المساهمين
المؤلف
قسم الفقه، کلية الشريعة وأصول الدين، جامعة الملک خالد بأبها، أبها، المملکة العربية السعودية .
المستخلص
نقاط رئيسية
( الإبراد بالصلاة : دراسة فقهیة ) .
مشکلة البحث وتساؤلاته :
تظهر مشکلة هذا البحث فی ضعف تصور معنى الإبراد ، وعلته ، وقلة العمل به عند کثیر من الناس ، ویتضح ذلک من خلال الأسئلة التالیة :
أولاً : ما هو الإبراد ؟
ثانیاً : ما حکم الإبراد بالصلاة ؟
ثالثاً : ما الحکمة من مشروعیة الإبراد ؟
رابعاً : ما الآثار المترتبة على معرفة حکم الإبراد وعلته ؟
أهمیة البحث :
أولاً : تعلقه بفریضة الصلاة آکد أرکان الإسلام وأهمها ، وأکثرها ارتباطاً بالمکلف .
ثانیاً : الخلل الواقع فی تصور هذه المسألة ، والعمل بها .
ثالثاً : قلة الدراسات التی تجمع شتات هذه المسألة ، وتحررها ، وتبین أحکامها .
أهداف البحث :
أولاً : بیان معنى الإبراد وحکمه .
ثانیاً : إبراز العلل المؤثرة فی مشروعیة الإبراد .
ثالثاً : توضیح الآثار المترتبة على بیان حکم الإبراد وعلته .
الدراسات السابقة :
اطلعت على ثلاث دراسات سابقة حول الموضوع ، وهی :
الدراسة الأولى : الإبراد بصلاة الظهر فی شدة الحر : دراسة حدیثیة موضوعیة للدکتور أحمد آل مجناء منشور بمجلة العلوم الشرعیة واللغة العربیة بجامعة الأمیر سطام بن عبدالعزیز ، العام 2017م ، المجلد الثانی، العدد الثالث .
الدراسة الثانیة : الإبراد بالصلاة فی شدة الحر ، للدکتور خالد أبا بطین ، بحث منشور بمجلة کلیة الشریعة والقانون بتفهنا الأشراف الدقهلیة ، السنة 2016م العدد الثامن عشر .
الدراسة الثالثة : إذا اشتد الحر فأبردوا ، الشیخ سلیمان الماجد ، مقال منشور بموقعه الالکترونی على الشبکة :
http://www.salmajed.com/node/11871 .
وقد استفدت من هذه الأبحاث الثلاثة ، وأضفت لها ما یلی :
أولاً : تحریر معنى الإبراد وبیان حقیقته .
ثانیاً : استیفاء الأقوال فی المسألة والاستدلال لها .
ثالثاً : استکمال عدد من المسائل المتعلقة بالمسألة .
رابعاً : العنایة بتحریر علة الإبراد وحکمته .
خامساً : إبراز الآثار المترتبة على بیان حکم الإبراد وعلته .
خطة البحث :
سینتظم البحث فی أربعة مباحث وخاتمة .
المبحث الأول : معنى الإبراد بالظهر وحقیقته .
المبحث الثانی : حکم الإبراد بالظهر .
المبحث الثالث : علة الإبراد بالظهر .
المبحث الرابع : الآثار المترتبة على بیان حکم الإبراد وعلته .
خاتمة
الكلمات الرئيسية
المبحث الأول
معنى الإبراد بالظهر وحقیقته
الإبراد لغة : مصدر ، والبرد ضد الحر ، وأبرد : دخل فی البرد ([1]) ، " یقال : أبرد الرجل صار فی برد النهار ، وأبرد الرجل کذا إذا فعله حینئذ"([2]) ، " وأبردوا عنکم من الظهیرة : لا تسیروا حتى ینکسر حرها" ([3]) .
وسمی الإبراد بذلک ؛ لأن فتور الحر بالإضافة إلى شدته برد ([4]) .
الإبراد اصطلاحاً : اختلف فی معنى الإبراد بالصلاة اصطلاحاً على قولین :
القول الأول : أن حقیقة الإبراد ومعناه : أن تؤدى صلاة الظهر فی أول وقتها ، وهو قول حکاه بعض أهل اللغة وغیرهم([5]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : حدیث أبی موسى الأشعری ¢ أن رسول الله‘ قال : ( من صلى البردین دخل الجنة) ([6]) .
وجه الدلالة : أن البردین هما صلاة الصبح والعصر ؛ لأنهما یصلیان فی برد النهار من أوله وآخره ، وکذلک الإبراد یقصد به برد النهار ، وهو أوله بعد الزوال، فتؤدى الصلاة فیه([7])
الدلیل الثانی : ما جاء فی حدیث أبی ذر ¢ قال: أذن مؤذن النبی‘ الظهر فقال: ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) وقال: (شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة) ، حتى رأینا فیء التلول([8]) .
وجه الدلالة : أن معنى أبردوا عن الصلاة : امتنعوا من تأخیرها ، وافعلوها فی البرد وهو أول وقتها ، وأبعدوا بها عن الحر ([9]).
ونوقش هذان الدلیلان من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أن الوارد فی حدیث أبی موسى هما صلاتا الصبح والعصر ، ووقتهما وقت إبراد، بخلاف صلاة الظهر فی أول وقتها فی شدة الحر فلیس إبرادًا، بل هو ضده([10]).
الوجه الثانی : أن تأول الإبراد على بردی النهار فیه خروج عن جملة قول الأمة ([11]) .
الوجه الثالث : أن أحادیث الإبراد ترد هذا القول فقد جاء فی حدیث أبی هریرة t .
أن رسول الله‘ قال : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فیح جهنم )([12]) ، والتعلیل بذلک یدل على أن المطلوب التأخیر([13]) ، وجاء فی حدیث أبی ذر t أن النبی‘ قال: ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) ، وهذه الألفاظ تدل على التأخیر([14]) .
الوجه الرابع : أن ( عن ) تأتی بمعنى الباء ، أی : أبردوا بالصلاة ، وقد تکون زائدة ، فیکون المعنى : أبردوا للصلاة([15]) .
القول الثانی : أن حقیقة الإبراد ومعناه : تأخیر صلاة الظهر عن أول وقتها فی شدة الحر إلى أن ینکسر وهج الحر ، ویبرد النهار ، وتفیء الأفیاء ، وهذا القول قول جمهور أهل اللغة([16]) ، وهو قول جمهور الفقهاء ([17]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : أحادیث الإبراد ، ففیها دلالة على أن المطلوب هو التأخیر عن شدة الحر ، وفیها من المعانی ما یدل على هذا کلفظتی : ( أبرد ، أبرد ) و( انتظر ، انتظر) و( فیء التلول )([18]) ([19]) ، فهذه ألفاظ مشعرة بأن الإبراد یقصد به التأخیر لا التعجیل .
الدلیل الثانی: أن دلالة لفظ الإبراد فی اللغة تقتضی هذا المعنى ([20]) .
الدلیل الثالث: أن هذا المعنى هو قول جملة الأمة ، والقول بغیره خروج عن جملة قولها ([21]) .
الترجیح : الراجح القول الثانی المتضمن أن الإبراد هو : تأخیر صلاة الظهر عن أول وقتها فی شدة الحر إلى أن ینکسر وهج الحر ، ویبرد النهار ، وتفیء الأفیاء لدلالة الأحادیث ، واللغة ، واتفاق عامة العلماء علیه ، وتحقیقه للمعانی والحکم المقصودة من الإبراد .
المبحث الثانی
حکم الإبراد بالصلاة
الإبراد بالصلاة إذا أُطْلِق انصرف إلى الإبراد بالظهر ([22]) .
وقد اختلف الفقهاء فی حکم الإبراد بالظهر على رأیین فی الجملة :
الرأی الأول : أن الإبراد غیر مشروع ، والمشروع هو تعجیل الظهر مطلقاً ، ونسب هذا القول لبعض الصحابة ، وبه قال اللیث بن سعد([23])، وهو وجه
عند الشافعیة ([24]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : الأحادیث التی تدل على أن أول الوقت أفضل ، ومنها ما یلی :
أ - عن ابن مسعود t أن رجلًا سأل النبی‘ أی الأعمال أفضل؟ قال: ( الصلاة لوقتها، وبر الوالدین، ثم الجهاد فی سبیل الله ) ([25]) .
ب – حدیث جابر بن عبد الله ¢ قال : (کان النبی ‘ یصلی الظهر بالهاجرة)([26])
ج - عن جابر بن سمرة t قال: (کان النبی ‘ یصلی الظهر إذا دحضت الشمس)([27]) .
وجه الدلالة : فی هذه الأحادیث دلالة على البدار إلى الصلاة فی أول وقتها ، فقد کان ‘ یوقع الظهر بعد الزوال مباشرة ، ویحرص على تعجیلها ، وکان لا یؤخرها ([28]) .
ونوقش هذا الاستدلال من وجهین :
الوجه الأول : أن أحادیث أول الوقت عامة أو مطلقة ، وحدیث الأمر بالإبراد خاص، ولا تعارض بین عام وخاص ولا بین مطلق ومقید ([29]) ، فـ"کأنه ‘ قال: صلوا الصلوات فی أوائل أوقاتها لمن ابتغى الفضل إلاَّ الظهر فی شدة الحر فإن الإبراد بها أفضل"([30])
الوجه الثانی : حمل أحادیث الحث على الصلاة فی أول وقتها على " أن یکون ذلک فی زمن البرد ، أو قبل الأمر بالإبراد ، أو عند فقد شروط الإبراد "([31]) .
الدلیل الثانی : عن أنس بن مالک t قال : ( کنا نصلی مع النبی ‘ فی شدة الحر، فإذا لم یستطع أحدنا أن یمکن وجهه من الأرض بسط ثوبه، فسجد علیه) ([32]) .
