المساهمين
المؤلف
قسم الدراسات الإسلامية، الکلية الجامعية بالجموم، جامعة أم القرى، المملکة العربية السعودية.
المستخلص
نقاط رئيسية
اقتضت طبیعة هذا البحث أن یأتی فی مقدمة، وتمهید، ومبحثین، وخاتمة، وفهارس.
أما المقدمة: فقد اشتملت على أهمیة الموضوع وأسباب اختیاره، وأهداف البحث، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وخطته.
أما التمهید: فقد تناولت فیه التعریف بالحق وأقسامه، وفیه:
أولًا: تعریف الحق.
ثانیًا: أقسام الحق.
المبحث الأول: الحقوق المالیة للزوجة، وفیه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: المهر.
المطلب الثانی: النفقة.
المطلب الثالث: الکسوة والسکنى.
المبحث الثانی: الحقوق المعنویة للزوجة، وفیه خمسة مطالب:
المطلب الأول: إعفاف الزوجة.
المطلب الثانی: البیات عند الزوجة
المطلب الثالث: العدل والقسم.
المطلب الرابع: إکرام أمومة الأنثى.
المطلب الخامس: حسن المعاشرة بالمعروف.
الخاتمة: وفیها أهم النتائج والتوصیات التی توصلت إلیها.
الفهارس: وتشتمل على فهرس للمصادر والمراجع، وفهرس للموضوعات.
الكلمات الرئيسية
التمهید
فی التعریف بالحق وأقسامه
أولًا: تعریف الحق :
أ- الحق فی اللغة: جاء فی معجم مقاییس اللغة: (الحاء والقاف أصل واحد، وهو یدل على إحکام الشیء وصحته، فالحق نقیض الباطل، ویقال: حق الشیء وجب، ویقال: حاق فلان فلاناً، إذا ادعى کل واحد منهما، فإذا غلبه على الحق، قیل: حقه وأحقه. واحتق الناس فی الدین: إذا ادعى کل واحد الحق)، والحق مصدر حق الشیء یحق إذا ثبت ووجب، قال الله تعالى:﴿ وَلَوْ شِئْنَا لآتَیْنَا کُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَکِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّی لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِینَ﴾([1])، أی: وجبت کلمة العذاب منی([2]).
فالحق حقیقة هو الله تعالى بجمیع صفاته، لأنه الموجود حقیقة بمعنى لم یسبق بعدم، ولم یلحقه غیره، وإطلاق الحق على غیره مجاز([3]).
ب- الحق فی الفقه الإسلامی
عرف الإمام عبد العزیز البخاری -رحمه الله- الحق بما لا یخرج عن المعنى اللغوی، فقال:(الحق الموجود من کل وجه الذی لا ریب فیه فی وجوده، ومنه السحر حق والعین حق أی: موجود بأثره، وهذا الدین حق أی: موجود صورة ومعنى، ولفلان حق فی ذمة فلان أی: شیء موجود من کل وجه)([4]).
وأشار صاحب حاشیة الدسوقی إلى أن الحق:(جنس یتناول المال وغیره کالخیار والشفعة والقصاص والولاء والولایة)([5]).
وعرف القاضی حسین من الشافعیة الحق بأنه: (اختصاص مظهر فیما یقصد به شرعاً)، وتعریف القاضی حسین للحق تعریف له وزنه وقیمته العلمیة من عدة نواح، منها:
1-أنه عرف الحق بأنه اختصاص، وهو تعریف یبرز ماهیة الحق بشکل یمیزه عن غیره من الحقائق الشرعیة الأخرى.
2-أن وصف هذا الاختصاص بأنه (مظهر فیما یقصد له) یبین أن طبیعة هذا الاختصاص تقوم على وجود آثار وثمار یختص بها صاحب الحق دون غیره فی الأشیاء التی شرع الحق فیها، وهذه الأشیاء قد تکون مادیة وقد تکون معنویة.
3-أنه یدل على أن فقهاء الشریعة الإسلامیة قاموا بتعریف الحق تعریفاً صحیحاً.
4- أن الفقه الإسلامی سبق علماء القانون فی تعریف الحق بأنه: اختصاص، وهذا آخر ما وصل إلیه البحث القانونی، وهذا یدل على سمو الفقه الإسلامی وکماله([6]).
ثانیًا: أقسام الحق
أ- أقسام الحق باعتبار صاحبه: ینقسم الحق باعتبار صاحبة إلى قسمین:
الأول: حق الله تعالى خالصاً: وهو ما فهم من الشرع أنه لا خیرة فیها للمکلف، کان له معنى معقول أو غیر معقول المعنى([7])، أو هو ما یتعلق به النفع العام للعالم، من غیر أن یختص به أحد، وإنما هو عائد على مجموع الأفراد والجماعات.
الثانی: حق العبد خالصاً: وهو ما کان راجعاً إلى العبد فی الدنیا([8])، مما یتعلق به مصلحة خاصة ویکون نفعه محض بشخص معین، کحرمة مال الغیر فإنها حق العبد على الخصوص لتعلق صیانة ماله بها ولهذا یباح مال الغیر بإباحة مالکه عن طریق البیع أو الهبة أو القرض([9]).
ولا یقصد بحقوق العبد فی الواقع إلا حقوق الامتلاک للأفراد، أو التی تتعلق بالمصلحة الخاصة.
ب-أقسام الحق باعتبار محل الحق: تنقسم الحقوق باعتبار محل الحق إلى ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: من حیث المالیة: ینقسم الحق إلى:
1- حق مالی: وهى الحقوق المتعلقة بالأموال ومنافعها، والحقوق المالیة تشمل الحقوق الواردة على الأعیان والمنافع والدیون.
2- حق غیر مالی: وهى الحقوق التی لا تعلق لها بالمال کحق ولى المقتول فی القصاص والعفو عن القاتل([10])، ومثاله: حق الحضانة، أو حقوق الأسرة على وجه العموم.
الوجه الثانی: من حیث تعلقه بالشخص: ینقسم الحق من حیث تعلقه بالشخص إلى قسمین:
1-الحق الشخصی: وهو ما یقره الشرع لشخص على آخر، کحق استیفاء الدین، أی أنه یتعلق بذمة شخص، وقد یکون موضوع الحق إما قیاماً بعمل، أو امتناعاً عن عمل.
2-الحق العینی: وهو ما یقره الشرع لشخص على شیء معین قائم بذاته، کالحقوق المتعلقة بالعقار([11]).
الوجه الثالث: من حیث تقرر الحق فی محله: أی من حیث إمکان انفراد الحق عن محله، ینقسم الحق إلى قسمین:
1-حق مجرد: وهو ما کان غیر متقرر فی محله؛ أی أمکن انفراد الحق عن محله، ومثاله حق الشفعة فهو حق مجرد سواء استعمله صاحبه أو أسقطه لا أثر له فی المحل، فالمحل یبقى بکل صفاته سواء أخذه صاحب الشفعة أو أخذه شخص آخر.
2-حق متقرر (غیر مجرد): وهو ما له تعلق بمحله تعلق استقرار، ولا یتصور انفراده عن محله، ومثاله حق القصاص فهو حق متقرر، استعماله أو إسقاطه یحدث أثراً فی المحل، فالمقتص منه یکون مهدور الدم –بالنسبة لأولیاء المقتول- إذا ثبت الحق، ویصبح معصوم الدم إذا أسقط الحق([12]).
جـ- أقسام الحق باعتبار طرق تحصیله: ینقسم الحق بهذا الاعتبار إلى:
1-حق قضائی: ما لا بد فی تحصیله من القضاء، وتتلخص هذه الحقوق فیما یأتی:
أ-ما کان من قبیل العقوبات: کالحدود مثلاً: وقد أضیف هذا لسلطة القضاء لأن مبناه فی الشریعة على الاحتیاط فالخطأ فیه غیر مستدرک کما أن الفائت منه لا یعوض، وکذلک منعاً للتهارج الذی یقع فی حال ما کان استیفاؤه من قبل صاحبه([13]).
ب-الحقوق الشرعیة المحضة: وهی ما عدا الأعیان والدیون والمنافع من الحقوق، کتلک المتعلقة بالنکاح واللعان والإیلاء والرجعة والطلاق بالإعسار والإضرار ونحو ذلک، لأن الأصل فیها الاحتیاط کما أن إثباتها یحتاج إلى اجتهاد وتحرى([14]).
جـ-حالة خوف الفتنة أو المفسدة: وهذا یتعلق بکل الحقوق إذا کان استیفاؤها یؤدی إلى فتنة أو مفسدة محظورة([15]).
