأول :
استدل الحنفیة على عدم صحة التعلیل بالعلة القاصرة بما یأتى :
لو کانت العلة القاصرة صحیحة لکانت مفیدة ، لکن التالى باطل ، فبطل المقدم ، وثبت نقیضه ، وهو عدم إفادتها ، ومن ثم فلا یجوز التعلیل بها.
دلیل بطلان التالى : أن إثبات ما لا فائدة فیه شرعاً بعید عن العقلاء ، فکیف بکلام الشارع الحکیم ، لکنها غیر معتبرة ، لأن فائدتها منحصرة فى إثبات الحکم بها وهو منتفٍ - وذلک لأن الحکم إما أن یثبت فى الأصل أو فى الفرع.
فأما فى الأصل : فالحکم ثبت فیه بنص ، أو اجماع ، أو غیرهما ، وأما الفرع : فالمفروض أنه لا فرع.
ورد هذا الدلیل : من قبل الجمهور من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : أن هذا الدلیل یجرى فى العلة القاصرة الثابتة بنص ، أو إجماع ، فإن هذا الدلیل بعینه یجرى فیها ، مع جوازه اتفاقاً.([44])
الوجه الثانى : لا نسلم أن الحکم فى الأصل عرف بغیر العلة ، بل عرف بها والدلیل کان دلیلاً علیها ، فالنص دلیل الدلیل - أى دلیل العلة التى هى دلیل على الحکم - فإذا قال :- مثلاً - الثمن جوهر ربوى ، کانت الجوهریة الربویة علة عرف بها کون النقدین ربویین ، بکون الربویة معللة بجوهریة الثمن ،والنص دلیل الدلیل.
الوجه الثالث : لا نسلم حصر الفائدة فى معرفة الحکم ، بل لها فائدتان أخریان :
الأولى : معرفة الباعث على الحکم هو کذا أو کذا ، فیکون ادعى إلى القبول والإذعان من التعبد المحض.
الثانیة : إذا قدر وصف أخر متعد مع الوصف القاصر ، بأن علل بکونه براً وبکونه مطعوماً ، فکونه براً قاصراً، وکونه مطعوماً متعدى ، فأما أن یکون کل واحد منهما جزأی العلة - أى المجموع هو العلة - فلا تعدیة حینئذ ، لأن الجزء القاصر یمنع التعدى.
وإذا جعلنا کل واحد منهما علة : فلا تتعدى المتعدیة إلا بدلیل یدل على استقلالها بالعلیة لا جزءاً.([45])
ثانیاً : أدلة أصحاب القول الثانى :
استدل الجمهور على جواز التعلیل بالعلة القاصرة بما یأتى :
الدلیل الأول : حصول الظن بأن الحکم ثبت فى المحل لأجلها لأنه المفروض وهو معنى صحة التعلیل بها ، والمقصود حصول الظن عند المجتهد أن الحکم فى المحل ، لأجل تحقق وجود العلة.
وإنما کان الظن کافیاً دون القطع ، لأن اشتراط القطع من شأنه نقض الاجماع المتقدم ، وهو أنه یکفى فی دلیل العلة من نص أو اجماع ، ولو اشترط القطع لأدى ذلک إلى اختلال الاجماع المتفق علیه ؛ لأن النص قد یکون قطعیاً ، وقد یکون ظنیاً ، وقد اتفقوا على جواز التعلیل بالعلة المنصوصة ، ولو کان دلیلها ظنیاً ، فهذا دلیل على أن الظن کاف فى صحة التعلیل بالعلة القاصرة ، ولا یشترط القطع.([46])
الدلیل الثانى : لو کانت الصحة متوقفة على التعدیة ، لکانت التعدیة متوقفة على الصحة ، وهذا هو الدور ، لکن اللازم - وهو عدم کون صحتها موقوفاً على تعدیتها - ثابت وذلک للاتفاق على توقف التعدیة على ثبوت العلة - آى علة صحة العلة-([47])
ورد هذا الدلیل من قبل الحنفیة من وجهین :
الوجه الأول : منع الملازمة ، وهى لزوم الدور ، سلمنا بالدور ، ولکنه دور معیة - أى دور مصاحبة - ولیس دور تقدم أو توقف ، بأن یکون کلاً من الاثنین متوقفاً على الأخر، بل هو دور مصاحبة ، کالأبوة والبنوة ،إذ لا یتصور البنوة إلا إذا تصورت الأبوة ، ولا یتصور الأبوة إلا إذا تصورت البنوة ، ولا یتصور التحتیة إلا إذا تصورت الفوقیة ، وهکذا.
ویکون المعنى : أن العلة لا تکون علة إلا إذا کانت متعدیة ، ولا تکون متعدیة إ لا إذا کانت علة ، فلا یتصور العلیة إلا إذا تصورت التعدیة.([48])
الوجه الثانى : أن الدور نشأ عن وهمٍ وغلط : لأن کلمة التعدیة لفظ مشترک تطلق على وجود الوصف فى محل أخر ، وتطلق على ثبوت الحکم بالوصف فى محل أخر ، والأولى شرط ، والثانیة مشروط - وثبوت المشروط یتوقف على ثبوت الشرط - لکن ثبوت الشرط لا یتوقف على ثبوت المشروط ، فالتوقف هنا من ناحیة واحدة ، وهى فى الأصل لها معنیان.([49])
التقسیم الثالث للعلة : باعتبار الترکیب وعدمه .
تنقسم العلة باعتبار کونها مرکبة أو بسیطة إلى قسمین :
القسم الأول : علة بسیطة : وهى التى لم تترکب من أجزاء ، مثل : تعلیل حرمة الخمر بالإسکار، فإن الإسکار علة بسیطة غیر مرکبة من أجزاء.
القسم الثانى : علة مرکبة : وهى ما ترکبت من جزأین فأکثر بحیث یستقل أحدهما عن الأخر فى إفادته العلیة ، وهذا النوع من العلة : إما أن تکون مرکبة من الحقیقیة والاضافیة کقولنا : قتل صدر من الأب : فلا یجب به القصاص ؟ فالقتل هنا حقیقى ، والأبوة إضافیة.
وإما أن تکون مرکبة من الحقیقیة والسلبیة : کتعلیل وجوب القصاص بالقتل العمد الذى لیس بحق. ([50])
المبحث الثانی
مسالک العلة
المسالک : جمع مسلک وهو : الطریق الذى یسلکه المجتهد فى إثبات العلة.([51])
وهى تتنوع إلى تسعة أنواع : النص – الإیماء – الاجماع – المناسبة – الشبه – الشبه – الدوران السبر والتقسیم – الطرد – تنقیح المناط.
وسوف أتناول کل نوع من هذه الأنواع باختصار وذلک على النحو التالی :
المسلک الأول : النص
أ- النص لغة : هو منتهى الشئ وغایته، ویأتى بمعنى الرفع والظهور ([52])
ب- النص اصطلاحاً : هو ما یدل بالوضع من الکتاب والسنة على علیة وصف لحکم.([53])
أقسام النص :
قسم الأصولیون النص إلى قسمین :
القسم الأول : النص القاطع وهو : الذى لا یحتمل غیر العلیة ، وله ألفاظ کثیرة منها:
1 – کى : مثل قوله – تعالى " کَیْ لَا یَکُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیَاءِ مِنکُمْ ۚ"([54])
أى إنما وجب تخمیس الفئ کى لا یتداوله الأغنیاء بینهم فلا یحصل للفقراء شئ.
2 – مـن أجل : مثل قوله – تعالى – " "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِکَ کَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِی إِسْرَائِیلَ" ([55]) ، ومـه قوله – صلى الله علیه وسلم – " إنما حعل الاستئذان من أجل البصر "([56])
أى جعل الاستئذان لأجل ألا یقع النظر على شئ غیر مرغوب النظر إلیه عند الغیر. ([57])
القسم الثانى : النص الظاهر وهو : الذى یدل على العلیة مع احتمال غیرها احتمالاً مرجوحاً. ([58])
ألفاظ النص الظاهر : للنص الظاهر ألفاظ کثیرة منها :
1 – اللام ،مثل قوله – تعالى – " "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ" ([59]) فإن أهل اللغة نصوا على أن اللام للتعلیل ،وقولهم فى الألفاظ حجة.([60])
وإنما لم تکن اللام من قبیل النص القاطع :لاحتمالها الملک ، والاختصاص ، وغیر ذلک من المعانى المذکورة فى کتب النحو.([61])
2 – إن ، مثل قوله – تعالى – " إنک إن تذرهم یضلوا عبادک ولا یلدوا إلا فاجراً کفاراً "([62]) وإنما لم تکن اللام من قبیل النص القاطع : لأنها قد تأتى لتأکید مضمون الجملة.([63])
3 – الباء ، مثل قوله – تعالى – " "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ "ۖ ([64]) أى بسبب الرحمة لنت لهم ، وإنما لم تکن الباء من قبیل النص القاطع : لأنها قد تأتى بمعنى الإلصاق ، والمصاحبة ، والتعدیة.([65])
المسلک الثانى : الإیماء
عرف الأصولیون الإیماء بتعریفات کثیرة کلها بألفاظ متقاربة :
- حیث عرفه صاحب شرح الکوکب المنیر ([66]) بقوله : " والإیماء : هو اقتران الوصف بحکم لو لم یکن الوصف أو نظیره للتعلیل لکان ذلک الاقتران بعیداً من فصاحة کلام الشارع ، وکان اتیانه بالألفاظ فى غیر مواضعها ، مع کون کلام الشارع منزهاً عن الحشو الذى لا فائدة فیه " ([67])
أقسام الإیماء:
قسم الأصولیون الإیماء إلى خمسة أقسام :
القسم الأول :
ترتب الحکم على الوصف بواسطة الفاء ، وهو أن یذکر حکم ووصف ، ثم تدخل الفاء على الثانى منهما ، سواء أکان هو الوصف أو الحکم ، وسواء أکان من کلام الشارع أم من کلام الراوى.([68]) فلزم من ذلک أربعة أنواع بیانها کالتالى :
أولاً : أن تدخل الفاء على الوصف فى کلام الشارع مع تقدم الحکم علیه ، مثـل قوله – صلى الله علیه وسلم " لا تقربوه طیباً فإنه یبعث یوم القیامة ملبیاً " ([69])
ثانیاً :أن تدخل الفاء على الوصف مع تقدم الحکم علیه فی کلام الـراوى ، وهذا النوع قال عنه الإمام الإسنوى ([70]) ولم نظفر له بمثال.([71])
ثالثاً : أن تدخل الفاء على الحکم فى کلام الشارع مع تقدم الوصف علیه مثل : قوله - تعالى - "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُمَا" ([72]) ([73])
رابعاً : أن تدخل الفاء على الحکم مع تقدم الوصف فى کلام الراوى ، مثل قول الراوى " سها النبى – صلى الله علیه وسلم – فسجد " و " زنى ماعز فرجم " ([74])
وأقوى هذه الأنواع دلالة على العلیة ترتب الحکم على الوصف بالفاء فى کلام الشارع ، سواء تقدم الوصف على الحکم أم تأخر عنه. ([75])
القسم الثانی من أقسام الإیماء :
أن یحکم الشارع على شخص بحکم عقب علمه بصفة صدرت منه.
مثال ذلک : ما رواه أبو هریرة – رضى الله عنه – قال : " بینما نحن جلوس عند النبى - صلى الله علیه وسلم – إذ جاءه رجل فقال یا رسول الله هلکت، قال : مالک ، قال : وقعت على امرأتی وأنا صائم ، فقال رسول الله – صلى الله علیه وسلم – هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا....... الحدیث " ([76])
فقد دل الحدیث دلالة واضحة : على أن الجماع علة فى الاعتاق، لأن قوله – صلى الله علیه وسلم – " هل تجد رقبة تعتقها " صالح لجواب ذلک السؤال ، والکلام الصالح لأن یکون جواباً للسؤال ، إذا ذکر عقب السؤال یغلب على الظن کونه جواباً له ، وإذا کان جواباً یکون السؤال معاداً فیه تقدیراً ، فکأنه قیل : واقعت فاعتق. ([77])
القسم الثالث من أقسام الإیماء :-
أن یذکر الشارع وصفا لو لم یکن مؤثراَ فی الحکم - أى لم یکن علة فیه - لم یکن ذکره مفیداَ .
وهذا القسم یتدرج تحته أربعة أنواع :
النوع الأول : أن یکون ذکر الوصف دافعاَ لسؤال أورده السائل عن توهم الاشتراک بین صورتین ، مثال ذلک ما روى أنه - صلى الله علیه وسلم - امتنع عن الدخول عند قوم عندهم کلب ، فقیل له : إنک دخلت على قوم عندهم هرة ، فقال -علیه الصلاة والسلام - " إنها لیست بنجس ، إنها من الطوافین علیکم والطوافات"([78]) فلو لم یکن طوافها علة لعدم النجاسة ، لکان ذکره عبثاً وغیر مفید .([79])
النوع الثانى :- أن یذکر الشارع وصفاً فی محل الحکم لو لم یکن علة لم یحتج إلى ذکره ، مثال ذلک ما روى عن ابن مسعود :- رضی الله عنه – أنه أحضر للنبى - صلى الله علیه وسلم - ماءً نبذ فیه تمر - أى طرح فیه - فتوضأ به وقال " ثمرة طیبة وماء طهور " ([80]) فإن وصف المحل - وهو النبیذ - بطیب ثمرته و طهوریة ماءه دلیل على بقاء طهوریة الماء ، وإلا کان ذکر ذلک الوصف عبثاً غیر مفید.([81])
النوع الثالث :- أن یسأل الشارع عن وصف ، فإذا أجاب عنه المسئول أقره علیه ، ثم یذکر بعده الحکم مثال ذلک : قوله – صلى الله علیه وسلم – حین سئل عن جواز بیع الرطب بالتمر ، فقال – صلى الله علیه وسلم " أینقص الرطب إذا جف ، قالوا : نعم ، فقال فلا إذن " ([82]) فلو لم یکن نقصان الرطب بالیبس علة للمنع من البیع ، لم یکن لذکره وتعلیل الحکم به فائدة . ([83])
النوع الرابع :- أن یسأل عن حکم فیتعرض لحکم أخر یشبه المسئول عنه ، ویعرف علة المسئول عنه – أیضاَ –
مثال ذلک : قوله – صلى الله علیه وسلم – وقد سئل عن إفساد الصوم بالقبلة من غیر إنزال : " أرأیت لو تمضمضت بماء ثم مججته أکنت شاربه " ([84])
فهنا نبه الرسول – صلى الله علیه وسلم – على أن حکم القبلة فی عدم إفسادها الصوم کحکم ما یشبهها وهى المضمضة ، ووجه الشبه : أن کلاً منهما مقدمة لمَ یترتب علیه المقصود ، وهو الشرب والإنزال ، فلو لم یکن عدم ترتیب المقصود المؤثر فی الإفساد على مقدمته مؤثرا فی عدم الإفساد لم یکن لقوله: - صلى الله علیه وسلم – "أرأیت....الخ " فائدة .([85])
القسم الرابع من أقسام الإیماء :-
أن یفرق الشارع فی الحکم بین شیئین بذکر وصف لأحدهما : لو لم یکون علة لذلک الحکم لم یکن لذکره معنى .
وهذا القسم یتنوع إلى نوعین :-
النوع الأول :- أن یذکر الشارع أحدهما فی الخطاب دون الأخر ، مثال ذلک قوله - صلى الله علیه وسلم - " القاتل لا یرث"([86])
فالوصف : وهو القتل ، قد ذکر معه أحد الحکمین ، وهو عدم الإرث ، ولم یذکر الحکم الأخر ، وهو میراث من لم یقتل ([87])
النوع الثانى :- أن یذکر الشارع حکم الاثنین ، وهذا النوع یندرج تحته خمسة أقسام :-
الأول : أن تقع التفرقة بالشرط ، مثل قوله – صلى الله علیه وسلم – بعد نهیه عن بیع الاصناف الست – متفاضلاَ عند اتحاد الجنس " فإذا اختلفت هذه فبیعوا کیف شئتم إذا کان یداً بید " ([88])
فیفهم من ذلک: أن اختلاف الجنس علة جواز البیع متفاضلاً ، کما ان اتحاد الجنس علة عدم جواز البیع متفاضلاً.
الثانى :- أن تقع التفرقة بحرف الغایة ، مثل قوله – تعالى - "وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ یَطْهُرْنَ" ([89]) حیث فرق بین الطهر والحیض بحرف الغایة "حتى".
الثالث :- التفرقة بالاستثناء ، مثل قوله – تعالى- "فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ " . ([90])
الرابع : أن تقع التفرقة بالاستدراک ، مثل قوله تعالى ""لَا یُؤَاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمَانِکُمْ ولکن یؤاخذکم بما عقدتم الأیمان "([91])
الخامس :- أن تکون التفرقة بذکره صفة لأحد الشیئین صالحة للعلیة بعد ذکـر الأخـر ، مثل قوله – صلى الله علیه وسلم – "للراجل سهم وللفارس
القسم الخامس من اقسام الإیماء :-
النهى عن مفوت الواجب - أى النهى عن فعل یکون مانعاً لما تقدم وجو به علینا - مثال ذلک قوله تعالى ""فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِکْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَیْعَ " ([94])
فإنه – عز وجل لما أوجب علینا السعى ، ونهانا عن البیع المفوت لهذا الواجب دل ذلک : على أن علة التحریم ، کونه مفوتا للواجب فی ذلک الوقت . ([95])
المسلک الثالث
الإجماع
أ - تعریف الإجماع لغة :- یطلق الاجماع فی اللغة على معنیین أحدهما : العزم على الشئ والتصمیم علیه .
الثانى : الاتفاق ([96])
ب - الاجماع اصطلاحاً :- هو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد – صلى الله علیه وسلم – على أمر من الأمور فى عصر من العصور. ([97]) ویعد الاجماع مسلکا من المسالک المفیدة للعلیة ، فإذا اتفق مجتهدو الأمة فی عصر من العصور على کون الوصف الفلانى علة للحکم الفلانى ، ثبتت علیته بالإجماع.
مثال ذلک : اجماع المجتهدین على أن علة تقدیم الأخ من الأبویین على الأخ من الأب فی الإرث هی : امتزاج النسبین واتصالهما - أى کونه من الأبوین - فیقاس علیه تقدیم الأخ من الأبوین على الأخ لأب فی ولایة النکاح ، بجامع اتصال النسبین . ([98])
المسلک الرابع
المناسبة
المناسبة لغة :- تطلق على الملائمة والمقاربة ([99])
وأما فی الاصطلاح : فهى کون الوصف بحیث یلزم من ترتیب الحکم علیه ما یصلح أن یکون مقصوداً من جلب منفعة للإنسان،أو دفع مضرة. ([100])
وحاصل هذا المسلک : تعیین العلة فی الأصل بمجرد إبداء المناسبة بینها وبین الحکم من ذات الأصل ، وذلک عند عدم وجود نص ، او إجماع ، على علة الحکم ، وذلک کالإسکار بالنسبة للتحریم ، فإن النظر فی السکر وحکمه ووصفه ، یعلم منه کون الإسکار مناسباً لمشروعیة التحریم. ([101])
أقسام المناسب :
قسم الأصولیون المناسب إلى قسمین ،وذلک باعتبارین مختلفین :-
التقسیم الأول : باعتبار زوال المناسبة وعدم زوالها .
