المساهمين
المؤلف
قسم الفقه، کلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر بأسيوط، أسيوط، مصر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعینه ونستهدیه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسیئات أعمالنا، إنه من یهده الله فلا مضل له، ومن یضلل فلا هادی له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد ،،،
حث الإسلام على المحافظة على النفس البشریة ، وحرم إلحاق الأذى والضرر بها أو بأی جزء من أجزائها سواء بإتلافه أو إتلاف منافعه أو تعطیلها قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبِّ الْمُعْتَدِینَ ﴾([1]) وذلک لأن کل جزء من أجزائها له منفعة خاصة، والاعتداء علیه یحرم الإنسان منها؛ ولذلک کان الاعتداء علیها أو على أی جزء منها جریمة محرمة تستوجب العقوبة، وقد وضع الإسلام عقوبة رادعة وزاجرة لکل من تسول له نفسه ارتکابها قال تعالى ﴿ وَکَتَبْنَا عَلَیْهِمْ فِیهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾([2])
ولما کانت حرمة طرف الإنسان کحرمة نفسه، ولما کان کثیر من الناس یجهلون ذلک کما یجهلون عقوبتها بل إن کثیرا ممن یجهلون ذلک لو ضرب أو أهین أو اعتدى على عضو من أعضائه یعاقب الجانی بإزهاق روحه على الفور، ولما لم أجد من أفرد هذا الموضوع ببحث مستقل أردت أن أسهم فی الفقه الجنائی الإسلامی ولو بشیء متواضع فقمت بإعداد هذا البحث ووسمته بـ" المدة التی یقتص فیها من الجانی فی الجنایة على ما دون النفس فی الفقه الإسلامی" وقد اتبعت فیه المنهج العلمی الاستقرائی والاستنباطی متبعا الخطوات الآتیة:
*قمت بتصویر المسألة المراد بحثها تصویراً دقیقاً إذا کانت تحتاج لذلک لیتضح المقصود منها.
*إذا کانت المسألة محل اتفاق ذکرت حمکها مع الدلیل وتوثیق الاتفاق من مظانه.
*إذا کانت المسألة المراد بحثها من المسائل المختلف فیها قمت بتحریر محل الخلاف - ما أمکن– إذا کان بعض صور المسألة محل خلاف وبعضها محل اتفاق.
*قمت بذکر أراء الفقهاء فی المسألة، مع بیان من قال بها من أهل العلم- ما أمکن ذلک- مع عرض الاختلاف حسب الاتجاهات الفقهیة.
*اقتصرت على المذاهب الفقهیة المعتبرة مع العنایة بذکر ما تیسر الوقوف علیه من أقوال السلف.
* وثقت الأقوال من کتب أهل المذهب نفسه، معتمدا على أمهات المصادر والمراجع الأصلیة فی التحریر والتوثیق والتخریج والجمع.
*سلکت مسلک التخریج فی المسألة التی لم أقف علیها فی مذهب ما.
*استقصیت أدلة الأقوال، مع بیان وجه الدلالة، وذکر ما یرد علیها من مناقشات وما یجاب به عن هذه المناقشات ما أمکن ذلک وذکرت الرأی الراجح مع بیان السبب.
*عزوت الآیات القرآنیة إلى سورها، وخرجت الأحادیث، وبینت ما ذکره أهل الشأن فی درجتها إن لم تکن فی الصحیحین أو أحدهما، وإلا اکتفیت بتخریجها منهما أو من أحدهما کما خرجت الآثار من مصادرها الأصلیة، وحکمت علیها..
* استخدمت بعض الرموز للاختصار، ک کتاب، ب باب، ح حدیث، تح تحقیق، ط طبعة، م میلادیة، هـ هجریة، د.دکتور، أد.الأستاذ الدکتور، ش.شیخ.
*ذکرت خاتمة البحث مدونا فیها أهم ما توصلت إلیه من نتائج.
أما عن خطة البحث فقد قسمته إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة.
أما المقدمة : فذکرت فیها أهمیة الموضوع وسبب اختیاری له والمنهج الذی اتبعته فی کتابته وخطة البحث.
المبحث الأول: التعریف بمصطلحات العنوان
المبحث الثانی: حکم الجنایة على ما دون النفس وأقسامها وعقوبتها وفیه ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول:حکم الجنایة على ما دون النفس
المطلب الثانی:أقسام الجنایة على ما دون النفس
المطلب الثالث:عقوبة الجنایة على ما دون النفس
المبحث الثالث:مقدار مدة استیفاء القصاص من الجانی وطلب المجنی علیه القود قبل انقضائها وفیه ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول:الفوریة والتراخی فی استیفاء القصاص فیما دون النفس.
المطلب الثانی: المدة التی تنتظر حتى یقتص من الجانی.
المطلب الثالث: طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل البرء.
الخاتمة تناولت أهم النتائج.
المبحث الأول
التعریف بمصطلحات العنوان
اشتمل العنوان على عدة کلمات سأقوم ببیان معناها فی اللغة والاصطلاح.
أولا: المدة :
المدة فی اللغة تطلق على عدة معان منها: الغایة من الزمن، والزمان المطلق الذی لا تعده حرکة([3]) والبرهة من الزمان([4])
قال صاحب کتاب العین: "والمدة الغایة، وتقول: هذه مدة عن غیبته، وله مُدَّة: أی غایة فی بقاء عیشه، ومد الله عمرک أی جعل لعمرک مدةً طویلة"([5])
وقال صاحب لسان العرب: والمُدَّة: الغایة من الزمان والمکان، ویقال: لهذه الأمة مُدَّة أی غایة فی بقائها، ویقال: مدَّ الله فی عمرک أی جعل لعمرک مدة طویلة، ومُدَّة فی عمره: نُسِىءَ، ومدّ النهار: ارتفاعه"([6])
وقال صاحب تاج العروس: "والمدة، بالضم: الغایة من الزمان والمکان، ویقال: لهذه الأمة مُدَّة أی غایة فی بقائها، والمدة: البرهة من الدهر، وفی الحدیث" المدَّة التی مادَّ فیها أبا سفیان"([7])
قال ابن الأثیر:" المدة طائفة من الزمان تقع على القلیل والکثیر، ومادَّ فیها أی أطالها"([8])
وقال صاحب المصباح: "والمدة البرهة من الزمان تقع على القلیل والکثیر، والجمع مدد مثل غرفة وغرف"([9])
وقال صاحب الکلیات: "المدة هی حرکة الفلک من مبدئها إلى منتهاها، سمیت المدة مُدَّة؛ لأنها تمتد بحسب تلاحق أجزائها وتعاقب أبعادها"([10])
وجاء فی المعجم الوسیط: " المدة: مقدار من الزمان یقع على القلیل والکثیر، یقال أقمت عنده مدة مدیدة، أی وقتاً طویلا"([11])
مما سبق من النقول یمکن القول: إن المدة هی مقدار من الزمان یقع على القلیل والکثیر.