2-حق غیر قضائی: وهو ما لا یحتاج فی تحصیله إلى قضاء أو رفع دعوى وتتلخص فیما یلی:
أ-تحصیل الأعیان المستحقة: فلکل إنسان الحق فی تحصیل ما یملکه إذا کان تحت ید غیره ولا یحتاج هذا إلى قضاء([16])، لقوله r: (من وجد عین ماله عند رجل فهو أحق به)([17]).
ب-تحصیل نفقة الزوجة والأولاد: لما ورد فی الحدیث عن عائشة رضی الله عنها، قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبی سفیان على رسول الله r، فقالت: یا رسول الله، إن أبا سفیان رجل شحیح، لا یعطینی من النفقة ما یکفینی ویکفی بنی إلا ما أخذت من ماله بغیر علمه، فهل علی فی ذلک من جناح ؟ فقال رسول الله r: " خذی من ماله بالمعروف ما یکفیک ویکفی بنیک)([18])، وما ذکر مقید بعدم حصول مفسدة أو خوف فتنة.
3-ما اختلف فی جواز تحصیله من الحقوق بغیر قضاء: أو ما یسمى بمسألة الظفر بالحق أو استیفاء الحقوق المترتبة فی الذمة هل یجوز بغیر دعوى وإذن حاکم أم لا بد من ذلک، وهی مسألة خلافیة بین العلماء، فمنهم المجیز ومنهم المانع، والمجیزون فیهم المشددون وفیهم الموسعون([19]).
د- أنواع الحق باعتبار ثبوته لصاحبه: ینقسم الحق باعتبار ثبوته لصاحبه إلى:
1-حقوق تثبت لأجل دفع الضرر: وهی الحقوق التی یقرها الشرع لأصحابها منعاً لضرر متوقع قد یلحق بهم، فهذه الحقوق وسیلة لدفع الضرر، ومثال ذلک حق الشفعة فإنه شرع لرفع الضرر المتوقع لحوقه بأحد الشرکاء من جراء بیع شریکه لحقه، فقد یشتریه من لا یناسب الطرف الآخر.
2-حقوق تثبت لأصحابها أصالة لا على وجه رفع الضرر: کحقوق الارتفاقات المتعلقة بالعقار([20]).
المبحث الأول
الحقوق المالیة للزوجة
للزوجة على زوجها حقوق مالیة وهی: المهر، والنفقة، والسکنى، وحقوق غیر مالیة: کالعدل فی القسم بین الزوجات، وعدم الإضرار بالزوجة، وفی هذا المبحث أتناول الحقوق المالیة للزوجة، وذلک فی المطالب الآتیة:
المطلب الأول
المهر
وفیه ثلاثة فروع:
الفرع الأول
حقیقة المهر ومشروعیته
أولاً: تعریف المهر:
المهر هو المال الذی تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد علیها أو بالدخول بها([21])، وهو حق واجب للمرأة على الرجل عطیة من الله تعالى مبتدأة، أو هدیة أوجبها على الرجل بقوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾([22]) إظهارًا لخطر هذا العقد ومکانته، وإعزازًا للمرأة وإکرامًا لها.
وللمهر عدة أسماء منها: الصداق([23])، والنحلة، والأجر والفریضة، والمهر،
والعلیقة([24])، والعقر([25])، فقد سماه الله تعالى: الصداق، والنحلة والأجر، والفریضة، وسماه النبی صلى الله علیه وسلم: المهر، والعلیقة، وسماه عمر بن الخطاب –رضی الله عنه-: الغفر. یقال: أصدقت المرأة ومهرتها، ولا یقال: أمهرتها"([26]).
فان قیل: لم سماه الله تعالى نحلة، والنحلة العطیة بغیر عوض، والمهر لیس بعطیة، وإنما هو عوض عن الاستمتاع؟ فالجواب من ثلاثة أوجه([27]):
أحدها: أنه لم یرد بالنحلة العطیة، وإنما أراد بالنحلة: من الانتحال وهو التدین؛ لأنه یقال: انتحل فلان مذهب کذا أی: دان به، فکأنه تبارک وتعالى قال: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾([28]) أی: تدینا.
الثانی: أن المهر یشبه العطیة؛ لأنه یحصل للمرأة من اللذة فی الاستمتاع ما یحصل للزوج وأکثر، لأنها أجلب شهوة، والزوج ینفرد ببذل المهر، فکأنها تأخذه بغیر عوض.
الثالث: أنه عطیة من الله تعالى فی شرعنا للنساء؛ لأن فی شرع من قبلنا کان المهر للأولیاء، ولهذا قال تعالى فی قصة شعیب: ﴿قَالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُنکِحَکَ إِحْدَى ابْنَتَیَّ هَاتَیْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِی ثَمَانِیَ حِجَجٍ﴾([29]).
والمهر حق خاص للزوجة لا یشارکها فیه أب ولا أخ ولا زوج قال تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَکُمْ عَنْ شَیْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَکُلُوهُ هَنِیئاً مَرِیئاً﴾([30]) وقد أوجبه الله عز وجل صیانة للمرأة، وإعزازًا لها، ورفعًا لظلم کان یقع علیها، وتألیفًا لقلبها، وترضیة لخاطرها، حیث تترک بیت أبیها وتنتقل إلى بیت الزوجیة، وتبذل لزوجها أغلى ما لدیها.
ثانیًا: مشروعیة المهر:
المهر مشروع، والأصل فی مشروعیته الکتاب والسنة والإجماع.
أما القرآن الکریم: فقوله تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَکُمْ عَنْ شَیْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَکُلُوهُ هَنِیئاً مَرِیئاً﴾([31]).
وجه الدلالة: هذه الآیة تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع علیه ولا خلاف فیه إلا ما روی عن بعض أهل العلم من أهل العراق أن السید إذا زوج عبده من أمته أنه لا یجب فیه صداق؛ ولیس بشیء([32]).
وأما من السنة النبویة: فقوله صلى الله علیه وسلم فیما أخرجه الترمذی فی سننه عن عائشة رضی الله عنها، أن رسول الله صلى الله علیه وسلم قال: « أَیُّمَا امْرَأَةٍ نُکِحَتْ بِغَیْرِ إِذْنِ وَلِیِّهَا؛ فَنِکَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِکَاحِهَا بَاطِلٌ، وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِىُّ مَنْ لاَ وَلِىَّ لَهُ»([33]).
وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على مشروعیة المهر فی النکاح.
ثالثًا: حکمة مشروعیة المهر:
الحکمة من وجوب المهر: هو إظهار خطر هذا العقد ومکانته، وإعزاز المرأة وإکرامها، وتقدیم الدلیل على بناء حیاة زوجیة کریمة معها، وتوفیر حسن النیة على قصد معاشرتها بالمعروف، ودوام الزواج. وفیه تمکین المرأة من التهیؤ للزواج بما یلزم لها من لباس ونفقة([34]).
وکون المهر واجباً على الرجل دون المرأة: ینسجم مع المبدأ التشریعی فی أن المرأة لا تکلف بشیء من واجبات النفقة، سواء أکانت أماً أم بنتاً أم زوجة، وإنما یکلف الرجل بالإنفاق، سواء المهر أم نفقة المعیشة وغیرها؛ لأن الرجل أقدر على الکسب والسعی للرزق، وأما المرأة فوظیفتها إعداد المنزل وتربیة الأولاد وإنجاب الذریة، وهو عبء لیس بالهیِّن ولا بالیسیر، فإذا کلفت بتقدیم المهر، وألزمت السعی فی تحصیله اضطرت إلى تحمل أعباء جدیدة، وقد تمتهن کرامتها فی هذا السبیل([35]).
الفرع الثانی
المهر أثر من آثار العقد
المهر لیس شرطًا فی عقد الزواج ولا رکنًا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة علیه، فإذا تم العقد بدون ذکر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَةً﴾([36]) فإباحة الطلاق قبل المسیس وقبل فرض صداق یدل على جواز عدم تسمیة المهر فی العقد، ولکن یستحب أن لا یعرى النکاح عن تسمیة الصداق؛ لأن النبی صلى الله علیه وسلم کان یزوج بناته وغیرهن، ویتزوج ولم یکن یخلی النکاح من صداق.
وقال المالکیة: یفسد النکاح إن نقص صداقه عن ربع دینار شرعی أو ثلاثة دراهم، ویتم الناقص عما ذکر وجوبًا إن دخل، وإن لم یدخل خُیِّرَ بین أن یتم فلا فسخ، فإن لم یتمه فسخ بطلاق ووجب فیه نصف المسمى([37])؛ لأنه من حقوق المرأة على زوجها المهر([38])، لقول الله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾([39]) قال الکیا الهراسی: والنحلة هاهنا الفریضة، وهو مثل ما ذکره الله تعالى عقب ذکر المواریث: ﴿فَرِیضَةً مِنَ اللَّهِ﴾([40]).