ینقسم إلى قسمین :-
1- مناسب حقیقی
2- مناسب اقتناعی
أولاً : المناسب الحقیقی
المناسب الحقیقى هو : الذی لا تزول مناسبته بالتأمل فیه. ([102])
ویتدرج تحته نوعان :-
النوع الأول :- مناسب حقیقی دنیوی ، وهو ما کانت المصلحة فیه متعلقة بالدنیا - أى تتحقق فیها - ([103])
وهذا النوع یشتمل على ثلاثة مراتب :-
المرتبة الأولى : مناسب حقیقى دنیوى ضرورى ، وهو الذی انتهت المصلحة فیه إلى حد الضرورة وهو المتضمن لحفظ الضروریات الخمس ، وهى : حفظ النفس ، والدین ، والعقل ، والمال، والنسب .
فأما النفس : فمحفوظة بمشروعته القصاص ، وأما الدین : فمحفوظ بمشروعیة حد الحرابة ، وقتال البغاة والمرتدین ، وأما العقل : فمحفوظ بمشروعیة حد الشرب ، والزجر عن المسکرات .
وأما المال : فمحفوظ بمشروعیة الضمان على الأخذ بالباطل ومشروعة حد السرقة .
وأما النسب : فمحفوظ بمشروعیة حد الزنا وحد القذف ([104])
المرتبة الثانیة :- مناسب حقیقی دنیوى مصلحى – أى حاجی – وهو : الوصف الذی انتهت المصلحة فیه إلى حد الحاجة بحیث تکون متضمنة لحفظ مقصود هو فى محل الحاجة ، ولم تصل إلى حد الضرورة . ([105])
مثال ذلک : مشروعیة الولایة بالنسبة لنکاح الصغیرة ، فإنه مصلحة غیر ضروریة فی الحال بالنسبة لها ، لکن الحاجة إلیها متحققة .
فالمناسب هنا : الصغر ، والحکم مشروعیة الولایة التى تمکن الولى من التزویج ، والمصلحة جعل الصغیرة تحت کفؤ ، وهذه المصلحة لیست ضروریة فی الحال ، لکنها فی محل الحاجة ، إذ ربما یفوت لا إلى بدل.([106])
المرتبة الثالثة : مناسب حقیقى دنیوى تحسینى :
وهو الذی لا یکون فی محل الضرورة ، ولا فی محل الحاجة ، وإنما انتهت المنفعة فیه إلى حد الاستحسان عادة ، کتحریم القاذورات ، فإن نفرة الطباع عنها عادة مناسب لحرمة تناولها ، لما فی ذلک من حث الناس على مکارم الأخلاق و محاسن الشیم والعادات. ([107])
النوع الثانى : مناسب حقیقی أخروى وهو : ما کانت المصلحة فیه أخرویة وذلک کتزکیة النفس ، وتهذیب الأخلاق ، المؤدی إلى امتثال الأوامر واجتناب النواهى ، الموصل إلى رضا الله – عز وجل – وذلک یؤدى إلى نیل الثواب الأخروى .([108])
ثانیاَ : المناسب الإقناعى
المناسب الإقناعى هو : الذی یظن مناسبته فى بادئ الأمر ثم سرعان ما تزول تلک المناسبة بالتأمل والبحث.([109])
مثال ذلک : تعلیل الشافعى ([110]) – رحمة الله – تحریم بیع الخمر والمیتة بعلة النجاسة فی کل منهما ، ثم یقیس علیهما تحریم بیع الکلب ، والخنزیر، بجامع النجاسة فی کل ، ووجه المناسبة : أن کونه نجساً یناسب إزلاله بتحریم بیعه ، لأن حل بیعه اعزاز له ، والنجاسة لا یناسبها الاعزاز ، والجمع بینهما متناقض ، فهذا إن کان یظن به فی الظاهر أنه مناسب لکنه فی الحقیقة لیس کذلک ، لأن کونه نجساً : معناه أنه لا تجوز الصلاة معه ، ولا مناسبة البتة بین المنع من استصحابه فی الصلاة وبین المنع من بیعه لأن الشارع اعتبر النجاسة فی عدم صحة الصلاة بالنجس ، ولم یعتبرها فی صحة بیع النجس ، ومن ثم تکون النجاسة فی هذا المثال مناسباً إقناعیاً ، سرعان ما تزول مناسبتها بالتأمل والبحث ولیس مناسباَ حقیقیاً.([111])
التقسیم الثانى للمناسب:
من حیث اعتبار الشارع له وعدم اعتباره .
قسم الأصولیون المناسب من حیث اعتبار الشارع له وعدم اعتباره إلى ثلاثة أقسام:-
القسم الأول :- المناسب المعتبر و هو : الذی أورد الشارع الحکم فیه على وفقه من غیر نص علیه ولا إیماء إلیه. ([112])
وهذا القسم یشتمل على أربع حالات :-
الحالة الأولى :- أن یعتبر الشارع نوع الوصف فی نوع الحکم : وذلک کالسکر مع الحرمة ، فإن السکر نوع من الوصف ، لأنه تندرج تحته أفراد ، هی إسکار الخمر ، وإسکار النبیذ ، وغیرهما .
والحرمة نوع من الحکم – أیضاً – لأنه یندرج تحتها : تحریم الخمر ، وتحریم السرقة ، وتحریم الزنا ، و غیرها ، والشارع اعتبر نوع السکر فی نوع الحرمة ، لأن الحرمة فی المختلفین نوع واحد ، وکذلک السکر الذی هو العلة نوع واحد . ([113])
الحالة الثانیة:- أن یعتبر الشارع نوع الوصف فی جنس الحکم : وذلک کامتزاج النسبین - أى الأخوة من الأبوین - فی تقدیم الأخ من الأبوین على الأخ من الأب فی ولایة النکاح ، قیاساَ على تقدیمه فی الإرث ، فإن الشارع اعتبر نوع الوصف فی جنس الحکم ، فإن الأخوة من الأبوین نوع واحد ، والتقدیم فی الإراث نوع مخالف للتقدیم فی الولایة ، لکنهما مشترکان فی جنس التقدیم ، لان جنس التقدیم مطلق ، یشمل التقدیم فی الإرث ، والتقدیم فی النکاح ،والصلاة ،علیها وغیر ذلک . ([114])
الحالة الثالثة :- أن یعتبر الشارع جنس الوصف فى نوع الحکم : وذلک کالمشقة المشترکة بین الحائض والمسافر فی سقوط القضاء ، فإن الشارع اعتبر جنس المشقة ، فی نوع سقوط قضاء الرکعتین بالنسبة للمسافر ، فإن مشقة السفر ، نوع مخالف لمشقة الحیض ، لکنهما مشترکان فی جنس المشقة ، وسقوط قضاء الرکعتین بالنسبة الى الحائض والمسافر نوع واحد . ([115])
الحالة الرابعة : أن یعتبر الشارع جنس الوصف فی جنس الحکم :
مثال ذلک : إیجاب حد القذف على شارب الخمر لکون شرب الخمر مظنة القذف ، وذلک قیاساً على إقامة الخلوة بالأجنبیة ، التى هی مظنة وطئها ، مقام الوطء فی الحرمة ، فالشارع أوجب حد القذف على الشارب ، لا لکونه شارباً ، بل أقام مظنة القذف الناتجة عن الشرب - مقام القذف ، قیاساً على إقامة الخلوة بالأجنبیة مقام الوطء ، فی التحریم لکون الخلوة مظنة له .
فالشارع اعتبر المظنة التى هى جنس لمظنة الوطء ، ولمظنة القذف فی الحکم، الذی هو جنس لإیجاب حد القذف ، ولحرمة الوطء . ([116])
والمناسب المعتبر بجمیع أنواعه اتفق العلماء على صحة التعلیل به ، لأنه ثبت بالاستقراء لأحکام الشرع ، أن کل حکم منها مشتمل على مصلحة تعود إلى العباد وثبت -أیضاً- بالاستقراء أن الله - عز وجل- شرع أحکامه لمصالح العباد تفضلاً منه وإحساناً ، لا تحتماً ووجوباً. ([117])
ومن ثم : فحیث ثبت حکم فی صورةٍ من الصور ، وکان هناک وصف مناسب له متضمن لمصلحة العبد ، ولم یوجد غیره من الأوصاف الصالحة للعلیة غلب على الظن أنه علة ، لکون الأصل عدم غیره ، وإذا ثبت أنه علة : ثبت أن المناسبة تفید العلیة .
القسم الثانى: من أقسام المناسب من حیث اعتبار الشارع له وعدم اعتبـاره :
المناسب الملغى : وهو الذی أورد الشارع الحکم على عکسه ([118])
مثال ذلک : القدرة على عتق الرقبة فی کفارة الظهار، وعدم التضرر به ، فإنه لا یصلح أن یکون علة لإیجاب صوم الشهرین بخصوصه على من لم یتضرر بالعتق لأن الشارع أوجب الاعتاق أولاً ، دون نظر إلى کونه قادراً على العتق دون ضرر ، أو غیر قادر، فکأن الشارع الغى عدم التضرر بالعتق ، ولم یعتبر إیجاب الصوم على من سهل علیه العتق ، وهذا القسم اتفق العلماء على عدم جواز التعلیل به. ([119])
التقسیم الثالث للمناسب من حیث الاعتبار وعدمه:
المناسب المرسل وهو : الذی لم یعلم اعتبار الشارع له ولا الغاؤه ([120])
مثال ذلک : الرمی إلى أسارى المسلمین الذین تترس بهم الکفار ، بحیث لو لم یرم الأسرى المسلمین المتترس بهم ، لأدى ذلک إلى انتصار الکفار ، وقتلهم المتترس بهم وغیرهم ، و إن رسینا الأسرى المسلمین المتترس بهم ، أدى ذلک الى قتل مسلم بغیر وجه حق ، لکن یترتب علیه انتصار المسلمین وهزیمة الکفـار .
فتترس الکفار بأسرى المسلمین وصف مناسب لمشروعیة رمى أسرى المسلمین المتترس بهم ، ولکن هذا الوصف لم یعلم اعتبار الشارع له ، ولا إلغاؤه ، ومن ثم فقد اختلف العلماء حول جواز التعلیل به وعدم جوازه : حیث ذهب الجمهور إلى عدم جواز التعلیل به ، بینما ذهب الإمام مالک ([121])الى اعتباره وجواز التعلیل به. ([122])
المسلک الخامس
الشبه
تعریف الشبه : هو : الوصف الذی لا تظهر فیه المناسبة بعد البحث التام ، لکن ألف من الشارع الالتفات إلیه فی بعض الأحکام ([123])
مثال الشبه :- قیاس الإمام الشافعى - رحمه الله - إزالة النجاسة بالماء لأجل الصلاة ، على طهارة الحدث ، وعلل ذلک : بأن إزالة النجاسة طهارة تراد لأجل الصلاة ، فلا تجوز بغیر الماء ، کطهارة الحدث ، فإن الجامع هو الطهارة ، ومناسبتها لتعین الماء فیها بعد البحث التام غیر ظاهرة ، ولکن بالنظر إلى کون الشارع اعتبر الطهارة فی بعض الأحکام ، کمس المصحف ، والصلاة ، والطواف بوهم اشتمالها على ذلک المناسب . ([124])
وقد اختلف الأصولیون حول کون الشبه مفیداً للعلیة أم لا ؟ وذلک على قولین:
القول الأول : وإلیه ذهب الباقلانى : ([125]) أنه لا یفید العلیة مطلقاَ ، وعلل ذلک: بأن الشبه وصف مقارن للحکم ، غیر مناسب له ، وما لیس بمناسب فهو مردود بالإجماع .
ورد ذلک التعلیل : بعدم التسلیم بأن الوصف إذا لم یکن مناسباَ کان مردوداً بالاتفاق، فإن المناسب بالتبع فیه خلاف وهو محل النزاع .
القول الثانى :- أنه یفید العلیة ، واختاره البیضاوى .
وعلل ذلک : بأن الشبه یفید ظن وجود العلة ،لأن الشبه لما کان مستلزماً بالذات الذى هو علة ، کان الاشتراک فى الشبه یفید الاشتراک فى المناسب الذى هو علة ، فیفید ظن وجود العلة ، والعمل بالظن واجب فکان مفیداً للعلیة . ([126])
المسلک السادس
الدوران
یعد الدوران مسلکاً هاماً من مسالک العلة ، ولما کان موضوع البحث هو أثر اختلاف الأصولیین فی حجیة الدوران ، فسوف یأتى الحدیث عنه بالتفصیل فی مبحث مستقل .
المسلک السابع
السبر والتقسیم
یسمى هذا المسلک بالسبر والتقسیم ، لأن الناظر فی العلة یقسم الصفات ویختبر صلاحیة کل منها للعلیة . ([127])
أ - السبر لغة : معناه الاختبار ، ومنه سبر الجرح أى اختبر غوره . ([128])
ب - التقسیم لغة :- التجزئة ، أى إظهار الشئ الواحد على وجوه مختلفـة . ([129])
ج - تعریف السبر والتقسیم اصطلاحاً :- هو حصر الأوصاف وإبطال مالا یصلح للتعلیل ، فتعین الباقى علة . ([130])
ومعنى ذلک : أن الباحث عن العلة یقسم الصفات التى یتوهم علیتها ، بأن یقول : -مثلاً - علة هذا الحکم إما هذه الصفة ، وإما هذه ، یسبر کل واحدة - أى یختبرها - ویلغى بعضها ، فیتعین الباقى للعلیة . ([131])
أنواع التقسیم :
یتنوع التقسیم إلى نوعین :
النوع الأول :- التقسیم الحاصر : وهو الذی یکون دائراً بین النفی والإثبـات :
مثاله :- أن یقال : ولایة الاجبارعلى النکاح : إما أن لا تعلل بعلة أصلاً ، أو تعلل ، وعلى التقدیر الثانى ، إما أن تکون العلة هى البکارة ، أو الصغر ، أوغیرهما .
والأول : وهو کونها غیر معللة أصلاً غیر جائز.
- وأیضاُ – کونها معللة بغیر البکارة أو الصغر باطل لأن الإجماع قائم على أنها معللة ، وأن العلة منحصرة فی هذین الوصفین .
وذهب الشافعى : إلى عدم کون الصغر هو العلة ، لأنه لو کانت العلة الصغر لثبتت الولایة على الثیب الصغیرة لوجود العلة ، وهو باطل ، لأنه مناقض لقوله - صلى الله علیه وسلم - " الثیب أحق بنفسها من ولیها "([132])
فلفظ الثیب الوارد فی الحدیث یتناول البکر والصغیرة ، فیتعین أن تکون العلة فی الاجبار هی البکارة لا الصغر، وهذا النوع من التقسیم : یفید القطع إن کان الحصر فی الأقسام ، وإبطال غیر المطلوب قطعیاً ، وذلک قلیل فی الشرعیات وإن لم یکن کذلک فإنه یفید الظن.
النوع الثانى : التقسیم غیر الحاصر ، ویسمى بالمنتشر : وهو الذی لا یکون دائراً بین النفى والاثبات . ([133])
مثال ذلک : القول بأن علة حرمة الربا فى البر، إما أن تکون الطعم ، أو الکیل ، أو القوت ، وکل من الکیل والقوت لا یصح أن یکون علة ، لأنهما باطلان . بالنقض أو لعدم المناسبة ، أو غیر ذلک .
فتعین أن تکون العلة الطعم ، فیقاس على البر الذرة ، التى لم تذکر فی النص لکونها مطعوماً .
وهذا النوع : لا یفید إلا الظن ، فلا یکون حجة فی العقلیات ، بل فی الشرعیات فقط . ([134])
المسلک الثامن
الطرد
أ- الطرد لغة : مصدر بمعنى الاطراد ، یقال : اطرد الشئ اطراداً ، تبع بعضه بعضاً ، فالاطراد : تبعیة شئ ، لشئ أخر .([135])
ب- الطرد اصطلاحاً : هو ثبوت الحکم مع الوصف الذی لم بعلم کون مناسباً ولا مستلزماً للمناسبة ، فی جمیع الصور المغایرة لمحل النزاع .([136])
وقد اختلف العلماء حول کون الطرد مسلکاً من مسالک العلة ، یصلح للتعلیل به أم لا؟ وذلک على ثلاثة أقوال :-
القول الأول : والیه ذهب أکتر الحنفیة ، واختاره الإمام الرازى والبیضاوى: أنه حجة ویصح التمسک به .
وعللوا ذلک : بأن ثبوت الحکم مع الوصف فی جمیع محاله المغایرة لمحل النزاع ، یستلزم حصول الظن بثبوته فی محل النزاع ، والعمل بالظن واجب - أیضاً - الحاقاً للتعلیل بالأغلب الأعم .
القول الثانی : والیه ذهب جمهور الفقهاء والمتکلمین : أنه لیس بحجة ، وأن التمسک به باطل .
وعللوا ذلک : بأن الصحابة – رضی الله عنهم – تعلقوا بالأقیسة عند عدم وجود نص من الکتاب أو السنة ، ولم یثبت عنهم بناء أى حکم على وصف طردى لا مناسبة فیه بالذات ولا بالتبع ، فلو کان الطرد مفیداً للعلیة ، لما أهمله الصحابة -رضی الله عنهم -
القول الثالث : وإلیه ذهب الکرخى ([137])من الحقیقة أنه مقبول جدلاً ، ولا یسوغ التعویل علیه عملاً ، ولا الفتوى به . ([138])
المسلک التاسع
تنقیح المناط
أ- تعریفه لغة : التنقیح معناه : تهذیب الشئ وتخلیصه من غیره ، یقال : نقح الکتاب ، أی هذبه ([139])
ب- تعریفه اصطلاحاً :- هو الحاق المسکوت عنه بالمنصوص علیه بإلغاء الفارق . ([140])
بمعنى : أن یقال : لا فرق بین الفرع والأصل ، إلا کذا وکذا ، وذلک لا مدخل له فی الحکم البتة ، فیلزم اشتراکهما فی الحکم ، لاشتراکهما فی الموجب له – فمثلاً- عندما یذکر الشارع حکم ، ویذکر معه عدة أوصاف بعضها من الأوصاف التى لا تصلح ، ویبقى ما هو صالح ، وهذا النوع من مسالک العلة : متفق علیه بین العلماء ، حتى منکرى القیاس ، کما نص على ذلک الامام الغزالى فی المستصفى . ([141])
المبحث الثالث
الدوران وحجیته
وفیه خمسة مطالب:
المطلب الأول : تعریف الدوران
المطلب الثانى : أرکان الدوران
المطلب الثالث : الفرق بین الدوران والطرد
المطلب الرابع : صور الدوران
المطلب الخامس : حجیة الدوران
المطلب الأول
تعریف الدوران
أولاً: تعریف الدوران لغة:
قال ابن فارس : " دور : الدال والواو والراء أصل واحد ، یدل على إحداق الشئ بالشئ من حوالیه ، یقال : دار یدور دوراناً ، والدوَارى الدهر ، لأنه یدور بالناس أحوالاً " ([142])
فالدوران : مصدر دار الشئ یدور دوراً ودوراناً ، وهو الطواف حول الشئ ، یقال : دار حول البیت دوراً ، ودوراناً ، إذا طاف حوله ، ویقال: دارت المسألة ، کلما تعلقت بمحل توقف ثبوت الحکم على غیره، فینتقل إلیه ثم یتوقف على الأول ([143])
ثانیاً :- تعریف الدوران اصطلاحاً :-
عرف الأصولیون الدوران اصطلاحاً بتعریفات کثیرة منها:
1- عرفه الإمام الرازى بقوله : " أن یثبت الحکم عند ثبوت وصف وینتفى عند انتفائه " ([144])
2- وعرفه القاضى البیضاوى بقوله : " أن یحدث الحکم بحدوث وصف وینعدم بعدمه "([145])
3- وعرفه الإمام الزرکشی([146])بقوله : " وهو : أن یوجد الحکم عند وجود وصف ، ویرتفع عند ارتفاعه " ([147])
4- وعرفه صاحب التحبیر شرح التحریر ([148])بقوله : " وهو أن یوجد الحکم عند وجود وصف ، وینعدم عند عدمه " ([149])
5- وعرفه الإمام البدخشی : ([150]) بقوله : " أن یحدث الحکم بحدوث وصف وینعدم بعدمه " ([151])
6- وعرفه أبو الخطاب الحنبلى ([152])بقوله " أن یوجد الحکم لوجود وصف ویزول لزواله " ([153])
من خلال التعریفات السابقة یتبین : أنها تدور حول معنى واحد هو: وجود الحکم عند وجود وصفه ، وزوال الحکم عند زوال وصفه .