الدلیل الثالث : عن خباب t قال : ( أتینا رسول الله ‘ فشکونا إلیه حر الرمضاء، فلم یشکنا) ، قال زهیر: قلت لأبی إسحاق: أفی الظهر؟ قال: نعم، قلت: أفی تعجیلها؟ قال: نعم([33]) .
وجه الدلالة : أن الصحابة رضی الله عنهم کانوا یصلون الظهر فی شدة الحر، وقد شکوا إلى النبی ‘ ما یجدونه من مشقة ذلک فلم یجبهم ، ولم یزل شکواهم ([34]) .
ونوقش هذا الاستدلال من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : لیس فی حدیث أنس t ما یدل على أن النبی ‘ کان لا یُبْرِد ؛ فإن شدة الحر قد توجد بعد الإبراد ؛ لأن الغالب بقاء حرارة الأرض، وإن ذهبت الشمسُ عنها، فیُحتاج من أجل ذلک إلى بسط الثوب ([35]) .
الوجه الثانی : حدیث خباب أجاب عنه العلماء بإجابات کثیرة مردها إلى ثلاثـة :
أولاً: النسخ ، فإن حدیث خباب t فی تعجیل الصلاة کان بمکة وحدیث أبی هریرة ـ t ـ فی الإبراد کان بالمدینة، وأبو هریرة لم یسلم إلاَّ عام خیبر ویشهد لذلک حدیث المغیرة بن شعبةt قال : (کنا نصلی مع رسول الله ‘ الظهر بالهاجرة ، فقال لنا: أبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فیح جهنم )([36]) ، فهو صریح فی النسخ .
وقد اختاره الإمام أحمد ، والأثرم ، والطحاوی ،والبیهقی، وابن رجب ، وغیرهم([37]) .
ثانیاً: الجمع ، والذین قالوا بالجمع لهم أوجه متعددة فی الجمع ، أبرزها ما یلی :
أ-حمل حدیث خباب فی التعجیل بالظهر على الأفضل، وحمل أحادیث الإبراد على الرخصة والتخفیف فی التأخیر([38]) .
ب-حمل أحادیث الإبراد على الأفضل، وحمل حدیث خباب على جواز التعجیل بالظهر([39])
وأجیب : بأن ظاهر حدیث خباب منع التأخیر ([40]) .
ج- حمل أحادیث الإبراد على التأخیر المحتاج إلیه، وحمل حدیث خباب على أنهم طلبوا تأخیرًا زائدًا على قدر الإبراد یلزم منه خروج الوقت فلم یجبهم،واختاره جمع من أهل العلم([41])
د- حمل حدیث خباب فی التعجیل على من کان یصلی مع النبی ‘ من الصحابة ، فلم یجبهم عندما طلبوا منه التأخیر ؛ لأنهم کانوا معه ، وحمل أحادیث الإبراد فی الترخیص لمن لم یکن معه ؛ توسعة على أمته ، وتسهیلاً علیهم ، وقد اختاره ابن قتیبه([42]) .
ه- حمل أحادیث الإبراد على ظاهرها ، وتأویل حدیث خباب بأن معنى : (لم یشکنا): لم یحوجنا إلى الشکوى، وذلک بترخیصه ‘ لهم فی الإبراد ([43]).
وأجیب عن هذا من وجهین :
الوجه الأول : أن حدیث خباب قد روی بزیادة ترد هذا التأویل ، فقد روی بلفظ : ( شکونا إلى رسول الله ‘ شدة الرمضاء فلم یشکنا، وقال: ( إذا زالت الشمس فصلوا) ([44]) ([45]) .
الوجه الثانی : أنه قد جاء فی الحدیث قول خبّاب : (شکونا ) ، فکیف یقال : لم یحوجهم إلى الشکوى([46]) .
و- حمل أحادیث الإبراد على ظاهرها ، وتأویل حدیث خباب بأنه جاء فی معرض شکایة المسلمین من أذى قریش ، وأن معنى ( لم یشکنا ) : لم یدع لنا ، ویتعجل رفع البلاء عنا ، واختاره ابن کثیر ([47]) .
وأجیب: بأنه قد جاء فی الأحادیث ما یرد هذا المعنى ، فقد جاء فی بعض ألفاظ الحدیث :( شکونا إلى رسول الله ‘ شدة الحر فی جباهنا وأکفنا فلم یشکنا )([48]) ، وفی بعض الألفاظ : ( إذا زالت الشمس فصلوا ) ([49]) ، وفی بعضها : (حر الرمضاء) ([50]) ، وقد عَدَّ ابن حجر هذا إغراباً من ابن کثیر رحمه الله ، وبعداً فی حمل الحدیث على هذا المعنى ([51]).
ثالثاً: الترجیح ، وفی ذلک یقول الشوکانی : " أحادیث الإبراد أرجح؛ لأنها فی الصحیحین بل فی جمیع الأمهات بطرق متعددة، وحدیث خباب فی مسلم فقط، ولا شک أن المتفق علیه مقدم وکذا ما جاء من طرق" ([52]) .
الدلیل الرابع : ما جاء فی حدیث أبی ذر t أن رسول الله ‘ قال : (شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة)([53]) .
وجه الدلالة : أن الإبراد یقصد به برد النهار ، وهو أوله، فتؤدى الصلاة فیه([54]).
وقد سبق الجواب عن هذا : بأنه مخالف لدلالة الأحادیث ، واللغة ، وقول عامة العلماء([55]).
الدلیل الخامس : أن تعجیل الصلوات فی أول وقتها أکثر مشقة ، وما کان أکثر مشقة فهو أفضل ([56]) .
وأجیب : بأن مراتب الثواب، إنما یرجع فیها إلى النصوص، وقد ترجح بعض العبادات الخفیفة على ما هو أشق منها بحسب المصالح المتعلقة بها ([57]) .
الرأی الثانی : أن الإبراد بالصلاة مشروع ، والذین قالوا بذلک اختلفوا فی مرتبة مشروعیته على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الإبراد بصلاة الظهر مباح ، وهو قول عند الشافعیة ([58]) ، وذکره
بعض فقهاء الحنابلة ([59]) .
وقد استدل أصحاب هذا الرأی بما یلی :
الدلیل الأول : حدیث أبی هریرة t أن رسول الله ‘ قال : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فیح جهنم )([60]) .
وجه الدلالة : أن قوله ‘ ( أبردوا ) أمر إباحة ([61]) ؛ وذلک لأن أدنى درجات الأمر
الإباحة ([62]).
ونوقش: بأن الأمر الوارد فی الحدیث أمر ندب لا أمر إباحة([63]) ، والأمر قد تکون أدنى درجاته الندب لا الإباحة([64]) ، کما هو الحال هنا فی الإبراد ؛ للأحادیث الواردة فیه ، ولفعله ‘ ([65]) .
الدلیل الثانی : أن الإبراد بالصلاة رخصة([66]) ، والرخصة تفید الإباحة ([67]) ؛ إذ" الرخصة أصلها التخفیف عن المکلف ورفع الحرج عنه ؛ حتى یکون من ثقل التکلیف فی سعة واختیار "([68]) .
ونوقش من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أن الفقهاء اختلفوا فی الإبراد هل هو رخصة أم عزیمة ، والأکثر على أنه عزیمة لا رخصة ، بل اعتبر النووی القول بأن الإبراد رخصة قولاً شاذاً ([69]) .
وأجیب : بأن اعتبار النووی القول بأن الإبراد رخصة قولاً شاذاً غیرُ مسلم ، بل هو وجه محکی عند فقهاء الشافعیة ([70]) .
الوجه الثانی : على اعتبار الإبراد رخصة فهو من الرخص المندوبة ؛ فإن الرخصة قد تکون واجبة ، وقد تکون مندوبة ، وقد تکون مباحة ، ولا تقتصر على إفادة الإباحة فقط([71]) .
الوجه الثالث : أن الإجماع قائم على أنه یجوز للمصلی أن یؤدی الصلاة فی آخر وقتها فکیف یسمى الإبراد رخصة ؟([72]) .
وأجیب : بأن ذلک إنما سمی رخصة على معنى أن للمصلی أن یؤخر الصلاة ثم یدرک مع ذلک فضیلة التقدیم إلى أول الوقت ، وإن کان یجوز له تأخیرها([73]) .
الدلیل الثالث : أن هذا أمر ورد عقیب الحث على المبادرة إلى الصلاة فی أول الوقت والأمر بذلک فکان أمر رخصة وإباحة فی تأخیرها فی شدة الحر، وکان هذا الأمر یشبه الأمر الوارد عقیب الحظر کقوله تعالى:{ ﲬ ﲭ ﲮﲯ } ([74])([75]) .
القول الثانی: أن الإبراد بالظهر واجب، قال به بعض الفقهاء، ومال إلیه الصنعانی والشوکانی([76]) .
واستدلوا على ذلک : بحدیث أبی هریرة t أن رسول الله ‘ قال : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فیح جهنم ) ([77]) .
وقالوا : صیغة الأمر تقتضی الوجوب ، فیکون الإبراد واجباً ([78]) .
ونوقش من الوجهین التالیین :
الوجه الأول : أن هناک بعض الأحادیث ترد حمل الإبراد على الوجوب ، ومنها حدیث عمرو بن عبسة ، وفیه أن رسول الله ‘ قال له : ( فإذا أقبل الفیء فصلِّ ؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلی العصر )([79]) ، ففی الحدیث تصریح " بأن الصلاة بعد الزوال مشهودة محضورة متقبلة"([80])، ولو کان الإبراد واجباً لم تکن کذلک .
الوجه الثانی : أنه قد حکی الإجماع على استحباب الإبراد ([81]).