کما أنه لا یحل للزوج أن یأخذ من مهر زوجته شیئًا إلا برضاها وطیب نفسها([41])؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَیْتُمُوهُنَّ شَیْئًا﴾([42]).
قال الإمام ابن رشد([43]) –رحمه الله- فی بیان حکمه الشرعی: اتفقوا على أنه شرط من شروط صحة الزواج، وأنه لا یجوز التواطؤ على ترکه لقوله تعالى: ﴿ فَانکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾([44]).
وقال الکاسانی-رحمه الله-: ولا خلاف فی أن النکاح یصح من غیر ذکر المهر ومع نفیه لقوله تعالى: ﴿لا جُنَاحَ عَلَیْکُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَةً﴾ رفع سبحانه وتعالى الجناح عمن طلق فی نکاح لا تسمیة فیه، والطلاق لا یکون إلا بعد النکاح؛ فدل على جواز النکاح بلا تسمیة([45]).
الفرع الثالث
مقدار المهر، وحالاته، وسقوطه
أولًا: مقدار المهر:
من یسر الإسلام وسماحته أنه لم یجعل لهذا المهر حدًا فی الکثرة ولا فی القلة، فقد روى أن رسول الله صلى الله علیه وسلم زوج امرأة وجعل صداقها سورًا من القرآن، وزوج أخرى بنعلین، کما روى أیضًا أن عمر بن الخطاب قد هم بتحدید المهر بمثل مهور نساء النبی لمقاومة المغالاة فیها، فتصدت له امرأة وقالت: کیف یا عمر والله یقول ﴿ وَآتَیْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً﴾([46]) «فقال: اللهم، عفوا، کل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فرکب المنبر فقال: إنی کنت قد نهیتکم أن تزیدوا فی صَدُقاتهن على أربعمائة درهم؛ فمن شاء أن یعطی من ماله ما أحب. وعلى هذا فکل إنسان على قدر استطاعته، والأولى عدم المغالاة فی ذلک؛ لما روی: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَکَةً أَیْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً»([47]).
ثانیًا: حالات وجوب المهر:
یجب المهر کله للزوجة إذا حصل الدخول بها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَکَانَ زَوْجٍ وَآتَیْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً﴾([48])، کما یجب کله إذا مات أحدهما، ویضیف أبو حنیفة إلى ذلک أنه یجب بالخلوة الصحیحة؛ لأنها مثل الدخول، وفصل ابن رشد أقوال الفقهاء فی وجوب الصداق بالدخول والخلوة، فقال: واختلفوا: هل من شرط وجوبه مع الدخول المسیسُ أم لیس ذلک من شرطه؟ وهل یجب بالدخول والخلوة وهو الذی یعنون بإرخاء الستور؟ فقال مالک والشافعی وداود: لا یجب بإرخاء الستور إلا نصف المهر ما لم یکن المسیس، وقال أبو حنیفة یجب المهر بالخلوة نفسها إلا أن یکون محرمًا أو مریضًا أو صائمًا فی رمضان أو کانت المرأة حائضا، وقال ابن أبی لیلى، یجب المهر کله بالدخول ولم یشترط فی ذلک شیئًا([49]).
1- مهر المثل: وإذا لم یسم للزوجة مهرًا ودخل بها أو وطئها بشبهة أو زنا بها کرها أو على صداق فاسد؛ وجب لها مهر مثلها من النساء أی بنات أسرتها وبلدها ومکافأتها فی السن والجمال والمواصفات الأخرى، ویفرضه الحاکم، قال ابن هبیرة: واختلفوا فی اعتبار مهر المثل، فقال أحمد هو معتبر بقراباتها من النساء من العصبات وغیرهن من ذوی أرحامها، وقال أبو حنیفة: هو معتبر بقرابتها من العصبات خاصة فلا یدخل فی ذلک أمها ولا خالتها إلا أن یکونا من عشیرتها، وقال مالک: یعتبر بأحوال المرأة فی جمالها وشرفها ومالها دون نسائها إلا أن تکون من قبیلة لا یزدن فی صدقاتهن ولا ینقصن، وقال الشافعی مثل أبی حنیفة([50]).
2- نصف المهر: ویجب نصف المهر إذا طلقها قبل الدخول وکان قد اتفق معها على مهر قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِیضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ یَعْفُونَ﴾([51]).
ثالثًا: سقوط المهر:
یسقط المهر کله عن الزوج إذا کانت الفرقة بسببها، کأن ارتدت عن الإسلام، أو فسخت العقد لإعساره، أو عیب فیه، أو فسخه لعیب فیها، کما یسقط أیضًا إذا أبرأته أو وهبته له. قال ابن قدامة-رحمه الله-: "وکل فرقة کانت قبل الدخول من قبل المرأة مثل إسلامها أو ردتها أو إرضاعها من ینفسخ النکاح بإرضاعه، أو ارتضاعها وهی صغیرة، أو فسخت لإعساره، أو عیبه أو لعتقها تحت عبد، أو فسخه بعیبها فإنه یسقط به مهرها ولا یجب لها متعة. وإن کانت بسبب الزوج، کطلاقه، وخلعه، وإسلامه، وردته، أو جاءت من أجنبی کالرضاع، أو وطء ینفسخ به النکاح؛ سقط نصف المهر ووجب نصفه، أو المتعة لغیر من سمى لها ثم یرجع الزوج على من فسخ النکاح وإن قتلت المرأة استقر المهر جمیعه؛ لأنها فرقة حصلت بالموت وانتهاء النکاح؛ فلا یسقط بها المهر کما لو ماتت حتف أنفها سواء قتلها زوجها أو قتلت نفسها أو قتلها أجنبی"([52]).
المطلب الثانی
النفقة
وفیه فرعان:
الفرع الأول: تعریف النفقة وحکمها
الفرع الثانی : سبب وجوب النفقة وشروطها
الفرع الأول
تعریف النفقة وحکمها
أولاً: تعریف النفقة:
أ- النفقة فی اللغة: مأخوذة من الهلاک والنفاذ، یقال: نفقت الدابة أی ماتت، ویقال: نفق الزاد إذا فنی، ویقال: أنفق الرجل أی افتقر وذهب ماله([53]).
ب- النفقة فی الاصطلاح: وأما عن تعریف النفقة عند الفقهاء: فقد عرفها الفقهاء بتعریف کثیرة متقاربة، منها:
ما عرفها به الإمام الکمال ابن الهمام الحنفی-رحمه الله- بقوله: "الإدرار على الشیء بما به بقاؤه"([54]).
وعرفها الإمام ابن عرفة-رحمه الله- من فقهاء المالکیة بقوله: "ما به قوام معتاد حال الآدمی دون سرف"([55]).
وعرفها الإمام الشربینی الخطیب الشافعی- رحمه الله- بقوله: "الإخراج، ولا یستعمل إلا فی الخیر"([56]).
وعرفها الإمام البهوتی –رحمه الله- من فقهاء الحنابلة بقوله: "کفایة من یمونه خبزاً وأُدمًا، وکسوة وسکنًا، وتوابعها"([57]).
ومن خلال ما سبق یتبین لنا أن هذه التعاریف شاملة لکل نفقة واجبة سواء على الزوجة أو الأولاد أو الأقارب، وقد عرَّف بعض الباحثین النفقة الزوجیة بتعریف خاص، فعرفها بأنها: "ما یطالب به الزوج شرعًا نحو زوجته من طعام وشراب وملبس ومسکن وفراش وخدمة، وما یتبع ذلک حسب العرف فی إطار القواعد الشرعیة"([58]).
ثانیًا: حکم النفقة على الزوجة
تجب النفقة للزوجة غیر الناشز على زوجها، وقد ثبت هذا الحق بالکتاب والسنة والإجماع والمعقول.
أما الکتاب: فقوله تعالى: ﴿لِیُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾([59])، وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([60]).
وجه الدلالة: قال الإمام القرطبی –رحمه الله-: قوله تعالى: ﴿لِیُنْفِقْ﴾ أی لینفق الزوج على زوجته وعلى ولده الصغیر على قدر وسعه حتى یوسع علیهما إذا کان موسعا علیه، ومن کان فقیرًا فعلى قدر ذلک. فتقدر النفقة بحسب الحالة من المنفق والحاجة من المنفق علیه بالاجتهاد على مجرى حیاة العادة؛ فینظر المفتی إلى قدر حاجة المنفق، علیه ثم ینظر إلى حالة المنفق، فإن احتملت الحالة أمضاها علیه، فإن اقتصرت حالته على حاجة المنفق علیه ردها إلى قدر احتماله([61]).