مثال الدوران :- حدوث حرمة العصیر عند حدوث وصف الإسکار ، وزوالها عند زواله ، کما إذا صار خلاً ، فحکم العصیر دار مع وجود الإسکار وعدم وجوده ، فکلما وجد وصف الإسکار، وجد الحکم - وهو التحریم - وکلما انتفى وصف الإسکار ، انتفى التحریم ، ففهم من ذلک : أن العلة فی تحریم العصیر هی : السکر. ([154])
مسمیات الدوران :-
یسمى الدوران : بالطرد والعکس ، ویسمى – أیضاُ – بالدوران الوجودى والعدمى ، ویسمى بالجریان .
ویسمى – أیضاً- بالتأثیر ، ویسمى بالسلب والوجود ([155]).
المطلب الثانى
أرکان الدوران
للدوران رکنین أساسیین هما :-
الرکن الأول : ویسمى مداراً : وهو الوصف الذی علل به الحکم ، مثل : وصف السکر .
الرکن الثانى : ویسمى بالدائر : وهو الحکم المراد إثبات معلولیته مثل : التحریم عند وجود الإسکار .
مثال ذلک : السکر مع عصیر العنب ، فإنه قبل أن یحدث فیه وصف الاسکار کان مباحاً ، وعند حدوثه حدثت الحرمة . ([156])
المطلب الثالث
الفرق بین الدوران والطرد
اختلف علماء الأصول حول کون الدوران والطرد مترادفان أم یوجد بینهما فرق ؟ : حیث ذهب بعض الأصولیین ومنهم : القاضی حسین([157])إلى عدم الفرق بینهما ، لأنهما لفظان مترادفان .
بینما ذهب أکثر الأصولیین : إلى وجود فرق بینهما :-
فالدوران : هو اقتران الحکم مع الوصف وجوداً وعدماً ، فإذا وجد الوصف وجد الحکم ، وإذا عدم الوصف ،عدم الحکم ، فکلما وجد وصف الإسکار ، وجد الحکم وهو التحریم، فإذا عدم وصف الإسکار ، عدم حکم التحریم.
أما الطرد : فهو ثبوت الحکم مع الوصف الذی لم یعلم کونه مناسباً ولا مستلزماً للمناسب ، فی جمیع الصور المغایرة لمحل النزاع .
فالطرد : عبارة عن المقارنة فی الوجود دون العدم . ([158])
الترجیح : الراجح ما ذهب إلیه أکثر العلماء من وجود فرق بین الدوران والطرد ، یتمثل : فى أن الدوران یتناول وجود الحکم عند وجود الوصف ، وانتفاء الحکم عند انتفاء الوصف ، ومن ثم فهو یشمل جانبى الوجود والعدم بین الحکم والوصف 0
وذلک بخلاف الطرد : فیقتصر على جانب الوجود فقط ، حیث إنه یتناول وجود الحکم عند وجود الوصف فقط دون التعرض لجانب العدم0
المطلب الرابع
صور الدوران
للدوران صورتان :-
الصورة الأول :-
أن یقع الدوران فی محل واحد ، بحیث یوجد الحکم عند وجود الوصف ، وینعدم بانعدامه ، وذلک فی محل واحد ، کالإسکار فی عصیر العنب ، فإن العصیر قبل أن یوجد الإسکار کان مباحاً ، فکلما حدث الإسکار حرم ، فلما زال الإسکار وصار خلاً زالت الحرمة ، وصار مباحاً ، فدار التحریم مع الإسکار وجوداً وعدماً . ([159])
الصورة الثانیة :- أن یقع الدوران فی محلین ، وذلک بأن یوجد الحکم عند وجود الوصف فی محل ، وینعدم الحکم عند عدم الوصف فی محل أخر.
مثال ذلک :- جعل الطعم علة لربویة المطعومات ، فإنه لما وجد الطعم فی التفاح کان ربویاً ، ولما لم یوجد فی الحریر لم یکن ربویاً ، فدار جریان الربا مع الطعم وجوداً وعدماً .
ومن أمثلة ذلک – أیضا :- وجوب الزکاة فی الحلى المتخذ للزینة عند الحنفیة ، قیاساً على التبر، لأنه لما کان الحلى ذهباً ، وجبت فیه الزکاة ، والثیاب لما لم یکن ذهباً ، لم تجب فیه الزکاة . ([160])
وقد رجح أغلب الأصولیین الدوران الذی یقع فی صورة واحده على الدوران الذی یقع فی صورتین ، لأن احتمال الخطأ فیه أقل .
قال القرافی : ([161])" وقد یقع فی صورتین : وهو دون الأول إنما رجحت الصورة الأولى على هذه ، لأن انتفاء الحکم بعد ثبوته فی الصورة المعنیة یقتضی أنه لم یبق معه ما یقتضیه فی تلک الصورة ، وإلا لثبت فیها ، أما إذا انتفى من صورة أخرى غیر صورة الثبوت ، أمکن أن یقال : إن موجب الحکم غیر الوصف المدعى علة " ([162])
المطلب الخامس
حجة الدوران
بیان محل الاتفاق:
اتفق الأصولیون على حجیة الدوران فی الأمور الأتیة:
الأمر الأول :- یحتج به فی إثبات العلة فی الأمور المتعلقة بالأحکام العقلیـة .
الأمر الثانى :- إذا کان الوصف صالحاً للعلیة ، بأن وجدت مناسبة بینه وبین الحکم ، بحیث ترتب الحکم علیه وجوداً وعدماً ، فإنه یحصل به ظن العلیة فی الأحکام الشرعیة .
الأمر الثالث :- إذا انضم إلى الدوران مسلک أخر من مسالک العلة ، فإنه لا یعد محلاً للنزاع فى حجیة الدوران، بل ینتقل البحث فى حکم الاحتجاج بتلک المسالک الأخرى ، ومدى افادة انضمامها إلى الدوران کمسلک للعلة ، فى حصول الظن أو القطع بوجود العلة الشرعیة المثبتة للحکم ، أو عدم وجودها . ([163])
أما محل الخلاف : هو کون الدوران - کمسلک من مسالک العلة- هل یحتج به فى إثبات علة الحکم قطعاً أو ظناً دون أن ینضم إلیه مسلک من مسالک العلة ؟ حیث اختلف الأصولیون حول کون الدوران مفیداً للعلیة أم غیر مفید؟على أربعة أقوال :
القول الأول : وإلیه ذهب جمهور العلماء من المالکیة ،والشافعیة ، والحنابلة : أنه یفید العلة ظناً . ([164])
أدلة أصحاب هذا القول:
استدل القائلون بأن الدوران یفید العلیة ظناً بما یأتى :-
الدلیل الاول : ما روى عن عروة ابن حمید الساعدى قال : " استعمل النبى - صلى الله علیه وسلم - رجلاً من الأذد یقال له : ابن اللتبیة على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لکم ، وهذا أهدى لى ، قال : فقام رسول الله -صلى الله علیه وسلم - على المنبر، فحمد الله وأثنى علیه ، وقال : ما بال عامل أبعثه ، فیقول :هذا لکم ، وهذا أهدى إلى ، أفلا قعد فى بیت أبیه أوفى بیت أمه حتى ینظر أیهدى إلیه أم لا "([165])
وجه الدلالة من الحدیث الشریف : أن هذا الحدیث یدل دلالة واضحة على الاستدلال بالدوران ، حیث إن المعنى : أنا إذا اسعملناک أهدى لک ، واذا لم نستعملک لم یهد لک ، فعلة الهدیة لک : استعمالنا إیاک، فثبت بهذا ، أنه یوجب ظن العلیة.
قال الامام الزرکشى: ((ومن أمثلته قوله - علیه الصلاة والسلام - فى حدیث ابن اللتبیة : حین استعمله النبى – صلى الله علیه وسلم – على بعض أعماله ، فجاء بهدایا لنفسه ، فقال : هذا لکم ، وهذا أهدی لى ، فخطب النبى - صلى الله علیه وسلم - وقال : " ما بالنا نستعمل أقواماً فیحئ أحدهم فیقول : هذا لکم وهذا لى ، ألا جلس فی بیت أبیه وأمه حتى تأتیه هدیته إن کان صادقاً " وهذا إثبات العلـة بالدوران ، وهو ثبوت الحکم عند ثبوت الوصف ، وانتفاؤه عند انتفائه )) ([166])
الدلیل الثانى : أن بعض الدورانات تفید ظن العلیة ، ومن أمثلة ذلک : أن من نادیناه باسم فغضب ، ثم سکتنا عنه فزال غضبه ، ثم نادیناه فغضب ، وتکرر ذلک منه ، حصل لنا العلم - فضلاً- عن الظن بأن علة غضبه ذلک الاسم ، فوجب أن یکون کل دوران مفیداً لهذا الظن . ([167])
الدلیل الثالث :- أن الحکم إذا لم یکن ، ثم کان ، فیکون حادثاً ، وکل حادث لا بد له من علة بالضرورة ، فعلته إما الوصف المدار ، أو غیره ، لا جائز أن یکون غیر المدار وهو العلة ، لأن ذلک الغیر إذا کان موجوداً قبل صدور ذلک الحکم فلیس بعلة ، وإلا لزم تخلف الحکم عن العلة ، وهو خلاف الأصل ، وإن لم یکن موجوداً فالأصل بقاؤه على العدم ، وإذا حصل ظن أن غیر المدار لیس بعلة ، حصل ظن أن المدار هو العلة ، وهو المدعی . ([168])
الدلیل الرابع :- الاستقراء: حیث ثبت بالاستقراء والتتبع لأحکام الشریعة : أنها معللة برعایة مصالح العباد تفضلاً منه -عز وجل - فلا بد لکل حکم من علة معتبرة شرعاً ، بحیث إذا بحث المجتهد عن علة للحکم بأحد المسالک السابقة ، ولم یجد، ثم تبین له وصفاً ، یدور مع الحکم وجوداً وعدماً ،غلب على ظنه أنه علة ذلک الحکم ، لعدم وجود ما یصلح للتعلیل غیره ، فیجب العمل به ، لأن العمل بالظن واجب . ([169])
القول الثانى :- وإلیه ذهب بعض المحققین من الشافعیة ، واختاره الآمدى وابن الحاجب ، أن الدوران : لا یفید العلیة لا ظناً ولا قطعاً. ([170])
أدلة أصحاب هذا القول :
استدل القائلون بأن الدوران لا یفید العلیة لا ظناً ولا قطعاً بما یأتى :-
الدلیل الأول : أن الدوران مرکب من الطرد ، وهو ترتب وجود الشئ على وجود غیره ، ومن العکس وهو : ترتب عدم الشئ على عدم غیره ، والطرد لا یؤثر فى إفادة العلیة بالاتفاق ، والعکس لیس شرطاً فى صحة العلل الشرعیة ، لأن عدم العلة یمنع وجود المعلول لعلة أخرى ، لا یقدح فى علیة العلة المعدومة لجواز أن یکون للمعلول علتان على سبیل البدل ، وذلک کالبول ، والریح ، بالنسبة للحدث ، فلا یلزم من انتفاء أحدهما ، انتفاء الحکم ، لجواز ثبوته بالأخر فإذا کان کل من الطرد والعکس لا یفید العلیة ، کان مجموعهما – أیضا – لا یفید.
وأجیب عن ذلک : - بأنه لا یلزم من عدم دلالة کل واحد منهما على الأخر، عدم دلالة مجموعهما ، فإنه یجوز أن یکون للهیئة الاجتماعیة تأثیر فى العلیة - أى حالة الاجتماع - دون أن یکون کل منهما مؤثراً فى حالة الانفراد ، وذلک کأجزاء العلة ، فإن کل واحد منها غیر مؤثر عند الانفراد ، وعند الاجتماع یکون مؤثراً . ([171])
الدلیل الثانى :- أنه قد ثبت حصول الدوران فى حالات عدیدة ، دون أن یکون دالاً على العلیة ، ومن أمثلة ذلک: دوران المتلازمین ، کالجوهر والعرض ، ودوران المتضایفین ، کالأبوة والبنوة ، وغیرهما ، ومع ذلک فإن أحدهما لیس علة للأخر ، کما أن الدوران فى الأمثلة السابقة : کما وجد فى جانب الحکم مع الوصف ، وجد - أیضاً -فى جانب الوصف مع الحکم ، مع أن الحکم لیس علة للوصف ، وذلک کله یدل على أن الدوران غیر مفید للعلیة. ([172])
الدلیل الثالث :- أن الحکم کما یدور مع العلة وجوداً وعدماً ، یدور مع الشرط وجوداً وعدماً – أیضاً - فمن قال لزوجته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فإن الطلاق یدور مع الدخول وجوداً وعدماً ، مع أن الدخول شرط للطلاق ولیس علة له .
وأجیب عن ذلک :- بأن الأصل : دوران الحکم مع العلة وجوداً وعدماً ، أما مع الشرط : فإنه عارض : لکونه لا یکون إلا بعد تعلیق الحکم به نصاً. ([173])
الدلیل الرابع :- أن مدار الحکم - وهو الدوران - یحتمل أموراً عدة ، فقد یکون علة : کالإسکار فى الخمر ، أو لازم علة : کالرائحة المشتدة والمیعان فى الخمر ، وقد یکون جزءاً للعلة : کالعمدیة فى علة القصاص وإذا کان مدار الحکم محتملاً لهذه الأمور، فالقول بتعیین کونه علة ، تحکم وترجیح بلا مرجح ، وکلاهما باطل . ([174])
القول الثالث :- والیه ذهب بعض المعتزلة : أن الدوران یفید القطع والیقین . ([175])
أدلة أصحاب هذا القول :
الدلیل الاول : أنه إذا حصل الدوران دون مانع من العلة ، فإنه یفید العلم قطعاً ، وذلک کما لو دعى إنسان باسم فغضب، ثم ترک هذا الاسم فلم یغضب ، وتکرر ذلک علم أنه سبب الغضب ، فهذه العادة المستمرة تفضى بإفادة الدوران العلم بعلیة الوصف المدار لما یدور معه قطعاً .
وأجیب عن ذلک : بأن إفادة العلم إنما جاء من تکراره ، ولیس من مجرد الدوران ، وهـذا فى غیر محل النزاع ، لأن محل النزاع فى کون الدوران یفید العلیة أم لا ؟ . ([176])
الدلیل الثانى :- أن الدوران عین التجربة ، وقد تتکرر التجربة وتکثر فتفید القطع .وقد لا تصل الى ذلک : کما نقطع بأن قطع الرأس مستلزم للموت ونظنه مع السم . ([177])
وأجیب عن ذلک من وجهین :-
الوجه الأول :- أن التجربة اختصت بکثرة التکرار، کثرة أفادت العلم فى کثیر من الأحوال ، بینما الدوران یکفى فیه المرة والمرتان .
الوجه الثانى : أن التجربة لا یتوقف الحکم فیها بسببیة شئ على انتفاء الحکم عند انتفائه ، بینما الدوران مرکب من الوجود عند الوجود ، ومن العدم عند العدم فاختلفا . ([178])
القول الرابع :- وإلیه ذهب بعض الأصولیین : أن الدوران حجة ظنیة فی إثبات العلة فی بعض الصور دون بعض ، فعلى المجتهد سبره لمعرفة الوصف الذی یمکن الاعتماد على اطراده وانعکاسه من غیره .
واحتجوا لذلک : بأن الأدلة التى تدل على إفادة الدوران ظن العلیة ، أن ذلک کان نتیجة اجتهاد المجتهد فی هذه الصور ، ولا تعطی حکماً عاماً .
واما أدلة النافین فقد حملوها على الصور التى لم یترجح فیها للمجتهد صلاحیة الدوران للاحتجاج به فی إفادة العلیة . ([179])
الترجیح :
بعد ذکر أقوال العلماء فی حجیة الدوران ، وذکر أدلة کل قول ، ومناقشة ما یحتاج منها إلى مناقشة ، یتبین أن الراجح منها هو : قول الجمهور، أن الدوران یفید العلیة ظناَ ، لقوة أدلته ، ومناقشتهم لأدلة الأقوال الأخرى ، والجواب عنها – وأیضاً- الدوران مبنى على نظر المجتهد من خلال صوره المتعددة ، والتى یعتمد فیها على ما یغلب على ظنه ، من حیث إفادتها العلیة أو عدم إفادتها للعلیة 0
المبحث الخامس
الآثار المترتبة على اختلاف الأصولیین فی حجیة الدوران
ترتب على اختلاف الأصولیین حول حجیة الدوران أثر فی بعض الفروع الفقهیة ، وسوف أتناول الحدیث عن هذه الفروع بشئ من التفصیل ، وذلک على النحو التالى:
الفرع الأول
حکم انقلاب العصیر خمراً ، وانقلاب الخمر خلاً
لا خلاف بین العلماء أن الخمر أم الخبائث ، لما یترتب علیها من زوال العقل ، وارتکاب المنکرات ، ومن ثم فقد اتفق الفقهاء على أن العصیر إذا تغیر وصار خمراً ، فإنه یحرم شرعاً لنص الآیة .
وکذلک - أیضاً - اتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت خلاً بالاستحالة بنفسها فإنهـا تطهر ، وذلک کالماء الذی تنجس بالتغیر ، ثم زال تغیره بنفسه ، فإنه یطهر . ([180])
أما محل الخلاف :- فهو تغیر الخمر بواسطة استعمال مواد إضافیة لعلاجها ، سواء أکانت هذه المواد خلاً ، أم ملحاً ، أم غیرهما ، حیث اختلف الفقهاء حول طهارة الخمر بعلاج ونحوه:
فذهب الحنفیة والراجح عند المالکیة : إلى أن التخلیل جائز ، والخل حلال ، ومن ثم تطهر إذا خللت ، لأن التخلیل سبب لحصول الحل ، فیکون مباحاً ، کما لو
أمسکها حتى تخللت بنفسها ، ومن ثم یکون اکتساب مال متقوم . ([181])
بینما ذهب الشافعیة ، والحنابلة : إلى عدم حل الخمر بواسطة العلاج ، ومن ثم فلا تطهر بالاستحالة. ([182])
قال ابن قدامة : " ظاهر المذهب أنه لا یطهر شئ من النجاسات بالاستحالة إلا الخمرة إذا انقلبت بنفسها خلاً وما عداها لا یطهر "([183])
واحتجوا لذلک : بما روى عن أنس بن مالک ، أن أبا طلحة سأل النبى -صلى الله علیه وسلم - عن أیتام ورثوا خمراً فقال : أهرقها ، قال : أفلا أجعلها خلاً ؟ قال لا "([184])
وجه الدلالة من الحدیث : أن النبی – صلى الله علیه وسلم – نهاه عن التخلیل ، مما یدل على عدم جواز التخلیل ، فلو کان جائزاً ، لندبه إلیه ، لما یترتب علیه من إصلاح مال الیتیم .