القول الثالث: أن الإبراد بالظهر مستحب ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفیة ([82]) ، والمالکیة([83]) ، والشافعیة ([84]) ، والحنابلة ([85]) ، والظاهریة ([86]) .
وهذا الاستحباب مقید بعدد من الشروط ، ، وهی على النحو التالی :
أولاً: شدة الحر ، وهذا شرط عند جمیع الفقهاء ([87]) غیر الحنفیة فی المعتمد عندهم([88])
ثانیاً : أن تکون البلاد حارة، وهذا قول عند الحنفیة([89])، ومعتمد مذهب الشافعیة ([90])،
وهو قول عند الحنابلة ([91]) .
ثالثاً : أن یکون الإبراد لمن یصلی جماعة،وهذا مذهب المالکیة([92])،والشافعیة ([93]) وقول عند الحنابلة ([94]) ، وهو مذهب ابن حزم الظاهری. ([95])
رابعاً: أن تکون الجماعة یقصدها الناس من بعد، وهذا معتمد مذهب الشافعیة([96]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی:
أولاً: أدلة القول باستحباب الإبراد :
الدلیل الأول : حدیث أبی هریرة t أن رسول الله ‘ قال : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فیح جهنم )([97]) .
وجه الدلالة : أن الأمر الوارد فی الحدیث یفید الندب ، وقد صرفه عن ظاهره المقتضی للوجوب ما یلی :
أ - ورود الأمر بالإبراد مع ذکر العلَّة، وهی : أن شدة الحر من فیح جهنم ([98]) ، والتعلیل بما یشعر بعدم الوجوب قرینة تصرف الأمر عن ظاهره المقتضی للوجوب([99]) .
ب- حدیث خباب t قال : ( أتینا رسول الله ‘ فشکونا إلیه حر الرمضاء، فلم یشکنا) ، قال زهیر: قلت لأبی إسحاق: أفی الظهر؟ قال: نعم، قلت: أفی تعجیلها؟ قال: نعم ([100]) ([101]) .
ج – أن العلة فی الإبراد دفع المشقة عن المصلی؛ لشدة الحر ، وفی ذلک نفع له ومراعاة لمصلحته ، وشفقة علیه ، ولو کان الإبراد واجباً لانتفى ذلک ([102]) .
د – أن أقل أحوال الأمر الندب فیحمل علیه ([103])
الدلیل الثانی : الإجماع ، وقد حکاه ابن رجب بقوله : " والأمر بالإبراد أمر ندب واستحباب، لا أمر حتم وإیجاب، هذا مما لا خلاف فیه بین العلماء"([104]) .
ونوقش : بأن حکایة الإجماع على عدم الوجوب غیر متحققة ؛ لوجود المخالف ، ولذا وصف ابن رسلان وغیره من حکى الإجماع بالغفلة ([105]) .
وأجیب : بأن الذین نقلوا الإجماع لم یعتبروا کلام من ادعى الوجوب فصار کالعدم. ([106])
ثانیاً : أدلة تقیید الاستحباب بالشروط المذکورة :
الدلیل الأول : أن هذه الشروط مستنبطة من الحدیث ، وفیها تخصیص للنص بالمعنى ، وذلک أن أمر رسول الله ‘ بالإبراد کان بالمدینة لشدة حر الحجاز، ولأنه لم یکن بالمدینة مسجد غیر مسجده، فکان یُنْتاب من بعد فیتأذون بشدة الحر فأمرهم بالإبراد ([107])، ولا یصح الإبراد إلاَّ فی مثل هذه الأحوال .
الدلیل الثانی : أن المعنى المقتضی للإبراد سهولة المشی إلى الجماعات ، ودفع المشقة والتأذی ، وذلک لا یکون إلاَّ بسبب الحر الشدید فی البلاد الحارة([108]) .
ونوقش هذا القول ودلیله من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أن الظاهر من أحادیث الإبراد أنه لا یشترط غیر اشتداد الحر دون بقیة الشروط المذکورة ([109]) ، ویؤید ذلک أنه قد جاء فی بعض ألفاظ حدیث أبی ذرt أنهم کانوا مع النبی ‘ فی سفر فأذن المؤذن فقال النبی‘ : ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) ([110]) ، وقد وقع هذا فی أحد أسفارهم ، فلو کان قصد الناس الصلاة من بعد شرطاً للإبراد لم یکن للإبراد فی ذلک الوقت معنى لاجتماعهم فی السفر، وکانوا لا یحتاجون أن ینتابوا من البعد. ([111])
ونوقش : " بأن اجتماعهم فی السفر قد یکون أکثر مشقة منه فی الحضر، فإنه یکون کل واحد منهم فی خبائه أو مستقراً فی ظل شجرة أو صخرة ویؤذیه حر الرمضاء إذا خرج من موضعه ولیس هناک ظل یمشون فیه وأیضا فلیس هناک خباء کبیر یجمعهم فیحتاجون إلى أن یصلوا فی الشمس، والظاهر أیضا أن أخبیتهم کانت قصیرة لا یتمکنون من القیام فیها"([112])
وأجیب عنه بما یلی :
أولاً: بأنه قد جاء فی حدیث أنس t قال : ( کنا نصلی مع النبی ‘ فی شدة الحر،فإذا لم یستطع أحدنا أن یمکن وجهه من الأرض بسط ثوبه، فسجد علیه)([113])، فدل على أن المعنى المقتضی للإبراد هو ما یجدونه من حر الرمضاء فی جباههم عند السجود ، ولم یرد أنهم شکوا مشقة المسافة أو بعد الطریق([114]) .
ثانیاً : أن " الغالب فی المسافرین اجتماعهم فی موضع واحد؛ لأن السفر مظنة الخوف، سیما إذا کان عسکر خرجوا لأجل الحرب مع الأعداء"([115]) .
الوجه الثالث : أن استنباط معنى من النص یعود على النص بالتخصیص محل خلاف بین العلماء ، والمنقول عن الإمام الشافعی منعه([116]) ، وعلى التسلیم به فلا بد من دلیل للتخصیص، ولا دلیل لذلک ([117]) .
الوجه الرابع : أن من علل الإبراد وحکمه المحافظة على الجماعة ، وتحصیل الخشوع فی الصلاة ([118]) ، وهذه یتناسب معها التخفیف لا التقیید والاشتراط.
الترجیح : الراجح أن الإبراد بالظهر مندوب فی شدة الحر ؛ لظهور دلالة الحدیث فیه، ولحکایة الإجماع علیه ، ولأنه القول الذی تتحقق به المعانی المقصودة من الإبراد فی الرفق بالناس ، والتیسیر علیهم ، والبعد بهم عن المشقة والحرج .
المبحث الثالث
علة الإبراد بالصلاة
ذکر العلماء للإبراد بالصلاة عدد من العلل مردها إلى علتین أساسیتین :
العلـة الأولى : دفع أذى الحر ومشقتة عن المصلین ؛ حیث إنهم یتأذون بالحر: إما فی طریقهم إلى المساجد ، أو فی جباهم عند سجودهم أثناء الصلاة ([119]) ، و" المرعی رفع الأذى " ([120]) ، فتؤخر الصلاة إلى أن ینکسر الحر ، ویمتد الظل .
وهذه العلة تحقق عدداً من الحکم التی تعود إلى ذات الصلاة ، أو إلى المصلین ، ومن أبرزها ما یلی :
أ – الرفق بالمصلین ، حیث یضعف تهیؤهم لصلاة الظهر؛ وذلک بسبب انشغالهم بالمعاش ، والتصرف فی أمورهم ، أو بسبب انشغالهم بالقیلولة ؛ لأن وقت صلاة الظهر وقت قائلة الناس واستراحتهم من مطالبهم ، وذلک یقتضی فی کلا الحالین تأخیر صلاة الظهر حتى یتأهبوا ویجتمعوا ([121]) .
ب – تحصیل الجماعة وتکثیرها ، وتحقیق الخشوع فیها ([122]) ، وتعجیل الصلاة فیه تقلیل للجماعات ، والمشی فی الحر الشدید یذهب الخشوع الذی هو أفضل أوصافها([123]) .
ویدل على هذه العلة أدلة متعددة أبرزها ما یلی :
أولاً : أدلة رفع الحرج فی الشریعة ، ومنها :
أ – قوله تعالى : { ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ }([124]) .
ب – قوله تعالى : {ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ } ([125])
ج - عن أبی هریرة، t عن النبی‘ قال: ( إن الدین یسر، ولن یشاد الدین أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا) ([126]) .
وجه الدلالة : أن الحرج والضیق منفیان فی الشریعة ، فإن الله وسَّع طرق الأحکام ویسرها ، وأزال عنها العسر والآصار ([127])، فالدین یسر ، والشریعة سمحة ، وفیها التسهیل على العباد ، والبعد بهم عن الضیق والحرج ([128]) ، وفی الإبراد بالظهر تحصیل لهذه المعانی.
ثانیاً : أدلة العنایة بصلاة الجماعة ، وتحصیل الخشوع فیها ، ومن أهمهما ما یلی :
أ – قوله تعالى :{ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ } ([129]) .
ب – قوله تعالى :{ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ }([130])
ج - عن أبی هریرة tأن رسول الله‘ قال: ( والذی نفسی بیده لقد هممت أن آمر بحطب فیحطب، ثم آمر بالصلاة فیؤذن لها ، ثم آمر رجلا فیؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق علیهم بیوتهم، والذی نفسی بیده لو یعلم أحدهم أنه یجد عرقاً سمیناً أو مرماتین حسنتین لشهد العشاء) ([131]) .
د- عن جابر بن سمرة t قال: خرج علینا رسول الله ‘ فقال: ( ما لی أراکم رافعی أیدیکم کأنها أذناب خیل شمس؟ اسکنوا فی الصلاة )([132]) .