وأما السنَّة: فما روی عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - ذَکَرَ فِی خُطْبَتِهِ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: «اتَّقُوا اللهَ فِی النِّسَاءِ، فَإِنَّکُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِکَلِمَةِ اللهِ، وَلَکُمْ عَلَیْهِنَّ أَنْ لَا یُوطِئْنَ فُرُشَکُمْ أَحَدًا تَکْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِکَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَیْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَیْکُمْ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»([62]).
قال الإمام النووی –رحمه الله-: "فیه وجوب نفقة الزوجة وکسوتها، وذلک ثابت بالإجماع"([63]).
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ:«ابْدَأْ بِنَفْسِک فَتَصَدَّقْ عَلَیْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَیْءٌ فَلِأَهْلِک فَإِنْ فَضَلَ شَیْءٌ فَلِذِی قَرَابَتِک»([64]).
وأما الإجماع: فلأن الأمة أجمعت على أن النفقة والکسوة واجبتان للزوجة على زوجها. وقال ابن هبیرة: اتفقوا على وجوب نفقة الرجل على من تلزمه نفقته کالزوجة، والولد الصغیر، والأب([65]).
وأما المعقول: فلأن النفقة تجب جزاء الاحتباس، ومن کان محبوسًا بحق شخص کانت نفقته علیه؛ لعدم تفرغه لحاجة نفسه، أصله القاضی والوالی والعامل فی الصدقات والمفتی والمقاتلة، والمضارب إذا سافر بمال المضاربة، والوصی، ولا فرق فی ذلک بین أن تکون مسلمة أو کافرة لإطلاق النصوص، وبقدر حالهما یعنی یعتبر حالهما فی النفقة حتى إذا کانا موسرین تجب علیه نفقة الموسرات، وإن کانا معسرین تجب علیه نفقة المعسرات، وإن کان أحدهما موسرًا، والآخر معسرًا تجب علیه نفقة دون نفقة الموسرات، وفوق نفقة المعسرات([66]).
والمقصود بالنفقة توفیر ما تحتاج إلیه الزوجة من طعام، ومسکن، وخدمة، فتجب لها هذه الأشیاء وإن کانت غنیة([67]).
وبناء على ما سبق یتبین لنا أن النفقة الواجبة تقدر بالعرف بین الناس، وهو المعروف الذی أشار إلیه القرآن الکریم مع مراعاة حال الزوج أیضًا؛ لقوله تعالى: ﴿ لِیُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَیَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ یُسْراً﴾([68]).
والقاعدة أن الصداق یصح بکل مال متقوم معلوم علمًا نافیًا للجهالة. فهو یصح إذا کان مبلغاً من النقود أو مقداراً من الذهب أو الفضة أو عیناً معینة مثل سیارة أو قطعة أرض أو منزل. بل یصح أن یکون منفعة تقدر بالأموال مثل زراعة الأرض أو سکنى المنزل. أو ما شابه ذلک([69]).
الفرع الثانی
سبب وجوب النفقة وشروطها
أولًا: سبب وجوب النفقة على الزوجة :
من خلال النظر فی کتب المذاهب الفقهیة وجدت أن الفقهاء قد اختلفوا فی سبب وجوب النفقة على الزوجة، وبیان ذلک فی الأقوال الآتیة:
القول الأول: ما ذهب إلیه المالکیة([70])، والشافعیة([71])، والحنابلة([72])، أن النفقة واجبة إذا سلمت المرأة نفسها إلى الزوج على الوجه الواجب علیها، وقد استدلوا على ذلک بما یأتی:
1-أن النبی صلى الله علیه وسلم عقد على عائشة رضی الله عنها، ودخل بها بعـد سنتین، ولم ینقل أنه أنفق علیها قبل الدخول، ولو کان حقًا لها لساقه إلیها،
ولو وقع لنقل([73]).
2-أن النفقة فی مقابل التمکین من الاستمتاع؛ بدلیل أن الناشز لا نفقة لها، فإذا حصل الدخول أو التمکین من جهة الزوجة فقد وجب ما یقابله([74]).
3-أن المقصود من عقد النکاح هو الاستمتاع، فإذا أسلمت نفسها إلیه وجبت لها النفقة وإلا فلا([75]).
القول الثانی: ما ذهب إلیه فقهاء الحنفیة أن النفقة واجبة بالحبس الثابت بعقد النکاح الصحیح ما لم یکن مانع بغیر حق من جهة الزوجة، وقد استدلوا على ذلک بأن: حق الحبس الثابت للزوج على زوجته بسبب النکاح یمنعها من الخروج للکسب، فلو لم تکن کفایتها علیه حینئذ لهلکت([76]).
القول الثالث: هو ما ذهب إلیه الشافعیة فی القدیم أن النفقة واجبة بمجرد عقد النکاح وتستقر بالتمکین، وقد استدلوا على ذلک بأن: النفقة لیست عوضًا لمنافع البضع حتى یتوقف استقرارها على توفیة المنافع، بدلیل أن المریضة التی لا تجامع تستحق النفقة([77]).
القول الراجح: هو ما ذهب إلیه جمهور الفقهاء من المالکیة، والشافعیة، والحنابلة، من أن سبب وجوب النفقة للزوجة هو التمکین التام من الزوجة، لا مجرد الاحتباس أو العقد؛ وذلک لقوة أدلتهم، وسلامتها من المعارضة.
وبناء على ما تقدم: فإن سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها: هو الاحتباس الذی یقتضیه عقد الزواج الصحیح؛ لأن العقد متى وقع صحیحاً، صارت الزوجة حلالاً للزوج وحراماً على غیره، فتکون محبوسة لحقه، ومن ثم تستحق النفقة وإن کانت فی بیت أبیها ما دامت لم تمتنع من الانتقال إلى بیت زوجها؛ لأن تقصیر الزوج فی المطالبة بحقه لا ینبغی أن یکون سبباً لسقوط حقها، ما دامت مستعدة لإیفاءه حقه بالانتقال إلى بیته، فإذا طلب الزوج انتقالها إلى بیته، فامتنعت من غیر حق، فلا تجب لها النفقة([78]).
ثانیًا: شروط وجوب النفقة على الزوجة:
اشترط الفقهاء لوجوب نفقة الزوجة على زوجها عدة شروط هی:
الشرط الأول: صحة النکاح، ذلک أن سبب وجوب النفقة هو حق الحبس الثابت للزوج على زوجته بسبب عقد النکاح الصحیح، فإذا کان النکاح فاسداً لم یثبت به حق الحبس للزوج علیها، کما أن التفریق واجب بین الطرفین فی النکاح الفاسد، لأنه لیس بنکاح حقیقة([79]).
الشرط الثانی: تمکین الزوجة نفسها من الزوج تمکیناً تاماً، ویستثنی من ذلک صورتان:-
إحداهما: ما لو منعت نفسها لتسلیم المهر المعین أو الحال فإن لها النفقة من حینئذ، أما المؤجل فلیس لها حبس نفسها له وإن حل .
الصورة الثانیة: ما لو أراد الزوج سفراً طویلاً فلامرأته المطالبة بنفقة مدة ذهابه ورجوعه، کما لا یخرج للحج حتى یترک لها هذا المقدار، أی إذا لم یستنب من یدفع لها ذلک، ویفهم من القول أن النفقة یشترط لوجوبها التمکین أن العقد لا تجب به النفقة، وهو جدید قول الشافعی والقدیم: أنها تجب بالعقد وتستقر بالتمکین، فلو امتنعت منه سقطت النفقة.
واستدل لکونه للتمکین لا للعقد أن العقد وجب به المهر وهو لا یوجب عوضین مختلفین([80])، ولا یسقط النفقة عذر یمنع الجماع عادة کمرض، ورتق، وقرن وحیض، ونفاس، وجنون، وإن قارنت تسلیم الزوجة، لأنها أعذار بعضها یطرأ ویزول وبعضها دائم، وهی معذورة فیها وقد حصل التسلیم الممکن، ویمکن التمتع بها من بعض الوجوه([81]).
الشرط الثالث: عدم نشوزها: أی عدم عصیانها زوجها وخروجها عن طاعته([82]) فیما له علیها مما أوجبه له عقد النکاح، کما لو امتنعت من فراشه، أو خرجت من منزله بغیر إذنه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسکن مثلها، أو امتنعت من السفر معه"([83])، ویستثنى من هذا حالات منها: إشراف البیت على الإنهدام، ولو أکرهت على الخروج من بیته ظلماً، وخرجت المحلة وبقی البیت منفردا وخافت على نفسها، لو کان المنزل لغیر الزوج فأخرجها منه صاحبه، ما لو خرجت إلى القاضی لطلب حقها منه، وإذا أعسر بالنفقة سواء أرضیت بإعساره أم لا، ما لو خرجت إلى الحمام ونحوه من حوائجها التی یقتضی العرف خروج مثلها له لتعود عن قرب للعرف فی رضا مثله بذلک، ما لو خرجت لاستفتاء لم یغنها الزوج عن خروجها له، لو خرجت لبیت أبیها لزیارة أو عیادة، فالعذر یبیح للمرأة الخروج من بیتها([84]).