وأجیب عن هذا الدلیل من قبل الحنفیة : أن النهى فی الحدیث لیس لذات المنهی عنه ، وإنما لمعنى فی غیره ، وهو دفع عادة العامة من القوم ، حیث کانوا حدیثى عهد بتحریم الخمر ، وقد کانت بیوتهم لا تخلوا من الخمر ، مع اشتمال البیوت على أخرین ، من صبیان ، وجوار ، وغلمان ، حیث إنهم ألفوا شرب الخمر ، وصار ذلک عادة لهم وطبیعة ، والإقلاع عن العادة أمر صعب وعسیر ، فصاحب البیت :أذا کان ینزجر عن ذلک دیانة ، فإن بقیة من فی البیت قلما یسلمون بترکها ، فلو أمر بالتخلیل ، فإنه یأخذ بعض الوقت لکى یتم التخلیل ، ومن ثم یؤدى إلى فساد العامة بتناولها قبل التخلیل ، وبناءً علیه : فلا یجوز ، أما فی زماننا فقد انعدم المعنى ومن ثم لا یؤدى إلى الوقوع فی الفساد فحملناه على هذا المعنى لدفع التناقض عن الدلیل. ([185])
حکم تخلیل الخمر بنقلها من ظل الى شمس أو العکس:
اختلف الفقهاء حول تخلیل الخمر بنقلها من ظل إلى شمس أو بالعکس .
حیث ذهب الحنفیة ، والمالکیة ، والشافعیة ، وقول للحنابلة : إذا خللت الخمر بنقلها من ظل إلى شمس ، أو من شمس إلى ظل ، فإنها تطهر وتحل عند الحنفیة ، لأنها تخللت بفعل الله – تعالى - . ([186])
بینما ذهب الحنابلة فی قول أخر : إلى أنه إذا نقلت الخمر من الشمس إلى الظل أو بالعکس ، وقصد بذلک تخلیلها ، فیحتمل أن تطهر وأن لا تطهر([187])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
إذا تغیر العصیر فصار خمراً ، فإنه یحرم شربه لعلة الإسکار ، فإذا انقلبت الخمر خلاً ، زال التحریم وحل شربه ، لزوال علته - وهى الإسکار- فإذا خللت بعلاج بإضافة بعض المواد التى تساعد على التخلیل ، کالملح ، والخل ، ونحوهما فالتخلیل جائز، والخل مباح ، لأن التخلیل سبب لحصول الحل ، فیکون مباحاً ، ومن ثم فقد دار الحکم مع علته وجوداً وعدماً ، فکلما وجدت العلة – وهى الإسکار – وجد الحکم – وهو التحریم – وکلما انتفت العلة – الإسکار- انتفى التحریم0وذلک بناءً على رأى القائلین بحجیة الدوران من المالکیة ، والشافعیة ، والحنابلة 0
أما القائلون بعدم إفادة الدوران العلیة لا قطعاً ولا ظناً ، وهم بعض الشافعیة : فقد ذهبوا إلى القول بعدم حل الخمر بواسطة العلاج ، ومن ثم فلا تطهر بالاستحالة 0
الفرع الثانى
الوضوء بالماء المغصوب
اختلف العلماء حول حکم الوضوء بالماء المغصوب على ثلاثة أقوال :
القول الأول :- وإلیه ذهب جمهور العلماء من الحنفیة ، والمالکیة ، والشافعیة : أن الوضوء بالماء المغصوب یصح ویرتفع به حکم الحدث والخبث ، لکنه یأثم ، فلو توضأ شخص بماء مغصوب ثم صلى فصلاته صحیحه ، وسقط عنه الفرض مع الإثم ، بسبب الغصب . ([188])
وذلک لأن صورة التطهر قد وجدت من حیث المصلحة ، لا من حیث الإذن الشرعى. .
القول الثانى :- وإلیه ذهب بعض الحنابلة ، أن الوضوء بالماء المغصوب لا یجوز ، ولا یرفع حدثاً ولا خبثاً ، ویأثم مغتصبه . ([189])
وذلک لأن صورة التطهر قد وجدت من حیث المصلحة ، لا من حیث الإذن الشرعى .
القول الثالث :- وإلیه ذهب بعض أخر من الحنابلة : لا تصح الطهارة بالماء المغصوب ویرتفع به الخبث. ([190])
أثر الدوران فی الفرع السابق : یتضح أثر الدوران فی الفرع السابق : فیمن توضأ بماء مغصوب ثم صلى ، فصلاته صحیحه مع الإثم عند الجمهور ، والعلة فی صحة صلاته ، أن صورة التطهر قد وجدت من حیث المصلحة – وهى صحة صلاته مع سقوط الفرض عنه - لا من حیث الإذن الشرعى ، وإذا تم حصول حقیقة المأمور به من حیث المصلحة ، کان النهى مجاوراً ، من حیث إنه جنایة على الغیر، کما فی الدار المغصوبة ، ومن ثم فإذا توضأ المکلف بماء مغصوب ، وصلى فصلاته صحیحه ، لأنه تطهر ، أما إذا لم یتطهر، فلا تصح صلاته عند الجمهور : من الحنفیة ، والشافعیة ، والحنابلة : القائلین بأن النهى عن الشئ لأمر خارجى لا یدل على فساده 0
أما القائلون : بأن النهى عن الشئ لأمر خارجى یدل على فساد المنهى عنه – وهم بعض المالکیة ، والحنابلة ، والظاهریة ، حیث ذهبوا : إلى عدم صحة الوضوء بالماء المغصوب لورود النهى عنه ، فإذا عاد الماء لصاحبه وأذن فی استعماله ، صحت الطهارة به ، بناءً على القول بحجیة الدوران ، ومن ثم فان للدوران أثراً حیث دار الحکم مع علته وجوداً وعدماً. ([191])
الفرع الثالث
حکم غسل الجنب فى الماء الراکد بعد ازالة الأذی عنه
اختلف الفقهاء حول غسل الجنب فی الماء الراکد على عدت أقوال :
القول الأول :- وإلیه ذهب الحنفیة : إذا وقع النجس فی المائعات کالماء ونحوه ، فإما أن یکون جاریاً أولا: فإن کان الماء جاریاً والنجس غیر مرئی ، کالبول ، فلا یتنجس الماء ما لم یتغیر لونه ، أو طعمه ، أو رائحته ، ویجوز له أن یتوضأ من أى موضع کان ، سواء من الجانب الذى وقعت فیه النجاسة ، أو من جانب أخر. ([192])
وأما إذا کان الماء دائماً - أى راکداً - وحلت فیه نجاسة : فلا یصح الاغتسال منه. ([193])
واحتج لذلک : بورود النهى عن البول ، أو الاغتسال فی الماء الراکد ، وذلک بما رواه أبو هریرة - رضی الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله علیه وسلم - " لا یغتسل أحدکم فی الماء الدائم وهو جنب " ([194])
- وأیضا - ما روى عن أبى هریرة - رضی الله عنه - أن النبى – صلى الله علیه وسلم – قال : " لا یبولن أحدکم فی الماء الدائم ثم یغتسل منه " ([195])
فقد دل الحدیثان : دلالة واضحة على النهى عن الاغتسال والبول فی الماء الدائم ، ومن ثم یکون الماء الدائم مطلقاً محتملاً للنجاسة ، فلا یجوز الاغتسال به فالحدیثان نص فى المدعى ، وهو عدم جواز الاغتسال فى الماء الدائم إذا حلت فیه نجاسة 0
القول الثانى : وإلیه ذهب الإمام مالک : عدم جواز اغتسال الجنب فى الماء الراکد حتى وإن غسل عنه الأذی .
واحتج بما ورد فی الحدیثین السابقین : من النهى عن الاغتسال فی الماء الدائم ، حیث لم یذکر فی الحدیثین أنه إذا غسل عنه الأذی جاز الاغتسال .
فالإمام مالک حمل النهى الوارد فی الحدیثین : على أنه عبادة غیر معللة ، ومن ثم فلم یجوز الاغتسال فی الماء الدائم مطلقاً .
بینما یری ابن القاسم ([196]) من المالکیة : أنه لا باس باغتسال الجنب فی الماء الراکد اذا غسل عنه الأذی ، وأما إذا کان الماء کثیراً یحمل ما وقع فیه ، فلا بأس من الاغتسال فیه ، سواء غسل عنه الأذى أم لا .
فعلة النهى عند ابن القاسم : تنجس الماء ، فإذا زالت العلة ، زال الحکم بزوال علته ([197])
القول الثالث :- وإلیه ذهب بعض الشافعیة : عدم الاغتسال فی الماء الراکد و إن کان کثیراً ، بل یکره ذلک .
واحتجوا : بما روى عن أبی هریرة - رضی الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله علیه وسلم - " لا یغتسل أحدکم فی الماء الدائم وهو جنب " فقال کیف یفعل یا أبا هریرة ؟ : قال : یتناوله تناولاً" ([198])
فقد دل الحدیث دلالة واضحة :على النهى عن الاغتسال فی الماء الراکد ، وإن کان کثیراً فیحمل على الکراهة .
القول الرابع :- وإلیه ذهب الحنابلة : کراهیة الاغتسال فی الماء الدائم ، ولا یضر اغتراف المتوضئ لمشقة تکراره ، وأما من کان علیه جنابة ، فإن نوى وانغمس هو أو بعضه فی قلیل من الماء لم یرتفع حدثه ، وأصبح الماء مستعملاً لأن النهى یقتضى فساد المنهى عنه. ([199])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یتضح أثر الدوران فی الفرع السابق : من حیث إنه لا یجوز للجنب الاغتسال فى الماء الدائم ، لعلة تنجس الماء ، فإذا قام الجنب بغسل الأذى عنه قبل الاغتسال فی الماء الدائم ثم اغتسل ، فقد ارتفعت علة النهى عن الاغتسال ، وهى النجاسة ومن ثم یزول الحکم بزوال علته ، مما یدل على أن للدوران أثراً ، حیث دار الحکم مع علته وجوداً وعدماً .
الفرع الرابع
حکم استعمال الماء المشمس فی الطهارة
لا خلاف بین العلماء فی أن الماء المشمس طهور ، ولکن اختلفوا فی کراهیة استعماله:
حیث ذهب الحنفیة ، والمالکیة : إلى کراهیة استعماله ([200])بینما اشترط الشافعیة لکراهیة استعماله شرطین :
الشرط الأول : أن یکون التشیمس فی الأوانى المنطبعة ، کالنحاس ، والحدید والرصاص وغیرها، لأن الشمس إذا أثرت فی هذه الأوانى ، علت على وجه الماء زهومة تؤدى إلى الإصابة بداء البرص ، وذلک بخلاف آنیة الذهب ، والفضة ، لصفاء معدنهما ، وإن کان یحرم استعمالهما ، فلو صب الماء المشمس من إناء الذهب والفضة فی إناء مباح ، کأوانى الخزف ، والفخار، وغیرهما ، فلا یکره استعماله لزوال العلة فی الکراهة ، وهى الزهومة التى تعلوه ، وتؤدى الى البرص .
الشرط الثانى :- أن یکون التشمیس واقعاً فی البلاد شدیدة الحرارة ، بخلاف البلاد الباردة والمعتدلة ، فإن تأثیر الشمس فیها ضعیف . ([201])
وقد علل الحنفیة ، والمالکیة : الکراهة بما روى عن السیدة عائشة - رضی الله عنها- أنها قالت : " دخل على رسول الله – صلى الله علیه وسلم – وقد سخنت له الماء فی الشمس ، فقال : " لا تفعلى یا حمیراء فإنه یورث البرص " ([202])
بینما ذهب الحنابلة إلى القول : بأنه لا تکره الطهارة بالماء المشمس 0
قال فى المغنى " ولنا أنه سخن بطاهر ، أشبه ما فى البرک والأنهار ، وما سخن بالنار وما لم یقصد تشمیسه ، فإن الضرر لا یختلف بالقصد وعدمه"([203])
وأجابوا عن حدیث السیدة عائشة – رضى الله عنها – بأنه لم یثبت 0 ([204])
أثر الدوران فی الفرع :
یظهر أثر الدوران فی هذا الفرع : بناءً على رأى القائلین بکراهة استعمال الماء المشمس ، حیث علل البعض – وهم الشافعیة – بأن الاستعمال یؤدى إلى حدوث بعض الأمراض التى تؤثر على صحة الإنسان ، ومن ثم فإذا ثبت عن طریق الطب أن استعمال الماء المشمس ، لا یترتب علیه ضرر ، فلا کراهة فی استعماله ، لزوال العلة - وهى الحاق الضرر - وکذلک إذا برد الماء المشمس ، وثبت عن طریق الأطباء بأنه لا یورث البرص ، ولا یؤثر على صحة من استعمله فإنه لا کراهة فی استعماله ، ومن ثم یظهر أثر الدوران فی الحکم من حیث وجوده وعدمه0
أما عند القائلین : بعدم کراهة الطهارة بالماء المشمس – وهم الحنابلة – فلا یظهر أثر الدوران0
الفرع الخامس
حکم مس المصحف وحمله للمحدث ، والکافر
أولاً : حکم مس المصحف وحمله للمحدث :-
أ- حکم مس المصحف للمحدث:
لا خلاف بین العلماء حول تحریم مس المصحف للمحدث حدثاً أصغر - وأیضاً - لا خلاف حول جواز تلاوة القرآن لمن کان محدثاً حدثاً أصغر من غیر مس للمصحف. ([205])
أما محل الخلاف هو: حکم مس المصحف لغیر المحدث حدثاً أصغر ، هل تکون الطهارة على سبیل الوجوب أو على سبیل الندب؟
حیث اختلف العلماء فى ذلک على قولین :-
القول الأول : وإلیه ذهب الجمهور من الحنفیة ، والمالکیة ، والشافعیة ، والحنابلة : لا یجوز مس المصحف کله أو بعضه إلا طاهر من الحدثین ، فتجب الطهارة على من مس المصحف : لأن القرآن کلام الله – تعالى – یجب تعظیمه ، ولیس من التعظیم مسه بید حل بها حدث ([206])
واستدلوا على ذلک بما یأتى :
أولاً : قوله – تعالى – "لا یمسه إلا المطهرون " ([207])
فقد دلت الآیة الکریمة دلالة واضحة :على القرآن الکریم وهو کلام الله – تعالى – لا یمسه إلا المطهرون من الأحداث والأنجاس ، إجلالاً وتعظیماً له.
ثانیاً :- ما روى عن حکیم بن حزام - رضى الله عنه - قال : "لما بعثنى رسول الله - صلى الله علیه وسلم - إلى الیمن قال : "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر " ([208])
- وأیضاً - ما روى أن النبى - صلى الله علیه وسلم - کتب إلى أهل الیمن کتاباً فکان فیه " لا یمس القرآن إلا طاهر" ([209])
فقد دل الحدیثان دلالة واضحة :على عدم جواز مس المصحف کله أو بعضه إلا لطاهر من الحدثین ، فهما نص فى المدعى.
ثالثاً :- إجماع الصحابة – رضى الله عنهم - على عدم جواز مس المصحف إلا لطاهر من الحدثین ، حیث روى ذلک عن جمع کبیر من فقهاء الصحابة ، ولم ینکر علیهم أحد ممن فى عصرهم ، فکان ذلک اجماعاً سکوتیاً على عدم جواز المس للمحدث ، والاجماع السکوتى حجة إذا توافر شروطه. ([210])
القول الثانى :- والیه ذهب : الظاهریة ، وروى عن ابن عباس ، والضحاک ([211]) والحکم بین عیینه : ([212])أنه یجوز للمحدث حدثاً أصغر مس المصحف، ویستحب له الطهارة : ([213])
واحتجوا لذلک بما یأتى :
أولاً :- ما روى أن النبى - صلى الله علیه وسلم - بعث دحیة الکلبى إلى هرقل عظیم الروم بکتاب یدعوه فیه للإسلام ، جاء فیه "بسم الله الرحمن الرحیم ، من محمد عبد لله ورسوله ، إلى هرقل عظیم الروم ، سلام على من اتبع الهدی.
أما بعد : فإنى ادعوک بدعایة الإسلام ، أسلم : تسلم یؤتک الله أجرک مرتین فإن تولیت فعلیک إثم الأریسیین ، " یا أهل الکتاب تعالوا الى کلمة سواء بیننا وبینکم أن لا نعید الا الله ولا نشرک به شیئاً ولا یتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " ([214]) ([215])
قال ابن حزم فی وجه الدلالة : " فهذا رسول الله - صلى الله علیه وسلم - قد بعث کتاباُ وفیه هذه الآیة إلى النصارى ، وقد أیقن أنهم یمسون ذلک الکتاب ، فإذا جاز مس الکافر له ، جاز للمسلم من باب أولى . ([216])
وأجیب عن هذا الدلیل :- أن الحدیث لا دلالة فیه على جواز مس القرآن للمحدث ، إنما یدل على جواز مس الکتاب ، أو الرسالة ، إذا تضمن آیة من القرآن الکریم ونحوها ، فمثل ذلک لا یسمى مصحفاً ، ولا تثبت له حرمة المصحف.
ثانیاً:- لم یرد فى القران الکریم ، ولا فی السنة المطهرة ، ما یدل على النهى عن مس المصحف ، فیبقى الحکم على الإباحة ، عملاً بالبراءة والأصلح ([217])
وأجیب عن ذلک : بأنا لا نسلم عدم ورود ما یدل على النهى عن مس المصحف للمحدث فی الکتاب ، أو السنة ، بل ورد فیهما ما یدل على النهى ، کما ورد ذکره فی أدلة الجمهور .
الترجیح : -
بعد ذکر أقوال العلماء وأدلتهم فی مسألة حکم مس المصحف للمحدث یتبین أن الراجح منها : هو قول الجمهور : عدم جواز مس المصحف إلا طاهر من الحدثین ، لقوة أدلتهم ، وجوابهم عن أدلة الخصم – وأیضاً - فیه عمل بالأحوط0
ب- حکمحمل المصحف بعلاقة للمحدث :
اختلف العلماء فى ذلک على قولین :
القول الأول : وإلیه ذهب بعض العلماء منهم : الحسن ، وعطاء ، وطاووس والشعبى ، والحکم ، وحماد ، وأبى حنیفة وابن قدامة ، وغیرهم : جواز حمـل
المحدث المصحف بعلاقة للمصحف0
القول الثانى : وإلیه ذهب الأوزاعى ، ومالک ، والشافعى : عدم جواز حمل المصحف فى علاقة إلا لطاهر ، وذلک تعظیماً للقرآن 0
وحجتهم فى ذلک : أنه مکلف محدث قاصد لحمل المصحف ، فلم یجز کما لو حمله مع مسه0
وأجیب عن ذلک : بأنه قیاس فاسد : لأن العلة فى الأصل مسه ، وهى غیر موجودة فى الفرع ، والحمل لا أثر له فلا یصح التعلیل به0
وبناء علیه : فلو حمله بعلاقة أو حائل جاز0
ثانیا : حکم مس المصحف للکافر :-
ذهب جمهور العلماء : من المالکیة ، والشافعیة ، والحنابلة ، وأبو یوسف ، من الحنفیة : إلى عدم جواز مس الکافر للمصحف ، لأنه نجس ، فیجب تنزیه المصحف عن مسه. ([218])
قال الإمام النووى : ([219])" قال أصحابنا : لا یمنع الکافر سماع القرآن ، ویمنع مس المصحف " ([220])
وقال الباجى ([221])" ولو أن أحداً من الکفار رغب أن یرسل إلیه بمصحف یتدبره ، لم یرسل إلیه به ، لأنه نجس جنب ، ولا یجوز له مس المصحف ، ولا یجوز لأحد أن یسلمه إلیه " ([222])
واحتجوا : بأن النبى – صلى الله علیه وسلم – نهى أن یسافر بالقرآن إلى أرض العدو ، وذلک فیما روى عن ابن عمر - رضی الله عنهما- أن رسول الله صلى الله علیه وسلم - " نهى أن یسافر بالقرآن إلى أرض العدو " ([223])
فقد دل الحدیث : على النهى أن یسافر بالقرآن إلى أرض العدو ، لئلا تناله أیدیهم ، فدل ذلک : على أنهم لا یمکنون منه ، وإنما یمکنون من السماع فقط .