المدة فی الاصطلاح لا یخرج معناها عن المعنى اللغوی :
ثانیا:القصاص :
القصاص لغة: یطلق القصاص على عدة معان منها:-
القود، یقال قتله قودا أی قصاصا.
تتبع الأثر، یقال: قص أثره أی تتبع أثره ومنه قوله تعالى: ﴿ وَقَالَـتْ لِأُخْتِـهِ قُصِّیـهِ ﴾([12]) أی تتبعی أثره ، وقوله تعالى:﴿ فَارْتَـدَّا عَلـَى آثَارِهِمَـا
قَصَصًا ﴾([13]) أی متتبعین أثارهما.
ثم غلب استعماله فی قتل القاتل وجُرح الجارح، وقطع القاطع([14]). وسمی القصاص قصاصا؛لأن المقتص یتبع جنایة الجانی فیأخذ مثلها([15])
القصاص اصطلاحا: هو فعل مجنی علیه أو ولیه بجان عامد مثل ما فعل أو شبهه([16])
أو هو: أن یفعل بالجانی مثل ما جنى مع الإمکان ([17])
ثالثا: الجنایة
الجنایة لغة:
تطلق على الذنب والجُرم، یقال: جنى على نفسه جنایة أی جر على نفسه جریرة، کما تطلق على ما یفعله الإنسان مما یوجب علیه العقاب أو القصاص فی الدنیا والآخرة([18]).
الجنایة اصطلاحا:
هی: اسم لفعل محرم سواء حل بمال أو نفس([19]).
أو هی: کل فعل وقع على وجه التعدی سواء کان فی النفس أو المال([20]).
أو هی: التعدی على البدن بما یوجب قصاصا أو مالا([21]).
أو هی: إتلاف مکلف غیر حربی نفس إنسان معصوم أو عضوه أو اتصالا بجسمه أو معنى قائما به أو جنینه عمدا أو خطأ بتحقیق أو تهمة([22]).
وبالنظر فی هذه التعریفات نجد أن أولاها بالقبول هو التعریف الأخیر؛ لأنه اشتمل على أرکان الجنایة وشروطها، وإن کان یؤخذ علیه أنه لم یشتمل على الجنایة القولیة الموجبة للحد أو التعزیر کالقذف والسباب والردة القولیة، کما یؤخذ علیه زیادة لفظ"غیر حربی" الذی أخرج الحربی، إذ یخرج الحربی بقوله"معصوم".
أما التعریفان الأول والثانی فغیر جامعین؛ لأنهما لم یشتملا على الجنایة القولیة کالقذف والسباب والردة القولیة ونحو ذلک.
وکذلک التعریف الثالث غیر جامع؛ لعدم اشتماله على الجنایات الموجبة للحد أو التعزیر، کما أنه لم یشتمل على الجنایة على المال.
رابعا:"ما دون النفس"
ما دون النفس" عند علماء اللغة:
مرکب من ثلاث کلمات "ما", "دون", "النفس" أما "ما" فهی اسم موصول بمعنى الذی أو التی. وأما "دون" فتأتی بعدة معان منها:
قال بعض النحویین: " لدون تسعة معان: تکون بمعنى قبل, وبمعنى أمام, وبمعنى وراء, وبمعنى تحت, وبمعنى فوق, وبمعنى الساقط من الناس وغیرهم, وبمعنى الشریف, وتکون بمعنى الأمر, وبمعنى الوعید, وبمعنى الإغراء. فأما" ما دون" بمعنى قبل فکقولک: "دون النهر قتال"، "ودون قتل الأسد أهوال" أی قبل أن تصل إلى ذلک, ودون بمعنى وراء کقولک "هذا أمیر على ما دون کذا" أی على ما وراءه, والوعید کقولک "دونک صرعى", "ودونک فتمرس بی", وفی الأمر دونک الدرهم أی خذه, وفی الإغراء "دونک زید" أی ألزم زیدا فی حفظه, ودون بمعنى تحت کقولک "دون قدمک خدّ عدوک" أی تحت قدمک، ودون بمعنى فوق کقولک"إن فلانا لشریف" فیجیب آخر فیقول: ودون ذلک أی فوق ذلک"
ولعل المراد من هذه المعانی أنها بمعنى (سوى) أی ما سوى النفس، أو بمعنى أقل أو أنقص أی ما أقل من النفس أو ما أنقص من النفس.
وأما النفس: فهی الروح الذی به حیاة الجسد, وکل إنسان نفس, ومن ذلک قوله تعالى: ]خَلَقَکُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ[([24])
فالمراد بما دون النفس:ما سوى النفس من أطراف أو أعضاء أو منافع .
والمراد بالجنایة على ما دون النفس عند الفقهاء:
الجُرْح أو إبانة الأطراف أو ما یجری مجراها أو إذهاب منافعها أو معانیها فقد جاء فی بدائع الصنائع: " فالجنایة على ما دون النفس مطلقا أنواع أربعة:- أحدها: إبانة الأطراف، وما یجری مجرى الأطراف، والثانی: إذهاب معانی الأطراف مع إبقاء أعیانها، والثالث: الشجاج، والرابع: الجِراح"([25])
وجاء فی رد المحتار على الدر المختار:" المراد بالطرف ما دون النفس فیشمل السن والعین والأنف ونحوها"([26])
وجاء فی التلقین:" وأما ما دون النفس فضربان: قطع وجُرح فالقطع معروف وهو إزالة عضواً وبعضه والجِراح ضربان: ضرب فیه القصاص وضرب لا قصاص" ([27])
وجاء فی جامع الأمهات: " وأما ما دون النفس فإبانة طرف وکسر وجُرح ومنفعة"([28])
وجاء فی اللباب: " والجنایة على مادون النفس ضربان:- أحدهما: طرف یُقطع وفیه القصاص.والثانی: جُرح یُشقّ، وهو على ضربین:- أحدهما: فیه القصاص، مثل الموضحة فی الرأس والوجه، وهل الموضحة فی سائر الأعضاء مثل الموضحة فی الرأس والوجه؟ على وجهین. والثانی: ما سوى ذلک من الجراحات فلا قصاص فیه" ([29])
وجاء فی المبدع: " باب ما یوجب القصاص فیما دون النفس وهو نوعان:- أحدهما: فی الأطراف فتؤخذ العین بالعین، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن ..... النوع الثانی: الجروح فیجب القصاص فی کل جرح ینتهی إلى عظم کالموضحة وجرح العضد، والساعد، والفخذ، والساق، والقدم ولا یجب فی غیر ذلک من الشجاج، والجروح "([30])
فالمراد بالجنایة على ما دون النفس:
إبانة طرف وکسر وجُرح وإتلاف أو تعطیل منفعة([31])
أو کل فعل محرم وقع على الأطراف أو الأعضاء سواء أکان بالقطع أو الجُرح أو إزالة المنافع([32])
أو کل أذى یقع على جسم الإنسان من غیره فلا یودی بحیاته([33])
المبحث الثانی
حکم الجنایة على ما دون النفس وأقسامها وعقوبتها
ویشتمل على ثلاثة مطالب :
المطلب الأول:حکم الجنایة على ما دون النفس
المطلب الثانی:أقسام الجنایة على ما دون النفس
المطلب الثالث:عقوبة الجنایة على ما دون النفس
المطلب الأول
حکم الجنایة على ما دون النفس
حث الإسلام على المحافظة على النفس البشریة، وحرم إلحاق الأذى والضرر بها أو بأی جزء من أجزائها سواء بإتلافه أو إتلاف منافعه أو تعطیلها؛ لأن کل جزء من أجزائها له منفعة خاصة، والاعتداء علیه یحرم الإنسان منها؛ ولذلک کان الاعتداء علیها أو على أی جزء منها جریمة محرمة تستوجب العقوبة، وقد وضع الإسلام عقوبة رادعة وزاجرة لکل من تسول له نفسه ارتکابها.