وقد زاد فقهاء المالکیة شروطًا أخرى لوجوب النفقة وهی:
1-أن یکون الزوج بالغًا، فإن کان صغیرًا لا یوطأ مثله والمرأة کبیرة وسلمت نفسها، فلا نفقة لها([85])، وهو روایة عن أحمد([86])، وأحد قولی الشافعی([87]).
وجمهور الفقهاء أوجبوا علیه النفقة؛ لأنها سلمت نفسها تسلیمًا صحیحًا، وإنما العجز من قبله فصار کالمجبوب والعنین([88]).
2-ألا یکون أحد الزوجین مشرفًا على الموت عند الدعوة إلى الدخول.
3-دعوة المرأة أو ولیها المجبر الزوج إلى الدخول، بأن تدعو المرأة زوجها بعد العقد إلى الدخول بها أو یدعوه ولیها المجبر أو وکیلها، فإن لم تحصل هذه الدعوة أو امتنعت من الدخول لغیر عذر فلا نفقة لها([89]).
قالوا: وهذه الشروط فی غیر المدخول بها إذا دعیت للدخول، وأما المدخول بها فتجب لها النفقة وإن لم تکن الزوجة مطیقة، ولا الزوج بالغًا([90]).
المطلب الثالث
الکسوة والسکنى
فیجب على الزوج تحصیلها للمرأة؛ لقوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ یُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کَامِلَیْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([91]).
وجه الدلالة: قال الإمام القرطبی-رحمه الله-: "ذلک یقتضی تعلق المعروف فی حقهما؛ لأنه لم یخص فی ذلک واحدا منهما، ولیس من المعروف أن یکون کفایة الغنیة مثل نفقة الفقیرة؛ وقد قال رسول الله صلى الله علیه وسلم لهند: "خذی ما یکفیک وولدک بالمعروف"([92]). فأحالها على الکفایة حین علم السعة من حال أبی سفیان الواجب علیه بطلبها، ولم یقل لها لا اعتبار بکفایتک وأن الواجب لک شیء مقدر، بل ردها إلى ما یعلمه من قدر کفایتها ولم یعلقه بمقدار معلوم. ثم ما ذکروه من التحدید یحتاج إلى توقیف؛ والآیة لا تقتضیه"([93]).
وقال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾([94]). أی: یقومون بالنفقة علیهن والذب عنهن([95]).
ولحدیث جابر رضی الله عنه فی خطبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - وفیه:« وَلَهُنَّ عَلَیْکُمْ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»([96])، ولحدیث حَکِیمِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْقُشَیْرِیِّ، عَنْ أَبِیهِ، قَالَ: قُلْتُ: یَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَیْهِ؟ قَالَ:« أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَکْسُوَهَا إِذَا اکْتَسَیْتَ، أَوِ اکْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِی الْبَیْتِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَکِ اللَّهُ([97]).
فمن حقوق الزوجة على زوجها وجوب توفیر المسکن الملائم، لقوله تعالى فی شأن المعتدات من الطلاق:﴿أَسْکِنُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ سَکَنْتُمْ مِنْ وُجْدِکُمْ﴾([98]). فإنه یدل على وجوب إسکان المطلقة أثناء العدة، وإذا کان إسکان المطلقة أثناء العدة واجبًا، کان إسکان الزوجة حال قیام الزوجیة واجبًا بالطریق الأولى([99]).
ومن شروط المسکن أن تأمن فیه الزوجة على نفسها ومالها([100])، ولو أسکنها فی بیت من الدار مفردًا وله غلق کفاها، ولیس لها أن تطالبه بمسکن آخر؛ لأن الضرر بالخوف على المتاع وعدم التمکن من الاستمتاع قد زال. وإن أساء الزوج عشرتها ولم تستطع إثبات ذلک أسکنها القاضی إلى جانب ثقة یمنعه من الإضرار بها والتعدی علیها. وهذا باتفاق فی الجملة.
وقد ذهب الحنفیة([101])، والمالکیة([102])، والشافعیة([103]) إلى أن من شروط شرعیة المسکن الزوجی أن یقع بین جیران صالحین، وتأمن فیه الزوجة على نفسها.
وحتى یمکن القول بأن المسکن مناسب شرعاً یتعین أن تتوافر الشروط الثلاثة الآتیة([104]):
الشرط الأول: أن یکون مشتملاً على کل ما یلزم السکن من أثاث وفراش وآنیة ومرافق وغیرها مما تحتاجه الأسرة، ویراعى فی ذلک حالة الزوج المالیة من یسار وإعسار ووضعه الاجتماعی.
الشرط الثانی: أن یکون خاصاً بالزوجین دون غیرهما باستثناء ولده الذی لم یبلغ سن التمییز، فإذا کان مشغولاً بسکنى أحد مهما کان قریباً فإنه لا یعتبر سکناً شرعیاً حیث لا تتحقق فیه للزوجة حریتها الکاملة.
الشرط الثالث: أن یکون المسکن مأموناً، وإلا فلا یعتبر مسکناً على الإطلاق، بل إن مظاهر الأمن فیه أن یکون بین جیران صالحین حتى تکون الزوجة آمنة فیه على نفسها ومالها، ویلاحظ أنه إذا کان متزوجاً بأخرى فإن وجود هذه الزوجة فی مسکن مجاور لها یعتبر إخلالاً بشرعیة المسکن إذا کان تتأذى من وجودها.
فإن أعد لها مسکنها بالشروط السابقة وجب علیها الاستقرار فیه ولا تخرج منه إلا بإذنه، أما إذا امتنع عن إعداد هذا المسکن، أو أعد مسکناً لا تتوافر فیه الشروط السابقة فإن من حقها أن تطالبه بأجرة مسکن شرعی، فیما لو أمکنها تدبیر المسکن من جانبها.
المبحث الثانی
الحقوق المعنویة للزوجة
وفیه خمسة مطالب:
المطلب الأول: إعفاف الزوجة.
المطلب الثانی: البیات عند الزوجة
المطلب الثالث: العدل والقسم.
المطلب الرابع: إکرام أمومة الأنثى.
المطلب الخامس: حسن المعاشرة بالمعروف.
المطلب الأول
إعفاف الزوجة
من حق الزوجة على زوجها أن یقوم بإعفافها، وذلک بأن یطأها، ویستمتع بها، ویجامعها، وتستمتع به هی أیضًا، ویعفها بالوطء عن الحرام، وعن التطلع إلى غیره، فإن للمرأة شهوة کالرجل. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِکَ فَأُولَئِکَ هُمُ الْعَادُونَ﴾([105]).
فمن حقوق الزوجة الواجبة على الزوج إعفاف الزوجة بالجماع؛ مراعاة لحقها ومصلحتها فی النکاح، ودفعًا للفتنة عنها، لعموم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ أَمَرَکُمُ اللَّهُ﴾([106])، وقوله تعالى: ﴿نِسَاؤُکُمْ حَرْثٌ لَکُمْ فَأْتُوا حَرْثَکُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾([107]).
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ:«وَفِی بُضْعِ أَحَدِکُمْ صَدَقَةٌ»([108]). یعنی: الجماع، وقد ذهب جمهور الفقهاء – الحنفیة([109])، والمالکیة([110])، والحنابلة([111])- إلى أنه یجب على الزوج أن یطأ زوجته، وذهب الشافعیة([112]) إلى عدم وجوب الوطء على الزوج، وإنما هو سنَّة فی حقه([113]).
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا یجوز للزوج أن یعزل عن زوجته الحرة بلا إذنها، لما روی عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ:« نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ أَنْ یُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا»([114])، وهو مروی عن ابن عباس، وعن ابن عمر، ثم عن عطاء، وإبراهیم النخعی.
ولأن لها فی الولد حقًّا، وعلیها فی العزل ضررًا؛ فلم یجز إلا بإذنها. لکن أجاز بعض الحنفیة العزل بغیر رضا الزوجة إن خاف الزوج من الولد السوء لفساد الزمان([115]).
فالحرة لها حق معتبر، وهذا بخلاف الأمة، وکذا إذا کانت الزوجة أمة رجل، فإن لمولاها حقًّا معتبرًا، فلا یجوز العزل إلَّا بالإذن. وقد ورد الفرق بین الحرة والأمة مرفوعًا وموقوفًا.