وجه الدلالة : فی الآیات والأحادیث السابقة إرشاد إلى شهود الجماعة ، والخروج إلى المساجد ، وفی اجتماع الناس للصلاة مع الإبراد إدراک لفضل الجماعة ، بخلاف التعجیل مع الانفراد، والمصلی مندوب له تحقیق الخشوع فی الصلاة ، وإکمال رکوعها وسجودها ، وشدة الحر تمنع من استیفاء ذلک([133]) .
ثالثاً : أحادیث الإبراد تدل على ذلک فـ"کأنه ‘ قال: صلوا الصلوات فی أوائل أوقاتها لمن ابتغى الفضل إلاَّ الظهر فی شدة الحر فإن الإبراد بها أفضل"([134]) ، فیحمل الإبراد على حقیقته ، وتؤخر الظهر إلى أن یزول الحر ؛ لیحصل الرفق بالناس، والاجتماع للصلاة .
العلة الثانیة : أن العلة تعبدیة ، وهی أن لا تؤدى الصلاة قرب شدة حر جهنم ، بل تؤخر قلیلاً حتى یکون ظل الأشیاء ظاهراً ([135]) .
ویدل على ذلک ما یلی :
الدلیل الأول : ثبوت صلاة النبی ‘ الظهر فی شدة الحر فی جمع من الأحادیث الواردة عنه([136]) ، حیث کانت تصلى بالهاجرة ، حال اشتداد حر الحصى الذی یسجد علیه([137]) ، مما یدل على أن الإبراد بها وقته یسیر بقدر تأخیرها عن تسجیر جهنم.
الدلیل الثانی : الأحادیث المتضمنة أن جهنم تسجر وقت الظهر ، وأن شدة الحر من فیحها ([138]) ، وهذه علة منصوص علیها ، مرتبة بفاء التعلیل ، وهی متضمنة أن هذا الوقت وقت غضب ، والمصلی یناجی ربه فینبغی علیه أن یتحرى بصلاته أوقات الرضا ، وأن یتجنب أوقات السخط والعذاب فناسب الاقتصار عن الصلاة فی هذا الوقت والإبراد بها([139])
الدلیل الثالث : أنه قد جاء فی حدیث أبی ذرt أن رسول الله‘ قال : ( شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة) ([140]) .
وجه الدلالة : أن الإبراد یقصد به برد النهار ، وهو أوله، فتؤدى الصلاة فیه ، بدلالة لفظة ( عن ) فهی تدل على منع الصلاة فی وقت التسجیر ([141]).
الدلیل الرابع : من حیث المعنى وواقع الحال : فالحر فی الأرض یشتد بعد الزوال وأعلى درجة للحرارة فی النهار تسجل رسمیاً عند الساعة الثانیة ظهراً ، ویقرر الخبراء أن الحرارة الواردة إلى الأرض تبلغ ذروتها مع الزوال ، وأن المختزنة تظل فی الارتفاع إلى ما بعد الساعة الثانیة بقلیل ، ثم تبدأ بالانخفاض بعد ذلک ([142]) .
والذی یظهر لی: أنه یمکن الجمع بین العلتین فیقال : الظهر تؤخر بعد الزوال والأذان قلیلاً حتى لا تصلى وقت تسجیر جهنم ، ثم ینظر فإن کان هناک حاجة للتأخیر أکثر من ذلک مراعاة لمصلحة الصلاة ومقصودها من تحصیل الجماعة والخشوع فیها ودفع أذى الحر عن المصلین فتؤخر ، وإن لم تکن هناک حاجة لکون الجماعة مجتمعة ، أو المکان مظلل ، أو لا یوجد التأذی بالحر فیکتفى بالتأخیر الیسیر بعد زوال الشمس وبعد الأذان .
یقول ابن حجر رحمه الله : " فالأشدیة تحصل عند التنفس ، والشدة مستمرة بعد ذلک فیستمر الإبراد إلى أن تذهب الشدة" ([143])
المبحث الرابع
الآثار المترتبة على حکم الإبراد وعلته
لما کان الفقهاء قد اختلفوا فی حکم الإبراد بصلاة الظهر بین الاستحباب المطلق فی شدة الحر وبین تقییده بشروط تحقق الجماعة ،وأن تقصد من بعد ، وأن تکون البلاد حارة ، وکذلک بسبب الخلاف فی العلة ,هل هی تعبدیة محضة ، أو هی معللة بالرفق ودفع الأذى ، أو هی علة متعددة کان لذلک الخلاف آثار فی عدد من المسائل أبرزها ما یلی :
أولاً : حکم الإبراد بالأذان
اختلف الفقهاء فی حکم الإبراد بالأذان على قولین :
القول الأول : أن الأذان لا یبرد به ، وإنما یبرد بالإقامة والصلاة وهذا معتمد مذهب الشافعیة ([144]) .
واستدلوا على ذلک : بحدیث أبی ذرt قال: أذن مؤذن النبی‘ الظهر فقال: ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) وقال: (شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة) ، حتى رأینا فیء التلول([145]) .
وفی لفظ للترمذی أن رسول الله‘ کان فی سفر ومعه بلال، فأراد أن یقیم، فقال: (أبرد) ، ثم أراد أن یقیم ، فقال رسول الله ‘ : (أبرد فی الظهر)، قال:
حتى رأینا فیء التلول، ثم أقام فصلى([146]) .
وجه الدلالة : أن الأمر بالإبراد کان بعد التأذین، فإن الأذان کان فی أول الوقت ، والإقامة بعد ذلک ، فدل على أن الإبراد یکون بالإقامة والصلاة دون الأذان([147]).
ونوقش من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أنه قد ورد التصریح بأن المراد الأذان دون الإقامة فی قوله ( أذن مؤذن رسول الله ‘ بالظهر، فقال النبی‘: (أبرد، أبرد)([148]) .
الوجه الثانی: أنه قد ورد فی بعض ألفاظ حدیث أبی ذر t أن النبی ‘ أبرد بالأذان والإقامة حیث جاء فی بعض ألفاظه قال : ( کنا مع النبی ‘ فی مسیر فأراد بلال أن یؤذن بالظهر، فقال له رسول الله‘: (أبرد) ، ثم أراد أن یؤذن فقال له: (أبرد) ، حتى رأینا فیء التلول، ثم أمره فأذن وأقام ([149]) .
الوجه الثالث : أن الإقامة تسمى أذاناً ، بدلیل ما جاء فی الحدیث عن النبی ‘ أنه قال : ( بین کل أذانین صلاة ) ([150]) ، والمراد: بین الأذان والإقامة([151]) .
القول الثانی : أن الأذان یبرد به مع الإبراد بالصلاة ، وهذا قول الحنفیة([152]) ([153])،وقول عند الشافعیة([154]) ، والحنابلة([155]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : حدیث أبی ذرt قال: أذن مؤذن النبی‘ الظهر فقال: ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) وقال: (شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة) ، حتى رأینا فیء التلول([156]) .
وفی بعض ألفاظه قال: ( کنا مع النبی ‘ فی مسیر فأراد بلال أن یؤذن بالظهر، فقال له رسول الله‘: (أبرد) ، ثم أراد أن یؤذن فقال له: (أبرد) ، حتى رأینا فیء التلول، ثم أمره فأذن وأقام ([157]) .
وجه الدلالة : أن ظاهر حدیث أبی ذر یدل على أنه یشرع الإبراد بالأذان عند إرادة
الإبراد بالصلاة، فلا یؤذن إلا فی وقت یُصَلَّى فیه، فإذا أُخِّرت الصلاة أُخِّر الأذان معها، وإن عُجِّلَتْ عُجِّل الأذان([158]) .
ونوقش من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أن المراد بالأذان هنا الإقامة کما ورد فی بعض ألفاظ الحدیث الأخرى([159]) ، فیحمل الإبراد علیها دون الأذان([160]) .
وأجیب بما یلی :
أولاً : أن کل من روى حدیث أبی ذر رواه بلفظ الأذان دون الإقامة غیر الترمذی والطیالسی([161]) .
ثانیاً : أنه قد ورد التصریح فی عدد من ألفاظ الأحادیث بأن المراد الأذان ، وفی بعضها الجمع فی الإبراد بین الأذان والإقامة ([162]) .
الوجه الثانی : حمل الأمر بالإبراد بالأذان على أن الصحابة کان من عادتهم أنهم لا یتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور ، فیکون الإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالصلاة ، ولدفع المشقة عنهم ([163]) .
وأجیب : بأن الإبراد بالأذان مشروع عند إرادة الإبراد بالصلاة ، فإذا أخرت الصلاة أخر ، وإذا عجلت عجل، مراعاة لحال المصلین ([164]) .
الدلیل الثانی : حدیث مالک بن الحویرث t ، وفیه أن النبی‘ قال: ( فإذا حضرت الصلاة فلیؤذن لکم أحدکم، ولیؤمکم أکبرکم) ([165]) .
وجه الدلالة : أن الأذان یتبع الصلاة ، فیکون للوقت الذی یصلى فیه ([166])
الدلیل الثالث: القیاس على الصلاتین المجموعتین لا یؤذن لهما إلا عند إراد الصلاة ، فیکون الأذان للوقت الذی یصلى فیه ، لا للوقت الذی یجمع فیه ([167]) .
الترجیح : الراجح هو القول الثانی المتضمن أن الأذان یبرد به کالصلاة ؛ لدلالة الأحادیث على ذلک ، وعملاً بطرد العلة المرخصة فی الإبراد بالصلاة .
ثانیاً : حکم الإبراد بغیر الظهر :
أ- حکم الإبراد بالجمعة :
اختلف الفقهاء فی حکم الإبراد بصلاة الجمعة على قولین :
القول الأول : أن الإبراد بالجمعة غیر مشروع ، وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفیة([168]) والمالکیة([169]) ، والشافعیة ([170]) ، والحنابلة ([171]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : عن إیاس بن سلمة بن الأکوع عن أبیه، قال: ( کنا نُجَمِّع مع رسول الله ‘ إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفیء) ([172]) .