ویدل على تحریمها أدلة کثیرة منها:
الدلیل الأول: قال تعالى: ﴿ وَکَتَبْنَا عَلَیْهِمْ فِیهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾([34])
وجه الاستدلال: أن الشرع إذا أوجب عقوبة على الفعل کان حراما- ما لم یرد ما یصرفه من الحرمة إلى غیرها- وقد أوجب الشرع القصاص فی الجروح وقطع الأطراف وإتلاف الأعضاء أو منافعها فدل على حرمتها([35]).
الدلیل الثانی: قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبِّ الْمُعْتَدِینَ ﴾([36])
وجه الاستدلال: تدل الآیة على أن الله تعالى حرم الاعتداء بکل صوره سواء کان إزهاقا للروح أو قطعا للأطراف أو إتلافا للمنافع أو ضربا أو لطما أو تجاوزا فی استیفاء الحق أو شتما أو غیبة أو نمیمة ....إلى آخره.
الدلیل الثالث: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِیتَاء ذِی الْقُرْبَى وَیَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنکَرِ وَالْبَغْیِ﴾([37])
وجه الاستدلال: تدل الآیة على أن الله – تعالى- نهى عن البغی وهو العدوان على الناس([38]) بکل صوره من قتل أو قطع أ جرح أو سباب ... إلى آخره، والنهی یقتضی حرمة المنهی عنه.
الدلیل الرابع: عن أبی هریرة t قال: قال رسول الله r:" لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا یبع بعضکم على بیع بعض وکونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا یظلمه ولا یخذله ولا یحقره التقوى ههنا ویشیر إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن یحقر أخاه المسلم کل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"([39])
وجه الاستدلال: یدل هذا الحدیث على حرمة الاعتداء من وجهین:-
الأول: أنهr حرم ظلم المسلم من الظلم الاعتداء علیه بقطع أطرافه أو إبانتها أو جرحه فی أی موضع من جسده أو یعطل منافع أعضائه.
قال نجم الدین الطوفی:" لا یظلمه: لا یدخل علیه ضررا بغیر إذن شرعی، لأن ذلک حرام ینافی أخوة الإسلام، بل الظلم حرام حتى للکافر فالمسلم أولى، فالظلم یکون فی النفس والدین والمال والعرض ونحو ذلک، وکله حرام منهی عنه"([40])
والثانی: أن قوله r:" کل المسلم على المسلم حرام" صریح فی تحریم الاعتداء على المسلم سواء کان الاعتداء على نفسه أو ما دونها ؛ لأن قوله"ودمه" معناه إراقة دمه([41]) وهی تکون بإزهاق روحه أو قطع طرفه أو جرحه.
جاء فی فتح القوی المتین فی شرح الأربعین:" قوله:(کلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) یحرم الاعتداء على النفس بالقتل أو ما دونه"([42])
الدلیل الخامس: ما روی عن جابرt أن رجلا مرّ فی المسجد بأسهم قد بدا نصولها فأمر أن یأخذ بنصولها لا یخدش مسلما"([43])
وجه الاستدلال: یدل الحدیث على حرمة تعاطی الأشیاء المفضیة إلى أذیة المسلم بکل وجه حتى وإن کان خدشا(أول الجرح) ([44]) فإذا حرم ما هو أقل حرم ما هو أکبر فیحرم القطع والشج والجرح.
الدلیل السادس: ما روی عن أبی هریرة t قال: قال أبو القاسم r:"من أشار إلى أخیه بحدیدة فإن الملائکة تلعنه وإن کان أخاه لأبیه وأمه"([45])
وجه الاستدلال: الحدیث فیه تأکید حرمة المسلم والنهی الشدید عن ترویعه وتخویفه والتعرض له بما قد یؤذیه([46]) ولما کانت الأطراف والمنافع أجزاء من النفس والجزء یعطى حکم الکل فکل اعتداء على جزء من النفس محرم کحرمة الاعتداء على النفس وإن کان إزهاق الروح أشد حرمة.
الدلیل السابع: الأصل تحریم سائر أنواع الضرر إلا بدلیل، وتزداد حرمته کلما زادت شدته([47]) ولا شک أن قطع الأطراف أو الأعضاء أو إذهاب منافعها ضرر فتکون حراما.
المطلب الثانی
أقسام الجنایة على ما دون النفس
تنقسم الجنایة على ما دون النفس باعتبار نتیجة فعل الجانی وباعتبار قصده
أولا: أقسام الجنایة على ما دون النفس باعتبار فعل الجانی.
تنقسم الجنایة على ما دون النفس باعتبار فعل الجانی إلى أربعة أقسام:-
القسم الأول: إبانة الأطراف[الیدین والرجلین] وما یلحق بها أو یجری مجراها کالإصبع والظفر والعین والأذن والأنف والشفة والسن والشعر والجفن والذکر والأنثیین ونحوها([48])
والقسم الثانی: إذهاب معانی الأعضاء أو تعطیل منافعها مع بقاء عینها کذهاب السمع مع بقاء الأذن، والبصر مع بقاء العین، وهکذا.....([49])
والقســم الثالــث: الشجــاج وهی جراحـات الـرأس والوجـه خاصــة کالحارصــة ([50]) والدامعــة ([51]) والدامیــة ([52]) والباضعـة ([53])
والمتلاحمة([54]) والسمحاق([55]) والموضحة([56]) والهاشمة([57]) والمنقلة([58]) والآمة([59]) والدامغة([60]).
والقسم الرابع: الجراح وهی ما کان فی سائر البدن عدا الرأس والوجه وهی نوعان:-جائفة([61]) وغیر جائفة([62]).