أخرج ابن أبی شیبة عن ابن مسعود أنه قال: "تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةَ، یُعْزَلُ عَنِ الأَمَةِ"([116])، وأخرج البیهقی عن ابن عمر أنه قال: "یَعْزِلُ عَنِ الْأَمَةِ، وَیَسْتَأْمِرُ الْحُرَّةَ"([117]).
قال الطحاوی فی "شرح معانی الآثار" بعد ما ذکر إباحة العزل عن الأمة لا عن الحرة إلَّا بإذنها: وإنْ کانت لرجل زوجة مملوکة فأرادت أن یعزل عنها فإن أبا حنیفة وأبا یوسف ومحمدًا کانوا یقولون فی ذلک- فیما حدثنی به محمد بن العباس، عن علی بن معبد، عن محمد، عن أبی یوسف، عن أبی حنیفة رحمة الله علیهم -: "أن الإذن فی ذلک إلى مولى الأمة". وقد روی عن أبی یوسف خلاف هذا القول. حدثنی ابن أبی عمران قال: حدثنی محمد بن شجاع، عن الحسن بن زیاد, عن أبی یوسف- رحمة الله علیهم- قال: "الإذن فی ذلک إلى الأمة لا إلى مولاها". قال ابن أبی عمران: هذا هو النظر على أصول ما بُنی علیه هذا الباب؛ لأنها لو أباحت لزوجها ترکَ جماعها کان ذلک فی سعة، ولم یکن لمولاها أن یأخذ زوجها بأن یجامعها"([118]).
وقال المبارکفوری-رحمه الله-: وقد اختلف السلف فی حکم العزل فحکی فی الفتح عن ابن عبد البر أنه قال: "لا خلاف بین العلماء أنه لا یعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به، ولیس الجماع المعروف إلا ما لا یلحقه العزل". قال الحافظ: وافقه فی نقل هذا الإجماع ابن هبیرة. قال: وتعقب بأن المعروف عند الشافعیة أنه لا حقَّ للمرأة فی الجماع، فیجوز عندهم العزل عن الحرة بغیر إذنها على مقتضى قولهم.
ویدل على اعتبار الإذن من الحرة حدیث عمر المذکور، وأما الأمة فإن کانت زوجة فحکمها حکم الحرة.
واختلفوا هل یعتبر الإذن منها أو من سیدها وإن کانت سریة، فقال فی الفتح: یجوز بلا خلاف عندهم إلا فی وجه حکاه الرویانی فی المنع مطلقًا کمذهب ابن حزم([119]).
المطلب الثانی
البیات عند الزوجة
اختلف الفقهاء فی وجوب بیات الزوج عند زوجته: فذهب الحنفیة([120])، والحنابلة([121]) إلى أنه یجب على الزوج أن یبیت عند زوجته، واختلفوا فی تقدیره، فذهب الحنفیة إلى عدم تقدیره، وإنما یجب على الزوج البیات عند زوجته أحیانًا من غیر توقیت.
قال ابن عابدین: وإذا تشاغل الزوج عن زوجته بالعبادة أو غیرها فظاهر المذهب أنه لا یتعین مقدار بل یؤمر أن یبیت معها ویصحبها أحیانًا من غیر توقیت، واختار الطحاوی أن لها یومًا ولیلة من کل أربع لیال وباقیها له؛ لأن له أن یسقط حقها فی الثلاث بتزوج ثلاث حرائر، وإن کانت الزوجة أمة فلها یوم ولیلة من کل سبع، وهذه روایة الحسن عن أبی حنیفة([122]).
وذهب الحنابلة([123]) إلى أنه یجب على الزوج أن یبیت فی مضجع زوجته الحرة لیلة من کل أربع لیال، لما روى کعب بن سوار أنه کان جالسًا عند عمر بن الخطاب فجاءت امرأة فقالت: یا أمیر المؤمنین، ما رأیت رجلًا قط أفضل من زوجی، والله إنه لیبیت لیله قائمًا، ویظل نهاره صائمًا، فاستغفر لها وأثنى علیها، واستحیت المرأة وقامت راجعة، فقال: یا أمیر المؤمنین، هلا أعدیت المرأة على زوجها؟ فقال: ما ذاک؟ فقال: إنها جاءت تشکوه! إذا کان هذا حاله فی العبادة متى یتفرغ لها؟ فبعث عمر إلى زوجها، وقال لکعب: اقض بینهما؛ فإنک فهمت من أمرهما ما لم أفهمه، قال: فإنی أرى أنها امرأة علیها ثلاث نسوة وهی رابعتهن فاقض له بثلاثة أیام ولیالیهن یتعبد فیهن ولها یوم ولیلة. وهذه قضیة اشتهرت ولم تُنکَر فکانت کالإجماع، یؤیده قول النبی صلى الله علیه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: « فَإِنَّ لِجَسَدِکَ عَلَیْکَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَیْنِکَ عَلَیْکَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِکَ عَلَیْکَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِکَ عَلَیْکَ حَقًّا»([124]).
وقال القاضی وابن عقیل: یلزمه من البیتوتة ما یزول معه ضر الوحشة، ویحصل منه الأنس المقصود بالزوجیة بلا توقیت. فیجتهد الحاکم، وصوب المرداوی هذا القول، ومحل الوجوب إذا طلبت الزوجة منه ذلک؛ لأن الحق لها فلا یجب بدون الطلب([125]).
وذهب المالکیة([126])، والشافعیة([127]) إلى أنه لا یجب على الزوج البیات عند زوجته، وإنما یسن له ذلک، وصرح الشافعیة بأن أدنى درجات السنة فی البیات لیلة فی کل أربع لیال، اعتبارًا بمن له أربع زوجات.
واستظهر ابن عرفة من المالکیة وجوب البیات عندها، أو یحضر لها مؤنسة؛ لأن ترکها وحدها ضرر بها لا سیما إذا کان المحل یتوقع منه الفساد والخوف من اللصوص([128]).
المطلب الثالث
العدل والقسم
ومن حق الزوجة على زوجها القسم: العدل بین نسائه فی المبیت والنفقة لمن کانت له أکثر من زوجة؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً …﴾([129]).
قال الإمام القرطبی-رحمه الله-: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ قال الضحاک وغیره : فی المیل والمحبة والجماع والعشرة والقسم بین الزوجات الأربع والثلاث والاثنتین "فواحدة" فمنع من الزیادة التی تؤدی إلى ترک العدل فی القسم وحسن العشرة، وذلک دلیل على وجوب ذلک، والله أعلم. وقرئت بالرفع، أی فواحدة فیها کفایة أو کافیة([130]).
وعن أنس رضی الله عنه قال:« کَانَ لِلنَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَکَانَ إِذَا قَسَمَ بَیْنَهُنَّ، لَا یَنْتَهِی إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُولَى إِلَّا فِی تِسْعٍ، فَکُنَّ یَجْتَمِعْنَ کُلَّ لَیْلَةٍ فِی بَیْتِ الَّتِی یَأْتِیهَا، فَکَانَ فِی بَیْتِ عَائِشَةَ، فَجَاءَتْ زَیْنَبُ، فَمَدَّ یَدَهُ إِلَیْهَا، فَقَالَتْ: هَذِهِ زَیْنَبُ، فَکَفَّ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ یَدَهُ، فَتَقَاوَلَتَا حَتَّى اسْتَخَبَتَا، وَأُقِیمَتِ الصَّلَاةُ، فَمَرَّ أَبُو بَکْرٍ عَلَى ذَلِکَ، فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمَا، فَقَالَ: اخْرُجْ یَا رَسُولَ اللهِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَاحْثُ فِی أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ، فَخَرَجَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: الْآنَ یَقْضِی النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، فَیَجِیءُ أَبُو بَکْرٍ فَیَفْعَلُ بِی وَیَفْعَلُ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، أَتَاهَا أَبُو بَکْرٍ، فَقَالَ لَهَا قَوْلًا شَدِیدًا، وَقَالَ: أَتَصْنَعِینَ هَذَا»([131]).
والعدل بین الزوجات - ولو مختلفات فی الدین - واجب. قال ابن المنذر-رحمه الله-: أجمع کل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن القسم بین المسلمة والذمیة سواء، وذلک لأن القسم من حقوق الزوجیة، فاستوت فیه المسلمة والکتابیة، کالنفقة والسکنى، وهذا عند جمیع الفقهاء([132]).
فمن حق الزوجة على زوجها العدل بالتسویة بینها وبین غیرها من زوجاته- إن کان له زوجات- فی المبیت والنفقة وغیر ذلک من ضروب المعاملة المادیة، وذلک ما یدل علیه قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾([133]).