الدلیل الثانی : عن سهل بن سعد t قال: ( ما کنا نقیل، ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) ، زاد ابن حُجْر – أحد رجال الإسناد – فی عهد رسول الله ‘([173]) .
الدلیل الثالث : عن أوس بن أوس الثقفی قال: سمعت رسول الله‘ یقول: ( من غَسَّل یوم الجمعة واغتسل، ثم بَکَّر وابتکر، ومشى ولم یرکب ، ودنا من الإمام فاستمع ولم یلغ کان له بکل خطوة عمل سنة أجر صیامها وقیامها)([174]) .
وجه الدلالة : أن النبی ‘ کان یبکر بالجمعة ، مما یدل على أن المشروع فیها هو التعجیل بها ، وإتیان الصلاة فی أول وقتها لا الإبراد بها ([175]) .
الدلیل الرابع : من المعقول ، وذلک من الأوجه التالیة :
الوجه الأول : أن الإبراد بالجمعة قد یؤدی إلى تکاسل الناس وتأخرهم فی الحضور إلیها ، وقد یترتب على ذلک فواتها ([176]) .
الوجه الثانی : أن الأصل فی الجمعة التبکیر إلیها ، فلا یحصل معه التأذی بالحر([177])
الوجه الثالث : أن یوم الجمعة یجتمع فیه الناس ویزدحمون بسبب تبکیرهم، فإذا أخرت وأبرد بها شق ذلک علیهم ([178]) .
القول الثانی : أن الإبراد بالجمعة مشروع ، وهذا القول اختاره الإمام البخاری([179]) دون جزم به، وقال به ابن خزیمة ([180]) ، وهو قول عند فقهاء الحنفیة([181]) والمالکیة([182]) ، والشافعیة ([183]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : عن أنس بن مالک t قال : ( کان النبی ‘ إذا اشتد البرد بکر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة) یعنی الجمعة ([184]) .
وجه الدلالة : أن الجمعة وقتها وقت الظهر، وأنها تصلى بعد الزوال ، ویبرد بها فی شدة الحر بعد تمکن الوقت([185]) .
ونوقش: بأن المراد بالصلاة هنا الظهر لا الجمعة ، بدلالة أحادیث الإبراد الأخرى ، وتحدید الإبراد هنا بالجمعة فی قوله : ( یعنی الجمعة ) لیس من نقل الصحابی عن فعل النبی ‘ ، وإنما هو من فهم الراوی وتفسیره ، والأحادیث الصحیحة تخالفه([186]) .
الدلیل الثانی : حدیث أبی هریرة t أن رسول الله‘ قال : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ؛ فإن شدة الحر من فیح جهنم )([187]) .
وجه الدلالة : أن الإبراد بالصلاة الوارد فی الحدیث لفظ یطلق على الظهر والجمعة فاستویا فی الحکم ([188]) .
ونوقش : بأن المراد بالصلاة هنا الظهر لا الجمعة کما یدل علیه سیاق الأحادیث([189])
الدلیل الثالث : قیاس الجمعة على الظهر ، وذلک من وجهین :
الوجه الأول : أن الجمعة نابت عن الظهر وقامت مقامها فناسب أن تعطى حکمها
الوجه الثانی : أن العلة المقتضیة للإبراد بالظهر ، وهی شدة الحر موجودة فی وقت الجمعة فناسب أن تعطى حکمها ([190]) .
ونوقش من وجهین :
الوجه الأول : أن الجمعة تفارق الظهر فی جملة من الأحکام ، ومنها الإبراد ([191]) .
الوجه الثانی :" أنه لیس النظر لمجرد شدة الحر بل لوجود المشقة فی شدة الحر، والمشقة فی الجمعة لیست فی التعجیل بل فی التأخیر، فإن الناس ندبوا للتبکیر لها، وإذا حضروا کانت راحتهم فی إیقاع الصلاة؛ لینصرف کل واحد منهم إلى منزله فیستریح من شدة الحر"([192]) .
الترجیح : الراجح القول الأول المتضمن عدم الإبراد بالجمعة ؛ لدلالة الأحادیث على کونها تصلى فی أول وقتها ، وأن المشروع هو التبکیر بها ، ولأنه لم ینقل أنه أخرها ‘ هو أو أحد من أصحابه ، ولأن المشقة تحصل بتأخیرها .
ب - حکم الإبراد بصلاة العصر
اختلف الفقهاء فی حکم الإبراد بصلاة العصر على قولین :
القول الأول : أن صلاة العصر یبرد بها ، وهذا قول أشهب من المالکیة ([193]) .
واستدل على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : أنه قد ورد فی الحدیث : ( أبردوا بالصلاة ) ([194]) ، ولفظ الصلاة عام
فیشمل جمیع الصلوات ، وذلک یقتضی تأخیر کل منها فی شدة الحر ([195]).
ونوقش : بأن المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر ، فقد ورد فی بعض ألفاظ الحدیث (أبردوا بالظهر)([196]) ، فتکون الألف واللام فی الصلاة للعهد([197]) .
الدلیل الثانی : أنها صلاة رباعیة من صلوات النهار فثبت فیها الإبراد کالظهر([198]).
ویمکن أن یناقش: بأن الظهر والعصر بینهما فروق فی الوقت ، والراتبة ، والقراءة ، وکذلک فی الإبراد ([199]) .
القول الثانی : أن صلاة العصر لا یبرد بها ، وهذا قول جمهور الفقهاء الحنفیة([200]) والمالکیة([201]) ، والشافعیة ([202]) ، والحنابلة ([203]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : أنه لم ینقل عن النبی ‘ أنه أبرد بالعصر ، بل کان یصلیها فی أول وقتها صیفاً وشتاءً([204]) .
الدلیل الثانی : أن الأحادیث الواردة فی الإبراد محمولة على الإبراد بالظهر إما نصاً کما فی بعض ألفاظ الحدیث ، وإما حملاً على المعهود ([205]) .
الدلیل الثالث : أن موضع العصر إبرادها ، فهی تکون فی وقت یخف فیه الحر ،
فأول وقت العصر لا یکون غالباً أشد حراً من آخر وقت الظهر([206]) .
الدلیل الرابع : أن الناس یکونون متأهبین وقت صلاة العصر ، بخلاف الظهر فهی تأتی فی وقت قائلة الناس([207]) .
الترجیح : الراجح القول الأول المتضمن عدم الإبراد بصلاة العصر ؛ وذلک لقوة دلیله ، ولأنه محل اتفاق بین الفقهاء ، فإنه لم یخالف فی الإبراد بالعصر إلاَّ أشهب من المالکیة([208]) ، وقول الجمهور دلیلاً وتعلیلاً أقوى وأسلم .
ج - حکم الإبراد بباقی الصلوات :
أولاً : حکی الإجماع على أن الفجر والمغرب لم یقل بالإبراد بهما أحد من أهل العلم ؛ لضیق وقتهما ، ولکون وقتهما وقت إبراد ، فلا حاجة للإبراد فیهما ، ولا یفهم من التعلیل بکون شدة الحر من فیح جهنم تأخیر الصلاة فی وقت شدة البرد؛ لأن البرد یکون غالباً فی وقت الصبح، فلا یزول إلا بطلوع الشمس ، ولو أخرت لخرج الوقت ([209]) .
ثانیاً : حکی عن الإمام أحمد أنه قال بالإبراد فی العشاء ([210])، ولعلهم أخذوا هذا القول من روایة الکوسج أنه قال للإمام أحمد : "ما الإبراد فی الظهر؟ قال: الإبراد فی الصیف یستحب تأخیر صلاتین: الظهر فی الحر والعشاء الآخرة" ([211]) .
وهذه الروایة یزیل إجمالها ما جاء فی الروایتین التالیتین :
الروایة الأولى : جاء عند أبی داود أنه قال : " سمعت أحمد یقول: یعجبنی تعجیل الصبح وتأخیر الظهر فی الصیف وتأخیر العشاء الآخرة فی الصیف والشتاء. قلت: وتعجیل العصر؟ قال: نعم " ([212]) .
الروایة الثانیة : ما جاء فی مسائل صالح أن الإمام أحمد قال : "التعجیل فی الصلوات إلا فی الصلاتین : صلاة الظهر یبرد بها فی شدة الحر، وصلاة العشاء الآخرة تؤخر"([213]).
ولذا تعقب الکوسج النقل عن الإمام أحمد بقوله : " کما قال إلا أن العشاء الآخرة تأخیرها محبوب فی الشتاء والصیف " ([214])، وهذا معتمد المذهب فی تأخیر العشاء([215]) .
وما نقله العراقی فی طرح التثریب من قوله : " وأما تأخیره العشاء فی بعض الأوقات فهو إما لاجتماع الناس ...، أو لما فی تأخیرها من الفضل ، ولیس ذلک لأجل الإبراد"([216]) متجه ، وهو المتقرر عند فقهاء الحنابلة ([217]) .
ثالثاً : حکم الإبراد فی غیر الصیف
أ- ألحق الحنفیة الربیع بالشتاء فی عدم الإبراد ، والحقوا الخریف بالصیف فی الإبراد بالظهر؛ لوجود التأذی بالحر([218]) .
ب - واختلف الفقهاء فی حکم إلحاق الشتاء على قولین :
القول الأول : أن صلاة الظهر تؤخر فی الشتاء للجماعة دون المنفرد ، وهذا مذهب المالکیة ([219]) .
واستدلوا : بأن المقصود من تأخیرها هو مراعاة المصلحة العامة لاشتغال الناس غالباً فی صنائعهم وقت الظهر ، والمقصود تحصیل الجماعة([220]) .