ثانیا: أقسام الجنایة على ما دون النفس باعتبار قصد الجانی
اختلف الفقهاء فی تقسیم الجنایة على ما دون النفس باعتبار قصد الجانی إلى قولین:-
القول الأول: الجنایة على ما دون النفس تنقسم إلى عمدوخطأفقط، وإلى هذا ذهب الحنفیة والمالکیة فی المعتمد([63]).
ووجه ذلک: أن شبه العمد هو الضرب بما لیس بسلاح أو ما فی حکمه فوجوده یعتمد على آلة الضرب، وإتلاف ما دون النفس ینظر فیه إلى النتیجة الحاصلة وهو حدوث الإتلاف أو قصد الاعتداء فلا یختلف حکمه باختلاف الآلة فتستوی فی دلالتها على قصد الفعل([64])
القول الثانی: تنقسم الجنایة على ما دون النفس إلى عمد وخطأ وشبه عمد، وإلى هذا ذهب المالکیة فی مقابل المعتمدوالشافعیة والحنابلة([65])
ووجه ذلک: أن شبه العمد أن یقصد ضربه بما لا یفضی إلى القصاص غالبا مثل أن یضربه بحصاة لا یوضح مثلها فتوضحه([66])
ولعل الراجح من القولین هو القول الثانی؛ إذ قد یکون الضرب بما لیس بسلاح ولکن نتیجته تفضی إلى حدوث شجاج أو جراح فمثلا لو ضربه بحجر أو حصاة أو خشبة لا یوضح مثلها فتوضحه والله أعلم.
المطلب الثالث
عقوبة الجنایة على ما دون النفس
تختلف عقوبة الجنایة على ما دون النفس باختلاف کونها عمدا أو خطأ، فإذا کانت عمدا کان موجبها القصاص([67]) إذا توفرت فیه الشروط التی یأتی ذکرها، وإذا کانت خطأ کان موجبها الدیة أو الأرش أو حکومة عدل حسب الأحوال.
ویشترط لوجوب القصاص فیما دون النفس شروط منها:-
الشرط الأول: أن یکون الجانی مکلفا فلا قصاص على صبی أو مجنون.
الشرط الثانی: أن یکون مختارا، فإن أکره على قطع أو جَرح لا یسعه أن یفعل ولو أدى إلى قتله؛ لأن هذا الفعل یتعلق به حق لمخلوق([68]) قال صاحب ذخیرة العقبى:"أجمع العلماء على أن من أُکره على قتل غیره أنه لا یجوز له الإقدام على قتله، ولا انتهاک حرمته بجَلد، أو غیره، ویَصبر على البلاء الذی نزل به"([69]) فإن فعل فهل یقتص من المکرِه(بالکسر) أو المکرَه(بالفتح) أو یقتص منهما جمیعا؟
اختلف الفقهاء فی ذلک
القول الأول: یقتص من المکره(بالکسر) , وإلى هذا ذهب الحنفیة فی قول والشافعیة فی مقابل الأظهر([70]).
واستدلوا على ذلک بالآتی:-
1- ما روی عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِی الْخَطَأَ، وَالنِّسْیَانَ، وَمَا اسْتُکْرِهُوا عَلَیْهِ"([71])
وجه الاستدلال: یدل الحدیث على أن من صدر منه ذنب بالقهر والإجبار علیه فمن أکره على قطع غیره أو جرحه لا إثم علیه؛ لأنه مقهور.
2- أن المکره اعتاد فعل ما یحصل بالإکراه لو خولف، وأن المکره(بالفتح) کالآلة للمکره(بالکسر) فصار کما لو ضربه به([72])
القول الثانی: یقتص منهما جمیعا وإلى هذا ذهب المالکیة والشافعیة فی الأظهر والحنابلة([73]).
واستدلوا على ذلک بالآتی:-
1- أن المکرِه متسبب والمکرَه مباشر ، وإذا اجتمعت المباشرة والسبب فالقصاص على کل من المباشر والمتسبب ولا یختص بواحد منهما([74]).
2- یقتص من المکرِه؛ لأنه اعتاد فعل ما یحصل به الإکراه لو خولف، ویقتص من المکرَه ؛ لإیثاره نفسه بالبقاء([75])
القول الثالث: یقتص من المکره (بالفتح) ولا یقتص من المکره (بالکسر) وإلى هذا ذهب الحنفیة فی القول الآخر والشافعیة فی قول([76]).
واستدلوا على ذلک بأن المکرَه باشر القطع أو الجرح آثما غیر معذور ، والمباشرة تغلب السبب([77])
3- والراجح- والله أعلم- أن المکرَه إن کان لا یخشى من المکرِه وکان المکره به إزهاق روح أو هتک عرض فیرتکب أخف الضررین وهو القطع أو الجرح؛ لأن الإکراه یسلب الإنسان حریته واختیاره فیجب القصاص من المکرِه؛ إذ لولاه ما ارتکب المکرَه الجنایة.
الشرط الثالث: أن یکون متعمدا،
الشرط الرابع: أن لا یکون المجنی علیه جزء الجانی
الشرط الخامس: أن یکون المجنی علیه مکافئا للجانی واختلفوا فی المکافأة([78])
الشرط السادس: أن یکون الجانی معصوما إلى حین الإصابة بإیمان أو أمان.
الشرط السابع: أن یکون القصاص ممکنا دون حیف ویتحقق ذلک بأن یکون القطع من مفصل أو ینتهی إلى حد کمارن الأنف، فلا قصاص فی جائفة ولا فی کسر عظم.
الشرط الثامن: أن تتحقق الماثلة فی المحل والمنفعة، فلا تؤخذ الید إلا بالید، ولا تؤخذ الیمنى إلا بالیمنى([79])
فإذا توفرت شروط القصاص السابقة وطلب المستحق القصاص وجب على ولی الأمر استیفائه من الجانی، ویدل على وجوبه الکتاب والسنة والإجماع والمعقول .
أولا: یدل على وجوب القصاص من الجانی إذا طلبه المستحق أدلة من الکتاب منها:-
وجه الاستدلال: یدل قوله تعالى ﴿ وَالْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ على إیجاب القصاص فی سائر الجراحات التی یمکن استیفاء المثل فیها([81]).
وجه الاستدلال: تدل هذه الآیة بعمومها على القصاص من المعتدى بأن یعاقب بمثل اعتدائه دون زیادة([83])
وجه الاستدلال: تدل الآیة على أن المظلوم یجوز له أن ینتصر ویقتص من ظالمه من غیر أن یعتدی، قال مقاتل:"وهذا فی المجروح ینتقم من الجارح بالقصاص دون غیره"([85])
ثانیا: من السنة یدل على وجوب القصاص من الجانی إذا طلب المستحق القصاص:
ما روی عن أنسt أن الربیع وهی ابنة النضر کسرت ثنیة جاریة، فطلبوا الأرش، وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبی r فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتکسر ثنیة الربیع یا رسول الله ؟ لا والذی بعثک بالحق لا تکسر ثنیتها فقال: "یا أنس کتاب الله القصاص" فرضی القوم وعفوا فقال النبی r : "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"([86])
وجه الاستدلال: أن قول النبی r" کتاب الله القصاص" یدل على وجوب القصاص فیما دون النفس إذا طلبه المستحق([87])
ثالثا: أما الإجماع فقد انعقد على وجوب القصاص فیما دون النفس إذا أمکن([88]).