ندب الله تعالى إلى نکاح الواحدة عند خوف ترک العدل فی الزیادة ، وإنما یخاف على ترک الواجب، فدل على أن العدل بینهن فی القسم والنفقة واجب، وإلیه أشار فی آخر الآیة بقوله عز وجل: ﴿ ذَلِکَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾([134])، أی تجوروا، والجور حرام فکان العدل واجبا ضرورة؛ ولأن العدل مأمور به فی قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾([135]) على العموم والإطلاق إلا ما خص أو قید بدلیل؛ ولأن النساء رعیة الزوج، فإنه یحفظهن وینفق علیهن، وکل راع مأمور بالعدل فی رعیته([136]).
وجاء عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ، عَنِ النَّبِیِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:« إِذَا کَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ یَعْدِلْ بَیْنَهُمَا جَاءَ یَوْمَ القِیَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ»([137]).
قال الإمام الطحاوی-رحمه الله-: وکأن معنى هذا الحدیث عندنا على المیل إلیها بغیر إذن صاحبتها له فی ذلک، فأما إذا أذنت له فی ذلک وأباحته ، فلیس یدخل فی هذا المعنى کما فعلت سودة حین وهبت یومها لعائشة؛ لأن حقها إنما ترکته بطیب نفسها، فهی فی حکمها لو لم یکن له امرأة غیرها([138]).
وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ کَانَ یَقْسِمُ بَیْنَ نِسَائِهِ، فَیَعْدِلُ، وَیَقُولُ:« اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِی فِیمَا أَمْلِکُ، فَلَا تَلُمْنِی فِیمَا تَمْلِکُ وَلَا أَمْلِکُ»([139]).
وقوله: "فلا تلمنی فیما لا أملک": أراد به الحب ومیل القلب، وفیه دلیل على أن القسم بینهن کان فرضا على الرسول صلى الله علیه وسلم کما کان على غیره حتى کان یراعی التسویة بینهن فی مرضه مع ما یلحقه من المشقة([140]).
وبناء على ما سبق فإن والعدل الواجب فی القسم یکون فیما یملکه الزوج ویقدر علیه من البیتوتة والتأنیس ونحو ذلک، أما ما لا یملکه الزوج ولا یقدر علیه کالوطء ودواعیه، وکالمیل القلبی والمحبة . . فإنه لا یجب على الزوج العدل بین الزوجات فی ذلک؛ لأنه مبنی على النشاط للجماع أو دواعیه والشهوة، وهو ما لا یملک توجیهه ولا یقدر علیه، وکذلک الحکم بالنسبة للمیل القلبی والحب فی القلوب والنفوس فهو غیر مقدور على توجیهه([141]).
المطلب الرابع
إکرام أمومة الأنثى.
ومن حقوق الزوجة على زوجها إکرام أمومة الأنثى، فقد أکثر النبی صلى الله علیه وسلم من الوصایة بالأم وقدمها فی الرعایة على الأب فعن أبی هریرة رضی الله تعالى عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِی؟ قَالَ: «أُمُّکَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّکَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّکَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوکَ»([142])، وجعل النبی صلى الله علیه وسلم رضاها طریقًا إلى الجنة، حینما جَاءَ جَاهِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللهِ، أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُکَ أَسْتَشِیرُکَ. فَقَالَ:« هَلْ لَکَ مِنْ أُمٍّ؟ » قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ:« الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا»([143]).
المطلب الخامس
حسن المعاشرة بالمعروف
من الحقوق المعنویة للزوجة حسن معاشرتها، ومعاملتها بالمعروف؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([144]) فیکون حَسَنَ الخلق مع زوجته رفیقًا بها، صابرًا على ما یصدر منها، محسنًا للظن بها. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ:«خَیْرُکُمْ خَیْرُکُمْ لِأَهْلِهِ»([145]).
وقوله: (خیرکم) أی من خیرکم (خیرکم لأهله) أی لعیاله وأقاربه قال ابن الأثیر: هو إشارة إلى صلة الرحم والحث علیها بل قال القفال: یقال خیر الأشیاء کذا ولا یراد به أنه خیر من جمیع الوجوه فی جمیع الأحوال والأشخاص بل فی حال دون حال أو نحوه، (وأنا خیرکم لأهلی) فأنا خیرکم مطلقًا، وکان أحسن الناس عشرة لهم، حتى أنه کان یرسل بنات الأنصار لعائشة یلعبن معها، وکان إذا وهبت شیئًا لا محذور فیه تابعها علیه، وإذا شربت شرب من موضع فمها، ویقبلها وهو صائم، وأراها الحبشة وهم یلعبون فی المسجد، وهی متکئة على منکبه، وسابقها فی السفر مرتین فسبقها وسبقته، ثم قال: هذه بتلک، وتدافعا فی خروجهما من المنزل مرة..."([146]).
وقد ذهب فقهاء المالکیة([147]) والشافعیة([148])، والحنابلة([149]) إلى أن المعاشرة بالمعروف واجبة على کل واحد من الزوجین، فیلزم على کل واحد من الزوجین معاشرة الآخر بالمعروف من الصحبة الجمیلة، وکف الأذى، وأن لا یماطل بحقه مع قدرته، ولا یظهر الکراهة لبذله، بل یبذله ببشر وطلاقة، ولا یتبعه منة ولا أذى، لأن هذا من المعروف المأمور به، لقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([150])، وقوله: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([151]).
قال أبو زید: "تتقون الله فیهن کما علیهن أن یتقین الله فیکم"([152])، وعن ابن عباس رضی الله عنهما قال: "إنِّی أُحِبُّ أَنْ أَتَزَیَّنَ لِلْمَرْأَةِ, کَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَیَّنَ لِی الْمَرْأَةُ؛ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى یَقُولُ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وَمَا أُحِبُّ أنْ تَسْتَطِفَّ جَمِیعَ حَقٍّ لِی عَلَیْهَا؛ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ یَقُولُ: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَیْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾([153]).
قال ابن الجوزی وغیره فی قوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([154]): وهو المعاشرة الحسنة والصحبة الجمیلة([155]).
فدل ذلک أنه یلزم تحسیـن الخلق والرفق، واستحبهما ابن قدامة فی المغنی([156]). واحتمال الأذى، وقـال ـ عز وجل : ﴿وَعَاشِرُوهُـنَّ بِالْمَعْـرُوفِ فَإِنْ
کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئًا وَیَجْعَلَ اللَّهُ فِیهِ خَیْرًا کَثِیرًا﴾([157]).
قال ابن الجوزی-رحمه الله- وغیره فی قوله تعالى: ﴿فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئًا﴾: قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولدًا، فجعل الله فی ولدها خیرًا کثیرًا، وقد نَدَبت الآیة إِلى إمساک المرأة مع الکراهة لها، ونبَّهت على معنیین: أحدهما: أن الإِنسان لا یعلم وجوه الصلاح، فرب مکروهٍ عاد محمودًا، ومحمودٍ عاد مذمومًا، والثانی: أن الإنسان لا یکاد یجد محبوبًا لیس فیه ما یکره، فلیصبر على ما یکره لما یحب([158]).
ویسن لکل واحد منهما تحسین الخلق لصاحبه، والرفق له، واحتمال أذاه.
ومن خلال ما تقدم تبین لنا أن هناک حقوق غیر مالیة على الزوج تجاه زوجته، وهی إعفاف الزوجة، والعدل فی القسم بین الزوجات، والبیات عند الزوجة، والمعاشرة بالمعروف، وإکرام أمومة الأنثى.
الخاتمة
وتشتمل على أهم النتائج والتوصیات :
أولاً: النتائج:
1- عُرَّف الحق بأنه اختصاص، وهو تعریف یبرز ماهیة الحق بشکل یمیزه عن غیره من الحقائق الشرعیة الأخرى.
2- للزوجة على زوجها حقوق مالیة وهی: المهر، والنفقة، والسکنى، وحقوق غیر مالیة: کالعدل فی القسم بین الزوجات، وعدم الإضرار بالزوجة.
3- المهر هو المال الذی تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد علیها أو بالدخول بها، وهو حق واجب للمرأة على الرجل عطیة من الله تعالى مبتدأة، أو هدیة أوجبها على الرجل.
4- من الحقوق المالیة للزوجة النفقة، وهی ما یطالب به الزوج شرعًا نحو زوجته من طعام وشراب وملبس ومسکن وفراش وخدمة، وما یتبع ذلک حسب العرف فی إطار القواعد الشرعیة.
5- من حقوق الزوجة على زوجها وجوب توفیر المسکن الملائم، ومن شروطه أن تأمن فیه الزوجة على نفسها ومالها.