بینما ذهب محمد بن الحسن: ([224])بأنه : لا بأس أن یمس الکافر المصحف ، إذا اغتسل ، لأن المانع من المس الحدث ، وقد زال بالغسل ، وبقی نجاسة اعتقاده ، وذلک إنما یکون فی قلبه لا فی یده . ([225])
واحتج لذلک : بأنه - صلى الله علیه وسلم - کتب إلى هرقل عظیم الروم ، کتاباً ذکر فیه آیة من القرآن - الکریم - وهى قوله تعالى " قل یا أهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بیننا وبینکم ألا نعبد إلا الله ولا نشرک به شیئاً ولا یتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " ([226])
وأجیب عن ذلک :- بأن الحدیث یدل على جواز الکتابة للآیة والآیتین من کتاب الله -تعالى - ولیس فیه ما یدل على جواز مس الکافر للمصحف .
الترجح :-
بعد ذکر أقوال العلماء فی المسألة ، وأدلة کل قول ، فلعل الراجح : هو بجواز حمل الکافر للمصحف بعد اغتساله ، لأن المانع من المس الحدث وقد زال بالغسل ، ولعل الله – عز وجل – أن یهدیه للإسلام .
أثر الدوران فی الفرع السابق :
لا یجوز مس المصحف للمحدث وذلک للنهى الوارد فی قوله – تعالى- " لا یسمه إلا المطهرون " ([227])- وأیضا - للنهى الوارد فی الأحادیث التى ذکرها الجمهور0
ـ وأیضاً- لا یجوز حمله لمحدث فى علاقته إلا لطاهر ، بناءً على قول الأوزاعى ، ومالک ، والشافعى ، فإذا زال الحدث ، جاز حمله فى علاقته 0
وکذلک – أیضاً- الکافر لا یجوز له مس المصحف لنجاسته ، فإذا زال المانع بأن تطهر المحدث أو أسلم الکافر ، جاز لهما مس المصحف ، لزوال المانع من المس ، فدل ذلک على أن للدوران أثراً فی الحکم ، من حیث وجوده وعدمه .
الفرع السادس
حکم خروج خرزة أو حصاة من إنسان دون أن تنجس المحل
اتفق العلماء على أن الخارج المعتاد من السبیلین النجس الملوث ، کالغائط ، والبول ونحوهما ، یستنجی منه ، لأن الاستنجاء قصد منه التطهر ، فإذا کان الخارج النجس عیناً مرئیة ، فإنه یحتاج إلى التطهیر بالاستنجاء .
أما إذا کان الخارج لیس بعین مرئیة : کالریح ،ونحوه ، فلا استنجاء فیه . ([228])
أما الخارج غیر المعتاد : کالحصى ، والخرزة ، ونحوهما : فإن کان الخارج غیر المعتاد جافاً ، لا یلوث المحل ، فلا یستنجی منه ، أما إذا کان الخارج به بله فیفرق بین حالتین :-
الحالة الأولى :- إذا کان به بله ولوث المحل فیستنجی منه .
أما إذا لم یلوث المحل : فذهب الحنفیة ، والمالکیة ، وقول للشافعیة ، والحنابلة : لا یستنجی منه ، لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ، ولم توجـد .
بینما ذهب الشافعیة ، والحنابلة ، فی قول أخر : إلى القول بأنه : یستنجى من کل خارج من السبیلین غیر الریح : ([229])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
إذا خرج من الإنسان خارج غیر معتاد ، کالحصاة ، ونحوها ، ولم تنجس المحل فلا یجب الاستنجاء منها ، لأن الاستنجاء شرع لعلة النجاسة ، ولم توجد ، أما إذا نجست المحل ، فإنه یجب الاستنجاء منها ، مما یدل على أن للدوران أثراً فی وجود الحکم وعدمه ، فکلما وجدت العلة - النجاسة - وجد الحکم - وجوب الاستنجاء - وکلما انتفت العلة ، انتفى الحکم 0
الفرع السابع
حکم وقوع نجاسة فی الماء القلیل ثم بلغ قلتین
وقوع النجاسة فی الماء لها ثلاث أحوال :
الحالة الأولى :- إذا وقعت النجاسة فی الماء فغیرت أحد أوصاف الماء الثلاثة - اللون - الطعم - الرائحة - فإنه یتنجس بالاتفاق ، سواء أکان کثیراً أم قلیلاً .
قال ابن المنذر: ([230]) " أجمع أهل العلم على أن الماء القلیل أو الکثیر إذا وقعت فیه نجاسة ، فغیرت النجاسة للماء ، طعماً ، أو لوناً ، أو ریحاً ، أنه نجس مادام کذلک ، ولا یجزئ الوضوء والاغتسال به " ([231])
الحالة الثانیة : إذا کان الماء کثیراً ، ووقعت فیه النجاسة ، ولم تغیر شیئاً من أوصافه الثلاثة : فاتفق العلماء على أن هذا الماء طاهر. ([232])
قال ابن المنذر :" واجمعوا على أن الماء الکثیر من النیل والبحر، ونحو ذلک ، إذا وقعت فیه نجاسة ، فلم تغیر له لوناً ، ولا طعماً ، ولا ریحاً ، أنه بحاله ولیتطهر منه. ([233])
الحالة الثالثة :- إذا کان الماء قلیلاً ، ووقعت فیه نجاسة ، لم تغیر شیئاً من أوصافه ، کنقطة بول وقعت فی إناء ، ولم تغیر شیئاً من أوصافه : فهذا محل خلاف بین العلماء :
حیث ذهب المالکیة ، وروایة عن الإمام أحمد : عدم الحکم بنجاسة الماء ، سواء أکان قلیلاً أم کثیراً إلا إذا تغیر بالنجاسة . ([234])
وحجتهم فی ذلک : ما روى عن أبى سعید الخدرى - رضی الله عنه - قال " أنه قیل لرسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهى بئر یطرح فیها الحیض ، ولحم الکلاب، والنتن ؟ فقال رسول الله - صلى الله علیه وسلم - إن الماء طهور لا ینجسه شئ" .([235])
وجه الدلالة من الحدیث الشریف : دل الحدیث على أن الماء طهور لا ینجسه شئ ، وقد أجمع أهل العلم : على أن الماء ینجس إذا تغیر أحد أوصافه ، بوقوع نجاسة فیه ، فبقى ماعدا هذا على الأصل وهو الطهارة.
بینما ذهب الشافعى ، وأحمد فی روایة : إذا کان الماء قلیلاً : فإنه ینجس ، وإن لم یتغیر أحد أوصافه ، وإن کان کثیراً : فلا ینجس إلا إذا تغیر أحد أوصافه.
واستدلوا على ذلک : بما روى عن ابن عمر - رضی الله عنهما - قال : " سئل رسول الله - صلى الله علیه وسلم - عن الماء وما ینوبه من الدواب والسباع ، فقال رسول الله - صلى الله علیه وسلم - : " اذا کان الماء قلتین لم یحمل الخبث " ([236])
وجه الدلالة من الحدیث : دل الحدیث بمنطوقه على أن الماء إذا بلغ قلتین لم یتنجس ، ویستثنى من ذلک : إذا تغیر الماء بالنجاسة ، فإنه یکون نجساً بالإجماع ، ویدل بمقتضى المفهوم ،على خروج الأقل من قلتین عن الطهوریة ، إذا لاقته النجاسة .
بیان حد الکثرة بالنسبة للماء:
اختلف العلماء فی حد الکثرة بالنسبة للماء : حیث ذهب الحنفیة إلى القول بأن الماء إذا کان یخلص بعضه إلى بعض فهو قلیل ، وإن کان لا یخلص فهو کثیر ، وقدروه بما یوازى عشرة أذرع فی عشر ، دون نظر الى العمق ، مادام القاع لا یظهر بالاغتراف منه . ([237])
بینما ذهب المالکیة إلى القول : بأن الماء الکثیر: هو ما کان زائداً على آنیة الوضوء والغسل. ([238])
وذهب الشافعیة والحنابلة : إلى أن حد الماء الکثیر : ما بلغ قلتیـن فأکثـر. ([239])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران بناءً على قول الشافعیة والحنابلة :- إذا کان الماء أقل من قلتین فأصابته نجاسة فإنه یتنجس لکونه قلیلاً ، فإذا بلغ الماء قلتین : فإنه لا یتنجس لبلوغه حد الکثرة ، مما یدل على أن للدروان أثراً فی اختلاف الحکم وجوداً وعدماً ، حیث دار مع علته .
الفرع الثامن
حکم زوال نجاسة الماء بإضافة التراب إلیه
اختلف الفقهاء فى حکم زوال نجاسة الماء بإضافة التراب إلیه على أربعة أقوال :-
القول الاول :- وإلیه ذهب الحنفیة : أن طهارة المیاه النجسة إنما تکون بواسطة صب الماء علیها ، حتى یکون هو الغالب فیزول التغیر. ([240])
القول الثانى :- وإلیه ذهب المالکیة : أن الماء المتغیر بنجاسة : إما أن یزول تغیره بنفسه ، أو بنزح بعضه ، أو بصب ماء مطلق علیه ، أو بإضافة تراب ، ونحوه ، فإن تغیر الماء بنفسه ، فإما أن یکون الماء قلیلاً ، أو کثیراً ، فإن کان الماء قلیلاً ، فهو نجس عندهم بالاتفاق.
أما اذا کان الماء کثیراً : ثم تغیر بنجاسة ، ثم زال تغیره بنفسه ، أو بنزح بعضه ، أو بقلیل مطلق خلط فیه ، فلأصحاب الإمام مالک قولان :-
الأول : الحکم بطهوریته ، لأن الحکم بالنجاسة کان بسبب التغیر الذی طرأ على الماء ، وقد زال . ([241])
الثانى :- الحکم ببقاء نجاسته ، لأن النجاسة لا تزول إلا بالماء المطلق ، ولم یحصل ذلک .
أما إذا زال تغیره بواسطة صب ماء مطلق ولو یسیراً ، أو تراب ، ولم یظهر أثر للتراب فیه ، فإنه یصیر طهوراً ، أما إذا ظهر للتراب أثر فی الماء ، فإنه یحکم بنجاسته لاستصحابه للنجس . ([242])
القول الثالث :- والیه ذهب الشافعیة : التفرقة بین ما اذا کان الملقى تراباً أو غیر تراب :
فإذا کان الملقى تراباً ففى طهارته روایتان :-
الأولی :- أنه لا یطهر قیاساً على زوال التغیر بالطیب .
الثانیة :- أنه یطهر لعدم انفکاک التراب عن الماء غالباً ، وهو قرار له ، فإذا زال التغیر لحصول التراب فیه ، دل على استهلاک النجاسة بزوال تغیرها ، والتراب قد جزبها الى نفسه ، حتى لم یبق فی الماء منها شئ.
وصحح الأکثرون : أنه لا یطهر . ([243])
القول الرابع :- وإلیه ذهب الحنابلة إذا أضیف إلى الماء المتنجس - سواء أکان قلیلاً أم کثیراً - ماء طهور، بصب ونحوه ، فإنه یطهر، لأن هذا القدر المضاف کافٍ فی دفع النجاسة عن نفسه ، وعما اتصل به .
أما إذا کان المضاف تراباً ونحوه ، ففیه وجهان عندهم :
الوجه الأول :- أنه لا یطهر ، لأن النجاسة عندهم لا تزال إلا بالماء المطلق.
الوجه الثانى :- أنه یطهر بذلک : لأن علة نجاسته التغیر ، وقد زال ، فیزول الحکم بزوال نجاسته . ([244])
أثر الدوران فی الفرع السابق:
یظهر أثر الدوران فی حالة تغیر الماء : من حیث اللون ، أو الطعم ، أو الرائحة ، فإنه تزول عنه صفة الطهوریة ، فإذا تغیر بصب ماء ونحوه ، عادت إلیه طهوریته ، بناءً على مذهب الحنفیة ، وقول للمالکیة ، ووجه عند الحنابلة : لأن عدم الطهوریة بسبب التغیر الذى طرأ علیه ، وقد زال ، وبناءً علیه یکون الدوران حجة 0
بینما یرى الشافعیة فى الروایة الأولى، والوجه الأول عند الحنابلة : أنه لا یطهر ، لأن النجاسة لا تزال إلا بالماء المطلق0
الفرع التاسع
حکم الاستنجاء بعظم أو روث
اختلف الفقهاء حول جواز الاستنجاء بعظم أو روث على عدة أقوال :-
القول الأول : وإلیه ذهب الحنفیة ، جواز الاستنجاء بالأشیاء الطاهرة من الأحجار، والخرق البوالى ، ونحوهما ، ویکره بالروث ، ونحوه من الانجاس .
وعللوا ذلک : بأن النص الوارد فى الاستنجاء بالأحجار معلول بمعنى الطهارة ، وقد حصلت الطهارة باستعمال الروث ، کما حصلت باستعمال الأحجار ، وإنما کرهوا استعمال الروث والعظام ، لما فیه من استعمال وإفساد علف دواب الجن . ([245])
القول الثانى :- وإلیه ذهب أکثر المالکیة :- عدم جواز الاستنجاء بالروث النجس ، ویجوز بالطاهر .
القول الثالث :- وإلیه ذهب الشافعیة ، والحنابلة ، وقول للمالکیة ، واختاره ابن المنذر، وابن حزم :عدم جواز الاستنجاء بعظم أو روث، طاهراً کان أو غیر طاهر. ([246])
واستدلوا على ذلک بما یأتى :-
1 – ما روى عن عبد الله بن مسعود – رضى الله عنه - قال " أتى النبى – صلى الله علیه وسلم – الغائط ، فأمرنى أن آتیه بثلاثة أحجار ، فوجدت حجرین ، والتمست الثالث فلم أجده ، فأخذت روثة ، فأتیته بها ، فأخذ الحجرین ، والقى الروثة ، وقال : هذا رکس " ([247])
وجه الدلالة من الحدیث الشریف :
أن النبى - صلى الله علیه وسلم - علل منع الاستجمار بالروثة ، بکونها رکساً ، ولم یعلل بکونها غیر حجر .
- وأیضا- أنها نجاسة ، ولا یحصل إزالة النجاسة بالنجاسة ، فلو استعمل النجس فی الاستجمار لا یجزئه ، لأن المحل تنجس بنجاسة أخرى من غیر المخرج . ([248])
2 - ما روى عن أبى هریرة - رضی الله عنه - قال " اتبعت النبى - صلى الله علیه وسلم - وخرج لحاجته فکان لا یلتفت ، فدنوت منه ، فقال : أبغنى أحجاراً استنفض بها - أو نحو- ولا تأتنى بعظم ، ولا روث ، فأتیته بأحجار بطرف ثیابى ، فوضعها الى جنبه ، وأعرضت عنه ، فلمـى قضـی تبعته بهن" . ([249])
وجه الدلالة من الحدیث الشریف :-
أن النبى - صلى الله علیه وسلم - نهى عن العظم والروث بقوله : "ولا تأتنى بعظم ولا روث" فیفهم من هذا النهى : أن غیر الحجر ،لا یقوم مقامه ، وإلا لم یکن لتخصیصهما بالنهى دون غیرهما معنى. ([250])
أثر الدوران فى الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران فى الاستنجاء بالروث والعظم : فعلى القول بحجیة الدوران : یجوز الاستنجاء بالروث الطاهر دون کراهة – وإلیه ذهب المالکیة – لأن النص الوارد فى الاستنجاء بالأحجار معلل بمعنى الطهارة ، وقد تحصل بالروث ، ومن ثم کان الروث طاهراً ، فجاز الاستنجاء به لزوال علة النجاسة0
بینما یرى بعض الشافعیة ، وقول عند المالکیة : عدم جواز الاستنجاء بعظم أو روث طاهراً أو غیر طاهر ، بناءً على عدم حجیة الدوران 0
الفرع العاشر
جواز إسقاط الأذان الأول الذی أحدثه سیدنا عثمان - رضى الله عنه - یوم الجمعة إذا لم تدعو الحاجة لذلک
اختلف الفقهاء حول الإبقاء على الأذان الذى أحدثه سیدنا عثمان - رضى الله عنه - یوم الجمعة على قولین :-
القول الأول : وإلیه ذهب الحنفیة ، والمالکیة ، والحنابلة : أن الأذان الذى أحدثه سیدنا عثمان - رضى الله عنه - سنة مستحبة .
قال صاحب الدر المختار : "ووجب سعى إلیها ، وترک البیع ، ولو مع السعى ، وفى المسجد أعظم وزراً ، بالأذان الأول فى الأصح ، وإن لم یکن فى زمن الرسول - صلى الله علیه وسلم - بل فى زمن عثمان ..... ویؤذن ثانیاً بین یدیه" ([251])
ونص المالکیة : على أنه سنة ، حیث جاء فى الشرح الصغیر للشیخ الدردیر ما نصه : "ولو جمعة فالأذان لها سنة " ([252])
ونص الحنابلة – أیضاً – على استحباب الأذان الأول : حیث جاء فى المغنى لابن قدامة ما نصه :(( قال السائب بن یزید :کان النداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله علیه وسلم - وأبى بکر ، وعمر ، فلما کثر الناس ، فزاد النداء الثانى على الزوراء - رواه البخارى - وأما قوله : هذا الأذان الذى یمنع البیع ویلزم السعى ، فلأن الله – تعالى – أمر بالسعى ، ونهى عن البیع بعد النداء بقوله سبحانه "اذا نودى للصلاة من یوم الجمعة فاسعوا الى ذکر الله وذروا البیع " ([253]) والنداء الذى کان على عهد رسول الله - صلى الله علیه وسلم - هو النداء عقیب جلوس الإمام على المنبر ، فتعلق الحکم به دون غیره ، ولا فرق بین أن یکون ذلک قبل الزوال أو بعده.)) ([254])
وحجة أصحاب هذا القول :- أن سیدنا عثمان - رضى الله عنه - أحدث هذا الأذان لإعلام الناس بدخول وقت صلاة الجمعة ، قیاساً على بقیة الصلوات ، فألحق الجمعة بها ، ثم بقیت خصوصیة الجمعة بالأذان الذى بعد صعود الإمام على المنبر .