رابعا: المعقول: إن ما دون النفس کالنفس فی الحاجة إلى حفظه بالقصاص فکان کالنفس فی وجوب القصاص([89])
وأما إذا سقط القصاص لسبب من الأسباب أو کانت الجنایة خطأ فموجب ذلک الدیة أو الأرش أو حکومة عدل على حسب الأحوال ویدل على ذلک ما یأتی:-
وجه الاستدلال: أن الجراحة لما کانت تنتهی لغیر مفصل لم یقتص النبی r منه وأوجب له الدیة.
وجه الاستدلال: یدل الحدیث على أن من شج رأس غیره أو وجهه خطأ شجة تبدی وضح العظم(بیاضه) یجب علیه خمسا من الإبل([93])
المبحث الثالث
مقدار مدة استیفاء القصاص من الجانی وطلب المجنی علیه القود قبل انقضائها
واشتمل على ثلاثة مطالب
المطلب الأول:الفوریة والتراخی فی استیفاء القصاص فیما دون النفس.
المطلب الثانی: المدة التی تنتظر حتى یقتص من الجانی.
المطلب الثالث: طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل البرء.
المطلب الأول
الفوریة والتراخی فی استیفاء القصاص فیما دون النفس
إذا اعتدى شخص على آخر فقطع یده أو رجله أو ذکره أو أنفه أو فقأ عینه أو جرحه ووجب القصاص علیه بجنایته فهل یقتص منه فور الجنایة (قبل اندمال جُرح المجنی علیه) أو لا یقتص منه إلا بعد اندمال جُرحه؟
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة على قولین:
القول الأول: لا یقام القصاص فیما دون النفس قبل برء المجروح، إلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفیة والمالکیة والحنابلة فی الروایة الأولى عندهم, والمزنی من الشافعیة وبه قال النخعى والثوری وإسحاق وأبو ثور وروی ذلک عن عطاء والحسین([94])
القول الثانی: یقام القصاص فیما دون النفس على الجانی قبل برء المجنی علیه وإلى هذا ذهب الشافعیة والحنابلة فی الروایة الثانیة([95])
الأدلــة
أولا: أدلة القول الأول
استدل أصحاب هذا القول على ما ذهبوا إلیه بالسنة والإجماع والمعقول.
أولا: الدلیل من السنة:
ما أخرجه أحمد فی مسنده (واللفظ له) وعبد الرزاق فی مصنفه والبیهقی فی سننه الصغرى والکبرى والدارقطنی فی سننه عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:" قضى رسول الله r فِی رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِی رِجْلِهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَقِدْنِی، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: " لَا تَعْجَلْ حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ "، قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ یَسْتَقِیدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْهُ، قَالَ: فَعَرِجَ الْمُسْتَقِیدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِیدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لَهُ: یَا رَسُولَ اللهِ، عَرِجْتُ ، وَبَرَأَ صَاحِبِی؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r:" أَلَمْ آمُرْکَ أَلَّا تَسْتَقِیدَ، حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ؟ فَعَصَیْتَنِی فَأَبْعَدَکَ اللهُ، وَبَطَلَ جُرْحُکَ " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ الرَّجُلِ الَّذِی عَرِجَ: " مَنْ کَانَ بِهِ جُرْحٌ، أَنْ لَا یَسْتَقِیدَ، حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ"([96])
وجه الاستدلال: أن النبی r نهى أن یقتص من الجُرح إلا بعد أن یبرأ صاحبه, وهذه زیادة یجب قبولها وهی" متأخرة عن الاقتصاص فتکون ناسخة له, ثم إن فی الحدیث ما یدل على أن استقادته قبل البرء معصیة لقوله r: قد نهیتک فعصیتنی"([97])
ثانیا: الإجماع:
قال المنذر " کل من نحفظ عنه من أهل العلم یرى الانتظار بالجُرح حتى یبرأ"([98])
ثالثا: القیاس:
أن موجب الجنایة القصاص فلا یعجل قیاسا على الدیة والأرش([99])
رابعا: المعقول
أن الجراحات یعتبر فیها مآلها لا حالها؛ لأن حکمها فى الحال غیر معلوم, فلعلها تسری إلى النفس فیظهر أنه قتل, وإنما یستقر الأمر بالبرء([100])
ثانیا: أدلة القول الثانی:
استدل أصحاب هذا القول بالسنة والمعقول:
أولا: الدلیل من السنة:
ما روی عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:" قضى رسول الله r فِی رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِی رِجْلِهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَقِدْنِی، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: " لَا تَعْجَلْ حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ "، قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ یَسْتَقِیدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْهُ، قَالَ: فَعَرِجَ الْمُسْتَقِیدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِیدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لَهُ: یَا رَسُولَ اللهِ، عَرِجْتُ ، وَبَرَأَ صَاحِبِی؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r:" أَلَمْ آمُرْکَ أَلَّا تَسْتَقِیدَ، حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ؟ فَعَصَیْتَنِی فَأَبْعَدَکَ اللهُ، وَبَطَلَ جُرْحُکَ " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ الرَّجُلِ الَّذِی عَرِجَ: " مَنْ کَانَ بِهِ جُرْحٌ، أَنْ لَا یَسْتَقِیدَ، حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ" ([101])
وجه الاستدلال: أن الرسول الله r أذن بالقصاص قبل الاندمال وهو لا یأذن إلا بما کان جائزاً([102])
یناقش هذا الدلیل: بأن إذنه r منسوخ بنهیه r عن القود قبل أن یبرأ جرح المجروح, وأن الحدیث نفسه یدل على أن استقادة المجروح قبل البرء معصیة لقوله r قد نهیتک فعصیتنی"([103])
الدلیل من المعقول:
یناقش هذا الدلیل: بأن القصاص له وقت معلوم حددته السنة کما روی عن عمرو بن شعیب فی الحدیث السابق([105])
یناقش هذا الدلیل: بأن حکم الجراحات فی الحال مجهول غیر معلوم؛ لأن الجراحات یعتبر فیها مآلها؛ إذ لعل الجراحة تسری إلى النفس فیکون قصاصا فیها([107])
القول الراجح:
بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم فى المسألة یتبین أن أدلة القول الأول قویة لها وجاهتها، کما یتبین وهن وضعف أدلة القول الثانی لما ورد علیها من مناقشة، وأن الجراحات المعتبر فیها مآلها لا حالها؛ لذلک کان القول الراجح هو القول الأول. والله أعلم.