القول الثانی : أن صلاة الظهر لا تؤخر فی الشتاء بل تعجل ، وهذا مذهب الحنفیة([221]) ، ومعتمد مذهب الشافعیة([222]) ، والحنابلة([223]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : عن أنس بن مالک t قال : ( کان النبی ‘ إذا اشتد البرد بکر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة) ([224]) .
وجه الدلالة : أن الحدیث ظاهر فی أن النبی صلى الله علیه وسلم کان یعجل الظهر ولا یؤخره فی الزمن البارد .
الدلیل الثانی : الإجماع ، حکاه ابن قدامة بقوله : " ولا نعلم فی استحباب تعجیل الظهر فی غیر الحر والغیم خلافاً " ([225])
ونوقش : بأن الإجماع غیر متحقق لوجود المخالف وهم فقهاء المالکیة الذین یقولون بتأخیر الظهر فی غیر هذین الموضعین([226]) .
الدلیل الثالث : أن مقصد التأخیر فی شدة الحر هو تحصیل الجماعة ، والرفق بالمصلین ، وقد انعدم هذان المعنیان فی الشتاء ([227]).
ویمکن أن یناقش من وجهین :
الوجه الأول : بأن للظهر تأخیرین أحدهما : لأجل الجماعة، وذلک یکون فی الصیف
والشتاء ، والثانی للإبراد وهو مختص بالحر دون غیره ([228]) .
الوجه الثانی : أن من العلل التی شرع لأجلها الإبراد تجنب إیقاع الصلاة وقت تسجیر جهنم ، وهذه العلة یستوی فیها الصیف والشتاء .
الترجیح : الراجح القول الأول وهو: أن صلاة الظهر تؤخر فی الشتاء قلیلاً لتحصیل الجماعة ، وتجنب إیقاع الصلاة وقت تسجیر جهنم ، ولا یبلغ بذلک مبلغ التأخیر المشروع لأجل الإبراد .
رابعاً : حکم الإبراد فی غیر البلاد الحارة
تقدم أن بعض الحنفیة ، ومذهب الشافعیة ، وقول عند الحنابلة اشترطوا أن یکون البلد حاراً ، وأن الراجح عدم اشتراط ذلک ([229]) .
خامساً : حکم الإبراد للمنفرد :
تقدم أن معتمد مذهب المالکیة ، والشافعیة اشتراط الجماعة للإبراد ، وأن معتمد مذهب الحنفیة والحنابلة عدم الاشتراط ، فعلى هذا یکون الإبراد للمنفرد غیر مشروع عند المالکیة ، والشافعیة ، ومشروع عند الحنفیة والحنابلة ([230]) .
سادساً : مقدار الإبراد بصلاة الظهر
اتفق الفقهاء على أن منتهى الإبراد بصلاة الظهر ألاَّ یترتب على ذلک خروج وقتها([231])
واختلفوا فی ضبط مقدار الإبراد على أقوال متعددة أبرزها ما یلی :
القول الأول: أن المعتبر فی ذلک ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام ، وهذا قول عند الحنفیة ، والشافعیة ، والحنابلة ([232]) .
القول الثانی: أن المعتبر فی ذلک الزیادة على ربع القامة بعد ظل الزوال ، وهی بمقدار ذراع إلى ذراعین للإنسان، وهذا قول فقهاء المالکیة ([233]) ، وهو قول عند فقهاء الحنابلة([234]) .
واستدل أصحاب هذین القولین على ذلک بما یلی
الدلیل الأول : بحدیث عبد الله بن مسعود قال: کانت قدر صلاة رسول الله ‘ فـی الصیـف ثلاثـة أقدام إلى خمسة أقدام ، وفی الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام ([235]) .
ففی الحدیث تحدید لمقدار الإبراد ([236])، وربع القامة والذراع وثلاثة الأقدام متقاربة([237]).
ونوقش: بأن هذا یختلف باختلاف الأقالیم والبلدان ، وما ذکره ابن مسعود t منزل على إقلیم مکة والمدینة دون سائر الأقالیم والبلدان ([238]) .
الدلیل الثانی : أن المقصود تحدید حکم ترجع إلیه العامة التی لا تضبط تفاصیل الاجتهاد ([239]) .
القول الثالث : أن المعتبر أن یصلی الإنسان الظهر إبراداً قبل صیروة الظل مثله وهذا مذهب الحنفیة([240]) .
واستدلوا : بأن هذا هو آخر وقتها ، وإذا أخره عن ذلک حتى صار ظل کل شیء مثله فقد دخل فی حد الاختلاف([241]) .
ونوقش : بأن هذا مبنی على قولهم فی آخر وقت الظهر ، والمسألة خلافیة بین الفقهاء .
القول الرابع : أن المعتبر هو انکسار الحر وظهور ظل للحیطان ، بحیث یمشی فیه طالب الجماعة ، ولا یحتاج للمشی فی الشمس ، وهذا قول عند الحنفیة([242]) ، والمالکیة([243]) ، وهو مذهب الشافعیة([244]) ، والحنابلة ([245]) .
واستدلوا على ذلک بما یلی :
الدلیل الأول : حدیث أبی ذرt قال: أذن مؤذن النبی‘ الظهر فقال: ( أبرد أبرد) أو قال: (انتظر انتظر) وقال: (شدة الحر من فیح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة) ، حتى رأینا فیء التلول([246]) .
وجه الدلالة : أن الحدیث حدد الإبراد بظهور فیء التلول ، وهو الظل العائد بعد زواله، فدل على أنه المعتبر لیتمکن الناس من المشی فی الظل ([247]) .
القول الخامس: أن الإبراد لیس له مقدار محدد فی الشرع ، بل یختلف باختلاف الأوقات والأحوال بشرط ألا یمتد إلى آخر الوقت ، وهذا اختاره ابن العربی والمازری ، ورجحه ابن حجر([248]) .
واستدلوا على ذلک : بأن المعنى الذی شرع لأجله الإبراد رفع المشقة ، ومراعاة حاجة الناس ، وتحقیق مصلحة الصلاة من الخشوع وتحصیل الجماعة ([249])
الترجیح : تقدم أن الإبراد له علتان :
الأولى : تجنب إیقاع صلاة الظهر عند تسجیر جهنم وظهور فیحها ، فیحد الإبراد بظهور الظل ، وقد قدره بعضهم بثنتی عشرة دقیقة([250]) .
الثانیة : دفع شدة الحر عن المصلین والرفق بهم وتحصیل الجماعة والخشوع فی الصلاة ، وهذه یناسبها عدم التحدید ، بل یراعى فیها أحوال الناس بشرط ألا یمتد ذلک إلى أن یخرج الوقت .سابعاً : حکم الإبراد فی المساجد المکیفة :
الذی ذهب إلیه جمهور الفقهاء المعاصرین هو جواز الإبراد فی المساجد المکیفة والمنازل المکیفة ونحوها عملاً بعموم أحادیث الإبراد ، وعند بعضهم أخذاً بکون العلة تعبدیة تتمثل فی عدم إیقاع الصلاة وقت تسجیر جهنم([251]) ، وهو الأقرب إن شاء الله .
خاتمــة
الحمد لله ، بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تنال المکرمات ، أحمده على إتمام هذا البحث وإکماله ، وفی نجازه أسجل أبرز نتائجه :
أولاً: الإبراد بصلاة الظهر هو تأخیرها عن أول وقتها فی شدة الحر إلى أن ینکسر وهج الحر ، ویبرد النهار ، وتفیء الأفیاء .
ثانیاً: الإبراد بالظهر مستحب عند شدة الحر للفرد والجماعة ، وفی البلاد الحارة وغیرها ، ولمن یقصد المسجد من بعد وغیره ، وعند وجود وسائل التبرید وفی حال عدم وجودها.
ثالثاً : شرع الإبراد لدفع الأذى عن المصلین ، والرفق بهم ، ولتحصیل الجماعة ، وتحقیق الخشوع فی الصلاة ، ومنعاً من أداء الصلاة وقت تسجیر جهنم ، وهذه العلل والحکم بعضها منصوص علیه فی أحادیث الإبراد ، وبعضها مستفاد من عموم الأدلة الأخرى ، ویمکن تحقیقها بتأخیر الظهر عن أول وقتها حتى لا تصلى وقت تسجیر النار ، وباقی العلل والحکم تحقق بالنظر فی أحوال المصلین ومراعاتها .
رابعاً: الأذان یبرد به عند الإبراد بالظهر ؛ لاطراد العلة وتحقق المقتضى .
خامساً : الجمعة لا یبرد بها ؛ لأن الأدلة جاءت بتعجیلها ، ولکون مقصدها التبکیر وهو یتعارض مع مقصد التأخیر فی الإبراد .
سادساً : لا یبرد بشیء من الصلوات غیر الظهر ؛ لاختصاصها بشدة الحر ، ولظهور الأدلة فیها دون غیرها .
سابعاً : الإبراد یکون فی الصیف دون غیره ؛ لأنه مظنة شدة الحر ، وحصول المشقة.
ثامناً : لیس للإبراد وقت محدد لکن شرطه ألا یمتد حتى یخرج وقت الظهر .
ومن أبرز التوصیات : العنایة بأوجه الربط بین مقاصد الشریعة وحکمها المرعیة المبثوثة فی الأحکام الفقهیة ، ومن خلال هذا البحث تبین أن علة الإبراد أثرت فی الأحکام إیجاباً ونفیاً .
([1]) ینظر : تهذیب اللغة (14/74) – النهایة فی غریب الحدیث (1/114) - لسان العرب (3/84) – القاموس المحیط ص267 .