- أیضاً- سیدنا عثمان – رضى الله عنه - من الخلفاء الراشدین ، وقد أمر النبى - صلى الله علیه وسلم - باتباع سنته ، وسنة الخلفاء الراشدین ، حیث قال - صلى الله علیه وسلم - "علیکم بسنتى ، وسنة الخلفاء المهدیین الراشدین ، تمسکوا بها ، وعضو علیها بالنواجذ " ([255])
القول الثانى :- وإلیه ذهب الشافعیة :الاقتصار على الأذان الثانى عند الحاجة ، وذلک کأن یتوقف حضور المصلین علیه ، فیستحب حینئذ ، وإلا کان الاقتصار على الاتباع أفضل .
قال صاحب البیان من الشافعیة : ([256])" قال المحاملى : قال الشافعى : أحب أن یؤذن للجمعة أذاناً واحداً عند المنبر ، لما روى السائب بن یزید قال : کان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله علیه وسلم - وأبى بکر ، وعمر، إذا جلس الإمام على المنبر ، أذاناً واحداً ، فلما کان فی زمان عثمان وکثر الناس ، أمر بالأذان الثانى فأذن به ، فکان یؤذن به على الزوراء لأهل السوق والناس ، قال الشافعى - رحمه الله - وأحب ما کان یفعل على عهد رسول الله - صلى الله علیه وسلم- وأبى بکر، وعمر، ویستحب أن یکو المؤذن واحداً ، لأنه لم یکن یؤذن یوم الجمعة للنبى - صلى الله علیه وسلم - إلا بلال " ([257])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران فی القول : بأن العلة فی زیادة الأذان الأول یوم الجمعة ، کثرة الناس ، فدعت الحاجة إلى إعلامهم بوقت الصلاة ، فإذا لم تدعو الحاجة إلى ذلک کما هو الحال فی زماننا هذا ، من حیث وجود مکبرات الصوت ، فلا حاجة إلى الأذان الأول ، ویقتصر على الأذان الذی بین یدى الإمام ، والذی کان سائداً فی عهد النبى - صلى الله علیه وسلم - وعهد أبى بکر وعمر - رضی الله عنهما - ومن ثم یکون الحکم دار مع علته وجوداً وعدماً.
الفرع الحادى عشر
النهى عن دخول المسجد لمن أکل ثوماً أو بصلاً
کره الفقهاء لمن أکل بصلاً ، أو ثوماً ، أو نحوهما ، مما له رائحة کریهة وبقیت رائحته ، من الدخول الى المسجد لغیر ضرورة ، وذلک للأحادیث الواردة فى النهى عن ذلک ومنها :
- ما روى عن سیدنا جابر - رضى الله عنه - أن النبى - صلى الله علیه وسلم - قال " من أکل ثوماً أو بصلاً فلیعتزلنا ، أو لیعتزل مسجدنا "([258])
وجه الدلالة من الحدیث الشریف : ورد النهى عن أکل الثوم والبصل لمن أراد الذهاب إلى المسجد ، ویلحق بهما کل ماله رائحة کریهة ، سواء أکان مأکولاً أو غیر مأکول ، وإنما خص الثوم والبصل بالذکر دون غیرهما ، لکثرة أکلهم ، فیلحق بهما غیرهما ممن له رائحة کریهة ، وعلة النهى هنا : أذى المسلمین ، وأذى الملائکة. فبالنظر الى العلة الأولى : یمنع من تناول کل ما له رائحة کریهة من أراد الذهاب الى المسجد وحضور الجماعة .
وبالنظر الى أذیة الملائکة : یمنع من الذهاب إلى المسجد وإن کــان وحده. ([259])
أثر الدوران فى الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران : من حیث النهى لمن أکل الثوم ، أو البصل ، أن یذهب الى المسجد ، لما فیه من أذیة الملائکة ، فیلحق بهما کل ما له رائحة کریهة ، فإذا زالت هذه الرائحة الکریهة ، أو استعمل ما یزیلها ، زالت الکراهة ، وجاز له الذهاب الى المسجد ، فدل ذلک على أن للدوران أثراً فى وجود الحکم ، وعدمه ، حسب وجود علته ، وعدمها .
الفرع الثانى عشر
النهى عن الکلام أثناء الخطبة فإذا دعت الحاجة جاز
اختلف العلماء حول حکم الانصات أثناء الخطبة على قولین :
القول الأول : وإلیه ذهب الجمهور من الحنفیة ، والمالکیة ، والشافعیة ، فى القدیم ،والحنابلة : وجوب الانصات وتحریم الکلام أثناء الخطبة ، إلا کلام الإمام أو لمن کلمه الإمام لمصلحة فلا یحرم. ([260])
وحجتهم فی ذلک : ما روى عن أبى هریرة -رضی الله عنه - أن رسول الله - صلى الله علیه وسلم - قال : " إذا قلت لصاحبک یوم الجمعة : أنصت والإمام یخطب فقد لغوت " ([261])
فقد دل الحدیث دلالة واضحة على عدم جواز الکلام أثناء خطبة الجمعة .
- وأیضا - فإن الإمام یخاطبهم بالوعظ ، فإذا اشتغلوا عنه بالکلام .
- لم یستفیدوا شیئاً من وعظه . ([262])
القول الثانى : وإلیه ذهب الشافعى فی الجدید : استحباب الانصات إلى الخطبة. وحجته فی ذلک :- ما روى عن جابر - رضى الله عنه - قال جاء رجل والنبى - صلى الله علیه وسلم - یخطب بالناس یوم الجمعة ، فقال : " أصلیت یا فلان ؟" قال : لا ، قال : " قم فارکع رکعتین " ([263])
- وأیضا - ما روى عن أنس بن مالک - رضى الله عنه – قال : أصابت الناس سنة على عهد رسول الله - صلى الله علیه وسلم - فبینا النبى - صلى الله علیه وسلم - یخطب فی یوم الجمعة ، قام أعرابى ، فقال : یا رسول الله :
هلک المال وجاع العیال فادع الله لنا ..... الحدیث " ([264])
وجه الدلالة من الحدیثین الشریفین:- دل الحدیثان على أن الکلام غیر محرم فلو حرم الکلام ، ما تکلم أى من الصحابیین ، وإذا لم یحرم الکلام علیهما مخاطبین ، لم یجب علیهما الانصات مستمعین ، فیکون الانصات مستحباً . ([265])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران : عند القائلین بوجوب الانصات إلى الخطبة ، وتحریم الکلام ، إلا کلام الإمام ، أو لمصلحة ، فلا یحرم – وهم الجمهور- من الحنفیة ، والمالکیة ، والشافعیة ، - فى القدیم – والحنابلة : فالکلام محرم أثناء الخطبة فإذا دعت الحاجة إلى الکلام معى المصلى ، کأن سأله الإمام سؤلاً ، فأجاب المصلى ، لم یحرم الکلام ههنا ، فإذا لم تکن حاجة لکلام عادت الحرمة 0
وبناءً على هذا القول یظهر أثر الدوران 0
أما القائلون بأن الانصات مستحب – وهم الشافعیة – فى الجدید فلا یظهر أثر الدوران عندهم0
الفرع الثالث عشر
حکم الصلاة مع حضور الطعام
یکره للشخص الصلاة مع حضور الطعام ، لمن کانت نفسه تتوق إلى الطعام ، لما فیه من اشتغال القلب ، وعدم اکتمال الخشوع فی الصلاة .
- وأیضا - ما روى عن السیدة عائشة - رضی الله عنها - أن النبى – صلى الله علیه وسلم - قال : " إذا وضع العشاء وأقیمت الصلاة فابدئوا بالعشـاء " ([266])
- وأیضاً- قوله - صلى الله علیه وسلم - " لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو یدافعه الأخبثان " ([267])
وجه الدلالة من الحدیثین الشریفین :- دل الحدیثان دلالة واضحة على کراهة الصلاة مع حضور الطعام ، إذا تاقت نفس المصلى إلیه ، لما فیه من انشغال القلب به ، وذهاب کمال الخشوع .
لکن إذا کان الشخص لا تتوق نفسه إلى هذا الطعام ، ولا یتعلق به قلبه ، فلا تکره الصلاة ، لانتقاء علة النهى ، وهى انتفاء الخشوع بسبب انشغال القلب.
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران فى کراهة الصلاة عند حضور الطعام ، إذا تاقت نفس المصلى إلیه ، وذلک لوجود علة النهى ، وهى انشغال القلب عن کمال الخشوع ، فاذا لم تتق نفس المصلى الى الطعام ، ولم یتعلق به قلبه ، فلا تکره الصلاة فی حضرة الطعام لعدم وجود العلة ، وهى انشغال القلب عن کمال الخشوع .
وبناء علیه : یظهر أثر الدوران فی الحکم من حیث وجوده وعدمه .
الفرع الرابع عشر
حکم فطر المسافر فی رمضان
یباح للمسافر فی رمضان الفطر وذلک لقوله – تعالى – " "ومَن کَانَ مِنکُم مَّرِیضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ" ([268]) ([269])
- وأیضا - ما روى عن أنس - رضی الله عنه - قال : " کنا نسافر مع النبى - صلى الله علیه وسلم - فلم یعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" ([270])
وقد علل الفقهاء : إباحة الفطر للمسافر بعلة السفر ، وبناء علیه فإذا انتفى السفر انتفى الحکم وهو الإفطار ، ومن ثم یکون للدوران أثر فی الحکم وجودًا وعدماً ، تبعاً لوجود العلة وعدمها .
الفرع الخامس عشر
إباحة ادخار لحوم الأضاحى بعد النهى عن ادخارها
ورد النهى عن ادخار لحوم الأضاحى فوق ثلاث : فی الحدیث الذی رواه سلمة بن الأکوع ، قال : قال : النبى - صلى الله علیه وسلم - " من ضحى منکم فلا یصبحن بعد ثلاثة وبقى فی بیته منه شئ " فلما کان العام المقبل ، قال : یا رسول الله أنفعل کما فعلنا العام الماضی ، قال : " کلوا واطعموا وادخروا ، فإن ذلک العام کان بالناس جهد فأردت أن تعینوا فیها" ([271])
- وأیضاً - قوله - صلى الله علیه وسلم - " إنما نهیتکم من أجل الدافة التى دفت علیکم ، فکلوا ، وتصدقوا ، وادخروا " ([272])
فالعلة التى لأجلها ورد النهى عن ادخار لحوم الأضاحى هو : الجهد الذی کان بالناس ، أو الدافة التى قدمت المدینة فی أیام التشریق.
وبناء علیه : فالمنع کان لعلة ، فلم ارتفعت ارتفع الحکم لارتفاع موجبه ، فإذا عادت العلة مرة ثانیة ،عاد الحکم ، فلو قدم على أهل بلد أناس محتاجون فی زمن الأضاحى ، ولم یکن عند أهل ذلک البلد سعة یطعمون منها هؤلاء الناس إلا الأضاحى ، فإنه یتعین علیهم عدم الادخار فوق ثلاث ، فإن کان عندهم سعة لإطعامهم فلا یتعین علیهم عدم الادخار ، مما یدل على أن للدروان أثراً فی الحکم وجوداً وعدماً ، تبعاً لوجود العلة وانتفائها .
الفرع السادس عشر
حکم تکلیف الصبى والمجنون والنائم
اتفق العلماء على أن من شروط التکلیف : البلوغ ، والعقل ، حتى یتعلق خطاب الشارع بالمکلف ، فلا بد أن یکون المکلف عاقلاً ، فاهماً للخطاب ، لأن التکلیف خطاب ، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال .
ومن ثم فلا تکلیف على الصبی ، والمجنون ، والنائم ، ومن فی حکمهم. ([273])
وذلک لقوله - صلى الله علیه وسلم - " رفع القلم عن ثلاث : عن الصبى حتى یبلغ ، وعن النائم حتى یستیقظ ، وعن المجنون حتى یفیق " ([274])
وجه الدلالة من الحدیث :- دل الحدیث على أن کلاً من الصبى ، والمجنون ، والنائم ، لا یفهمون الخطاب على وجه الکمال ، و لا یتحقق منهم الامتثال على وجه الکمال ، ومن ثم فلا یتوجه إلیهم خطاب التکلیف. ([275])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران : فی أن الصبا ، والجنون ، والنوم ، أسباب لزوال التکلیف ، وعدم نفوذ التصرف ، فإذا زالت هذا الأسباب ، حصل التکلیف ، ونفذ التصرف ، فإن عاد الصبا والجنون والنوم ، زال التکلیف لزوال علته ، وهى البلوغ ، والعقل ، والیقظة ، مما یدل على أن للدوران أثراً من حیث ثبوت الحکم وعدمه ، تبعاً لوجود العلة وانتفائها.
الفرع السابع عشر
حکم زوال العیب من المبیع قبل الرد
إذا اشترى شخص مبیعاً ، ثم وجد به عیباً : فإما أن یکون المبیع باقیاً على وجهه ، أو زاد ، أو نقص .
فإن کان المبیع باقیاً على جهته ، وأراد الرد لم یؤخره .
فإن أخره من غیر عذر سقط الخیار ، لأن الخیار ثبت لدفع الضرر ، فکان على الفور ، کخیار الشفعة .
وأما إذا وجد بالمبیع عیب ثم زال العیب قبل الرد ، ففیه وجهان :-
الوجه الأول : یسقط الخیار، لأن الخیار ثبت لدفع الضرر وقد زال .
الوجه الثانى :- لا یسقط الخیار ، لأن الخیار ثبت بوجود العیب فلا یسقط بدون رضاه. ([276])
وبناء على ما سبق : یتضح أثر الدوران فی وجود الحکم وعدمه ، بحیث إذا وجد المشترى بالمبیع عیباً ، ثبت له الخیار فی رد المبیع ، دفعاً للضرر ، فإذا زال العیب من المبیع قبل الرد ، سقط الخیار، لعدم وجود الضرر . ([277])
الفرع الثامن عشر
حکم تزوج الأم الحاضنة ثم زوال زواجها
اتفق الفقهاء على أحقیة الأم لحضانة طفلها ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت ، سقط حقها فی الحضانة .
وذلک لما روى : عن عبد لله بن عمرو - رضی الله عنهما - أن امرأة قالت : یا رسول الله ، إن ابنى هذا کان بطنى له وعاءً وثدیى له سقاءً ، وحجرى له حواءً ، وإن أباه طلقنى ، وأراد أن ینتزعه منى ، فقال لها رسول الله : - صلى الله علیه وسلم - أنتى أحق به ما لم تنکحى "([278])
فقد جعل النبى - صلى الله علیه وسلم - حق الحضانة للأم ، لما تتمتع به من شفقة ورحمة ، وأنها أقدر على تحمل المشقة ، فی تربیة الأبناء من الأب ، فإذا تزوجت الأم سقط حقها فی الحضانة ، وذلک لما یلحق الصبی من ضرر ، فإذا طلقت أو مات عنها الزوج ، رجع لها الحق فی الحضانة ، لزوال المانع . ([279])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یتضح أثر الدوران : فی أن الحضانة حق للأم ، لما تتمتع به من رفق ، ورحمة ، وشفقه ، فإذا تزوجت الأم سقط حقها فی الحضانة ، وذلک بسبب ما یلحق الصبی من ضرر ، نتیجة تقصیر الأم ، فإذا طلقت الأم ، أو توفى عنها الزوج ، عاد إلیها حق الحضانة ، لانتفاء المانع ، فدل ذلک على أن للدوران أثراً فی وجود الحکم وعدمه ، تبعاً لوجود العلة وزوالها .
الفرع التاسع عشر
حکم من حلف ألا یکلم هذه المرأة ولا یطأها لکونها لا تحل له ثم تزوجها
إذا حلف شخص على ألا یکلم هذه المرأة ، أولا یطأها : لکونها لا تحل له ، ثم تزوج المرأة ، وکلمها ، أو وطئها لم یحنث ، لأنه متى کانت نیة الحالف على شئ مقیدة بصفة ، تقیدت یمینه بتلک الصفة . ([280])
أثر الدوران فی الفرع السابق :
یظهر أثر الدوران : فبما لو حلف شخص على ألا یکلم امرأة أو لا یطأها لکونها لا تحل له ، فلا یجوز له الکلام أو الوطء ، لوجود العلة - وهى کونها لا تحل له - فإذا زالت العلة ، بأن تزوج المرأة ، فإنه یحل له کلامها ، ووطئها ، ولا یحنث فی یمینه ، لأن الیمین تعلقت بالوصف ، فإذا زال الوصف الذی تعلق به الیمین ، فلا حنث. ومن ثم یظهر من ذلک : أن للدوران أثراً فی الحکم وجوداً وعدماً تبعاً ، لوجود علته وعدم وجودها . ([281])
الفرع العشرون
إذا دعى شخص لشراب مسکر لیشربه ،
فحلف ألا یشربه ثم انقلب خلا
من حلف على عدم شرب مسکر ، ثم انقلب خلاً فشربه : لم یحنث ، لأنه إذا حلف على أمر لا یفعله لسبب ، فزال السبب ، لم یحنث بفعله ، لأن یمینه تعلقت به لذلک الوصف ، فإذا زال الوصف ، زال تعلق الیمین .
قال ابن القیم - رحمه الله- ([282])" فإذا دعى إلى شرب مسکر لیشربه وحلف ألا یشربه ، فانقلب خلاً فشربه لم یحنث ، فإن منع نفسه منه نظیر منع الشارع ، فإذا زال منع الشارع بانقلابه خلاً ، وجب أن یزول منع نفسه بذلک " ([283])
وبناء علیه : ظهر أثر الدوران فی الفرع السابق ، من حیث إذا وجد الوصف ، وهو الإسکار تعلق الیمین به ، وإذا زال الوصف - الإسکار - لم یتعلق الیمین به فلا یحنث ، ولا معنى للدوران إلا هذا .
الفرع الحادى والعشرون
حلف شخص على زوجته بأن لا تخرج من بیته إلا بإذنه ثم طلق زوجته وخرجت بغیر إذنه
إذا حلف رجل على زوجته بعدم الخروج من المنزل إلا بإذنه : فإنه یحنث بخروجها من غیر إذنه ، فإذا طلقت الزوجة ، ثم خرجت بغیر إذنه لم یحنث ، لأنه متى کانت نیة الحالف على شئ مقید بصفة ، تقیدت یمینه بتلک الصفة ، ومن ثم یظهر أثر الدوران.
فیحنث الزوج بخروجها بغیر إذنه اذا کانت الزوجیة قائمة ، فإذا زالت الزوجیة بالطلاق ، لم یحنث بخروجها . لأن المنع بیمینه ، کالمنع بمنع الشارع ، ومنع الشارع یزول بزوال الأسباب الى ترتب علیها المنع ، فکذلـک منع الحالــف . ([284])
الخاتمــة
الحمد لله الذى أکمل لنا الدین ، وأتم علینا النعمة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له ، وأشهد أن سیدنا ونبینا محمداً عبده ورسوله ، صلوات ربى وسلامه علیه ، وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهدیه واقتدى بسنته إلى یوم الدین.
ثم أما بعد / فقد انتهیت بحمد الله وتوفیقه من کتابة هذا البحث ، وخلصت إلى النتائج التالیة :
1- أن الدوران یعد مسلکاً هاماً من مسالک العلة التى یعول علیه کثیراً فى استنباط الأحکام الشرعیة .
2- أن الدوران یحتج به فى إثبات العلة فى الأمور المتعلقة بالأحکام العقلیة ، وذلک باتفاق الأصولیین .
3- أن الدوران یفید ظن العلیة إذا کان الوصف صالحاً للعلیة ، بأن وجدت مناسبة بینه وبین الحکم ، بحیث ترتب الحکم علیه وجوداً وعدماً.