المطلب الثانی
المدة التی تنتظر حتى یقتص من الجانی
بناء على القول الراجح اختلف الفقهاء هل ینتظر بالاستیفاء سنة أو حتى یبرأ الجُرح؟
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة على قولین:-
القول الأول: ینتظر بالقصاص سنة وإلى هذا ذهب جمهور فقهاء من الحنفیة والمالکیة والحنابلة فی روایة([108])
القول الثانی: ینتظر بالقود حتى یبرأ الجرح ولا تحدد المدة بسنة أو أقل أو أکثر وإلى هذا ذهب الشافعیة والحنابلة([109])
الأدلــة
أولا: أدلة القول الأول: استدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتیة:
الدلیل الأول: ما أخرجه البیهقی فی سننه عن جابر بن عبد الله t قال: قال رسول الله r تقاس الجراحات, ثم یستأنى بها سنة ثم یقضى فیها بقدر ما انتهت إلیه"([110])
الدلیل الثانی:ما أخرجه الدار قطنى، عن جابر t قال: قال رسول الله r: "یستأنى بالجراحات سنة"([111])
وجه الاستدلال: أن النبی r أمر أن یستأنى بالقود من الجارح سنة حتى ینظر حال المجروح.
یناقش هذا الاستدلال: بأن الحدیث متروک من وجهین:-
الوجه الأول: أن راویه ضعیف وهو یزید بن عیاض.
والوجه الثانی: أن تقریر تأخیره بالسنة لا یلزم بالإجماع([112]).
الدلیل الثالث: الإجماع: حکاه الحنفیة على انتظار السنة فیمن قلع سِنَّة لآخر([113]).
یناقش هذا الدلیل: بأن الإجماع لم یقل به غیرهم من فقهاء المذاهب على - حد إطلاعی- ثم إنه قد تمضی سنة ولا یندمل الجُرح، بل إن الذی حکاه ابن المنذر الإجماع على الانتظار حتى یبرأ الجُرح([114]).
الدلیل الرابع: أن السنة مدة یظهر فیها حقیقة حالة الجُرح، فلابد من الاستیناء سنة([115])
یناقش هذا الدلیل: بأنه قول یفتقر إلى دلیل، ثم إن الجُرح إن لم یندمل بعد مضی السنة فهل ینتظر حتى البرء وهو المعقول وحینئذ لا فائدة من التحدید بسنة؟ ثم إن برئ الجُرح قبل السنة هل ینتظر السنة دون فائدة من الانتظار أم یقتص من الجانی وحینئذ یکون التحدید بسنة لا فائدة منه؟ لکل ذلک ینبغی انتظار البرء ولیس مضی السنة.
ثانیا: أدلة القول الثانی
استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
الدلیل الأول: ما روی عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:" قضى رسول الله r فِی رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِی رِجْلِهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَقِدْنِی، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: " لَا تَعْجَلْ حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ "، قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ یَسْتَقِیدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْهُ، قَالَ: فَعَرِجَ الْمُسْتَقِیدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِیدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لَهُ: یَا رَسُولَ اللهِ، عَرِجْتُ ، وَبَرَأَ صَاحِبِی؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r:" أَلَمْ آمُرْکَ أَلَّا تَسْتَقِیدَ، حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ؟ فَعَصَیْتَنِی فَأَبْعَدَکَ اللهُ، وَبَطَلَ جُرْحُکَ " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ الرَّجُلِ الَّذِی عَرِجَ: " مَنْ کَانَ بِهِ جُرْحٌ، أَنْ لَا یَسْتَقِیدَ، حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ"([116]).
وجه الاستدلال: أن النبی r نهى أن یستقاد قبل أن یبرأ الجُرح دون أن یحدد مدة وإنما حدده بالبرء فقط.
الدلیل الثانی: الإجماع: قال ابن المنذر: کل من نحفظ عنه من أهل العلم یرى الانتظار بالجُرح حتى یبرأ([117]).
الدلیل الثالث: أن الجراحات یعتبر مآلها لا حالها، لأن حکمها فى الحال غیر معلوم فلعلها تسرى إلى النفس فیظهر أنه قتل، وإنما یستقر الأمر بالبرء([118]).
القول الراجح:
لما کانت العافیة من الله –عز وجل- وأنه-تعالى- العالم بوقت البرء وحده، ولما کانت الجراحات تختلف فی وقت برئها فمنها ما یبرء قبل سنة، ومنها ما یبرء بعدها، ومنها ما یبرء قبلها، کان التحدید یحتاج إلى دلیل، وقد وجد الدلیل ولما نظرنا فیه تبین وهنه وضعفه؛ وقوة مخالفه ووجاهته؛ لذلک فالراجح- والله أعلم- القول بالانتظار بالقود حتى یبرأ الجُرح.
المطلب الثالث
طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل البرء
إذا طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل أن یندمل جُرحه هل یجاب لذلک أم لا؟
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة على قولین:-
القول الأول: إذا طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل أن یندمل جُرحه لا یجاب له ولا یقتص من الجانی علیه قبل أن یندمل جرح المجنی علیه وإلى هذا ذهب الحنفیة والمالکیة والحنابلة والمزنی من الشافعیة([119])
القول الثانی: یجوز للمجنی علیه أن یطلب القصاص قبل أن یندمل جُرحه لکن یستحب له تأخیره([120])
الأدلــــة
أولا: أدلة القول الأول :
استدل أصحاب هذا القول بما یأتی:-
الدلیل الأول: ما روی عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:" قضى رسول الله r فِی رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِی رِجْلِهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَقِدْنِی، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: " لَا تَعْجَلْ حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ "، قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ یَسْتَقِیدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْهُ، قَالَ: فَعَرِجَ الْمُسْتَقِیدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِیدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لَهُ: یَا رَسُولَ اللهِ، عَرِجْتُ ، وَبَرَأَ صَاحِبِی؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r:" أَلَمْ آمُرْکَ أَلَّا تَسْتَقِیدَ، حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ؟ فَعَصَیْتَنِی فَأَبْعَدَکَ اللهُ، وَبَطَلَ جُرْحُکَ " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ الرَّجُلِ الَّذِی عَرِجَ: " مَنْ کَانَ بِهِ جُرْحٌ، أَنْ لَا یَسْتَقِیدَ، حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ"([121]).
وجه الاستدلال: یدل الحدیث على أنه لا یقتص من الجارح إلا بعد أن یبرأ جُرح المجنی علیه؛ لأن استیفاء القصاص من الجانی قبل برء المجنی علیه معصیة؛ وفی هذا دلالة على أن المجنی علیه لو طلب القصاص قبل أن یبرأ جرحه لا یجاب لذلک([122]).