([5]) ینظر : معالم السنن (1/128) - الغریبین فی القرآن والحدیث ، الهروی (1/166) – إکمال المعلم (2/581) – النهایة فی غریب الحدیث (1/114) – لسان العرب (3/84) – فتح الباری ، ابن رجب (4/419) – طرح التثریب (2/153) – فتح الباری ، ابن حجر (2/19) – نخب الأفکار (3/446) .
([6]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب فضل صلاة الفجر برقم (574) (1/119) ، ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب فضل صلاة الصبح والعصر برقم (635) (1/440) .
([8]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب الإبراد بالظهر فی شدة الحر برقم (535) (1/113) ، ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب استحباب الإبراد بالظهر فی شدة الحر برقم (616) (1/431)
([11]) ینظر : معالم السنن (1/128) – فتح الباری ، ابن رجب (4/419) – طرح التثریب (2/153) – نخب الأفکار (3/446) .
([12]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب الإبراد بالظهر فی شدة الحر برقم (536) (1/113) ، ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب استحباب الإبراد بالظهر فی شدة الحر برقم (615) (1/430) .
([16]) ینظر : تهذیب اللغة (14/75) – النهایة فی غریب الحدیث (1/114) - لسان العرب (3/84) – تاج العروس (7/415) .
([17]) ینظر : بدائع الصنائع (1/125) – البحر الرائق (1/260) – حاشیة ابن عابدین (1/367) – التعریفات الفقهیة ، البرکتی ص157 - شرح ابن بطال (2/199)– البیان والتحصیل (18/171) – إکمال المعلم ( 2/580) - الفواکه الدوانی (1/167) -الشرح الکبیر وحاشیته ، الدردیر (1/180)– نهایة المطلب (2/67) - المجموع (3/60) - طرح التثریب (2/151) -مغنی المحتاج (1/306) - الإفصاح ، ابن هبیرة (2/162) – شرح الزرکشی (1/151) - الإنصاف (1/430) – کشاف القناع (1/251) - الموسوعة الفقهیة الکویتیة (27/311)
([21]) ینظر : معالم السنن (1/128) – فتح الباری ، ابن رجب (4/419) – طرح التثریب (2/153) – نخب الأفکار (3/446) .
([23]) ینظر : الأوسط ، ابن المنذر (2/358) - شرح ابن بطال (2/159) – التمهید (5/3) – البیان والتحصیل (18/171) – طرح التثریب (2/152) – فتح الباری ، ابن رجب (4/242) – فتح الملک العزیز (1/592)
([25]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب التفسیر، باب وسمى النبی‘ الصلاة عملاً برقم (7534) (9/156) ، ومسلم فی کتاب الإیمان ، باب بیان کون الإیمان بالله تعالى أفضل برقم (85)(1/89) .
([26]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة، باب وقت المغرب برقم (560) (1/116) ، ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب استحباب التبکیر بالصبح فی أول وقتها برقم (646)(1/446) .
([28]) ینظر : شرح ابن بطال ( 2/157) – فتح الباری، ابن رجب (6/27) – فتح الباری ، ابن حجر (2/27) - عمدة القاری (5/26) .
([29]) ینظر : التمهید(5/3) – إحکام الأحکام، ابن دقیق العید (1/293) - طرح التثریب (2/153) – فتح الباری ، ابن حجر (2/17) – نیل الأوطار (1/377) .
([32]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب بسط الثوب فی الصلاة للسجود برقم (1208) (2/64) ، ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب استحباب تقدیم الظهر فی أول الوقت برقم (620) (1/433) .
([34]) ینظر : المعلم ، المازری (1/431) – فتح الباری ، ابن حجر(2/16) – فتح الباری ، ابن رجب (3/38) - نخب الأفکار (3/434) .
([36]) الحدیث أخرجه أحمد فی مسنده برقم (18185) (30/122) ، وابن ماجة فی سننه ، کتاب الصلاة ، باب الإبراد بالظهر فی شدة الحر برقم (680) (2/14) والبیهقی فی الکبرى برقم (2068)(1/645) ، وجود إسناده الإمام أحمد ، وابن حجر ،والبوصیری . ینظر : البدر المنیر (3/216) - طرح التثریب (2/154) – مصباح الزجاجة (1/87) - فتح الباری، ابن جحر (2/17) .
([37]) ینظر : شرح معانی الآثار ( 1/187) – شرح مختصر الطحاوی (1/513) - عمدة القاری (5/24) – شرح ابن بطال (2/-161- 162) - المفهم (2/247) - روضة المستبین ، ابن بزیزة (1/297) - ریاض الأفهام (1/537) – السنن الکبرى ، البیهقی (1/645) - شرح النووی على مسلم (5/117) – النجم الوهاج (2/145) - فتح الباری ابن حجر (2/17) – الجامع لعلوم الإمام أحمد (5/618) - فتح الباری ، ابن رجب 3/39) – کشف اللثام (2/527) – نیل الأوطار (1/377) .
([38]) ینظر: شرح النووی على مسلم (5/117) – النفح الشذی (3/368) – التوضیح ، ابن الملقن ، (6/153) – فتح الباری ، ابن حجر (2/17) - عمدة القاری (5/24) – شرح الزرقانی على الموطأ (1/113) -کشف اللثام (2/527) – کوثر المعانی (7/485) .
([39]) ینظر : فتح الباری ، ابن حجر (2/17) – فیض القدیر (7/8) – شرح الزرقانی على الموطأ (1/113) بذل المجهود (3/43) – کوثر المعانی (7/485) .
([40]) ینظر : فتح الباری ، ابن حجر (2/17) – فیض القدیر (7/8) – شرح الزرقانی على الموطأ (1/113) بذل المجهود (3/43) – کوثر المعانی (7/485) .
([41]) ینظر : المبسوط (1/146) – تبیین الحقائق (1/83) - عمدة القاری (5/24) – المعلم ، المازری (1/431) – روضة المستبین (1/297) – الفواکه الدوانی (1/167) – شرح النووی على مسلم (5/117) – التوضیح، ابن الملقن ، (6/153) – فتح الباری، ابن حجر (2/17) – فتح الباری ، ابن رجب (3/40) – کشف اللثام (2/527) نیل الأوطار (1/377) – سبل السلام (1/163) .
([43]) ینظر : المبسوط (1/146) – تبیین الحقائق (1/83) - عمدة القاری (5/24) – التمهید (5/5) - المفهم (2/247) - روضة المستبین (1/297) – النفح الشذی (3/365) – التوضیح، ابن الملقن ، (6/153) – فتح الباری، ابن حجر (2/17) – فتح الملک العزیز (1/593) .
([44]) أخرجه ابن المنذر فی الأوسط بلفظ ( فما أشکانا ) برقم (2066) (2/358) ، والبیهقی فی سننه الکبرى برقم (2066) (1/644) ، والطبرانی فی الکبیر بلفظ ( فلم یشکنا) برقم (3701) (4/79) ، وجود إسناده ابن سید الناس ، والهیثمی ، وابن حجر ، وغیرهم . ینظر : النفح الشذی (3/365) - البدر المنیر(3/650) – مجمع الزوائد (1/306) – موافقة الخبر الخبر ، ابن حجر (1/41) .
([45]) ینظر: النفح الشذی (3/365) – فتح الباری ، ابن حجر (2/17) - فیض القدیر (7/8) – التنویر الصنعانی (1/240) – نیل الأوطار (1/377) .
([48]) أخرجه بهذا اللفظ الطبرانی فی الکبیر برقم (3704) (4/80) ، والبیهقی فی الکبرى برقم (2657) (2/151) ، واختلف العلماء فی الحکم علیه فضعفه ابن رجب ، والصنعانی ؛ للانقطاع فی سنده ، وحسنه النووی فی الخلاصة ، وصححه ابن الملقن فی البدر . ینظر : الخلاصة ، النووی (1/405) – فتح الباری ، ابن رجب (3/39) – البدر المنیر (3/649) – التحبیر ، الصنعانی (5/95) .
([56]) ینظر : إحکام الأحکام (1/293) – التوضیح، ابن الملقن (6/151) – فتح الباری ، ابن حجر (2/17) – کشف اللثام (2/527) – فیض القدیر (1/76) .
([58]) ینظر : نهایة المطلب (2/67) – روضة الطالبین (1/184) – إحکام الأحکام (1/166) – النجم الوهاج (2/24) .
([59]) ینظر : الممتع ، التنوخی (1/280) – فتح الملک العزیز (1/592) – فتح ذی الجلال والإکرام ، ابن عثیمین (1/429) .
([63]) ینظر: المحلى (2/217) - إکمال المعلم (2/581) -شرح النووی على مسلم (5/117) – عمدة القاری (5/26) (6/202) کشف اللثام (2/527) .
([64]) ینظر : المبسوط (8/127) – الواضح ، ابن عقیل (2/530) – طرح التثریب (1/35) – معونة أولی النهى (9/243) .
([66]) ینظر : نهایة المطلب (2/67) – روضة الطالبین (1/184) - الممتع (1/280) – فتح الملک العزیز (1/592) .
([71]) ینظر : الأصول والضوابط ، النووی ص37 – البحر المحیط ( 2/34) – القواعد ، الحصنی (1/319)– التحبیر ، المرداوی (3/1126) .
([76]) ینظر : إکمال المعلم (2/579) – فتح الباری ، ابن رجب (4/242) - التوضیح ، ابن الملقن (6/150) – عمدة القاری (5/21) – سبل السلام (1/163) – نیل الأوطار(1/376) .
([82]) ینظر : بدائع الصنائع (1/125) – تبیین الحقائق (1/83) - البحر الرائق (1/260) – حاشیة ابن عابدین (1/367) .
([83]) ینظر : البیان والتحصیل (18/171) – الفواکه الدوانی (1/167) – الشرح الکبیر وحاشیته ، الدردیر(1/180) - لوامع الدرر (1/713) .