5- أن للدوران نفع کبیر فى الأمور الدنیویة ، حیث إنه یعد طریقاً أمناً للمجربات ،واستکشاف النافع منها والضار ، سواء فى الأدویة أو الأغذیة.
التوصیة :
أوصى طلاب العلم من شباب الباحثین ، خاصة من هم فى مرحلتى الماجستیر والدکتوراه ، الاهتمام بدراسة مسالک العلة بصفة عامة ، ومسلک الدوران خاصة ، وربطها بمقاصد الشریعة الإسلامیة الغراء ، وذلک لما یترتب على مثل هذه الدراسات من نفع عام للمجتمع ، وإظهار لمحاسن ومرونة الشریعة الغراء0
(1) عبد الملک بن عبد الله بن یوسف بن محمد الجوینى ، إمام الحرمین ، ولد سنة 419هـ - من مؤلفاته :"العقید النظامیة " و "البرهان " – توفى سنة478هـ- ینظر :سیر أعلام النبلاء للذهبى 18/468- وما بعدها - طبعة بیت الأفکار الدولیة - الأعلام للزرکلى 4/160- طبعة دار العلم للملایین.
([2]) أبو الطیب : طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبرى الشافعى ، ولد سنة 348هـ ، من مؤلفاته : " التعلیقة الکبرى فى الخلاف " – توفى سنة 450هـ - ینظر : طبقات الفقهاء للشیرازى صـ127- تحقیق / إحسان عباس – طبعة دار الرائد العربى – بیروت – لبنان - طبقات الشافعیة للإسنوى 2/58- تحقیق / کمال یوسف الحوت- طبعة دار الکتب العلمیة – الطبعة الأولى 2002 – هدیة العارفین للبغدادى 5/429- طبعة مؤسسة التاریخ العربى.
([4]) عبد الله بن إبراهیم بن أحمد العلوى ، ولد بعد منتصف القرن الثانى عشر الهجرى ، له مصنفات کثیرة منها : "مراقى السعود" ألفیة فى أصول الفقه " و " نشر البنود على مراقى السعود " – توفى سنة 1233هـ - ینظر مقدمة : نشر البنود على مراقى السعود- طبعة مطبعة فضالة بالمغرب .
([6]) أحمد بن فارس بن زکریا أبو الحسن الإمام اللغوى ، المفسر ، له مصنفات کثیرة منها : " جامع التأویل فى تفسیر القرآن " و " سیرة النبى صلى الله علیه وسلم :- " و " المجمل فی اللغة " و " مقایس اللغة " – توفى سنة 390هـ ، وقیل غیر ذلک – ینظر : بغیة الوعاة فی طبقات اللغویین والنحاه للسیوطى 1/352- تحقیق /محمد أبو الفضل إبراهیم - طبعة دار المسیرة – الطبعة الثانیة 1399هـ- 1979م - بیروت – شذرات الذهب لابن العماد الحنبلى 3/ 32 – طبعة دار المسیرة – بیروت .
([7]) ینظر : معجم مقاییس اللغة لابن فارس 4/12- کتاب العین – باب العین وما بعدها – مادة " عل " – تحقیق / عبد السلام هارون – طبعة دار الفکر .
([8]) الخلیل بن أحمد بن عمرو بن تمیم الفراهیدى – ولد سنة 100هـ - من أئمة اللغة والأدب ، واضع علم العروض ، من مؤلفاته : " کتاب معجم العین "و " کتاب العروض " و " کتاب معانى الحروف " و " کتاب الشواهد " – توفى سنة 174هـ - ینظر : بغیة الوعاة فى طبقات اللغویین والنحاة للسیوطى 1/557
([9]) ینظر : معجم مقاییس اللغة لابن فارس 4/13- کتاب العین – باب العین – مادة (عل)- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة للجوهرى 5/1773- مادة (علل)- تحقیق / أحمد عبد الغفور عطا – طبعة دار العلم للملایین – لسان العرب لابن منظور 9/361- باب العین – مادة : علل – طبعة دار إحیاء التراث العربى – القاموس المحیط للفیروز آبادى 4/20- فصل العین – باب اللام – مادة " العل " – طبعة الهیئة المصریةالعامة للکتاب.
([10]) عبد الرحیم بن الحسن بن على بن عمرو بن على بن إبراهیم الإسنوى – ولد سنة 704هـ بإسنا – نشأ فى بیت علم وفقه ، له تصانیف کثیرة منها : " نهایة السول " و " التمهید " و "زوائد الأصول " فى أصول الفقه و" الکواکب الدریة فى تنزیل الفروع الفقهیة على القواعد النحویة " – توفى سنة 772هـ- ینظر : بغیة الوعاة للسیوطى 2/92- 93 – شذرات الذهب 6/223- 224- الأعلام للزرکلى 3/347
([12]) حجة الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسى ، أبو حامد الغزالى ، برع فى شتى علوم المنقول والمعقول ، له مصنفات کثیرة منها : "الوجیز " و " الوسیط " و" الخلاصة " و" المستصفى " – توفى سنة 505هـ - ینظر طبقات الشافعیة للسبکى 6/191- تحقیق /د/عبد الفتاح الحلو ، د/محمود الطناحى – طبعة عیسى الحلبى بالقاهرة 1383هـ- 1964- شذرات الذهب لابن العماد الحنبلى 4/10
([13]) ینظر : المحصول للرازى 2/127- تحقیق د/ طه جابر فیاض - طبعة مؤسسة الرسالة- الطبعة الثالثة 1418هـ- 1997م- التحصیل من المحصول 2/185- تحقیق د/ عبد الحمید أبو زنید- طبعة مؤسسة الرسالة – الطبعة الأولى- نهایة السول للإسنوى 1/46، 3/53- طبعة دار الکتب العلمیة - بیروت
([14]) ینظر : المحصول للرازى 5/127- الإبهاج للسبکى 3/43- تحقیق /د/ شعبان محمد إسماعیل – طبعة مکتبة الکلیات الأزهریة - نهایة السول 3/53-
([15]) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسین الرازى ، ولد سنة 543هـ - وتوفى سنة 606هـ- من مؤلفاته :" مفاتح الغیب " و "المنتخب "و"المحصول " – ینظر : البدایة والنهایة لابن کثیر 3/55- 66- طبعة مطبعة السعادة بمصر 1351هـ - 1932م - طبقات الشافعیة للسبکى 5/33 وما بعدها.
([16]) عبد الله بن عمر بن على البیضاوى ، أصولى ، مفسر ، متکلم ، له مصنفات کثیرة منها : " طوالع الأنوار فى أصول الدین " و" الغایة القصوى " فى الفقه و "منهاج الوصول " فى أصول الفقه – توفى سنة =685هـ- ینظر :البدایة والنهایة لابن کثیر 3/309- طبقات الشافعیة الکبرى للسبکى 5/59- هدیة العارفین 1/241
([18]) ینظر الإبهاج للسبکى 3/43- نهایة السول للإسنوى 3/53- مناهج العقول للبدخشى 3/52- طبعة دار الکتب العلمیة - بیروت
([20]) على بن أبى على بن سالم التغلبى ، فقیه ، أصولى ، متکلم ، من مصنفاته : " الإحکام فى أصول الأحکام " و " منتهى السؤل والأمل فى علمى الأصول والجدل " فى أصول الفقه – توفى سنة 631هـ - ینظر : طبقات الشافعیة للسبکى 8/306 – 307- شذرات الذهب 5/144- 145- وفیات الأعیان 3/293- 294- تحقیق /د/ إحسان عباس – طبعة دار صادر – بیروت – لبنان ، طبعة مطبعة السعادة بالقاهرة .
([21]) جمال الدین عثمان بن عمرو بن أبى بکر الکردى ، الدوینى الأصل ، الإسنوى المولد ، برع فى شتى العلوم ، من مصنفاته : " جامع الأمهات " فى الفقه و " منتهى السول والأمل " " ومختصر المنتهى " فى أصول الفقه – توفى سنة 646هـ - ینظر : البدایة والنهایة لابن کثیر 13/176- شذرات الذهب 5/234- 235 – معجم المؤلفین 3/265
([23]) ینظر : المحصول للرازى 5/127- نهایة السول للإسنوى 2/53- غایة الوصول شرح لب الأصول للشیخ/ زکریا الأنصارى ص114- طبعة محمد على صبیح.
([25]) ینظر : مختصر المنتهى لابن الحاجب وشرح العضد علیه 2/213- طبعة مکتبة الکلیات الأزهریة - نشر البنود على مراقى السعود 2/84- عبد الله بن إبراهیم العلوى – طبعة مطبعة فضالة بالمغرب -الوجیز فى أصول الفقه للکراماستى صـــ64- تحقیق / عبد اللطیف کساب – طبعة دار الهدى للطباعة والنشر.
([26]) ینظر : شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/213- طبعة مکتبة الکلیات الأزهریة - حاشیة السعد التفتازانى 2/213- 214- طبعة مکتبة الکلیات الأزهریة.
([27]) ینظر : مختصر المنتهى 2/213- الوجیز للکراماستى صـــ64- 65- نشر البنود على مراقى السعود 2/84- علم أصول الفقه للشیخ / عبد الوهاب خلاف صـ68- 69- طبعة دار القلم- أصول الفقه للشیخ / أبى زهرة صـــ223- طبعة دار الفکر العربى.
([32]) الحدیث رواه بسر بن سعید عن معمر بن عبد الله - ینظر : صحیح مسلم – کتاب المساقاة – باب بیع الطعام مثلاً بمثل – حدیث رقم 1592- طبعة دار طیبة – الطبعة الأولى 1427- 2006م
([33]) الحدیث أخرجه ابن ماجه عن السیدة عائشة – رضى الله عنها – ینظر : سنن ابن ماجه 1/386- تحقیق / محمد فؤاد عبد الباقى – طبعة دار إحیاء الکتب العربیة - سنن الدار قطنى 1/153- تحقیق شعیب الأرنؤوط وأخرین – طبعة مؤسسة الرسالة - سنن البیهقى 1/142- تحقیق /محمد عبد القادر عطا – طبعة دار الکتب العلمیة – الطبعة الثالثة – 1424هـ- 2003م
([41])عبد الوهاب بن على بن نصر بن أحمد بن الحسین البغدادى ، أبو محمد ، فقیه ، مالکى ، أصولى ، أدیب ، زاهد ، له مصنفات کثیرة منها : " شرح المدونة " و " المعونة فى شرح الرسالة " و " التبصرة " و " التلخیص " و " الافادة " فى الأصول – توفى سنة 442هـ - ینظر : وفیات الأعیان لابن خلکان2/219- 222 – شذرات الذهب لابن العماد الحنبلى 3/223
([42]) ینظر : شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/217 – نهایة السول للإسنوى 3/150- مناهج العقول للبدخشى 3/149
([50]) ینظر : نهایة السول للإسنوى 3/141- شرح المنهاج للأصفهانى 2/730- تحقیق /د/ عبد الکریم النملة – طبعة مکتبة الرشد – الریاض- الطبعة الأولى 1420هـ- 1999م
([56]) الحدیث أخرجه البخارى عن سهل بن سعد – ینظر : الجامع الصحیح للبخارى 3/437 – کتاب الاستئذان – باب الاستئذان من أجل البصر – حدیث رقم 6018- صحیح مسلم 3/1189- کتاب الآداب – باب تحریم النظر فى بیت غیره .
([57]) ینظر : کتاب التلخیص لإمام الحرمین 3/148 – تحقیق / عبد الله جولم – وبشیر أحمد العمرى – طبعة دار البشائر الإسلامیة– المحصول للرازى 5/139- الحاصل من المحصول 2/269 – التحصیل من المحصول 2/187- المعالم للرازى ص65 – تحقیق: عادل عبد الموجود ، على معوض- طبعة دار عالم المعرفة - میزان الأصول للسمرقندى ص590- 592- تحقیق / محمد زکى عبد البر- طبعة مطابع الدوحة04 14هـ- 1984م- بذل النظر للأسمندى ص617- تحقیق/ محمد زکى عبد البر- طبعة مطبعة التراث.
([65]) ینظر : المحصول للرازى 5/141- مناهج العقول للبدخشى 3/56- 57- الإحکام فى أصول الأحکام للآمدى 3/319
([66]) محمد بن شهاب الدین أحمد بن عبد العزبز الفتوحى الحنبلى ، الشهیر بابن النجار ، فقیه ، أصولى ، لغوى ، ولد بمصر سنة 898هـ - من مؤلفاته : " منتهى الارادات فى فروع الفقه الحنبلى " و " مختصر التحریر " و " شرح الکوکب المنیر " فى أصول الفقه – توفى سنة 972هـ - ینظر :الأعلام للزرکلى 6/233
([67]) ینظر : شرح الکوکب المنیر للفتوحى الحنبلى 4/125- تحقیق د/ وهبه الزحیلى ، د/ نزیه حماد - طبعة مکتبة العبیکان – شرح العضد على مختصر المنهى 2/134- نهایة السول للإسنوى 3/60
([70]) جمال الدین عبد الرحیم بن الحسن بن على الإسنوى ، فقیه ، أصولى ، لغوى ، ولد بإسنا سنة 704هـ ، له مصنفات کثیرة منها : " نهایة السول شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول " و " التمهید فى تخریج الفروع على الأصول "- توفى سنة 772هـ- ینظر : البدر الطالع للشوکانى 1/352- 353 – طبعة دار المعرفة – الأعلام للزرکلى 3/344
([71]) ینظر : نهایة السول للإسنوى 3/60- التمهید للإسنوى صـ470- تحقیق / محمد حسن هیتو – طبعة مؤسسة الرسالة - بذل النظر فى الأصول صـ 617
([75]) ینظر : نهایة السول للإسنوى 3/60- مفتاح الأصول للتلمسانى صـــ208- 209- تحقیق / محمد على فرکوس – طبعة مؤسسة الریان – 1419هـ- 1998م
([76]) الحدیث رواه البخارى عن أبى هریرة – ینظر :صحیح البخارى 1/538- کتاب الصوم – باب إذا جامع فى رمضان فتصدق علیه فلیکفر – حدیث رقم1887- سنن أبو داوود 1/557- سنن ابن ماجه 1/531- مسند الإمام أحمد 2/241
([78]) الحدیث أخرجه الإمام مالک فى الموطأ عن أبى قتادة – ینظر : الموطأ 2/22- السنن الکبرى للبیهقى 1/245-تحقیق /محمد عبد القادر عطا – طبعة دار الکتب العلمیة – بیروت – لبنان- الطبعة الثالثة 1424هـ 2003م
صحیح ابن خزیمة 1/155- تحقیق /محمد مصطفى الأعظمى – طبعة المکتب الإسلامى 1424هـ- 2003م
([79]) ینظر التحصیل من المحصول 2/189- حاشیة نسمات الأسحار لابن عابدین ص 218-طبعة مصطفى البابى الحلبى – مفتاح الأصول لابن التلمسانى صـــ206 – بذل النظر فى الأصول ص618
([80]) الحدیث رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن ابن مسعود – ینظر : سنن أبى داود1/32- سنن الترمذى 1/90- سنن ابن ماجه 1/31
([81]) ینظر : الحاصل من المحصول 2/872- نهایة السول للإسنوى 3/66 – مناهج العقول 3/63- بذل النظر فى الأصول ص618
([82]) ینظر سنن الترمذى 3/518 – کتاب البیوع – باب ما جاء فى النهى عن المحاقلة والمزابنة – سنن ابن ماجه 2/76-
([83]) ینظر شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/235- نهایة السول للإسنوى 3/66- مفتاح الأصول للتلمسانى صــ207- بذل النظر صــ619
([85]) ینظر : المحصول للرازى 5/152- شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/35 – نهایة السول للإسنوى 3/66- 67 – مناهج العقول للبدخشى 3/64
([86]) الحدیث رواه ابن ماجه عن أبى هریرة – ینظر : سنن ابن ماجه – کتاب الدیات – باب القاتل لا یرث – حدیث رقم 2645
([88]) الحدیث رواه الإمام مسلم عن عبادة بن الصامت – ینظر : صحیح مسلم – کتاب المساقاة والمزارعة – باب الصرف وبیع الذهب بالورق نقداً – رقم 15- حدیث رقم 1587 .
([92]) الحدیث رواه ابن عمر – ینظر فتح البارى6/79 – کتاب فضل الجهاد والسیر – باب سهام الفرس – حدیث رقم 2772
([93]) ینظر : المحصول للرازى 5/152- 153- غایة الوصول للشیخ زکریا الأنصارى ص120- مختصر المنتهى لابن الحاجب وشرح العضد علیه 2/235- 236- مناهج العقول للبدخشى 3/65
([95]) ینظر المحصول للرازى 5/154 – الحاصل من المحصول 2/877- التحصیل من المحصول 2/191- نهایة السول للإسنوى 3/68 – مناهج العقول للبدخشى 3/65- 66
([96]) ینظر : مختار الصحاح للرازى صــ71- باب الجیم – فصل العین وما یثلثها – مادة " جمع "- المعجم الوسیط 1/140- مادة " جمع "
([98]) ینظر : مختصر المنتهى لابن الحاجب وشرح العضد علیه 2/233- 234- غایة الوصول للشیخ زکریا الأنصارى صـــ119- تیسیر التحریر 4/39 – أصول الفقه للشیخ أبى زهرة صــ228 – الوجیز فى أصول الفقه للدکتور / عبد الکریم زیدان صــ214- طبعة مؤسسة قرطبة.
([101]) ینظر: شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/239- مفتاح الأصول للتلمسانى صـــ209- تیسیر التحریر 4/38- نشر البنود للشنقیطى 2/110
([104]) ینظر / المحصول للرازى 5/159- 160- التحصیل من المحصول 2/192 – شرح المنهاج للأصفهانى 2/683- 684
([107]) ینظر : المحصول للرازى 5/160- 161- شرح المنهاج للأصفهانى 2/685- 686- نهایة السول للإسنوى 3/74
([108]) ینظر / المحصول للرازى 5/161- الحاصل من المحصول 2/881- الوجیز فى أصول الفقه للکراماستى ص66- الإبهاج للسبکى 3/63
([110]) أبو عبد الله محمد بن إدریس بن العباس بن عثمان بن شافع ، ولد سنة 150هـ فى غزة بفلسطین ، أحد الأئمة الأربعة ، وإلیه ینسب المذهب الشافعى ، له تصانیف کثیرة منها : " کتاب الأم " فى الفقه و " الرسالة " فى أصول الفقه – توفى بمصر سنة 204هـ- ینظر : البدایة والنهایة لابن کثیر 10/251- طبقات الفقهاء للشیرازى ص71- 73 – طبقات الشافعیة الکبرى للسبکى 1/300
([111]) ینظر : المحصول للرازى 5/162- 163- الوجیز للکراماستى صــ67- الإبهاج للسبکى 3/65- نهایة السول للإسنوى 3/75- 76
([121]) مالک بن أنس بن مالک الأصبحى الحمیرى ، أبو عبد الله ، إمام دار الهجرة – ولد سنة 93هـ بالمدینة المنورة ، وهو أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ،له مصنفات کثیرة منها: " الموطأ " و " رسالة فی الوعظ " و " تفسیر غریب القرآن "- توفى سنة 179هـ- ینظر : وفیات الأعیان 1/439- الأعلام للزرکلى 5/257- 258.