6- من حق الزوجة على زوجها العدل بین نسائه فی المبیت والنفقة لمن کانت له أکثر من زوجة.
7- حسن معاشرة الزوجة بالمعروف، فیکون حَسَنَ الخلق مع زوجته رفیقًا بها، صابرًا على ما یصدر منها، محسنًا للظن بها.
ثانیاً: التوصیات:
1- عقد المزید من الندوات والمحاضرات للتوعیة بأحکام الأسرة فی الفقه الإسلامی، وخاصة ما یتعلق بالحقوق الزوجیة، من حق الزوج على زوجته، وحق الزوجة على زوجها، والحقوق الزوجیة المشترکة.
2- على الباحثین والدارسین المتخصصین فی الفقه الإسلامی القیام بالمزید من البحوث والدراسات المتخصصة فی أحکام الأسرة، وبیانها بأسلوب معاصر حسب طبیعة العصر مع مقارنتها بالقانون.
([6]) الملکیة فی الشریعة الإسلامیة: د/ عبد السلام داود العبادی (1/96). الحقوق المجردة فی الفقه المالی الإسلامی: سامی حبیلی صـ9 وما بعدها.
([17]) أخرجه أبو داود فی سننه - کتاب الإجارة- باب فی الرجل یجد عین ماله عند رجل حدیث رقم (3533) 2/603، وضعفه الألبانی فی ضعیف سنن أبی داود حدیث رقم (3531).
([18]) أخرجه البخاری فی صحیحه- کتاب النفقات- باب إذا لم ینفق الرجل فللمرأة أن تأخذ ما یکفیها وولدها بالمعروف– حدیث رقم (5418) 3/1123، وأخرجه مسلم فی صحیحه- کتاب الأقضیة- باب قضیة هند– حدیث رقم (4574) 2/745.
([23]) سمی المهر صداقًا لإشعاره بصدق رغبة باذله فی النکاح الذی هو الأصل فی إیجاب المهر. ینظر: الموسوعة الفقهیة المیسرة فی الزواج والطلاق، د/ محمد إبراهیم الحفناوی 1/ 250.
([24]) العلیقة: المهر، وقد سئل النبی صلى الله علیه وسلم ما العلائق؟ قال: "ما تراضى علیه الأهلون". السنن الکبرى للبیهقی- کتاب الصداق- باب ما یجوز أن یکون مهرا – حدیث رقم (13452). ینظر: النهایة: لابن الأثیر (3/ 289).
([25]) العقر: ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة، وقال أحمد بن حنبل: العقر: المهر. ینظر: لسان العرب: مادة عقر:
([26]) لأن "أمهرتها" إذا زوجتها من رجل على مهر فهی ممهرة، ومهرتها: إذا أعطیتها المهر فهی ممهورة. ینظر: الموسوعة الفقهیة المیسرة فی الزواج والطلاق، د/ محمد إبراهیم الحفناوی 1/ 250.
([27]) جواهر العقود ومعین القضاة والموقعین والشهود، لشمس الدین محمد بن أحمد المنهاجی الأسیوطی (ت: 880هـ)، 2/ 33، وما بعدها.
([33]) سنن الترمذی- أبواب النکاح عن رسول الله صلى الله علیه وسلم- باب ما جاء لا نکاح إلا بولی- حدیث رقم (1125) 1/294، وصححه الألبانی فی صحیح سنن الترمذی حدیث رقم (1102).
([47]) مصنف ابن أبی شیبة- کتاب النکاح- ما قالوا فی مهور النساء واختلافهم فی ذلک- حدیث رقم (16641) 4/ 189.
([58]) النفقة الزوجیة فی الشریعة الإسلامیة: د/ محمد یعقوب طالب عبیدی، صـ21، ط/ مرکز فجر للطباعة، القاهرة، ط1، 1413هـ.
([64]) صحیح مسلم- کتاب الزکاة- باب الابتداء فی النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة- حدیث رقم (2360) 1/394.
([67]) تبیین الحقائق (3/ 50- 51)، وحاشیتا قلیوبی وعمیرة (4/ 70- 71)، وکشاف القناع (5/ 460)، والموسوعة الفقهیة الکویتیة (30/ 127).
([92]) صحیح البخاری- کتاب النفقات- باب إذا لم ینفق الرجل فللمرأة أن تأخذ ما یکفیها وولدها بالمعروف– حدیث رقم (5418) 3/1123.
([97]) سنن أبی داود- کتاب النکاح- باب فی حق المرأة على زوجها- حدیث رقم (2144) 1/362، وأحمد فی مسنده- أول مسند البصریین- حدیث حکیم بن معاویة البهزی- حدیث رقم (20011) 33/213، والحاکم فی المستدرک (2764) 2/204، وصححه، وصححه الألبانی فی صحیح سنن أبی داود حدیث رقم (2142).
([108]) صحیح مسلم- کتاب الزکاة- باب بیان أن اسم الصدقة یقع على کل نوع من المعروف- حدیث رقم (2376) 1/396.
([113]) بدائع الصنائع (2/ 331)، وشرح فتح القدیر (2/ 518)، والفواکه الدوانی (2 / 46)، وحاشیة البجیرمی على الخطیب (3 / 395)، وکشاف القناع (5/ 192)، والموسوعة الفقهیة الکویتیة (30/ 127(.
([114]) سنن ابن ماجه- کتاب النکاح- باب العزل – حدیث رقم (2003) 1/ 280، وقال البوصیری فی "مصباح الزجاجة" (692): إسناده ضعیف؛ لضعف ابن لهیعة، وضعفه الألبانی فی ضعیف سنن ابن ماجه حدیث رقم (1958).
([115]) حاشیة ابن عابدین (2/ 379- 380)، وحاشیة الدسوقی (2/ 266)، وحاشیتا قلیوبی وعمیرة (4/ 375)، وکشاف القناع (5/ 189).
([117]) مصنف ابن أبی شیبة- کتاب النکاح- من قال یعزل عن الأمة- حدیث رقم (16878) 4/222. السنن الکبرى للبیهقی- کتاب النکاح- جماع أبواب العیب فی المنکوحة- باب من قال: یعزل عن الحرة بإذنها- حدیث رقم (14715) 7/231.
([124]) صحیح البخاری- کتاب النکاح- باب: لزوجک علیک حق- حدیث رقم ()، صحیح مسلم- کتاب الصیام باب النهی عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به- حدیث رقم (2788) 1/460.
([132]) "حاشیة ابن عابدین" (2/ 400)، و"الشرح الکبیر" (2/ 339)، و"المهذب" (2/ 68)، و"المغنی" (7/ 36).
([137]) سنن الترمذی- أبواب النکاح عن رسول الله صلى الله علیه وسلم- باب ما جاء فی التسویة بین الضرائر حدیث رقم (1171) 1/ 307، والمستدرک على الصحیحین للحاکم- کتاب النکاح- حدیث: (2759) 2/302، وصححه، ووافقه الذهبی، وصححه الألبانی فی صحیح سنن الترمذی حدیث رقم (1141).
([139]) سنن أبی داود- کتاب النکاح- باب فی القسم بین النساء– حدیث رقم (2136) 1/361، سنن الترمذی- أبواب النکاح عن رسول الله صلى الله علیه وسلم- باب ما جاء فی التسویة بین الضرائر حدیث رقم (1170) 1/307، سنن ابن ماجه- کتاب النکاح- باب القسمة بین النساء– حدیث رقم (2047) 1/286، وضعفه الألبانی فی ضعیف سنن أبی داود حدیث رقم (2134)، وضعیف سنن ابن ماجه حدیث رقم (2002)
([142]) صحیح البخاری- کتاب الأدب- باب: من أحق الناس بحسن الصحبة – حدیث رقم (6037) 3/1224، صحیح مسلم- کتاب البر والصلة والآداب- باب بر الوالدین وأنهما أحق به- حدیث رقم (6664) 2/1085.
([143]) السنن الصغرى للنسائی- کتاب الجهاد- الرخصة فی التخلف لمن له والدة – حدیث رقم (3117) 2/503، سنن ابن ماجه- کتاب الجهاد- باب الرجل یغزو وله أبوان- حدیث رقم (2886) 1/406، وقال الألبانی: حسن صحیح. ینظر: صحیح سنن النسائی حدیث رقم (3104)، وصحیح الجامع حدیث رقم (1249).
([145]) سنن الترمذی- أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله علیه وسلم- باب فی فضل أزواج النبی صلى الله علیه وسلم- حدیث رقم (4269) 2/983، وقال: هذا حدیث حسن صحیح، وصححه الألبانی فی صحیح سنن الترمذی حدیث رقم (3895).