الدلیل الثانی: ما روی عن جابرt عن النبیr قال:"لا یستقاد من الجُرح حتى یبرأ"([123])
وجه الاستدلال: یدل الحدیث دلالة واضحة على أن الجراحات لا یقاد منها إلا بعد أن یبرأ المجنی علیه وفی هذا دلالة ظاهرة على أن المجنی علیه لو طلب القود من الجانی قبل أن یبرأ جُرحه لا یجاب لذلک.
الدلیل الثالث: أن القود أحد البدلین فلم یجز استیفاؤه قبل استقرار الجنایة کالدیة([124])
الدلیل الرابع: أن الجُرح قد یفضی إلى الموت إذا سرى إلى النفس فیصیر قتلا، ویکون المجنی علیه قد استوفى غیر حقه، وقد یؤول إلى الموضع الذی یسقط معه القصاص فیسقط حکم القطع ویتعلق بالجنایة ما یؤول إلیه([125])
الدلیل الخامس: أن القود من الطرف قبل استقرار الجنایة قد یجوز أن یسری إلى نفس الجانی قبل سرایته إلى نفس المجنی علیه فإن جعل قصاصا فی النفس کان سالفا فی قصاص قتل قبل استحقاقه وذلک غیر جائز قصاصا، وأخذت الدیة یکون قد جُمٍع بین القصاص والدیة وذلک غیر جائز([126])
ثانیا: أدلة القول الثانی :
استدل أصحاب هذا القول بما یأتی: ما روی عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال:" قضى رسول الله r فِی رَجُلٍ طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِی رِجْلِهِ، فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَقِدْنِی، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: " لَا تَعْجَلْ حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ "، قَالَ: فَأَبَى الرَّجُلُ إِلَّا أَنْ یَسْتَقِیدَ، فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللهِ r مِنْهُ، قَالَ: فَعَرِجَ الْمُسْتَقِیدُ، وَبَرَأَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، فَأَتَى الْمُسْتَقِیدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَقَالَ لَهُ: یَا رَسُولَ اللهِ، عَرِجْتُ ، وَبَرَأَ صَاحِبِی؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r:" أَلَمْ آمُرْکَ أَلَّا تَسْتَقِیدَ، حَتَّى یَبْرَأَ جُرْحُکَ؟ فَعَصَیْتَنِی فَأَبْعَدَکَ اللهُ، وَبَطَلَ جُرْحُکَ " ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ r بَعْدَ الرَّجُلِ الَّذِی عَرِجَ: " مَنْ کَانَ بِهِ جُرْحٌ، أَنْ لَا یَسْتَقِیدَ، حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَتُهُ، فَإِذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ اسْتَقَادَ"([127]).
وجه الاستدلال: یدل هذا الحدیث على جواز تعجیل القود قبل الاندمال وأن تأخیره إلى وقت الاندمال مستحب([128])
یناقش هذا الدلیل بأمرین:-
الأمر الأول: أنه إذا اجتمع الحظر والإباحة قدم الحظر على الإباحة وقد ثبت أن النبیr أقاد قبل البرء، کما ثبت أنه r نهى عن القود قبل البرء فیقدم الحظر على الإباحة.
الأمر الثانی: أن قول الراوی (ثم أمر رسول الله r بعد الرجل الذی عرج...) یدل على تحریم القصاص قبل الاندمال؛ لأن لفظ"ثم" یفید الترتیب فیکون النهی الواقع بعدها ناسخا للإذن الواقع قبلها([129]).
القول الراجح:
إذا طلب المجنی علیه القصاص من الجانی قبل الاندمال لا یجاب إلى ذلک، بل ویحرم استیفاء القصاص من الجانی؛ لاحتمال أن یفضی الجُرح إلى موت المجنی علیه بالسرایة فیکون المجنی علیه قد استوفى غیر حقه – والله أعلم-.
الخاتمة
الحمد لله الذی تتم به الصالحات وأصلی وأسلم على النبی المصطفى وبعد فهذه خاتمة بحثی الذی توصلت فیه- بحول الله وقوته- إلى النتائج الآتیة:
والحمد لله أولا وآخرا ،،،
([7]) ولفظ الحدیث"عن عبد الله بن عباس، أن أبا سفیان بن حرب بن أمیة أخبره: "أن هرقل أرسل إلیه فی رکب من قریش کانوا تجارا بالشام، فی المدة التی ماد فیها رسول اللهr أبا سفیان فی کفار قریش" صحیح البخاری- ک: الجزیة – ب: الوفاء بالعهد- ح(3174):4/101.
([16]) الإقناع فی فقه أحمد 4/181. قوله(أو شبهه کأن یکون قتله بسم أو مثقل أو تجریع خمر فإذا استوفى مثله منه بالسیف یکون ذلک شبه فعل الجانی. مطالب أولى النهى6/44)
([24]) سورة النساء من الآیة (11) وسورة الأعراف من الآیة (189), وسورة الزمر من الآیة (16).
العین: 7 / 27, المحکم والمحیط الأعظم: 8 /525, مختار الصحاح: صـ316, المصباح المنیر: 2/617.
([45])أخرجه مسلم فی صحیحه- ک البر والصلة والآداب- ب النهی عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم ح(2616)4/2020.
([48]) بدائع الصنائع7/296، الدر المختار شرح تنویر الأبصار صـ 704، التوضیح لخلیل 8/81، الشرح الصغیر للخرشی8/14، روضة الطالبین9/271، العزیز شرح الوجیز10/355، الشرح الکبیر لابن قدامة9/428، الکافی فی فقه أحمد 3/263.
([49]) بدائع الصنائع7/296، مختصر القدوری صـ185، التوضیح لخلیل 8/81، الشرح الصغیر للخرشی8/14، العزیز شرح الوجیز10/333، النجم الوهاج8/392، الشرح الکبیر لابن قدامة9/563، المغنی8/435.
([50]) هی التی تشق الجلد قلیلا.[تهذیب اللغة4/140] وهی مأخوذة من حرص القصار الثوب أی شقه[تبیین الحقائق 6/132]
([55]) هی الشجة التی تبلغ القشرة حتى لا یبقى بینها وبین اللحم والعظم غیرها.[المحکم والمحیط الأعظم4/40]
([60]) هی الشجة التی تبلغ الدماغ.[الصحاح 4/1318]
یراجع:بدائع الصنائع7/296، مختصر القدوری صـ185، الشرح الصغیر للخرشی8/14، الشرح الکبیر للدردیر4/251، التهذیب فی فقه الشافعی7/96، النجم الوهاج8/384، الإقناع فی فقه أحمد 4/189،الکافی فی فقه أحمد 3/262.