([125]) محمد بن الطیب بن جعفر البصرى ، المالکى ، الأصولى ، المتکلم – ولد بالبصرة وسکن بغداد ، وصار من کبار علماء الکلام ، من مصنفاته : " التقریب والإرشاد " و " إعجاز القرآن " و " شرح الإبانة "- توفى ببغداد سنة 403هـ- ینظر : شذرات الذهب 3/168- 170- وفیات الأعیان 3/400- 401.
([128]) ینظر : معجم مقاییس اللغة لابن فارس 3/127- مادة " سبر "- مختار الصحاح للرازى صــ143- مادة "سبر".
([129]) ینظر : مختار الصحاح للرازى صــ247- مادة " قسم "- المصباح المنیر للفیومى 1/312 – التعریفات للجرجانى صــ224.
([132]) الحدیث أخرجه مسلم : ینظر : صحیح مسلم 2/1037- کتاب النکاح – باب استئذان الثیب فی النکاح – حدیث رقم 1421- سنن أبى داود 1/484- سنن الترمذى 3/407- سنن ابن ماجه 1/10-.
([137]) عبید الله بن الحسین بن دلال بن دلهم ، المکنى بأبى الحسن الکرخى ، ولد سنة 260هـ - انتهت إلیه ریاسة الحنفیة ، له مصنفات کثیرة منها : " المختصر " فى الفقه و " شرح الجامعین " لمحمد بن الحسن – توفى سنة 340هـ - ینظر : البدایة والنهایة لابن کثیر 1/224 – الأعلام للزرکلى 2/216.
([138]) ینظر : البرهان لإمام الحرمین 2/518 – المحصول للرازى 5/ 221- الإبهاج للسبکى 3/85 – 86 – نهایة السول للإسنوى 3/98 – 99- التحصیل من المحصول 2/206 – أصول السرخسى 2/176 – کشف الأسرار للبخارى 3/365 – مسلم الثبوت 2/302- تیسیر التحریر 4/49.
([141]) ینظر :المستصفى للغزالى 2/219 – المحصول للرازى 5/229 – 230 – نفائس الأصول فی شرح المحصول للقرافى 4/53 – طبعة مکتبة نزار مصطفى الباز – الطبعة الأولى 1416هـ- 1995م– نشر البنود على مراقى السعود 2/130 - 131.
([143]) ینظر : لسان العرب لابن منظور :2/1450- مادة " دار " – المصباح المنیر للفیومى 1/202 – الصحاح للجوهرى 2/660 – باب الراء – فصل الداال – مادة " دار "- مختار الصحاح للرازى صــ114- - باب الدال – فصل الراء وما یثلثها - - المعجم الوسیط 1/312 .
([146]) محمد بن بهادر الزرکشى ، المصرى – ولد سنة 745هـ بمصر ، تلقى العلم عن کثیرین من علماء عصره منهم : الشیخ البلقینى ، وابن کثیر ، وابن هشام ، من مؤلفاته : " البحر المحیط " فی أصول الفقه – توفى سنة 794هـ- ینظر : طبقات الشافعیة للسبکى 2/232 – شذرات الذهب 7/85 – معجم المؤلفین 19/121 - 122
([148]) على بن سلیمان بن أحمد بن محمد المرداوى ، فقیه حنبلى – ولد سنة 817هـ، له مصنفات کثیرة منها : " الانصاف فی معرفة الراجح من الخلاف " و " مختصر الفروع " و " التحبیر شرح التحریر " وغیرها کثیر - ینظر : شذرات الذهب 7/339 – 341- الضوء اللامع للسخاوى 5/225 – البدر الطالع 1/446.
([150]) محمد بن الحسن البدخشى ، صوفى ، حنفى ، من مصنفاته : " مناهج العقول " – توفى سنة 922هـ- ینظر :الکواکب السائرة بأعیان المائة العاشرة- تألیف محمد بن محمد نجم الدین الغزى.
([152]) محفوظ بن أحمد بن حسن الکلوذانى الحنبلى ، شیخ الحنابلة فی عصره ، ولد سنة 432هـ- من مصنفاته : "التمهید " فی أصول الفقه و " الهدایة "فی الفقه و"عقیدة أهل الأثر " وغیرها کثیر – توفى سنة 510هـ- ینظر : سیر أعلام النبلاء 3/3190- البدایة والنهایة لابن کثیر 2/180- ذیل طبقات الحنابلة 1/116- 127.
([154]) ینظر : نهایة السول للإسنوى 3/68 - مناهج العقول للبدخشى 3/65- التمهید فی أصول الفقه لأبى الخطاب 4/24- العدة لأبى یعلى 5/1432
([155]) ینظر : البرهان لإمام الحرمین 2/854- نهایة السول للإسنوى 3/68- مناهج العقول للبدخشى 3/65- التمهید لأبى الخطاب الحنبلى 4/24 – العدة لأبى یعلى 5/1432- البحر المحیط للزرکشى 5/243 – مراقى السعود صــ364- نشر البنود 2/200.
([156]) ینظر : نهایة السول 3/68 – غایة الوصول للشیخ / زکریا الأنصارى صــ126- کشف الأسرار للبزدوى 3/366.
([157]) أبو على بن الحسین بن محمد بن أحمد المروزى الشافعى ، القاضى حسین ، برع فی شتى علوم المنقول والمعقول ، له التعلیقة فی الفقه – توفى سنة 462هـ - ینظر : وفیات الأعیان وأبناء الزمان 2/135.
([158]) ینظر : المحصول للرازى 5/221- الإبهاج للسبکى 3/85- نهایة السول للإسنوى 3/98- المعتمد لأبى الحسین البصرى 2/196- إرشاد الفحول للشوکانى 2/139
([161]) أبو العباس شهاب الدین أحمد بن إدریس بن عبد الرحمن القرافى ، برع فی شتى العلوم ، له مصنفات کثیرة منها : " شرح تنقیح الفصول " و " نفائس الأصول " فی أصول الفقه و " الذخیرة " فی الفقه – توفى سنة 648هـ - ینظر : هدیة العارفین 1/99 – الأعلام للزرکلى 1/94.
([164]) ینظر : المعالم فی أصول الفقه للرازى صــت167- المحصول للرازى 5/207- الحاصل من المحصول 2/896- شرح المنهاج للأصفهانى 2/298- البحر المحیط للزرکشى 5/443- المسودة لآل تیمیة صـــ406- تحقیق / محمد محى الدین عبد الحمید – طبعة دار الکتاب العربى - نشر البنود 2/201.
([167]) ینظر : المحصول للرازى 5/210- الإحکام للآمدى 3/300- شرح مختصر الروضة للطوفى 3/413- تحقیق / عبد الله بن عبد المحسن الترکى – طبعة مؤسسة الرسالة 1407هـ - 1987م.
([170]) ینظر : المحصول للرازى 5/208- الإحکام فی أصول الأحکام للآمدى 3/299 – بیان المختصر 3/136 تحقیق / محمد مظهر بقا – طبعة دار المدنى – السعودیة - نشر البنود 2/201.
([175]) ینظر : مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/246 – غایة الوصول شرح لب الأصول صـ126- نشر البنود 2/201 – البحر المحیط للزرکشى 5/243.
([180]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 5/113- البنایة فی شرح الهدایة 1/319- الشرح الکبیر للشیخ الدردیر1/52- المجموع شرح المهذب للنووى 2/574- الروض المربع شرح زاد المستقنع 1/164.
([181]) ینظر بدائع الصنائع للکاسانى 5/113- 114- حاشیة ابن عابدین 1/315- الشرح الصغیر للشیخ الدردیر مع حاشیة الدسوقى 1/52.
([182]) ینظر :المغنى لابن قدامة 9/173- کشاف القناع 1/187- نهایة المحتاج للرملى 1/230- مغنى المحتاج 1/128 – الروض المربع شرح زاد المستقنع 1/467.
([184]) ینظر : سنن أبى داود 3/326- کتاب الأشربة – باب ما جاء فی الخمر تخلل – مسند الإمام أحمد 1/226- حدیث رقم 12189.
([186]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 5/114- حاشیة الدسوقى على الشرح الکبیر1/52- المجموع شرح المهذب للنووى 2/581.
([188]) ینظر :رد المحتار على الدر المختار 1/341- الفروق للقرافى 2/85- شرح الخرش على مختصر خلیل 1/181- البیان فی مذهب الإمام الشافعى 1/82.
([194]) ینظر : صحیح مسلم 1/236- کتاب الطهارة – باب النهى عن الاغتسال فی الماء الراکد – حدیث رقم 283.
([196]) أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العنقى ، المصرى – ولد سنة 132هـ - من مصنفاته : " المدونة " – توفى سنة 191هـ- ینظر : طبقات الفقهاء للشیرازى صــ150- الدیباج المذهب 1/465
([199]) ینظر : الروض المربع صــ12 – المغنى لابن قدامة 1/35- المستوعب للسامرى 1/48- کشاف القناع عن متن الإقناع 1/30- المقنع مع الشرح الکبیر 1/77.
([200]) ینظر : البنایة شرح الهدایة للعینى1/366- 367- طبعة دار الکتب العلمیة – بیروت – لبنان 1420هـ- 2000م - الدر المختار صـــ31- الشرح الصغیر/ للشیخ الدردیر 1/40.
([202]) ینظر : سنن الدار قطنى 1/50- کتاب الطهارة – باب الماء المسخن – حدیث رقم 86 – وقال عنه " حدیث غریب جداً"- السنن الکبرى للبیهقى 1/ 11 – کتاب الطهارة – باب کراهیة التطهر بالماء المشمس – حدیث رقم 14- وقال عنه " وهذا لا یصح ".
([203]) ینظر : المغنى لابن قدامة 1/28 - الانصاف فى معرفة الراجح من الخلاف للمرداوى 1/24- طبعة دار إحیاء التراث العربى – الطبعة الأولى.
([206]) ینظر : الهدایة فی شرح بدایة المبتدى للمیرغینانى 1/31- حاشیة ابن عابدین 1/116 – البحر الرائق شرح کنز الدقائق لابن نجیم 1/211- طبعة دار الکتاب الإسلامى – الطبعة الثانیة - الشرح الصغیر/ للشیخ الدردیر 1/222- المهذب فی فقه الإمام الشافعى للشیرازى 1/32- روضة الطالبین للنووى 1/190- المغنى لابن قدامة 1/202- المحرر فی الفقه على مذهب الإمام أحمد 1/16
([208]) الحدیث رواه الحاکم فی المستدرک وقال عنه " حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه " ینظر : المستدرک على الصحیحین للحاکم النیسابورى 3/552- کتاب معرفة الصحابة – باب ذکر مناقب حکیم بن حزام.
([209]) الحدیث أخرجه الدار قطنى عن أبى بکر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبیه عن جده – ینظر : سنن الدار قطنى 1/220- کتاب الطهارة – باب فی النهى للجنب والحائض عن قراءة القرآن.
([211]) الضحاک بن مزاحم الهلالى ،أصله من بلخ ، یعد من الطبقة الخامسة من طبقات رواة الحدیث النبوى التى تضم صغار التابعین – توفى سنة 106هـ - ینظر : سیر أعلام النبلاء للذهبى 4/599.
([212]) أبو محمد الحکم بن عیینه ، عالم الکوفة ، حدث عن شریح القاضى ، وعبد الرحمن بن أبى لیلى ، وإبراهیم النخعى ، وسعد بن جبیر ، وغیرهم – توفى سنة 115هـ - ینظر : سیر أعلام النبلاء 5/208.
([218]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 1/37- حاشیة الدسوقى 1/126- شرح مختصر المزنى 1/145- کشاف القناع عن متن الاقناع 1/135- 136.
([219]) أبو زکریا : یحى بن أبى یحى بن شرف بن حسین النووى – ولد سنة 631هـ، له مصنفات کثیرة منها : " المنهاج فی شرح صحیح مسلم " و " ریاض الصالحین " فی الحدیث و " روضة الطالبین " و " منهاج الطالبین " فی الفقه ، وغیرها کثیر – ینظر : الأعلام للزرکلى 1/149.
([221]) أبو الولید : سلیمان بن خلف بن سعد بن أیوب النجیبى ، فقیه ، مالکى ، محدث ، ولد سنة 403هـ- له مؤلفات کثیرة منها : " المنتقى فی شرح الموطأ " و " السراج فی علم الحجاج " و " الحدود " فی أصول الفقه و " الاشارة " فی أصول الفقه ، وغیرها کثیر – توفى سنة 474هـ- ینظر : سیر أعلام النبلاء 18/535.
([223]) ینظر : صحیح البخارى – کتاب الجهاد والسیر – باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو- حدیث رقم (828).
([224]) محمد بن الحسن بن فرقد الشیبانى ، ولد سنة 131هـ- وتوفى سنة 89هـ - ینظر : شذرات الذهب 1/315- 317- الأعلام 6/80.
([228]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 1/19- الجامع لمسائل المدونة 1/107- مغنى المحتاج 1/140- المغنى لابن قدامة 1/111.
([229]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 1/19- الشرح الکبیر للدردیر 1/115- 116- مغنى المحتاج 1/40- الانصاف فى معرفة الراجح من الخلاف 1/113.
([230]) أبو بکر محمد بن إبراهیم بن المنذر النیسابورى ، ولد سنة 241هـ- له مصنفات کثیرة منها : " تفسیر ابن المنذر " و " الأوسط فی السنن " و " الاجماع " وغیرها کثیر- توفى سنة 318هـ- ینظر : طبقات الشافعیة للسبکى 2/126- کتاب تهذیب الأسماء واللغات للنووى 2/197.
([232]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 1/71- الکافى فی فقه أهل المدینة 1/156- منهاج الطالبین للنووى 1/9- الروض المربع صـ9- 10.
([235]) ینظر : سنن أبى داود 1/49- کتاب الطهارة – باب فی بئر بضاعة – والحدیث صححه الألبانى فی مشکاة المصابیح – ینظر المشکاة للألبانى صــ478.
([239]) ینظر : الحاوى الکبیر للماوردى 1/325- تحقیق الشیخ /على معوض ، الشیخ / عادل أحمد عبد الموجود – طبعة دار الکتب العلمیة – بیروت – لبنان 1419هـ- 1999م- المبدع لابن مفلح 1/41- طبعة دار الکتب العلمیة – بیروت – الطبعة الأولى 1418هـ1997م - الإقناع لطالب الانتفاع 1/13.
([241]) ینظر : شرح الخرش على مختصر خلیل 1/79- 80- الفواکه الدوانى للنفراوى – طبعة دار الفکر 1415هـ - 1995م - 1/125- منح الجلیل للحطاب 1/42- 43.
([242]) ینظر : حاشیة الدسوقى على الشرح الکبیر 1/46 – 47- شرح الزرقانى على مختصر خلیل 1/121- - شرح الخرش 1/80- 81.
([243]) ینظر : الحاوى الکبیر 1/339- البیان فى مذهب الإمام الشافعى 1/35- المجموع للنووى 1/83- وما بعدها – المهذب للشیرازى 1/7- منهاج الطالبین 1/3- مغنى المحتاج 1/22- 23- الحاوى 1/339.
([244]) ینظر : الروض المربع صــ12- کشاف القناع 1/38- المغنى لابن قدامة 1/52- الکافى 1/10- الانصاف 1/66.
([246]) ینظر : الأم للشافعى 1/37- المجموع للنووى 2/218- الأوسط لابن المنذر1/479- تحقیق / صغیر بن أحمد بن محمد – طبعة دار طیبة – الریاض – الطبعة الأ؟ولى 1405هـ1985م - المحلى لابن =حزم1/113- الکافى لابن عبد البر 1/159- 160- الإقناع لطالب الانتفاع 1/29- المبدع شرح المقنع 1/70- المحرر فی الفقه على مذهب الإمام أحمد 1/10.
([248]) ینظر : المجموع للنووى 2/213- المغنى لابن قدامة 1/116صحیح البخارى 1/43- کتاب الوضوء – باب لا یستنجى بروث – حدیث رقم (59).
([255]) الحدیث أخرجه أبو داود ، وابن ماجه عن العرباض بن ساریة – ینظر : سنن أبى داود 4/200- کتاب السنة – باب فی لزوم السنة – حدیث رقم 4607- سنن ابن ماجه 1/15- باب اتباع سنة الخلفاء الراشدین المهدیین.
([256]) یحى بن أبى الخیر بن سالم بن أسعد بن عبد الله العمرانى ، ولد سنة 489هـ- له مؤلفات کثیرة منها : " البیان " فی فقه الشافعیة و" مختصر إحیاء علوم الدین " و " غرائب الوسیط " – توفى سنة 558هـ- ینظر : طبقات الشافعیة للسبکى 7/336- 338- طبقات الشافعیة لابن قاضى شهبة 1/327- 328.
([258]) ینظر : صحیح البخارى 1/170- 171- کتاب الأذان – باب ما جاء فی الثوم والبصل والکرات – حدیث رقم 855.
([259]) ینظر : رد المختار على الدر المختار 1/661- التاج والإکلیل لمختصر خلیل 2/558- 559- المجموع للنووى 2/147- کشاف القناع 1/497.
([260]) ینظر : المبسوط للسرخسى 2/28- الفواکه الدوانى 1/263- الأم للشافعى 1/233- شرح منتهى الإرادات للبهوتى 1/322.
([263]) ینظر : صحیح البخارى 2/12- کتاب الجمعة – باب إذا رأى الإمام رجلاً جاء وهو یخطب أمره أن یصلى رکعتین – حدیث رقم (930).
([267]) ینظر : صحیح مسلم 1/393- کتاب المساجد ومواضع الصلاة – باب کراهة الصلاة بحضرة الطعام – حدیث رقم (560).
([270]) ینظر : صحیح البخارى 3/34- کتاب الصوم – باب لم یعب أصحاب النبى – صلى الله علیه وسلم – بعضهم بعضاً فی الصوم والإفطار – حدیث رقم 1947.
([271]) ینظر : صحیح البخارى 7/103- کتاب الأضاحى – باب ما یؤکل من لحوم الأضاحى وما یتزود منها – حدیث رقم 5569.
([274]) الحدیث رواه أبو داود ، وابن ماجه ، وأحمد ، عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه- ینظر : سنن أبى داود 4/119- 120- کتاب الحدود – باب المجنون یسرق أو یصیب حداً – سنن ابن ماجه 10/658- 659- کتاب الطلاق باب طلاق المعتوه ، والصغیر ، والنائم – حدیث رقم 2041- مسند الإمام أحمد 2/161- حدیث رقم 1360.
([278]) ینظر : سنن أبى داود 2/283- کتاب الطلاق – باب من أحق بالولد – حدیث رقم 2276- المستدرک على الصحیحین للحاکم 2/225- کتاب الطلاق حدیث رقم 2830- وقال عنه " حدیث صحیح الإسناد ولم یخرجاه ".
([279]) ینظر : المجموع للنووى 18/239- نهایة المطلب فی درایة المذهب 15/543- شرح منتهى الإرادات 3/148 - إعلام الموقعین عن رب العالمین 6/484.
([280]) ینظر : بدائع الصنائع للکاسانى 3/62- الجامع لمسائل المدونة 6/399- مغنى المحتاج 6/207- 208- الکافى فی فقه الإمام أحمد 4/199.
([282]) أبو عبد الله شمس الدین محمد بن أبى بکر بن أیوب بن سعد الشهیر بابن قیم الجوزیة ، ولد سنة 691هـ- له مؤلفات کثیرة منها : " الصواعق المرسلة " و " زاد المعاد " و " مدارج السالکین " و " الکافیة الشافیة فی النحو " وغیرها کثیر – توفى سنة 571- هـ- ینظر : ذیل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/447- معجم المؤلفین 3/164.