([85]) ینظر : شرح الزرکشی (1/151) – الإنصاف (1/430) - کشاف القناع (1/251) - مطالب أولی النهى (1/308) .
([87]) ینظر : البحر الرائق (1/260) – حشیة ابن عابدین (1/367) – الفواکه الدوانی (1/167)- الشرح الکبیر وحاشیته (1/180) – روضة الطالبین (1/184) – مغنی المحتاج (1/306)– الإنصاف (1/430) – کشاف القناع (1/251) .
([88]) حیث عبروا بأن الإبراد مستحب فی الصیف وقالوا : سواءً اشتد الحر أو لا . ینظر : البحر الرائق (1/260) – حاشیة ابن عابدین (1/367) .
([89]) وقد قرر فقهاؤهم أن القول باعتبار هذه الشروط إنما هو قول الشافعیة لا الحنفیة . ینظر : الجوهرة النیرة (1/43) – البحر الرائق (1/260) – حاشیة ابن عابدین (1/367) .
([92]) ینظر : البیان والتحصیل (18/171) – الإشراف (1/200) – الفواکه الدوانی (1/167) – الشرح الکبیر وحاشیته ، الدردیر(1/180) لوامع الدرر (1/713) .
([96]) ینظر : نهایة المطلب (2/67) - روضة الطالبین (1/184) - العزیز (3/51) - أسنى المطالب (1/120) - مغنی المحتاج (1/306) .
([98]) ینظر : إحکام الأحکام ، ابن دقیق العید (1/293)– التوضیح ، ابن الملقن (6/151) – عمدة القاری (5/21) .
([107]) ینظر : التمهید ، ابن عبدالبر (5/4) - البیان والتحصیل (18/171)– النفح الشذی (3/381) - طرح التثریب (2/152) النجم الوهاج (5/25) .
([108]) ینظر : الأم (1/91) - نهایة المطلب (2/68) – العزیز شرح الوجیز (3/52) – المغنی (1/234) – شرح الزرکشی (1/151) .
([118]) ینظر : بدائع الصنائع (1/125) - شرح التلقین ، المازری (1/390) – قواعد الأحکام (1/33) – فتح العزیز (3/52) – المغنی (1/234) .
([119]) ینظر : المبسوط (1/146) – بدائع الصنائع (1/125) – الغرة المنیفة ص28 – البیان والتحصیل (18/170) - حاشیة العدوی على شرح الخرشی (1/216) – الأم (1/91) - نهایة المطلب (2/67) - العزیز شرح الوجیز (3/52) – المغنی (2/209) – الشرح الکبیر ، ابن قدامة (2/167) – حاشیة الروض المربع (1/469) .
([121]) ینظر : تفسیر الطبری (5/277) – بدائع الصنائع (1/125) – الإشراف ، القاضی عبدالوهاب (1/200) – الجامع لأحکام القرآن (2/166) - الذخیرة (2/27) – نهایة المطلب (2/68) – فتح الباری ، ابن حجر (2/388) .
([122]) ینظر : المبسوط (1/146) - الغرة المنیفة ص28- البحر الرائق وحاشیته (1/163) – شرح التلقین ( 1/390) – الذخیرة (2/30) – البیان (2/40) – المجموع (3/59) – مغنی المحتاج (1/306) – الممتع فی شرح المقنع (1/280) - شرح العمدة ، ابن تیمیة (2/198) – حاشیة الروض المربع (1/469) .
([127]) ینظر : أحکام القرآن ، الجصاص (4/33) – الجامع لأحکام القرآن ، القرطبی (3/432) – أحکام القرآن ، الکیا الهراسی (1/273) – الإشارات الإلاهیة ص210 .
([131]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب وجوب صلاة الجماعة برقم (644) (1/131) ، ومسلم فی کتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب فضل صلاة الجماعة والتشدید فی التخلف عنها برقم (651) (1/451)
([135]) ینظر : المنتقى (1/32)– النفح الشذی (3/382) - فتح الباری ، ابن حجر (2/16) – فتح الباری ، ابن رجب (4/242) – شرح العمدة ، ابن تیمیة ( 2/202) - إذا اشتد الحر فأبردوا ، سلیمان الماجد ، بحث منشور بموقعه على الشبکة الالکترونیة http://www.salmajed.com/node/11871
([141]) ینظر : إکمال المعلم (2/581) – النفح الشذی (3/383) - فتح الباری ، ابن رجب (4/419) – طرح التثریب (2/153) .
([146]) الحدیث أخرجه الترمذی فی کتاب الصلاة ، باب ما جاء فی تأخیر الظهر فی شدة الحر برقم (158) (1/228) ، والطیالسی فی مسنده برقم (446) (1/357) ، وقال الترمذی عنه : حدیث حسن صحیح .
([147]) ینظر: السنن الکبرى ، البیهقی (1/643) – عمدة القاری (5/22) - التوضیح ، ابن الملقن (6/384) – طرح التثریب (2/158) .
([150]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الصلاة ، باب بین کل أذانین صلاة برقم (627) (1/128) ومسلم فی کتاب الصلاة ، باب بین کل أذانین صلاة برقم (838) (1/573) .
([165]) الحدیث أخرجه البخاری فی کتاب الأذان ، باب من قال لیؤذن فی السفر مؤذن واحد برقم (628) (1/128) ، ومسلم فی کتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب من أحق بالإمامة برقم (674)(1/465) .
([171]) ینظر : شرح الزرکشی (1/151) – الشرح الکبیر (1/433) - کشاف القناع (1/251) - مطالب أولی النهى (1/309) .
([174]) الحدیث أخرجه أحمد فی مسنده برقم (16178) (26/93) ، وأبو داود فی سننه ، کتاب الطهارة ، باب فی الغسل للجمعة برقم (345) (1/259) ، والترمذی فی کتاب الصلاة ، باب ما جاء فی فضل الغسل یوم الجمعة برقم (496) (1/624) ، وحسنه النووی فی الخلاصة ، وقال الهیثمی : رجاله رجال الصحیح، وصححه البوصیری . ینظر : الخلاصة (2/775) – مجمع الزوائد (2/171) – إتحاف الخیرة (2/263) .
([175]) ینظر : عمدة القاری (5/21) – شرح النووی على مسلم (6/148) – إحکام الأحکام ، ابن دقیق العید (1/293) – التوضیح ، ابن الملقن (6/151) – فتح الباری ، ابن رجب (8/96) .
([180]) ینظر : صحیح ابن خزیمة (2/889) حیث بوب علیه بقوله : باب التبرید بصلاة الجمعة فی شدة الحر والتبکیر بها .
([186]) ینظر : طرح التثریب 2/156) – فتح الباری، ابن حجر (2/389) - فتح الملک العزیز ، ابن البهاء (1/594) – التنویر ، الصنعانی (8/332) – نیل الأوطار (3/309) .
([190]) ینظر : عمدة القاری ( 6/202) - نهایة المطلب (2/68) - النفح الشذی ( 3/383) – فتح الباری ، ابن حجر (2/389) – التنویر ، الصنعانی (8/332) .
([193]) ینظر : المنتقى ، الباجی (1/32) - المسالک ، ابن العربی (1/452) – الذخیرة ، القرافی (2/27) – لوامع الدرر (1/711) .
([202]) ینظر : الأم (1/91) – شرح النووی على مسلم (5/120) - فتح العزیز (3/51) – طرح التثریب (2/155) .
([210]) أول من نسب له هذا القول – حسب ما وقفت علیه - القاضی عیاض فی إکمال المعلم (2/583) ونقل ذلک عنه جمع کبیر . ینظر : المفهم ، القرطبی (2/245) – النفح الشذی (3/383) – التوضیح ، ابن الملقن (6/147) – طرح التثریب (2/155) .
([231]) ینظر : بدائع الصنائع (1/125) - البنایة ( 2/20) – البحر الرائق ( 1/260) - شرح التلقین (1/390) - التوضیح ، خلیل (1/265) – الشرح الکبیر وحاشیته، الدردیر (1/180) - المغنی ، ابن قدامة (1/235) – فتح الباری ، ابن رجب (4/242) - الإنصاف (1/431) – شرح المنتهى ، البهوتی (1/141) .
([232]) ینظر : عمدة القاری (5/21) – البنایة (2/20) – التوضیح، ابن الملقن (6/149) - شرح السنن ، ابن رسلان (3/134) – المغنی ، ابن قدامة (1/235) – فتح الباری ، ابن رجب (4/248) – التحبیر ، الصنعانی (5/90)
([233]) ینظر : عقد الجواهر (1/82) – الذخیرة (2/26) – الفواکه الدوانی (1/167) – الشرح الکبیر وحاشیته ، الدردیر (1/180) .
([235]) أخرجه أبو داود فی سننه ، کتاب الصلاة ، باب فی وقت صلاة الظهر برقم (400) (1/301) ، والنسائی فی سننه ، کتاب الصلاة ، باب آخر وقت الظهر برقم (503) ، والطبرانی فی الکبیر برقم (10204) (10/130) ، والبیهقی فی الکبرى برقم (1708) (1/537) وقال الحاکم : هذا حدیث صحیح على شرط مسلم ، وصححه ابن الملقن ، والألبانی . ینظر: المستدرک (1/315) – التوضیح ، ابن الملقن ، (6/149) - صحیح سنن أبی داود(2/267)
([237]) القامة المقصودة هنا قامة الشخص المعتدل القامة ، وتصل إلى مترین وربع تقریباً ، وربعها حوالی 60سم ، والقدم یقدر ب30 سم ، والذراع ب50 سم ، فتکون هذه الأطوال متقاربة . ینظر : معجم المکاییل والمقاییس العالمیة ص108، 203، 210 .
([248]) ینظر : المسالک (1/451) -شرح التلقین (1/391) - التوضیح ، ابن الملقن (6/148) – فتح الباری ، ابن حجر (2/21) .