([62]) المراد بغیر الجائفة هی الجراحات التی لا تصل إلى الجوف کالموضحة والهاشمة والمنقلة.[البیان فی مذهب الشافعی11/511، الکافی فی فقه أحمد4/234 وما بعدها]
یراجع:بدائع الصنائع7/296، شرح زروق على متن الرسالة2/861، البیان فی مذهب الشافعی 11/360، المجموع للنووی8/402-405، المغنی 8/435.
([63]) الدر المختار شرح تنویر الأبصار صـ 697، مختصر القدوری صـ185، أسهل المدارک3/128، عقد الجواهر الثمینة3/1090.
([64]) الهدایة شرح بدایة المبتدی4/449، روضة الطالبین9/178، النجم الوهاج8/382، المغنی 8/317، الفقه الإسلامی وأدلته6/331.
([65]) أسهل المدارک3/128، عقد الجواهر3/1090، روضة الطالبین9/178، مغنی المحتاج5/253، النجم الوهاج8/383، کشاف القناع5/547، المغنی 8/317.
([67]) هذا عند الجمهور، وقد ذهب المالکیة فی المعتمد أن الجانی عمدا یؤدب باجتهاد الحاکم مع القصاص.
ووجه ذلک عندهم:الردع والزجر لینتهی الناس ، ولجرأة الجانی[حاشیة الدسوقی3/253، شرح الزرقانی على المختصر8/29، مواهب الجلیل6/247]
ووجه ما ذهب إلیه الجمهور:أن الله تعالى لم یوجب مع القصاص عقوبة أخرى قال تعالى:﴿ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ (سورة المائدة 45). [مواهب الجلیل6/247]
([71]) أخرجه البیهقی فی السنن الکبرى- کتاب الحدود- باب من زنى بامرأة مستکرهة – حدیث(29)8/235، والحاکم فی مستدرکه- کتاب الطلاق- حدیث(2801)2/216، وقال:" هَذَا حَدِیثٌ صَحِیحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّیْخَیْنِ، وَلَمْ یُخَرِّجَاهُ "
([73]) حاشیة الصاوی2/549، الشرح الکبیر للدردیر4/246،النوادر والزیادات10/249، تحفة المحتاج8/388، نهایة المحتاج7/258-259، العدة شرح العمدة صـ541، عمدة الفقه صـ 129.
([78]) یشترط کون المجنی علیه مکافئا للجانی فی النوع، والدین والعدد، وفی ذلک خلاف وتفصیل لیس هذا محل له.
([79]) الاختیار 5/30، بدائع الصنائع7/297، البنایة13/109، الهدایة 4/449، شرح الزرقانی على المختصر8/25، الشرح الصغیر للخرشی 8/3، الشرح الکبیر للدردیر4/250-252، عقد الجواهر الثمینة3/1102، تحفة المحتاج 8/414، روضة الطالبین 9/178، مغنی المحتاج 5/253، النجم الوهاج8/382، 383، حاشیة الخلوتی6/34-58، الشرح الکبیر على متن المقنع 9/356، کشاف القناع 5/530، 531.
([90]) أخرجه ابن ماجه فی سننه"واللفظ له"- ک الدیات- ب ما لا قود فیه- ح(2636)2/880، البیهقی فی السنن الکبرى- ک النفقات- ب ما لا قصاص فیه- ح(16527)8/65، قال أبو عمر ابن عبد البر:"لیس لهذا الحدیث غیر هذا الإسناد، ودهثم بن فران العکیلی ضعیف أعرابی لیس حدیثه مما یحتج به[الاستذکار8/186]
([92]) أخرجه الترمذی فی سننه- ک الدیات- ب ما جاء فی الموضحة- ح (1390)4/13، قال أبو عیسى:"هذا حدیث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم"
([94]) بدایة المبتدی: صـ247, تبیین الحقائق: 6/ 138, العنایة: 10/297, الهدایة شرح بدایة المبتدی: 4/ 470, التاج والإکلیل 8/325، تهذیب المدونة 4/553، حاشیة الصاوی: 4/263, الذخیرة 12/331، الشرح الکبیر للدردیر: 4/260, منح الجلیل: 9/73, المدونة: 4/562, الحاوی الکبیر: 12/167, شرح منتهى الإرادات: 3/589، العدة فی شرح العمدة: صـ549, الفروع: 9/396- 397, کشاف القناع: 5/ 561, المبدع/ 266، المغنی: 8/340.
([95]) الحاوی الکبیر: 2/167, المجموع للنووی: 18/455, المهذب للشیرازى: 3/193, الإنصاف: 10/ 98، الفروع: 9/396, 397, المبدع: 7/266
([96]) مسند الإمام أحمد: ح ( 7034) : 11/ 606, ط الرسالة, المصنف لعبد الرزاق- ک:العقول – الانتظار بالقود أن یبرأ – ح(17986): 9/452, السنن الصغرى للبیهقی- ک: الجراح- ب: الاستیناء بالقصاص من الجراح والقطع, ح (2999): 3/223, السنن الکبرى للبیهقی- ک: النفقات- ب: ما جاء فى الاستیناء بالقصاص والجراح والقطع- ح(16111): 8/117,سنن الدار قطنی- ک: الحدود والدیات وغیره- ح (3114) , ح (3115) : 4/17, ح ( 3117): 4/ 72, والهیثمی فی مجمع الزوائد- ک: الحدود- ب: ما جاء فی الجراحات -ح ( 10764) 6/ 295, وقال: رواه أحمد, ورجاله ثقات, =والزیلعی فی نصب الرایة- ک: الدیات – ب: فصل فی الشجاج- ح (19): 4/377- 378), وقال:"إسناده صالح, وعنبسة بن سعید وثقة أحمد وغیره", وقال البیهقی:" وهکذا رواه ابن جریج وعماد بن زید ابن عمرو بن دینار مرسلاً. ( السنن الصغرى: 3/224)
([108]) البحر الرائق: 8/ 564, الدر المختار: 6/553, البنایة 13/212, العنایة10/295, المدونة: 4/564, الذخیرة: 12/331, مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهویة 7/3401.
([109]) بحر المذهب12/153، الحاوی الکبیر12/167، المهذب3/193، کشف المخدرات 2/77, المبدع 7/266, المغنی 8/341, العدة صـ549.
([110]) السنن الکبرى للبیهقی- ک النفقات-ب ما جاء فى الاستیفاء بالقصاص من الجرح- ح ( 16113): 8/117، قال البیهقی: "وکذلک رواه جماعة من الضعفاء عن أبى الزبیر ومن وجهین، آخرین عن جابر، ولم یصح شئ من ذلک، وروی من وجه آخر عن ابن عباس"
([119]) بدائع الصنائع7/311-312، تبیین الحقائق6/106، شرح مختصر الطحاوی5/445، بدایة المجتهد4/191، الذخیرة 12/331، المعونة1/1312-1312، الروض المربع صـ645، شرح منتهى الارادات3/289، الکافی فی فقه أحمد3/273، کشف المخدرات2/717.